مثلما كان متوقعا عبر اعضاء الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة عن رفضهم الشديد لمقترح الحكومة المؤقتة تعديل مضمون الفصل 15 من المرسوم الانتخابي المقترح من الهيئة بالتخفيض في فترة منع مسؤولي التجمع من الترشح للتأسيسي من 23 سنة إلى 10 سنوات الماضية، مع حذف اعضاء الحكومة في عهد بن علي من الممنوعين. كما عبروا عن استيائهم العميق من ادخال الحكومة تعديلات على الفصل 8 من مرسوم الهيئة المستقلة للانتخابات. وعبر اعضاء الهيئة عن غضبهم من تصريحات السيد الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة خلال الندوة الصحفية التي عقدها الثلاثاء المنقضي، وانتقدوا طريقة تعامله مع الهيئة، وطالبوا الحكومة المؤقتة بتعديل فوري لمضمون الفصل 8 من مرسوم الهيئة، وحذروا من مغبة اصدار مرسوم انتخابي يتضمن تعديلات وصوفها بالجوهرية في مضمون الفصل 15 كما اقترحته الحكومة باعتباره يتناقض مع قرارات الهيئة العليا التي صوتت بالأغلبية المطلقة على مضمونه. تحذير ... كما حذر بعض اعضاء الهيئة من خطورة ما ستقدم عليه الحكومة من تعديل للفصل المذكور وقالوا انها عملية التفاف على مقررات الهيئة وسعي لتمكين رموز التجمع من العودة من جديد والمشاركة لا فقط في اعمال الهيئة المستقلة للانتخابات، بل الأخطر من ذلك مشاركتهم في انتخابات المجلس التأسيسي. ونبهوا إلى أن موقف الحكومة سيدفع البلاد إلى "الهاوية" وإلى "حمام دم" وإلى "توتر أمني"..ودعا بعضهم إلى ان يقوم اعضاء الهيئة بأنفسهم بالاعتصام او الاحتجاج في ساحة الحكومة بداية من اليوم للتعبير عن رفضهم لموقف الحكومة.. وقالوا إن الشعب التونسي عبر عن رفضه للتجمع وطالب بحله، مؤكدين ان منع مسؤولي التجمع من الترشح للتأسيسي ليس عملية اجتثاث كما يوهم الوزير الأول بذلك، بل يشمل فقط فئة معينة وليس كل الشعب كما زعم الوزير الأول خلال الندوة الصحفية. عريضة وكان في الحسبان ان تتولى الهيئة العليا مناقشة مسودة "العهد الجمهوري" خلال جلسة يوم أمس لكن موقف الحكومة المؤقتة من المرسوم الانتخابي، وتعمدها تعديل الفصل 8 من مرسوم الهيئة المستقلة للانتخابات طغى على اعمال الجلسة. كما شهدت الجلسة امضاء عريضة وقع عليها جل الحاضرين تقريبا تنص على رفض كامل لأعضاء الهيئة العليا لكل ما صدر عن الحكومة المؤقتة، متمسكين بالعودة إلى النصوص الأصلية التي اقترحتها الهيئة وهما المرسوم الانتخابي ومرسوم الهيئة المستقلة للانتخابات.. وارتفعت حناجر اعضاء الهيئة في بداية الجلسة بانشادهم شعارات من قبيل: "ثورة مستمرة والتجمع على برة" مع ترديد النشيد الرسمي..وعبر محمد القوماني عن تحفظه على تعديلات الحكومة على المرسومين، وقال إن الإطار الذي تشكلت فيه الهيئة يعطيها صبغة استشارية وليس القرار النهائي، في حين كان يمكن للحكومة العمل مع الهيئة دون تهميش دورها. موقف خطير من الحكومة المؤقتة... وأبرز خير الدين الصوابني أن قرارات الهيئة العليا تمثل الحد الأدنى من الاجماع وذات تمثيلية شعبية وسياسية، وقال إن ما قام به الوزير الأول خطير جدا وما يقوم به يجر البلاد إلى "حمام دم" ويحمل البلاد الى متاهة، وأنه كان عليه احترام قرار الهيئة وأن كل تراجع يضع مصداقيتها مع الريح.. ونبه شكري بلعيد إن على الحكومة المؤقتة ان تختار "اما حكومة محمد جغام ومرجان او حكومة المرحلة الانتقالية والإلتزام باحترام الهيئة فيما تقرره". مضيفا أن الهيئة ليست شرعية لكنها اكثر مصداقية من الحكومة. وفق تعبيره. واعتبر محمد جمور ان ما تنوي الحكومة الذهاب اليه عمل غير مسؤول سيؤدي إلى ازمة سياسية، واوضح أن نظام بن علي منذ 1987 وهو يقمع والتجمع يتحمل مسؤولية سياسية كاملة منذ ذلك التاريخ. وقال إن البلاد قادمة على ازمة في صورة استفراد الحكومة بالرأي، ونبه من خطورة هذا المسار. وقال أحمد كحولي إن الحكومة تقف وراء حملة اعلامية لتحقير دور الهيئة العليا، وقال إن الحكومة ستكون سببا في اعادة التوتر الأمني. اما السيدة صوفية الهمامي فنبهت أن القائمين على الإعلام من بقايا النظام السابق ما زالوا في أماكنهم، وقالت إن السيد الباجي قائد السبسي لم يخرج للشارع ويسمع كلام الناس، ويريد أن يضع أعضاء الهيئة في مأزق ووضعهم في موضع شهود زور.. دعوة للاحتجاج او الاستقالة واقترح العياشي الهمامي ان ينسحب اعضاء الهيئة ويتوجهوا للاحتجاج امام ساحة الحكومة بالقصبة والتعبير عن رفضهم لموقف الحكومة، ودعا الى تجمع وطني عام يوم السبت في نفس المكان. وقالت آسيا بلحاج سالم إن ناقوس الخطر بدا يدق حول مصداقية كل عضو في الهيئة من خلال ما صرح به رئيس الحكومة المؤقتة. وبينت أن كل الشعب التونسي قال لا للتجمع وتساءلت " كيف يمكن أن نتحدث عن ديمقراطية مع اعداء الديمقراطية.؟" ودعت إلى اصدار الهيئة لبيان للتنديد بما اسمته الاستهزاء الصادر عن الباجي قائد السبسي. واقترح انور القوصري ان تتولى الهيئة تنقيح الفصل 8 من مرسوم الهيئة المستقلة للانتخابات وان لا تتدخل الحكومة في مشروع المرسوم للتأسيسي. الوزير الأول أخطأ مرتين.. وعبر السيد نور الدين البحيري عن استغرابه من الوضعية التي آلت اليها الأمور بعد ان اتخذت الهيئة موقفها بأغلبية، وقال إن الوزير الأول كان عليه أن يلتزم بقرار الأغلبية، مشيرا إلى أن الوزير الأول اخطأ في حق الهيئة مرتين الأولى حين صور أعضاءها كدعاة اجتثاث في حين أن المستهدفين هم من تحملوا مسؤوليات في حكومات بن علي والتجمع. وثانيا حين اقترح حذف اعضاء الحكومة من قائمة المقصيين من الترشح للتأسيسي.. وقال طارق العبيدي إن الوزير الأول يصر على العودة الى الوراء. مقترحا على اعضاء الهيئة اما الاستقالة أو الالتحاق بالمجلس الوطني لتحقيق اهداف الثورة الذي ما يزال قائما. وبينت احلام بلحاج، أن الوزير الأول خلق الأزمة ولم يحترم الشكل والمحتوى وحاول تأليب الرأي العام ضد الهيئة، وطالبت الحكومة المؤقتة بالتراجع في مواقفها. واستغرب زهير مخلوف، من مخالفة الحكومة المؤقتة الفصل 9 من مرسوم الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة الذي ينص على ان الهيئة تسهر بالتنسيق مع الوزير الأول لتحقيق الانتقال الديمقراطي ومتابعة تنفيذ ما اقترحته، لكنه اشار أن الوزير الأول كان من الأجدى به التنسيق مع رئيس الهيئة على الأقل قبل اطلاق تصريحاته. بدوره قال مصطفى عبد الكبير أن مجرد الحديث عن التجمع يعاقب عليه القانون، داعيا لحل عملي تجاه الوضعية الحالية. اما السيدة كلثوم كنو فنبهت إلى خطورة ابقاء الفصل 8 من مرسوم الهيئة المستقلة للانتخابات كما صدر في الرائد الرسمي والذي أضاف نقابة القضاة إلى جمعية القضاة لتقديم مرشحين للهيئة بالتناصف، ووصف احمد الصديق نقابة القضاة بأنها "مولود جديد غريب يحوم حوله شك كبير". وقال "كلنا معنيون باستقلالية القضاء.". وتساءلت نورة البرصالي عن سبب عدم رجوع الوزير الأول للتشاور مع الهيئة قبل الإعلان عن موقف الحكومة في ندوة صحفية، وقالت إن من شأن ذلك خلق توتر في علاقة الحكومة مع الهيئة وخلق ازمة ثقة بين الهيئة والراي العام. رفيق بن عبد الله
مسودة "العهد الجمهوري" تنفرد بنشر مسودة «العهد الجمهوري» المعروضة للنقاش صلب الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة..التزاما بنهج الثورة وتجسيما لأهدافها في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة،ووفاء لما راكمته الأجيال من تضحيات ونضالات في سبيل تكريس مقومات الدولة الديمقراطية وحقوق الإنسان ودعائم المجتمع الحديث، وفي سبيل ارساء نظام جمهوري ديمقراطي يقطع مع منظومة الفساد والاستبداد، وضمانا لنجاح هذه النقلة التاريخية لبلادنا، وتحصينا للثورة من كل التفاف أو انتكاس فإن حاجتنا أضحت ملحة لتحقيق وفاق وطني حول عهد جمهوري يتضمن المبادئ والقيم التالية: * هوية الشعب التونسي نسيج ثري تَشَكَّلَ عبر صيرورة تاريخية طويلة وتطور بالتفاعل الخلاق بين مقومات الحضارة العربية الإسلامية ومكتسبات الحداثة. وعلى الدولة الديمقراطية ان: تحافظ على مقومات الحضارة العربية الإسلامية بكل ما فيها من رصيد ايجابي مع الانفتاح على مكتسبات الحضارات الأخرى دون استلاب ولا هيمنة تعتبر اللغة العربية لغة وطنية في الادارة والتعليم مع ضرورة الانفتاح على اللغات الأخرى تضمن حق كل مواطن تونسي في حرية المعتقد واداء الشعائر الدينية * تونس جمهورية ديمقراطية تحترم فيها مبادئ المواطنة والمساواة وتكون السيادة فيها للشعب الذي يمارسها عبر انتخابات تعددية وحرة ونزيهة وشفافة، يضمن فيها التداول السلمي على السلطة. تقوم على مبدإ الفصل بين السلطات وهي دولة قانون ومؤسسات تضمن استقلال القضاء وحرية الصحافة وحياد الإعلام العمومي. تضمن المساواة بين الجميع وتمنع التمييز بين المواطنين على أساس الجنس أو الدين أو اللون أو الرأي، وتحترم الحق في الاختلاف وتنبذ جميع أشكال العنف في العلاقات بين السلطة والمواطنين من جهة، وبين مكونات المجتمع المدني والسياسي من جهة ثانية. تضمن الحريات العامة والفردية وكافة الحقوق الأساسية وخاصة حرية التفكير والتعبير والتنظم والاجتماع والتظاهر. كما تضمن الحرمة الجسدية للانسان وتمنع التعذيب وكل ضروب الانتهاك البدني والمعنوي. تضمن حقوق المرأة وتصون مكاسبها المضمنة صلب مجلة الأحوال الشخصية وتعمل على دعم هذه الحقوق وتطويرها. تعمل على ارساء منوال تنموي اجتماعي قوامه التوزيع العادل للثروة والتوزان بين الجهات وضمان الحقوق الأساسية للشعب في الشغل والصحة والتعليم والثقافة. كما تعمل على ضمان الحق النقابي والنهوض بالعلاقات الشغلية ومأسسة التفاوض الجماعي والحوار الاجتماعي. تؤمن حقوق الطفل وشروط مشاركة الشباب في مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتلتزم بحماية حق الأجيال القادمة في بيئة سليمة آمنة. ٭ تونس دولة مدنية يحترم فيها الدين والمعتقد ودور العبادة، تنأى الدولة بجميعها عن الصراعات السياسية والحزبية، وتضمن عدم توظيف الادارة العمومية والمؤسسات التعليمية والعسكرية والأمنية وأماكن العبادة لأغراض سياسية أو حزبية أو فئوية. ٭ تونس دولة ذات سيادة معتزة بهويتها العربية الاسلامية وحداثتها، منفتحة على محيطها المغاربي والعربي والمتوسطي والافريقي والدولي. تونس علاقاتها على مبدإ الندية والمعاملة بالمثل، وتلتزم بمساندة حركات التحرر في العالم وتناصر كل القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية تحرير فلسطين. كما تساند كل الشعوب في مقاومة الاستعمار وحق تقرير المصير والنضال من أجل الديمقراطية والعدالة والسلم العالمي وتتصدى لكل أشكال التطبيع مع الصهيونية.