من المؤكد أن كل تونسي كان طيلة الأشهر الأربعة الماضية يتمنى أن تشهد الاوضاع في البلاد على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية تحسنا ملموسا غير أن الواقع مازال دون هذا بكثير وهو ما نستشفه من الاستطلاع للرأي الذي أنجزه معهد "استيس" حيث أعربت أغلبية التونسيين عن تشاؤمها من الوضع الحالي والمستقبلي للبلاد. ترى ما الذي يدفع بهؤلاء إلى التشاؤم والحال أننا ومنذ الثورة نعيش على الأمل من أجل القطع مع كل ما صبغ حياة المواطن التونسي من سلبيات ومظاهر تتنافى وكرامة التونسي ..كما نعيش على نظرة تفاؤلية بخصوص المستقبل رغم ما نشهده يوميا من أوضاع وممارسات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ما أعرب عنه المستجوبون في استطلاع الرأي ولعل جانبا منه متروك للحكومة المؤقتة المعنية بمثل هذه المواقف التي تعبر عن حالة هي أقرب إلى اليأس منها إلى التشاؤم ..بل إن سؤالا يطرح نفسه وهو: هل هناك أزمة ثقة بين الشعب والحكومة أم أن المسألة لا تعدو أن تكون عابرة وذات دوافع نفسية بحكم ما عاناه التونسيون من انفلات أمني وما يتجسد يوميا من ظواهر مثل الاعتصامات وقطع الطرقات إضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل؟ لكن هناك جانبا آخر يدفع إلى التشاؤم وهو أن التونسي يشعر بأن هناك نقلة بصدد التشكل في المجتمع التونسي عموما لكنه لا يستطيع تحديد التوجه ولا نوعية النقلة ويخشى بالتأكيد من انتكاسة ما ومن عودة إلى الوراء وأيضا من هروب إلى الأمام لبعض الأطراف على الساحة السياسية بحكم الظرف الحالي ونحن على أبواب انتخابات المجلس التأسيسي في ظرف يفترض أن الطبقة السياسية بصدد التأسيس لنظام سياسي يقطع مع الديكتاتورية نهائيا وهو ما يتطلب تعاونا بين مختلف الأحزاب والمنظمات من أجل ضمان بناء صلب يعيد الطمأنينة حاضرا ويكون خير ضمان في المستقبل . لا نريد أن تكون مواقف التونسيين في واد والساحة السياسية في واد آخر خصوصا أن 60 في المائة ذكروا في الاستطلاع أنه لا يستهويهم أي حزب وهو ما قد يزيد من تخوفهم من أن تتمثل الاهداف النهائية للأحزاب والتكتلات الحزبية في هذه المرحلة الحساسة في مجرد الحصول على الأغلبية في المجلس التأسيسي ثم الوصول إلى الحكم . لذلك من الضروري الاستماع إلى نبض الشارع التونسي في كامل مناطق الجمهورية والأخذ بعين الاعتبار المشاغل والطموحات ..ولا يجب اعتبار التونسيين مجرد خزان للأصوات قادر على الدفع بحزب ما أو تحالف ما نحو الصدارة أي نحو الحكم..التونسي عموما ناخبا أو غيره يحق له الشعور بالطمأنينة حاضرا ومستقبلا ..والعيش الكريم والتمتع بخيرات البلاد..وهو ما يؤدي إلى التساؤل: من تتوفر فيه القدرة والعزيمة والصدق لتحرير التونسي من التشاؤم؟