آسيا العتروس أصوات كثيرة باتت تمنح نفسها حق التعبير عن آراء ومواقف الاخرين دون تفويض أو تنسيق مسبق وهي في غالبها أصوات قد لا تعبر الا عن نفسها أو عن فئة محددة لا يمكن أن تعكس بأي حال من الاحوال توجهات الرأي العام أو طموحاته أو مطالبه وأحلامه والامر لا يتوقف عند المشهد الراهن في بلادنا ولكنه يكاد يمتد الى مختلف الدول العربية التي تشهد حالة غليان سيؤدي الى انفجار لم يعد بالبعيد، نتيجة هذا الاصرارعلى فرض وصاية مرفوضة على شعوب تجاوزت بتفوق كل أنواع الاختبارات التي تعرضت لها وأكدت منذ وقت طويل أهليتها وتجاوزها سن الرشد وأنها باتت قادرة على التمييز بين ما ينفع وما لا ينفع... مصيبة أغلب الحكام العرب أنهم تعاملوا مع الشعوب على أنهم مواطنون من درجة دنيا مقارنة بالطبقة الحاكمة فتعاملوا معهم وكأنهم في حالة قصور ذهني دائم لا يؤهلهم للتفكير أو اتخاذ القرار أو حتى للتعبير عن رأي مخالف، ذلك أن كل مخالف معارض وكل معارض ارهابي حتى يثبت العكس.. مهازل الحكام العرب لا تقف عند حد وهي بالتأكيد ستؤثث لكتب التاريخ وستروي للاجيال المتعاقبة رحلة أسلافهم مع الحرية المعدومة والمرامة المؤجلة والعدالة المغيبة لم يكلف هؤلاء أنفسهم عناء النزول لفهم تركيبة الشعوب وتطلعاتهم واعتقدوا أن الصمت الذي لاذت به الاغلبية الصامتة عنوان عن الرضا والقبول بما يرسم في الابراج العاجية من سياسات مفلسة، زادت في تعميق البون الفاصل بين الحكام والشعوب قبل أن تدفع الى تهاويهم كما تتهاوى القصور الرملية... سقط نظام بن علي في تونس ولم تمض أيام حتى أعقبه نظام حسني مبارك في مصر وامتدت بعد ذلك شرارة الثورة بسرعة من ليبيا الى البحرين فاليمن وسوريا ومن يدري فقد تجد الانظمة الملكية بدورها نفسها في مواجهة اللهيب القادم وهي التي ما انفكت تردد بأنها في منأى من انتقال العدوى..المهم، حتى الان وبعد سقوط نظامين من أشد الانظمة قمعا في العالم العربي فان من بقي حتى الان من الحكام العرب لا يبدو مستعدا لاستخلاص الدرس أوعلى الاقل الاعتراف بحق الشعوب في تقرير المصير والخروج عن مظلة الاستبداد..العقيد الليبي معمر القذافي يصر وبعد ثلاثة أشهرعلى الثورة، على تصفية شعبه، شعاره في ذلك أن من لا يعلن الولاء للعقيد فلا حق له في البقاء والحياة ولو أن ترسانة القذافي من الاسلحة الكيمياوية لم يقع تدميرها في اطار الاتفاق مع الغرب قبل اغلاق ملف لوكربي لما تردد في اللجوء الى تلك الاسلحة للقضاء على المعارضة وقطع الطريق أمام الثوار. والارجح أن القذافي لن يتوقف قبل استنفاد كل أنواع الاسلحة التي يستمر في الحصول عليها عبرالتشاد والنيجر. وحتى هذه المرحلة فان القذافي لم يختلف في شيء عن الرئيس اليمني عبد الله صالح وعن كل زعيم يقبل بإراقة دماء أبناء شعبه ولا يتردد في استعمال كل أنواع السلاح لاخماد صوت يطالب بالحرية ويدعو للاصلاح. للمرة الثالثة على التوالي يتراجع الرئيس اليمني عن توقيع اتفاقية تسمح بتحقيق الانتقال السلمي للسلطة وتضمن له في المقابل الحصانة التي يسعى للحصول اليها لتجنب مصير مماثل للرئيس المصري المخلوع أو كذلك العقيد الليبي الذي يتحمل مسؤولية التدخل الاجنبي في ليبيا وما يتعرض له الشعب الليبي من تهجير. على مدى ثلاثة أشهر ظل السواد الاعظم من الشعب اليمني يردد دون كلل أو ملل بأنه مل النظام الحالي ولم يعد يقبل بقيادة عبد الله صالح.والحقيقة أن الشعب اليمني أظهر وعلى مدى الاشهر الماضية قدرة على الصبر والاحتمال ولكن أيضا قدرة على الاصرار في التمسك بمطالبه الشعبية دون السقوط في لعبة الابتزازات والاستفزازات ورغم الحصيلة الدموية لمسلسل الاحتجاجات في اليمن فقد أكد الشعب اليمني أنه شعب مسالم في تحركاته وأهدافه فأسقط بذلك كل الدعايات والاقنعة التي حاول النظام اليمني التستر بها وهو يواصل تحذيراته من حرب أهلية وشيكة والحال أنه الأدرى بأن الشعب اليمني يبقى الاكثر تسلحا في المنطقة اذ لا يكاد بيت من البيوت يخلو من رشاش كلاشنكوف. في اليمن شعب يطالب ومنذ اكثر من ثلاثة أشهر بالاصلاح والتغيير، خرج السواد الاعظم من هذا الشعب اليمني الفقير للمطالبة ببعض من كرامة لم يتذوق لها طعما فوجد أمامه كل الطرق مسدودة. .. وفي سوريا تبقى حجة القوة رسالة النظام السوري الذي لا يزال يرفض انتزاع النظارات السوداء التي تمنعه من رؤية الواقع السوري مصرّا في ذات الوقت على الترويج لشماعة المؤامرة التي تستهدف سوريا من كل جانب.. الامثلة لا تقف عند هذا الحد والفتوى التي صدرت بالامس ضد النساء السعوديات اللاتي قرّرن اعلان التحدي واخترن قيادة سياراتهن بأنفسهن، ليست سوى مؤشر اضافي على أن "أصوات