«تمسكنا بأرضنا لن يكسره أحد ولن نسمح بحدوث نكبة ثانية... والثورات العربية دعم للقضية الفلسطينية «... بهذه الكلمات رد الدكتور أحمد الطيبي النائب العربي في «الكنيست» الاسرائيلي رئيس كتلة الحركة العربية للتغيير على أسئلتنا عشية الذكرى الثالثة والستين للنكبة، حيث يشارك في العاصمة الاسبانية مدريد في فعاليات ندوة سياسية تحت شعار «الدولة الفلسطينية 2011». وقال الطيبي: برغم «قانون النكبة» الذي يجرم احياء هذه الذكرى فقد أصر عرب ال48 أو فلسطينيو الداخل على تحدي القانون ومخالفته، وأضاف الطيبي ان المد العنصري في اسرائيل يتمدد والفاشية ترفع رأسها. لكنه استطرد قائلا أن هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن الديمقراطية العربية عدوة للهيمنة الاسرائيلية والاستبداد العربي رديف للهيمنة الاسرائيلية. وهذا الاستبداد يسهل على الاحتلال فكره السياسي وهمجيته. وقال أن هذه الثورات من تونس الى مصر هي لصالح الامة العربية ولصالح القضية الفلسطينية. يذكر أن الطيبي أصيل طيبة في منطقة المثلث وهو طبيب اقتحم عالم السياسة وعمل مستشارا للرئيس الراحل عرفات وشارك في مفاوضات «واي ريفر» وهو من أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي الداخل أو عرب ال48. وفيما يلي نص الحديث:
حوار: آسيا العتروس
63 عاما تمر اليوم على ذكرى النكبة، فهل نحن أمام مرحلة جديدة في مصير القضية الفلسطينية أم أنه موعد مع استمرار النكبات؟
نحيي اليوم الذكرى 63 للنكبة ونشارك في عديد الفعاليات في مختلف أنحاء العالم للتعريف بقضيتنا وقد شاركنا قبل أيام في مسيرة العودة الرابعة عشرة الى القرى الفلسطينية المهجورة في الخليل والدامون، وسجل هذا التحرك مشاركة واسعة خصوصا هذه المرة بسبب القوانين العنصرية التي تم سنها لمنع احياء ذكرى النكبة وفق قانون «منع احياء ذكرى النكبة «ولكننا تمسكنا بالمشاركة تحديا لهذا القانون بل ومخالفة له، فلا يمكن لأي قانون عنصري أن يلغي الذاكرة الجماعية الفلسطينية أو يطمس الرواية الفلسطينية ولا يمكن للرواية الاسرائيلية أن تطغى على الرواية الفلسطينية.. هناك أيضا في اسرائيل من يريد أن يفرض على الفلسطيني داخل اسرائيل ان يفرح بنكبته ونحن نقول لا أحد يمكن أن يملي علينا مشاعرنا ومواقفنا الوطنية. المد العنصري في اسرائيل يتمدد والفاشية ترفع رأسها. هناك في الحكومة الاسرائيلية حزب عنصري فاشي وهو حزب «اسرائيل بيتنا «الذي يتزعمه وزير الخارجية ليبرمان وهو يطالب عمليا بطرح تبادل سكاني ولكنه في الواقع يسعى الى عملية تهجيرللفلسطينيين، ومن موقعنا نقول لن نسمح بتكرار النكبة، الوضع اليوم ليس ما كان عليه خلال أربعينات القرن الماضي، العالم اليوم قرية صغيرة ولن يسمح بتكرار ما حدث في 48 والشعب الفلسطيني لن يكرر تجربة الطرد أو النزوح، موقفنا الأساسي هو الصمود والبقاء. قلنا من قبل نحن أصحاب هذه الارض الاصليين وسنبقى.. حتى أن لون وجوهنا أصبح من لون تربتها.
وأي دور لفلسطينيي ال48 في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العالم العربي؟
نحن فلسطينيو الداخل نمثل أكثر من مليون فلسطيني داخل اسرائيل وبالنسبة لنا فإن تركيبة الشعب الفلسطيني تشبه في تركيبتها المثلث الهندسي بأضلاعه الثلاثة. أما قاعدة المثلث فتمثل فلسطينيي الضفة والقطاع، وأما الضلع الاكبر فيمثل فلسطينيي الشتات، وأما الضلع الأصغر للمثلث فيمثلنا عرب ال48. صحيح أننا الاصغر عددا ولكن المثلث بدوننا لا يكون، بمعنى أننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني نحمل آماله وأحلامه. شاركنا في تحقيق المصالحة مع زملاء لنا في الكنيست الاسرائيلي بينهم طلب الصانع وقد قامت بسبب ذلك الدنيا ولم تقعد في اسرائيل وشن علينا اليمين هجوما شرسا وهددنا بالاقصاء والابعاد والمحاكمة، ومع ذلك نقول: كل هذا لن يغير موقفنا، وقد جاءت المصالحة الفلسطينية لتطوي صفحة سوداء في تاريخ القضية الفلسطينية وفي مسيرة هذا الشعب.
أي تأثير لما يسجل اليوم على الخارطة العربية من ثورات شعبية وانتفاضة من أجل الحرية والعدالة، وهل أن هذه الثورات ستخدم القضية الفسطينية أم أنها على العكس ستزيلها من الاهتمام؟
هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن الديموقراطية العربية عدوة للهيمنة الاسرائيلية، والاستبداد العربي رديف للهيمنة الاسرائيلية. وهذا الاستبداد يسهل على الاحتلال فكره السياسي وهمجيته. وفي اعتقادي أن هذه الثورات من تونس الى مصر هي لصالح الامة العربية ولصالح القضية الفلسطينية. هناك اليوم أكثر من طرح ازاء ثورة العالم العربي أو ربيع العالم العربي، فالطرح الاول يعتبر أن الدول العربية ستنصرف في هذا الوضع الجديد الى الاهتمام بقضاياها وشؤونها الداخلية وكل ما ستحمله المرحلة الانتقالية الجديدة من تحديات وبالتالي ستتأخرعن الاهتمام بالقضية الفلسطينية. وأما الطرح الثاني فيقول بأن الديموقراطية والحرية العربية عدوة للهيمنة الاسرائيلية بمعنى أن الرأي العام المتحرر الآن في العالم العربي سيكون أكثر اهتماما بالقضية الفلسطينية، وأنا بكل صراحة أميل الى هذا الطرح والقضية الفلسطينية موجودة في وجدان الشعب التونسي وكذلك الشعب المصري، وفي اعتقادي أن الشعب التونسي يعشق فلسطين قبل الثورة وبعد الثورة وهذا الشعب أصبح اليوم أكثر حرية في التحرك والتصرف والتظاهر من أجل كل القضايا التي تهمه، ويقيني أن فلسطين قضية مهمة للتونسيين.
إحياء ذكرى النكبة هذا العام جاء تحت شعار «دولة فلسطين 2011»، فماذا أعددتم لهذا الموعد قبل أشهر على اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة؟
ما من شك في أن هذا المؤتمر يكتسي أهمية خاصة والعمل المؤسساتي مهم جدا والتحضير لمؤسسات الدولة أساسي وهو ما قامت به السلطة الفلسطينية حتى الآن وقد كان (رئيس الوزراء) سلام فياض منهجيا وساعد في جعل العالم يدرك أن فلسطين جاهزة لتكون عضوا في الاممالمتحدة وهذا يمثل محور العمل السياسي والديبلوماسي في المرحلة القادمة وسيكون تطورا واضحا وملموسا، وفي اعتقادي أن هذا أمر محتوم ولا مفر منه وسيكون كابوسا لاسرائيل.
وماذا عن الفيتو الامريكي؟
سيذهب الفلسطينيون الى مجلس الامن من أجل طلب العضوية في الاممالمتحدة ولن يقوموا بإعلان أحادي الجانب حيث أنه تم في 15 سبتمبر 1988 اعلان الدولة الفلسطينية في المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد بالجزائر، وفي حال وجدنا الفيتو الامريكي أمامنا سنطلب عقد الجمعية العامة تحت بند «متحدون من أجل السلام» وهناك في الجمعية العامة أكثر من 130 دولة مستعدة للاعتراف بفلسطين وهذا ما سيتيح دخول فلسطين عضوا كامل العضوية، وهذا له قوة قرار مجلس الامن وسيزيد في عزلة اسرائيل السياسية ويعزز موقع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وسيفتح الآفاق أمام مرحلة جديدة في النضال الفلسطيني. صحيح أن الشعب الفلسطيني قد لا يكون أفضل الشعوب ولكن لا يوجد من هو أفضل من الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بحقوقه التي يجب أن يحصل عليها.
وماذا عن استقالة المبعوث الخاص الأمريكي جورج ميتشل، وتوقيتها ؟
استقالة ميتشل كانت متوقعة، وفي اعتقادي أن المبعوث الأمريكي أُفشل ولم يفشل. إسرائيل لم تتجاوب مطلقا معه، والسياسة الامريكية كالدورالامريكي لم يكن فعالا، فقد كان التوجه دوما محاذيا لاسرائيل ومتماشيا مع ناتنياهو، والمهم أن الدور الامريكي لا وجود له.