لئن كانت أجواء الدخلة التي أعدها أحباء النادي البنزرتي منعشة للغاية إذ ازدانت المدارج برايات النادي الصفراء والسوداء، وتتالت الهتافات والأهازيج، فان أحداث الشغب والعنف التي حدثت بعد 20 دقيقة من انطلاق المباراة خلفت الحسرة والمرارة في نفوس من عايشوا تلك الأحداث أو تابعوها من خلال وسائل الاعلام لتكون الادانة لما حدث شاملة كما رصدته» الصباح «بالشارع الرياضي ببنزرت. بلاغ الهيئة المديرة ولم تتأخر الهيئة المديرة عن إصدار بلاغ لشجب ما حصل بعد اجتماعها الطارئ اثر المقابلة والذي عبرت فيه عن» استنكارها الشديد لأعمال الشغب التي قامت بها عناصر ضالة لا تشرف ولا تمثل النادي البنزرتي العريق والمتمسك دوما بالقيم الرياضية، كما عبرت عن أسفها واعتذارها لكل من تضرر في هذه الأحداث وبالأخص ضيوف بنزرت الاعزاء وهم النادي الصفاقسي وطاقم التحكيم وأعوان وصحفيي قناة نسمة وجميع الاعلاميين والمشاهدين داخل تونس وخارجها، كما أعربت عن التزامها المتواصل والثابت بمعية جميع الأطراف الفاعلة بكل الأعمال التحسيسية للقضاء على هذه الظاهرة.».. أعمال همجية وفي الحقيقة فإن هذه الاحداث التي جدت بملعب 15 أكتوبر وعاينتها جريدة «الصباح» لا يمكن أن توصف الا بكونها أعمالا همجية لما حملته من عنف وتخريب ، ولا يوجد أي مبرر لها على الاطلاق، ولا تمت بأية صلة للرياضة وأهدافها النبيلة ،ولئن اهتزت شباك الحارس العياري 3 مرات في ظرف 20 دقيقة فقط بعد انطلاق المباراة، فان مفاجآت كرة القدم تفوق كل التوقعات والتصورات، ولا تبرر جملة وتفصيلا ماحدث، وهو ما يؤكد قيمة الوعي في مثل هذه المواقف. البداية كانت باقتحام مجموعة من جمهور المدارج لا يتجاوز عددهم ال100 الميدان، توجه بعضهم نحو اللاعبين الذين هربوا الى حجرات الملابس، وفي الأثناء تلقى المدرب نبيل الكوكي ضربة بعصا على رجله، بينما أصيب حمزة يونس على الكتف دون خطورة تذكر. وقد تمكن المؤطرون من السيطرة على الوضع ،وأعادوا المقتحمين الى المدارج، ولكن الهدوء لم يدم الا دقائق معدودات بما أنهم عادوا الى الميدان بأعداد أكبر بعدما تسرب اليهم خبر ايقاف المقابلة .هذه المرة عجز المؤطرون عن السيطرة على المقتحمين بل حتى عن التصدي لهم بعدما تسلحوا بالحجارة وبعصي خشبية انتزعوها من لوحات اشهارية كانت بمثابة دعائم خشبية لها، وتوجهوا الى حجرات الملابس حيث تراصت بعض عناصر الأمن وتحديدا عند المدخل والذين تعرضوا الى الاعتداء فواجهوهم بحماية أنفسهم خلف الدروع قبل أن يتراجعوا خلف الباب الزجاجي بعد اشتداد العنف الذي أدى الى تحطيم ذلك الباب وتهشيم زجاجه. وقد عمد بعض المقتحمين الى تحطيم أجهزة تابعة للقناة الفضائية نسمة وتمزيق شباك المرمى ومحاولة تحطيم الحاجز المتحرك الحامي للاعبين أمام حجرات الملابس. كانت مشاهد مزرية ومؤسفة نسجت خيوطها بعض الأيادي الآثمة لمجموعة محدودة العدد أساءت الى الرياضة خصوصا والوطن عموما، وترتب عليها اصابة البعض من أعوان الأمن والمؤطرين، كما جرح مصور» دار الصباح «الزميل محمد فليس عند اصابته بحجر وهو يرصد الأحداث عن قرب بآلة التصوير كالعادة.وحتى لا تتطور الأمور الى ما لا يحمد عقباه أطلق اعوان الأمن بعض القنابل المسيلة للدموع ليخلو الميدان اثر ذلك من العناصر المخربة، والذين لا يمكن أن يكونوا من أحباء البنزرتي ،لأن الأحباء الذين توافدوا على الملعب بالآلاف كانوا مثاليين في سلوكهم الى النهاية فلم يسقطوا في الفخ الذي أرادت تلك المجموعة المحدودة جرهم اليه، بل غادروا الملعب في هدوء واضح. وتحسبا لأعمال فوضوية محتملة بالمدينة اثر هذا الانفلات الأمني سارعت قوات الجيش الى الانتشار بأغلب المفترقات الرئيسية بينما أغلقت أغلب المتاجر أبوابها منذ الساعة الرابعة عصرا ليخيم الظلام مبكرا على المدينة، ويتحول مساء ذلك الأحد الى مساء كئيب لا يليق بمينة بنزرت الجميلة.