سعيد.. سيحال على العدالة كل من تم تعيينه لمحاربة الفساد فانخرط في شبكاته (فيديو)    بالفيديو: قيس سعيد: تم اليوم إعادة حوالي 400 مهاجر غير نظامي    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    صادرات قطاع القوارص ترتفع بنسبة 15,4 بالمائة    مع الشروق ..نتنياهو ولعبة حافّة الهاوية في رفح    النادي الصفاقسي يوضح تفاصيل احترازه ضد الترجي    معبر راس جدير والهجرة غير النظامية أبرز محاور لقاء قيس سعيد بوزير الداخلية الليبي    جامعة كرة القدم تحدد موعد جلستها العامة العادية    مجلس الحرب الصهيوني يقرر استمرار العملية العسكرية في رفح    هل يساهم تراجع التضخم في انخفاض الأسعار؟.. خبير اقتصادي يوضّح    طقس الليلة: مغيم مع هبوب رياح قوية في كافة مجالاتنا البحرية    ياسمين الحمامات.. القبض على تونسي وامرأة اجنبية بحوزتهما كمية من المخدرات    أريانة.. غلق المصب العشوائي بسيدي ثابت    مدنين: حجز أكثر من 11 طن من الفرينة والسميد المدعم وحوالي 09 أطنان من العجين الغذائي    فتح بحث تحقيقي ضدّ المنصف المرزوقي    لأول مرة في مسيرته الفنية: الفنان لمين النهدي في مسرحية للأطفال    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة 'سينما تدور'    وفاة مقدم البرامج والكاتب الفرنسي برنار بيفو    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    التيار الشعبي : تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من شأنه إنهاء الجدل حول هذا الاستحقاق    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    عاجل : القاء القبض على السوداني بطل الكونغ فو    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    تعرّض أعوانها لإعتداء من طرف ''الأفارقة'': إدارة الحرس الوطني تُوضّح    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    ناجي جلّول يترشح للانتخابات الرئاسية    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    صادم: قاصرتان تستدرجان سائق سيارة "تاكسي" وتسلبانه تحت التهديد..    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل شخصين في اطلاق نار بضواحي باريس..    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدث العربي وحدث سيدي بوزيد :هذا خيارنا ../ صحيفة الوطن
نشر في الحوار نت يوم 08 - 01 - 2011

الحدث العربي وحدث سيدي بوزيد :هذا خيارنا ..
عبد السلام بوعائشة
رغم كل المعطيات التي تؤكد الارتباط العضوي بين ما يحدث في سائر الأقطار العربية من أزمات تستدعي حلولا جماعية ذات أفق وحدوي إلا أن الإعلام الرسمي العربي وخطابات المسؤولين وسياسات الحكومات تتعامل مع معطيات واقعها على أساس من الهروب الإقليمي والتمادي في المعالجات الحينية المسكنة التي تزيد من حدة التداعيات خصوصا على المدى البعيد مما يعمق حالة العجز ويسهل على مشاريع ملء الفراغ الاستراتيجي العربي مزيد النفاذ و السيطرة.
فعلى امتداد عقدين من الزمن وتحديدا منذ العدوان الثلاثيني على العراق سنة 1991 نرى أن جبهة الصراع العربي الصهيوني في بعدها العسكري وحتى السياسي تراجعت وأقفلت أبوابها الرسمية لتفسح المجال إلى جملة من الصراعات الداخلية المتنامية سنة بعد أخرى تفضي كلها إلى عملية تفكيك خطير للنسيج الوطني في كل دولة, تفكيك يراه البعض مجرد أزمات عابرة قابلة للسيطرة ونراه سياسة منهجية مخطط لها ومحسوبة النتائج في عواصم عالمية عديدة لها مصالح هامة في المنطقة.
في كل دولة عربية اليوم شروخ داخلية خطيرة ومشروع للتفكيك يتفاوت مداه وأسلوبه وحدته بحسب ما يوفره نسيج كل دولة من عناصر مساعدة وممانعة. وقد حقق هذا المشروع أهدافا متقدمة في عديد الأقطار كالسودان والصومال والعراق واليمن ولبنان وفلسطين ويعمل بكفاءة واقتدار في تخريب وتخليق وتوظيف بؤر انقسامات وطنية حادة على خلفيات عرقية أو طائفية أو مذهبية أو دينية أو سياسية تكون رافعة استراتيجية لهدم أركان الدولة في عديد الأقطار الأخرى. كل ذلك في ظل رعاية رسمية عربية فاضحة و جمود شعبي يلوك كل مشاعر العجز والغبن والكبت وتأرجح النخب السياسية والثقافية والاجتماعية بين مسارات المقاومة والممانعة ومسارب الخيانة أو الاستقالة أو الهروب والمزايدة على الحكام وعلى الشعوب أيضا.
هذا الانكشاف الاستراتيجي العربي وتداعياته المؤلمة على واقع الشعب في أقطاره المختلفة يقف سببا مباشرا وأساسيا وراء كل أشكال الهروب الجماعي من تاريخ العروبة وجغرافيتها ولكن أيضا وراء كل حالات التطرف والتمرد و النزوع إلى العنف بمظاهره الفردية والجماعية يستوي في ذلك العنف السياسي أو الاجتماعي أو الديني أيضا ولن يغني أحدا إنكار هذه الحقائق أو تجاهل مفاعيلها المستقبلية.
في هذا الإطار الوحدوي العام نفهم ما حدث أخيرا في القطر من احتجاجات شعبية مطالبة بالعدل التنموي والإنصاف الاجتماعي ونفهم ما أقدم عليه الشاب محمد البوعزيزي الذي عبر من خلال فعله اليائس عن غبن وإحباط أجيال كاملة من الشباب العربي لم تجد في خيارات حكوماتها ما يحقق الحد الأدنى من أحلامها وطموحاتها السياسية أو الاجتماعية أو الحضارية فذهبت مذاهب عدة في التعبير عن غبنها وإحباطها تطرفا وهجرة واستقالة وانتحارا خصوصا أمام عجز الأحزاب والمنظمات عن الارتقاء إلى مستوى فهم و تقدير ما يحتاجه الوضع العربي وعلى رأسه وضع الدولة القطرية و وضع الأحزاب من مقاربات جديدة تغادر نهائيا مربع الفشل المزمن وتفتح أمام التغيير السياسي والاجتماعي سبلا جديدة .
على الحكومة أن تدرك أن مواجهة المطالب والتحديات الخارجية المتزايدة تقتضي التعامل الايجابي مع المطالب الداخلية للحراك الشعبي المتزايد وذلك عبر معالجة الأسباب العميقة لمظاهر الاحتقان الاجتماعي والسياسي الذي أدت إليه الخيارات التي ركزت على تحقيق النمو الاقتصادي دون استهداف التنمية في مفهومها الشامل وعلى رأسها التنمية السياسية وتنمية الإعلام والإدارة التي تعطي كلها للمواطنة مفهومها الحقيقي وتشعر الناس بأنهم شركاء في الانتماء الوطني وفي مدونة الحقوق والواجبات التي يحتمّها هذا الانتماء.
إن ما حدث في الأيام الأخيرة وما استتبعه من تداعيات إنما هو جزء من حدث عربي جامع و يمثل فرصة ودعوة متجددة للتقدم بالبلاد بعيدا عن مخاطر التفكيك الخارجي وبعيدا عن نزعات التطرف والعنف والتشنج الداخلي . هذا خيارنا الذي لن نحيد عنه وندعو جميع القوى والأطراف السياسية والاجتماعية للوفاق البناء حوله كما ندعو الحكومة للمبادرة بنهج الطريق الواصل نحو استحقاقاته المطلوبة صونا للاستقرار وفتحا للمستقبل الوطني. فهل تفعلها...؟
التنمية شاملة أو لا تكون
محمد مسيليني
لا يوجد تعريف واحد و محدد للتنمية، فالبعض يربطها بالنمو الاقتصادي و الاجتماعي و البعض يعتبر ان كل المسائل مرتبطة بالخيار السياسي و حتى الاقتصاد هو في النهاية مجرد تطبيق لخيارات سياسية . قد يطول الجدل بين أولوية السياسة عن الاقتصاد و اعتباره ابنها الشرعي متى سار في ركابها و ابنها الضال متى اضطر للسير عكس تيارها و بين علوية الاقتصاد عن السياسة و اعتباره المحدد في نهجها و تعديلها. فكلما نجح الاقتصاد تطورت السياسة واستقام حالها و كلما تعثر الاقتصاد اضطربت السياسة و ساء أداءها. غير أنه لا يمكن ان يختلف عاقلان حول كون التنمية عملية معقدة و تعقيدها مرتبط بعناصر عديدة لعل أهمها شموليتها و ديمومتها و ضمان انخراط الغالبية ان لم نقل الكل فيها . عناصر التعقيد هذه هي في حدّ ذاتها تشكل شروط نجاح أو فشل أي منوال تنموي على مستوى مؤسسة أو جماعة أو دولة.
لقد تناولنا موضوع التنمية في الوطن العربي و هنّاته في دراسة قدمناها خلال الندوة التي عقدها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الصائفة الفارطة كما دعونا في رسالة مفتوحة للقادة العرب في قمة الكويت الاقتصادية إلى ضرورة مراجعة الخيارات التنموية قطريا و عربيا، وتناولنا عديد المرات موضوع التنمية في تونس من خلال برنامج الحزب و خياراته و من خلال العديد من المقالات التي نشرناها على صفحات جريدة "الوطن" و كذلك خلال المجالس العليا و الملفات المتلفزة التي شارك فيها ممثلو حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي او من خلال مداخلات نواب الحزب في المجالس المنتخبة وطنيا و جهويا و محليا. إننا نعتبر أن نجاح منوال التنمية مرتبط بالعناصر سالفة الذكر و هي بالأساس:
1- الشمولية و هو ما يعني أن التنمية لا بد أن تشمل الجانب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الإعلامي و غيره. إن النمو الاقتصادي الجيد أو النسبي ان وجد لا يمكن ان يدوم و يعطي ثماره إذا لم يكن ضمن عملية تنموية شاملة تخص الجانب السياسي من خلال وضع القوانين و إرساء الضوابط و ترسيخ الممارسات التي تضمن المشاركة الشعبية في الشأن العام بشكل حر و ديمقراطي عبر مؤسسات سياسية تتساوى في الفرص و أمام القانون و لا يسمح لحزب او مجموعة من الأحزاب التفرد بالشأن العام و إلغاء البقية أو تهميشها حتى و لو كان في الحكم. لقد علمتنا الكثير من التجارب في العالم انه يمكن تحقيق نتائج اقتصادية هامة في غياب حياة ديمقراطية سليمة غير ان هذه المكاسب تبقى عرضة للتراجع و الانكسار ما لم تكن مسنودة بانخراط شعبي و مجتمعي في الدفاع عنها و هذا حديث آخر. يمكن بناء حياة سياسية تضمن الاختلاف و التعدد و مع ذلك لا يضمن منوال التنمية الارتقاء بمستوى عيش المواطنين أي أن الجانب الاقتصادي و المتعلق بإيجاد الثروات وتطويرها و توزيعها العادل بين الجميع غير مضمون و هو ما يجعل الجانب السياسي في خطر و مهدد لأنه لا معنى لديمقراطية توزع الفقر و الحاجة و الخصاصة بين غالبية الناس. طبعا يمكن تحليل اثر الجانب الثقافي و التربوي و الإعلامي في منوال التنمية و مساهمتها في الارتقاء بمستوى العيش و تطور الذوق العام و الارتباط بالجذور التاريخية و الحضارية للشعب أو مساهمتها في تردي مستوى التنمية و شد برامجها و خياراتها إلى الخلف. متى عجز النظام التعليمي و التربوي في إعداد الكوادر الضرورية لتحمل عبء التنمية و تطوير البحث العلمي و خاصة التطبيقي منه فإن ذلك يكون عائقا أمام نجاح التنمية بغض النظر عن حسن النوايا كذلك الشأن بالنسبة للإعلام فبقدر تحجره و عجزه عن مجاراة التحولات المجتمعية بقدر فعله السلبي الخطير في تعطيل التنمية لأنه ليس من دور الإعلام تزيين عمل السلطة و الدعاية لها و لا أيضا للدس لها او شتمها دون مبرر و لكن من واجبه تناول الأشياء بموضوعية و نسبية و حرفية أساسها الالتزام بالوطن و الخيارات الوطنية.
2- الإستدامة و كما الشمولية فان من شرط نجاح اي منوال تنمية هو استدامته و ضمان عدم انتكاسته لا على المستوى السياسي بالتراجع عن خيار التعدد و لا على المستوى الاقتصادي و القدرة على مواجهة الأزمات و لا على المستوى الاجتماعي بالقدرة عن الدفاع عن المكتسبات المجتمعية المرتبطة بالجذور التاريخية و معطيات الحياة العصرية و لا على اي مستوى آخر من مستويات التنمية الشاملة. ومن عناصر الاستدامة جوانب هامة مثل الحفاظ على البيئة و الجانب الايكولوجي و كذلك حق الأجيال المتعاقبة في الثروة الوطنية فوق الأرض و تحتها و لا يحق لجيل او لمرحلة استنزاف كل الموارد لرسم علامات النجاح و التفوق إلا بقدر ما يمكن ان يوفره من بدائل للأجيال القادمة. هذا العنصر يحيلنا إلى السياسة السكانية و العمرانية و تهيئة المدن و التي تعرف في تونس حالة فوضى لا مثيل لها و كذلك الاستغلال المفرط للموارد المائية و للأراضي الفلاحية دون التفكير في الحفاظ عليها و توسيع مساحاتها
3- على المستوى الاقتصادي يكون تنوع القطاعات و تعددها شرط نجاح منوال التنمية مما يعني أن الاعتماد على بعض القطاعات دون غيرها لا يضمن سلامة منوال التنمية و لا دوامها، كما الاعتماد على الموارد الطبيعية و استنزافها او على الاقتصاد الريعي او الخدمات مثل السياحة كما هو الحال في العديد من البلاد العربية مثل تونس . كما ان اعتماد الخيار الوحيد و الحل الذي لا بديل له مهما كانت الظروف و لا يمكن التراجع عنه او تعديله في كل الحالات يكون كالمحارب الذي يدخل الحرب بخطة واحدة غير قابلة للتعديل فتكون النتيجة خسارة الحرب و ان ربح معركة أو أكثر. ان التعويل على خيار اقتصاد السوق مثلا و ترسيخ مجتمع الاستهلاك و التشبث به في كل الظروف دون الأخذ في الاعتبار الواقع المعيش دوليا و اقتصاديا و مجتمعيا و رفض تعديله او التراجع عنه يمكن ان يرضي قناعة نظرية او فكرية او إيديولوجية و يمكن أن ينسجم مع توصيات و نصائح مؤسسات دولية لكنه لا يضمن سلامة التمشي التنموي و لعل الأمثلة تتكرر في الوطن العربي باستمرار منذ ثورة يناير جانفي 1977 في مصر و 78 في تونس و غيرها في كل الأقطار العربية تقريبا و انتهاء بالأحداث الجارية الآن في تونس و التي تعبر عن فشل منوال التنمية المعتمد و الحاجة لمراجعته.
العنصر الثاني المرتبط بالاقتصاد و يلازمه هو مدى شفافية المعاملات على كل المستويات و قدرة الجهات الإدارية على مواجهة الفساد على مستوى الممارسة. و لان الفساد بكل أشكاله يمثل العدو الأول للتنمية الاقتصادية بغض النظر عن طبيعة منوال التنمية فان محاربته من خلال تشديد العقوبات و ترسيخ مبدأ "من أين لك هذا" و ترسيخ علوية القانون دون تدخل من الجهات السياسية و الإدارية و كذلك ضمان حرية الصحافة و الإعلام للتصدي له كلها تمثل سندا لنجاح منوال التنمية وضمانة لسلامته واستدامته.
4 ضمان انخراط الجميع في خيارات التنمية من خلال ضمان المشاركة الشعبية في الشأن العام و لكن أيضا من خلال التوزيع العادل بين الجهات و الفئات و ذلك في تساوي الفرص بين الجميع في الشغل و الكسب و النشاط الاقتصادي من ناحية و في حرص الدولة على الاهتمام أكثر بالجهات الأقل حظا و التي بموقعها الجغرافي أو لمعطيات أخرى متعددة لا تستطيع استجلاب الاستثمارات بما يضمن خلق المؤسسات و فرص العمل.
هذه بعض الشروط الواجب تحقيقها لضمان سلامة منوال التنمية قد تأخذ الحكومة بالبعض منها او ترفضها جملة و تفصيلا و تتشبث بمسارها و قد تتعاطف معها القوى السياسية و الأطراف الاجتماعية و قد يعتبرها بعض الدغمائيين مجرد محاولة لمساعدة الحكومة على مواجهة تحديات مثل التشغيل غير أننا على يقين ان هذه الشروط لا بديل عنها مهما كان الخيار المعتمد، انها ببساطة ضرورية للأنظمة الاشتراكية التي فقدت علاقتها بالشعب و استشرى فيها الفساد و البيروقراطية و تراجعت الإنتاجية فتهاوت و هي صالحة للأنظمة اللبرالية التي تركت العنان للنظام الرأسمالي فانتشر الفساد و الاستغلال و طوعت المؤسسات بما في ذلك الحكومات لمصالحها فتعددت الاضطرابات و الأزمات و دفعت الفئات الضعيفة و المتوسطة الثمن غاليا. غير ان هذه الشروط غير كافية في عالم تهيمن عليه التكتلات الاقتصادية و السياسية و لم يعد من حل لكل البلاد العربية غير الاندماج الاقتصادي لان الحلول الإقليمية قد فشلت فشلا ذريعا و ان اختلف الفشل من قطر إلى آخر.
أحداث سيدي بوزيد : خلاصات من باب التذكير
عبد الفتاح كحولي
إن ما نكتبه اليوم يتجاوز مجرد الانفعال بالحدث إلى التذكير بحقائق كنا أشرنا إليها في مقالات سابقة وجاء الحدث ليؤكد صدقيتنا بل الحاحيتها في تجاوز أعطاب اللحظة.
ما حدث في سيدي بوزيد يحتاج إلى قراءة متأنية وإلى خلاصات حقيقية بعيدة عن الانفعال باللحظة من جهة وبعيد عن منطق "غضّ الطرف" وتبسيط الأمور.
كنا كتبنا في مقالات سابقة حول ظواهر تستدعي علاجا وعدّ الكلام حينها عند البعض ضربا من "التنظير" والقفز على الوقائع ونسي هؤلاء أم من أبواب السياسة الاستشراف وفتح المقاربات على أفق متجدّد حتى تتلائم السياسة مع التغيرات الحاصلة في صلب المجتمع.
لا شك أن أحداث سيدي بوزيد قد أبانت عن حجم القصور الذي تعانيه كل الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين وخاصة الشريحة الشبابية وفي هذا الصدد نروم التذكير ببعض الاستنتاجات التي كنا قد أشرنا إليها سابقا وصدّقتها أحداث اليوم أبرز هذه الحقائق.
1 – ضبابية الصّفة السياسية للأحزاب:
تعاني مجمل الأحزاب السياسية ضعفا واضحا في وجهها السياسي وكنا قد أشرنا إلى ذلك في مقال نشرت منذ الأعداد الأولى في جريدة "الوطن" فبعض الأحزاب تحوّل إلى مجرّد "مجموعة ضغط" وبعضها الآخر تحوّل إلى مجرد "مقاولة انتخابية" وبعضها إلى مجرد سند للإدارة في حين أن الأحزاب السياسية تقوم أولا على أفكار وبرامج وعلى تمثيليات اجتماعية واضحة فكل حزب يترجم عن مصالح فئة اجتماعية أو تحالف فئات وبدور التنافس بين الجميع على قواعد واضحة يتم التراضي حولها ويتفق الجميع على صيانتها والالتزام بها فأين هي هذه التمثيليات الإجتماعية ؟ فلا شك أن الأحزاب تعلن برامج اشتراكية أو اجتماعية أو ليبرالية أو غيرها ولكنها لا تحد صدى لذلك في واقع المجتمع لأنها قدمت الأولويات سابقة الذكر على هذه الصفة السياسية التي هي المناط الحقيقي للفرز وبروز الأقليات والأغلبيات وتحول المطالب الفردية إلى مطالب اجتماعية تمثلها أطر سياسية وتدافع عنها.
برزت المطالب الإجتماعية في سيدي بوزيج وهي بإجماع كل الأطراف مطالب شرعية تعبّر عن حقوق واضحة وفي مقدمتها الحق في الشغل لكن الأحزاب كانت بعيدة عن هذا الحراك لأنها لم تكن مستعدة لذلك رغم كل المحاولات التي بذلتها في التأطير والتوجيه. كنّا قد نبهنا إلى أن الدور الأول للأحزاب خدمة الصالح العام والتعبير عن مشاغل الناس ومحاولة البحث عن حلول لها وأمام هذا الدرس وجب على الأحزاب أن يعيد النظر في أحوالها حتى تتحقق فيها الصفة السياسية وتنتصر داخلها المقاربة التي ترى في الأحزاب أداة للتأطير والتعبير وإنتاج الأفكار التي تخدم هذا الصالح العام على المقاربة التقنوية والانتهازية التي تنظر إلى الأحزاب على أنها مجرد أداة لبلوغ درجة من "الوجاهة الإجتماعية" أو مجرد أداة للارتقاء الاجتماعي الشخصي .
2 – مخاطر دائرة اللاتسيّس:
إن السياسة فعل مدني يرتقي بالتنافس والصراع إلى مراتب الفعل المتعقّل ليلغي كل مظاهر العنف وأشكال الحسم الإحترابي وضمور الفعل السياسي من شأنه أن يوسّع "دائرة اللاتسيّس" وهي الدائرة التي أشرنا في مقالات سابقة إلى كونها تختزن في طيّها كل أشكال المخاطر.
إن الاستقرار مطلوب وهو العماد الحقيقي للتقدم في التنمية والدمقرطة والعصرنة لكن هذا الاستقرار يجب أن يكون ديناميكيا حيّا فيه تنوّع وفيه وحدة حول أساسيات التقدم في المسار والاستقرار الديناميكي لا يتجاهل التطورات الحاصلة في المجتمع ولكنه يحاول مواكبتها من أجل توجيهها في المسارات التي تعود بالنفع على الجميع وعلى الوطن أولا وهو ما يوجب على كل الأطراف القيام بأدوارها في تأمين شروط توسّع دائرة التسيّس على حساب الدائرة المقابلة ويوجب التخلّي عن الكثير من أنماط السلوك التي طبعت العلاقة بين مختلف الأطراف السياسية وعلى الكثير من الرؤى الخاطئة في تمثّل السياسة من أجل الوصول إلى تمثل مشترك لطبيعة العمل السياسي وللعلاقات التي يجب أن تكون بين مختلف مكونات المجال السياسي حتى نؤمن بلوغ حالة من الاستقرار الديناميكي المنتج والفاعل والمرتبط بحقيقة ما يعتمل من حراك في القاع الاجتماعي.
3 – التقصير الإعلامي:
لا شك ان الإعلام مدخل رئيس من مداخل التقدم في مسار الدمقرطة والتحديث وهذا الإعلام بدا مقصّرا في القيام بدوره الوطني وفي الكشف عن حقيقة ما يجري وحقيقة ما تعرضه الأحزاب من أفكار ورؤى تمثل مصالح اجتماعية محددة قصر الإعلام عن الشباب العاطل أن لا أحد يحضن مطالبه المشروعة نقلت بعض وسائل الإعلام الحراك الحزبي على انه مجرد صراع حول مواقع على أنه مجرد منازلة بين أشخاص ولم تنقل بالقدر الكافي الحراك الحقيقي داخل الأحزاب والرؤى التي تتفاعل داخلها. غاب الإعلام من مسرح الأحداث فهرع الجميع إلى القنوات الأجنبية وهو ما يوجب على الإعلام مزيد الانفتاح على المشهد السياسي ونقل المعلومة للمواطن حتى تكون الصورة أكثر وضوحا.
هذه بعض الاستنتاجات هي من باب التذكير وليست من باب الانفعال المتسرّع بالحدث نسوقها هنا من أجل أن نفكر جميعا في فتح آفاق أوسع أمام الحياة السياسية والحزبية ولا شك أن إجراءات جديدة تنتظرنا من أجل مزيد توسيع دائرة المشاركة في الشأن العام ومراجعة بعض الأمور التي بانت مراجعتها متأكدة ولعل أولى المهام التأسيس لحوار وطني حول هذه الإشكاليات السياسية من أجل تأهيل المجال السياسي والمحافظة على تنوعه المثمر وجعله مترجما عن التطورات التي تلحق بالبنية الإجتماعية على مستوى التمثلات وأنماط التواصل وغيرها.
فنحن الآن في حاجة إلى تسييس حقيقي لا يمسّ المجتمع فحسب بل أولا وقبل كل شيء الأحزاب السياسية ذاتها.
التنمية في سيدي بوزيد
مقترحات و توصيات لتجاوز الواقع المكبّل
تونس/ الوطن
مثلت الدراسة التي أعدها قسم التشريع و النزاعات و الدراسات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل حول واقع التنمية في سيدي بوزيد "التنمية الجهوية بولاية سيدي بوزيد : بين الواقع المكبّل و الامكانات الواعدة" مرجعا هاما لعديد الباحثين و الإعلاميين للوقوف عند عوائق التنمية في هذه الجهة التي عرفت طيلة الأيام الفارطة تحركات احتجاجية على خلفية المطالبة بالتشغيل .
و الى جانب أن الدراسة شخّصت بشكل ملموس أهم العوائق التنموية فإنها أيضا اقترحت مجموعة من التوصيات و الحلول للخروج من هذه الوضعية. ونظرا لأهمية هذه التوصيات ننشر أهمها في هذا العدد من صحيفة "الوطن" لتعميم الفائدة.
الفلاحة:
انطلاقا من الوضع الإشكالي للفلاحة بولاية سيدي بوزيد على اعتبار كونها تمثل العمود الفقري في اقتصاد الجهة ونظرا للتراجع الذي يشهده هذا القطاع حيث كانت الولاية، على سبيل الذكر تساهم ب 27% من الإنتاج الوطني للخضر وأصبحت حاليا لا توفر سوى 18 % منه فإن الإرتقاء بالأداء الفلاحي يتطلب:
- إحداث مركز للبحوث الفلاحية بهدف دعم المركز الحالي ومده بكل ما يمكن أن يساهم في البحث العلمي الفلاحي بالجهة.
- المحافظة على الأراضي الدولية ودعمها نظرا للفشل الذي عرفته شركات الإحياء والتنمية الفلاحية.
- تسوية الوضع الذي عليه وحدات الإنتاج والتعاضديات الموجودة بكل من المكناسي ومنزل بوزيان.
- تسوية الوضع العقاري بمعتمدية سيدي بوزيد الغربية والمناطق التي لم يتم تسجيلها عقاريا بعد.
- انجاز المسالك الفلاحية في معتمدية سيدي بوزيد الشرقية وصيانة المسالك الفلاحية التي تهرّأ أكثرها.
- كهربة الآبار.
- إحداث آبار عميقة بمعتمديات المزونة والمكناسي ومنزل بوزيان وببعض العمادات في معتمديات بن عون والرقاب والسوق الجديد وتمكين الفلاحين المحليين من استغلالها جماعيا.
- إحداث بحيرات لدعم المائدة المائية.
الإنتاج النباتي:
- إحداث منابت تابعة للمندوبية وتحت إشرافها فنيا وماديا وإعطاء الأولوية للأشجار التي تتوفر فيها خصائص تتأقلم مع الجهة كالفسدق واللوز والمشمش وأن تكون معدة للتصدير.
- تشجيع الخواص على بعث منابات ومراقبتها من طرف المصالح الفنية.
- إحداث محميات على غرار محمية بوهدمة.
المناطق السقوية:
- سجلت الولاية غلق 50 % من الآبار في المناطق السقوية لارتفاع أسعار البنزين . في حين يتذمر الفلاحون من تعذر الحصول على تراخيص من الشركة التونسية للكهرباء والغاز لكهربة آبارهم.
- زيادة خط كهربائي ذي ضغط عال لإثناء الفلاحين عن هجر المهنة بسبب غلوّ المحروقات والتشجيع على إحداث مناطق سقوية بالجهات التي تفتقر لها .
- التشجيع على تعاطي الفلاحة البيولوجية لما لها من آفاق في التصدير ومن منافع على الصحة وعلى البيئة.
التمويل والتشجيعات:
- بالنسبة للقروض طويلة المدى لا بد من تمديد فترة تمويل المشاريع لدفع البنك على إتمام تمويل كامل المشروع في آجال معقولة تمكن الفلاح من القيام بالعمليات اللازمة للإنتاج.
- بالنسبة للقروض قصيرة المدى تتجه المطالبة بتبسيط الإجراءات وتقليص آجال التمويل وإعطاء أولوية لبعض القطاعات على غرار ما هو معمول به في الاقتصاد في الري كقطاع تربية الماشية والعناية بغابات الزياتين وتشجيع ريّها خاصة في سنوات الجفاف.
- وقعت في المرحلة الأخيرة مراجعة خريطة الحوافز بالمناطق ذات الأولوية حيث تقلصت النسبة في الولاية إلى 15% ومن المفروض أن تكون في حدود 25% بالمناطق ذات الأولوية والتي لا تزال محرومة، مثل المزونة وبوزيد الغربية وبوزيد الشرقية وأولاد حفوز والرقاب...
الصناعات الغذائية:
- تركيز مصانع تحويلية متعددة المنتوج ( الحليب ومشتقاته، مصبّرات الطماطم والفلفل والزيتون والغلال...) وعدم الاكتفاء بتحويل الطماطم فقط بل الإقدام على تصبير منتجات أخرى ( الجزر ، الفلفل..)
- تركيز معمل حليب بالجهة دون الاكتفاء بمراكز التجميع فقط.
- تركيز وحدات لتصنيع الحليب ومشتقاته (الجبن،...)
- استغلال الجلود والصوف جهويا بتركيز معمل لها بالجهة.
وتتجه الاقتراحات أيضا إلى :
- مراجعة مجلة الاستثمار الفلاحي بالنسبة لولاية سيدي بوزيد مع مراعاة الخصوصية الجهوية.
- التسوية العقارية بالنسبة للفلاحين
- ترشيد الفلاح وترسيخ عقلية التكامل لدى الفلاحين في الإنتاج الفلاحي وايجاد آبار عميقة في الولاية بالمناطق المذكورة
- اقتراح تحييد الممولين وإسناد فواتير بالنسبة للقروض والإعانات إذ لوحظ احتكار هذه الأموال من طرف جماعة خاصة ( مشاكل الرشوة)
الفنيون والعملة:
- الإحاطة وتوفير وسائل العمل (المعدات الفنية ، وسائل النقل) التكوين والرسكلة :
تكوين العمال في الإختصاصات الفردية بالمصالح المنتمين إليها ورسلكة الفنيين كي يواكبوا المستحدثات والتقنيات الحديثة حتى يقوموا بواجباتهم ما ينبغي مواكبين للتطورات العلمية في الميدان الفلاحي.
الإقتراحات بخصوص النقل:
- توفير أكثر عدد من الحافلات ( ( assurer la continuité et la permanence
- عدم اعتبار سيدي بوزيد كولاية تابعة للقيروان أو لقفصة.
النقل المدرسي:
- مسالك فلاحية سيئة جدا يستوجب دعمها : باطل غزال (GP13 ) ، عن جمال ، أولاد الهاني بالرقاب ، الغابة السودة ، مزونة ، ن البوغ، ورغة ، أولاد سليمان.
شبكة الطرقات :
- ما تم انجازه يعادل 1200 كلم من جملة 5000 كم حسب المخطط 11
- 157 كم (enrobée) فقط.
- لا بد من تطوير الشبكة داخل الولاية لأن إمكانيات البلديات تعتبر ضعيفة.
- الجسور تشكو من مشاكل.
- مشاكل في تصريف المياه إذ تمطر بمعدل 70 مم مما يهدد المنطقة بالفيضانات.
الطريق الحزامية سلاح ذو حدّين:
تمكّن الطريق الحزامية من تخفيف الضغط على المرور داخل الولاية إلا أنها تقتل الحركة الاقتصادية في نفس الوقت.
ما يمكن استنتاجه واقتراحه بالنسبة لقطاع الإتصالات :
- تشييد مقرّ الإدارة الجهوية للاتصالات.
- تركيز نقاط بيع لمختلف المعهدات التي لها علاقة بالقطاع في مختلف المعتمديات وتوفير التجهيزات الضرورية لتلبية حاجة المواطنين بالنسبة لخطوط الإنترنات اللامتوازية ADSL وذلك للحدّ من طول الإنتظار للارتباط بالشبكة.
- ضرورة دعم البنية التحتيّة.
- تطوير شبكات التحويل والإرسال.
- مزيد تركيز الهاتف الجوال لتغطية كل المناطق.
- ربط مراكز الإرسال بمعتمديتي بئر الحفي وبن عون بشبكة الإرسال بالألياف.
- ربط معتمديتي المزونة وسوق الجديد بخطوط الإنترنت اللامتوازية ADSL .
من وحي التحرّكات الاجتماعيّة الأخيرة:
... مع الشعب... لأنّنا من عمق الشّعب
محمد رضا سويسي.
لا شكّ أنّ تداعيات الخيارات التنمويّة التي واكبت دخول البلاد في مرحلة من الليبراليّة المعلنة والمطلقة تقريبا مع بداية تنفيذ مشروع الإصلاح الهيكلي ومن بعده ما سمّي بالتّأهيل الشّامل قد أصبحت تلقي بظلالها اليوم بشكل حادّ على المسار العام للتنميّة وما يواكبه من مناخ اجتماعيّ عام حيث بدت الخيارات العامة للدولة على استعداد لنوع من الانخراط اللامشروط في هذه الليبراليّة المعولمة بل إن الحكومة كانت تتباهى بأنّها كانت سبّاقة إلى الانخراط في هذه الخيارات مقارنة ببقيّة الحكومات العربيّة فكان انخراطها في اتفاقيّة الشراكة مع أوروبّا واتفاقيّة التجارة الدّوليّة مع انتهاج سياسة خوصصة نتج عنها تفويت في المؤسسات الاقتصاديّة الكبرى حتّى الإستراتيجية منها ممّا حوّل الاقتصاد إلى آلة في يد القطاع الخاص يدير دفّتها في اتجاه مصالحه ونزعاته الربحيّة مع التقلّص المستمر في قدرة الدّولة على التدخّل في ضبط خطط التنمية الوطنيّة والجهويّة لارتباط هذه الخطط بالاستثمار المباشر والغير المباشر، الوطني والوافد وهو استثمار خاص لا يهدف إلا إلى الربح بعيدا عن أي مصالح وطنيّة أو أدوار وطنية واجتماعيّة. بينما أصبح دور الدّولة المعلن هو دور الحكم والمراقب والساهر على تطبيق القانون الذّي بدوره شهد عدّة تحوّلات في خدمة المنظومة المستحدثة. بل إنّ هذا الدّور نفسه كثيرا ما كان محلّ مِؤاخذة وانتقاد من عدّة أطراف اجتماعيّة وسياسيّة وهو ما يظهر خاصّة خلال المفاوضات الاجتماعيّة الدّوريّة حيث كثيرا ما تشكو الوفود النقابيّة الممثلة للاتحاد العام التونسي للشغل خلال هذه المفاوضات من عدم حياديّة ممثلي الإدارة والدّولة وانحيازهم إلى جانب الأعراف.
إنّ كل هذه العناصر إضافة إلى ما سبق أن أشرنا إليه في مقالات سابقة من عناصر تاريخيّة واجتماعيّة وديمغرافيّة خاصّة زادها تسارع التحوّلات المحليّة تحت وقع المتغيّرات العالميّة حدّة قد أفضى إلى حال من فقدان المجتمع للكثير من توازناته وتزايد كبير في احتياجاته كمّيا ونوعيّا على غرار الاحتياج المتزايد للتشغيل "الراقي" الذي أصبحت تستوجبه نسبة التمدرس المرتفعة وتزايد خريجي الجامعات في مختلف الاختصاصات وهو ما يتضارب كواقع مستجد مع خيارات التنمية التي تركت أمر الاستثمار وبعث المؤسسات والتشغيل إلى قطاع خاص يبدو أنّه ينقصه الكثير من الوعي بواجباته الوطنيّة كما أنّ مرونة القوانين المتجهة له والتشجيعات التي يتلقّاها بصفة مجانيّة أحيانا قد زادته قدرة على التملّص من واجباته تجاه المجموعة الوطنيّة.
إنّ تسارع فعل وتأثير هذه العناصر المختلفة قد انعكس بلا شكّ على الناس في شكل تراجع لمقدرتهم الشرائيّة وانحسار لسوق الشغل سواء بفعل الطلبات المستحدثة أو بفعل عمليات التسريح التي تحصل كلّ يوم نتيجة عمليات الخوصصة بل أحيانا عمليات افتعال بعض أصحاب المؤسسات لأزمات غير موجودة فعلا من أجل تحويل وجهات استثماراتهم والتخلّص من التزاماتهم تجاه العمّال والمجموعة الوطنيّة.
إنّ استشعار هذا الواقع يكون بلا شكّ في المناطق الأقل حظّا والتي يكون فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي أكثر هشاشة خاصّة تلك التي خسرت خصائصها كمناطق فلاحيّة نتيجة عدم الارتقاء بالقطاع الفلاحي من حيث الاستثمار والتشجيع إلى ما بلغته الصناعة والخدمات مع عدم تمكينها بما يكفي من استثمار وعناية بما يخوّل لها الانخراط في التحوّلات الاقتصاديّة دون صدمات ومشاكل ولعلّ هذا هو ما جعل الأمر يضيق بسكّان عدّة مناطق داخليّة وغير محظوظة في مستوى النصيب من التنمية فيتحرّك هؤلاء السكّان للمطالبة بنصيبهم من الثروة الوطنية والتنمية والاستثمار والتشغيل خاصّة وأنّ بعض هذه المناطق يوفّرون للبلاد رصيدا كبيرا من الثروة ويقدّمون لأجل ذلك التضحيات الجسام من صحّة أبنائهم وسلامة بيئتهم وغير ذلك فمنطقة الحوض المنجمي أو الصخيرة أو بنقردان أو سيدي بوزيد أو غيرها من المناطق التي شهدت حراكا اجتماعيّة تساهم بفعلية في تمويل ميزانيّة البلاد سواء من خلال عائدات المواد المنجميّة أو الصناعات الكيماوية أو الإنتاج الفلاحي الذي يمثّل عماد الأمن الغذائي إلا أنها مع ذلك بقيت في درجة متأخّرة من حيث استقطاب الاستثمارات أو التشغيل ممّا شحن بلا شك تلك الأجواء من الغضب والاحتقان والشعور بالغبن لذلك كانت تحرّكاتهم استجابة مباشرة لذلك الشعور وللضغوط المتزايدة لمقتضيات حياة كريمة يفتقدون الكثير من عناصرها ومكوّناتها.
إنّ الوعي بهذه الحقائق لا يمكن إلا أن يجعلنا في صفّ المطالبات الشعبيّة بعدالة التنمية بين الفئات والجهات بعيدا عن أي حيف أو ظلم في التقسيم الجهوي للعمل فلا تتحوّل جهات إلى موفّر للثروة وجهات أخرى إلى متنعّم بها كما أنّ الإدراك العلمي لما آلت إليه الخيارات التنمويّة الليبراليّة من مأزق لعدم انسجامه مع طبيعة المجتمع وتراثه وحضارته ومع حجم الثروة ومكوّناته وسبل تحصيلها وتصريفها يجعلنا في صف المطالبين بإعادة النظر في منوال التنمية على قاعدة حوار وطني شامل يحدّد هذا المنوال وتوجّهاته الكبرى وهي توجّهات يقف فيها حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على مسافة بعيدة ممّا هو سائد حيث مازال مشروع الحزب وبرنامجه قائما على الخيار الاشتراكي الذي يطالب بتوزيع عادل للثروة وبدور فاعل للدولة في الحياة الاقتصاديّة يقوم على استعادة دورها في ملكيّة القطاعات الإستراتيجية المنتجة والخدميّة لما لذلك من تأثير على تعديل السوق الاستهلاكيّة وفرة وأسعارا فضلا عن سوق الشغل التي أصبحت مرتعا لأشكال هشّة من التشغيل لا تليق أحيانا حتّى بالحدود الدّنيا لكرامة الإنسان.
على أنّ هذا الخيار التنموي المقترح في مشروع الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا ينفصل بالمرّة بل هو على اتصال عضويّ بمشروعه السياسي والثقافي القائم على المطالبة برفع سقف الحريات العامّة والفرديّة من حرية إعلام واتصال وتعبير وتنظّم وغير ذلك ممّا يتلخص تحت مسمّى لا نزال ننشده ونعمل على أن نؤسس له قواعد صلبة ودائمة وليس هذا المسمّى سوى الديمقراطيّة.
إنّنا إذ نستند في نقوله إلى بعض وجوه التراث السياسي والاجتماعي النير للأمّة والذي طالما اعتبر أنّ العدالة والديمقراطيّة هما جناحا الحرية التي لا تستطيع بدونهما أن تحلّق عاليا فإنّنا نذكّر أيضا أنّ مواقف الحزب المعلنة في مختلف بياناته أو على أعمدة جريدته الوطن من مختلف هذه التحرّكات يجعل كلّ من يطّلع عليها ويقرؤها قراءة متأنّية بعيدة عن تشنّج اللحظة أو حسابات السياسة أو خطاب المزايدة والمناقصة يدرك أنّها مواقف في صفّ الشعب ومعه لا عليه .

أحداث سيدي بوزيد: هل تلقي بضلالها على مؤتمر النقابة الوطنية للصحافيين؟
إعداد نورالدين المباركي
تونس/ الوطن
تعقد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين يوم 16 جانفي الجاري مؤتمرها الثاني الذي يأتي في مرحلة من أهم خصوصياتها أن ملف الإعلام مطروح على الطاولة بجدية.
فقد تعرض أداء وسائل الإعلام الوطنية إلى كثير من النقد في تعاطيه مع أحداث سيدي بوزيد ، بل إنه وُضع في "قفص الاتهام "..
السؤال الذي توجهت به "الوطن" إلى عدد من الصحفيين: هل يمكن لأحداث سيدي بوزيد، خاصة أنها طرحت ملف الإعلام على الطاولة، أن تلقي بظلالها على مؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين.؟
سفيان بن فرحات
على كافة الصحافيين الالتزام بسقف ما بعد سيدي بوزيد
اعتقد جازما أن مؤتمر نقابة الصحافيين التونسيين سيكون بحق أول اختبار عن مدى تغير الذهنية السياسية لدى الطبقة السياسية الحاكمة في تونس. لذا فإن المعطى السياسي في جوهره على المحك غداة أحداث سيدي بوزيد وعديد الجهات والأقاليم بالبلاد. هل ستواصل هذه الطبقة السائدة سلطويا سياسة الاستفراد بالجمعيات والاستئثار بجموع مكونات المجتمع المدني أم هل أنها ستعتمد التنافس النزيه الذي قوامه تحكيم جمهور الناخبين دون ممارسات ملتوية وتحيلات رديئة وخزعبلات تنم عن روح قروسطية بائدة وفاشلة في نهاية المطاف على غرار انقلاب 15 أوت 2009 على نقابة الصحافيين التونسيين ؟
أعتقد ان المخرج الحقيقي اليوم وهنا يكمن في تعامل جديد مع الإعلام ودوره وأدائه ومنظوريه من جهة، وفي التعامل المتمدن مع الجمعيات ومحاربة الفساد من جهة أخرى. تونس اليوم لا تتحمل سياسات خرقاء تتعارض ونضج شعبنا الذي أثبت مرة أخرى ارتقاءه لخصوصية اللحظة التاريخية المتميزة والحاسمة. على كافة الصحافيين الالتزام بسقف ما بعد سيدي بوزيد. ولن تُجدي محاولات الانقلاب مجددا، وضرب الشرعية عرض الحائط، والمناورات التي قوامها عقلية الحزب الواحد أو التظاهر بالتعددية ولكن ضمن الفكر الواحد وما شابهه من ترّهات.
سفيان بونيني
قدرة الصحفيين عبر نقابتهم على رفع سقف مطالبهم المهنية
التأثير سيكون على مستوى المصداقية. فمكتب 15 أوت ترك التعتيم والتضليل الرسميين واكتفى بالتهجم على وسائل الإعلام الأجنبية. ما الذي سيضيفه مكتب بهذه العقلية ؟
أحداث سيدي بوزيد ستلقي بظلالها أيضا على قدرة الصحفيين عبر نقابتهم من رفع سقف مطالبهم المهنية إلى جانب طبعا المطالب المادية.

عبد الحق الطرشوني
الصحافيون مطالبون في المؤتمر بتشخيص واقع الإعلام
مثلت في نظري هذه الأحداث الشعبية تمشيا نقابيا وان كانت في بدايتها حادثا تلقائيا ترجم واقعا اجتماعيا يمس كل الجهات الداخلية وتسارعت الأحداث في المطالبة بالعيش الكريم والمساواة في حق التشغيل للجميع ونظرا لأهمية موضوع التشغيل في قطاع الإعلام من الطبيعي أن تؤثر هذه الأحداث على فعاليات المؤتمر الحالي كما هو الشأن في المؤتمرات السابقة. ثانيا لقد أثارت هذه الأحداث غياب دور الإعلام الوطني في تغطية ما يجري في البلاد من تطورات اقتصادية وتنموية واجتماعية ومن أحداث مؤلمة وأصبح الإعلام الوطني الرسمي والخاص محل إجماع عند الجميع بأنه خارج التاريخ وان غيابه أو سباته قد يجعله يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية ما حدث في بلادنا إلا أن الصحافيين يرفضون هذا الواقع المرير ويصفون إعلامهم بالجسم المريض وان كانوا هم أجزاءه ظاهريا وباطنيا.
ومن المؤكد أن عددا كبيرا من الصحافيين سيقومون في المؤتمر بتشخيص واقع الإعلام والبحث عن الدواء الناجع لإنقاذه من الموت الذي أصبح حتميا في محيط دولي تصل اليوم المعلومة فيه لكل الناس أسرع من وصول لقمة العيش إلى البطون الجائعة.
محمد بوعود
الأحداث ستلقي بظلالها على مؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين
أحداث سيدي بوزيد عرّت الواقع الإعلامي التونسي، وكشفت كثيرا من الحقائق التي حاول المسؤولون عن الإعلام إخفاءها، وهي بلا شكّ ستلقي بظلالها على مؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين، على اعتبار الموقف الذي اتخذه المكتب التنفيذي للنقابة، والذي سارع فيه إلى إدانة قناة الجزيرة، كسائر الأحزاب والجمعيات، في حين كانت القاعدة العريضة من الصحفيين تنتظر منه وقفة شجاعة في وجه التعتيم الإعلامي الذي مورس على الأحداث، كما كانت تنتظر منه وقفة أيضا في وجه المسؤولين الإعلاميين ضد آليات الحجب الالكتروني التي زادت تغوّلا هذه الأيام.
أحداث سيدي بوزيد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن مشهدنا الإعلامي، بما فيه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، مقدم على مراجعة جذرية وشاملة تقطع مع السائد وتنهض بالقطاع.
نعم للنقد.. لا "للبلطجة"..
بقلم صالح عطية
ثمة أمران لا يميز بينهما بعض السياسيين والنقابيين والإعلاميين أيضا: النقد والتجريح..
فهناك خيط رقيق يربط بين الاثنين، وأيما تماس من شأنه أن يؤدي إلى مزالق كثيرة وخطيرة، سواء على العلاقات أو التحالفات أو حتى على مجالات الرأي والرأي المخالف..
قبل أيام قليلة، تقررت إحالة أربع كوادر نقابية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل على لجنة النظام الداخلي للمنظمة، بتعلة ما اصطلح على تسميته ب "التطاول على قيادات المنظمة، والمس من شرعية العمل النقابي"، وهو ما أثار حفيظة النقابيين وحنق البعض منهم، وقد يؤدي هذا القرار إلى تداعيات أخرى، ربما يبدو الاتحاد العام التونسي للشغل في غنى عنها، ليس لأن الكثيرين يعتقدون أن العملية جزء من معركة نقابية داخلية قبيل المؤتمر القادم للاتحاد، ولكن لأن الأمر تزامن مع حالة احتقان اجتماعي ونقابي متزايدة في البلاد منذ نحو أسبوعين ونيف، نعتقد أن من دور الاتحاد العمل على التخفيف منها وليس تصعيد الموقف..
من حيث المبدأ، لا يمكن الاطمئنان كثيرا لحالات الهستيريا التي تنتاب البعض كلما تعلق الأمر ببعض القيادات أو الزعامات السياسية، بحيث ترى البعض يسارعون إلى فتح "ملفات"، وتوجيه اتهامات، والطعن فيما هو شرعي وقانوني، بداعي حرية التعبير أو حرية العمل النقابي، وكأن هذه "الحريات" لا تجد ما يبررها إلا ضمن سياق الاتهام والتخوين ونوع من "البلطجة" كما يقول إخوتنا المصريين السياسية والنقابية والفكرية، وهكذا تحول النقد إلى معول للهدم.. هدم "الكاريزما" والعلاقات والبنية التحتية للمشهد السياسي والنقابي..
بل الأدهى من ذلك وأمرّ، أن البعض بات يعتقد أن النقد، إنما هو تقريع، وشكل من أشكال نشر الغسيل الوطني، في جانبه السياسي أو النقابي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، ولن يكون كلامك مقنعا ومفيدا ومؤديا "للواجب الوطني" إلا عندما تنخرط في تلك التي عبرنا عنها ب "الهستيريا"، التي تصبح لدى البعض شجاعة، وهذا بالضبط ما يؤدي إلى ذلك التماس، بحيث ينقلب النقد إلى عمل فضائحي أكثر منه تحليل يستند إلى مؤشرات وحدّ أدنى من المنطق والعقلانية..
لا شك أن حالة الاحتقان الموجودة اتسعت دائرتها، وباتت تشمل السياسة والعمل النقابي والمجتمع والمشهد الثقافي والنخب، وكلما وجدت هذه الحالة متنفسا إلا وصرفت ذلك الاحتقان، بكم هائل من الانتقادات ما يؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل، تماما كمن يبدو حريصا على تفريغ شحنة قبل أن ينتهي مفعولها..
والنتيجة، أن النقد والتجريح يتماسا، فتختلط الأمور، ويدخل المرء في أحد أمرين: إما الهذيان بالمكاسب والمنجزات والركون إلى منطق الرضا عن الذات بشكل مقرف أحيانا، وهو ما يكون له مفعول عكسي في غالب الأحيان، أو الدخول في "منطق نسفي" لا يعترف إلا بالجانب المظلم من اللوحة، وكأنه ينظر بعين واحدة لا ترى إلا نصف المشهد..
لا نعتقد أن مواجهة حالة الاحتقان التي تتجه للهدوء حاليا، تكون بحالة احتقان مماثلة، وإن اتخذت شكلا قانونيا أو مؤسساتيا.. فالنقابيون والعديد من السياسيين والإعلاميين والنخب، بحاجة إلى التنفيس عن كربتهم، وينبغي أن تتسع الصدور لهم في الحكم وخارجه، ما لم يحصل التماس بين الخيطين الرقيقين..
إن لحالة الاحتقان ما يبررها، وينبغي البحث عن كيفية جديدة نعيد بواسطتها وضع سياق مختلف يتحرك فيه الجميع، بعيدا عن "المنطق العقابي" الذي نجد في قرار القيادة النقابية الأخير رغم تفهمنا لإطاره العام نموذجا له.. لكنه النموذج الذي لا يلبي استحقاقات المرحلة..

الشباب والعمل الجمعياتي والسياسي :
الخوف والارتباك سيد الموقف
اسكندر العلواني
تبذل الدولة التونسية مجهودات جبارة لتشجيع وتحفيز الشباب التونسي على الانخراط في العمل الجمعياتي والتنظيم السياسي، إلا أن نسبة مشاركة الشباب تبقى دون المطلوب، فمفهوم السياسة لديه مازال ضيقا ومصدر قلق ومتاهة تؤدي بصاحبها إلى آفاق مسدودة ومضيعة للوقت.
توجهت الوطن بجملة من الأسئلة إلى بعض الشباب:
حول السياسة والشباب؟ وأسباب عزوف الشباب على الانخراط في العمل الجمعياتي؟
مروى بن هنية 20 سنة طالبة: "الفضائيات تنتج جيل مائع"
لقد سعت الدولة في الاستشارة الشبابية 2005 وسنة الحوار مع الشباب 2008 وفي مستهل السنة الفارطة 2010 السنة الدولية للشباب، للعمل على نوعية الشباب ليتحمل مسؤوليته كرجل الغد ومستقبل البلاد، ورغم الترشيد والحرية التي اتسمت بها هذه التجارب حيث كان الشباب يعبر عما يراه بكل أريحية دون حرج، إلا أن الشباب مازال بعيدا كل البعد عن الواقع الحقيقي للعمل السياسي والجمعياتي، ربما يتحمل الشباب مسؤولية كبيرة في جزء منه يتنبه بتبنيه سياسة الهروب من مواجهة المصير والقنوع وحالة الجمود، لكن تتحمل أطراف غير مسؤولة (كالفضائيات) نسبة كبيرة في إنتاج جيل مائع مهتم بالكليبات وآخر أخبار الفنانين والرياضيين خاصة كرة القدم والنضال من أجل الجمعية الرياضية، ويصبح بطلا حينما يعاقب لتجاوزه القانون أو يسجن لارتكابه خطأ في المدارج الرياضية. ويصبح بذلك حديث الساعة، ليقتدي به الشباب.
قيس الحاجي: حامل شهادة عليا (28سنة)
"لأسرة تزرع الخوف لدى الشباب"
حسب اعتقادي فإن الأسرة تتحمل مسؤولية كبيرة في عزوف الشباب عن العمل الجمعياتي والانخراط في الأحزاب فالأسرة تساهم بصفة مباشرة في زرع الخوف والاقتناع بما هو سائد والسياسة خط أحمر لا يمكن تجاوزه وغير مسموح حتى بالنقاش فيه، منذ نشأة الطفل ربما يكون المفهوم الضيق للسياسة لديها والتي بالنسبة إليها مصدر قلق وتعب وطريق مسدود يلعب بمصير عائلة بأكملها.
هذه التربية بالطبع لها انعكاسات سلبية على تفكير وتوجهات الشباب فيما بعد لتجعله يبحث عن مخرج بعيد كل البعد عن النشاط السياسي ويسلك أساليب أخرى مجهولة كالانحراف والحرقان والتسكع والاستهتار أو تنظيمات جهادية سلفية حتى الانتحار.
حيث يصبح الشباب فاقدا للأمل وغير قادر على تحمل المسؤولية، فمفهوم المواطنة لديه يصبح متذبذبا.
هذا إلى جانب عجز الهياكل الجمعياتية على استقطاب الشباب من خلال الحوار وترسيخ مفهوم الاندماج وأخذ المبادرة وقبول الرأي المخالف وذلك بالتعامل معه كمسؤول وتشريكه في أخذ القرارات.
محمد بوعلاق 27 سنة طالب
"وّة بين الشباب والأحزاب"
رغم تعدد فضاءات النشاط الجمعياتي والسياسي والنقابي ومنابر الحوار الشبابية وأخيرا ليس آخرا البرلمان الشبابي إلا أن الشباب يعتبر بعيدا عن الفكر السياسي. والانخراط في صلب الجمعيات.
ربما يعود ذلك لعدم ثقة الشباب في هذه المنظمات الحزبية والتي يعتقد حسب رأيه تكبت طموحاته وآرائه وانصهاره في وسط المجموعة وبذلك يغيب أو يُغيّب بشكل أو بآخر لأهدافه المستقبلية، كما يبقى الهاجس الرئيسي للشباب خاصة بعد تخرجه الشغل والالتحاق بسلك العمل لبناء مستقبله.
دون أن تغض الطرف على تقصير المنظمات والجمعيات والأحزاب في التوجه إلى الشباب والاحتكاك به لتنتج بذلك هوة بين الشباب وبين المنظمات والاحزاب.
وفي المقابل لا بد للحكومة أن تولي عنايتها بهذه الفئة الواسعة من المجتمع والإحاطة به وذلك من خلال توفير التشغيل وفتح المجالات الممكنة أمامها للتعبير عن آرائها دون قيود أو حواجز.
ليلى مربية بمحضنة مدرسية
"لوعي لدى الشباب دون المطلوب"
يعود عزوف الشباب إلى عدم استيعابه لمفهوم السياسة، وأن السياسة هي طريق مسدودة. رغم أن السياسة تجعل الشباب بصورة مباشرة مشاركا في ترسيخ حرية الرأي وامتلاك الثقة بالنفس وإدراك أفعاله.
رغم أن معظم الشباب متعلم ومثقف ولكن الوعي لديه مازال دون المطلوب. وربما يعود أيضا لتسلط بعض المسؤولين وإقصاء الشباب مساهم فعلي في جعله في المرتبة الثانية كرجل الغد.
الشباب : ملف التشغيل أولا ..وملف التشغيل ثانيا

أبو فادي
لا نتصوّر أننا نجانب الصواب إذا حصرنا اهتمامات الشباب الأساسية من خلال هذا الحوار في:
1- حقه في التعبير الحر والمشاركة في الحياة العامة دون وصاية و دون أعين الرقيب أو المتسلط مما يعني مطالبته المعلنة بتطوير الحياة السياسية والمدنية بما يتماشى وما بلغه الشعب من نضج وتطور وما تستوجبه المرحلة من قطع مع أساليب وعادات وموروث لم يعد له مبرر للاستمرار والتواصل.
2- حقه في العمل والعيش الكريم والمساهمة في بناء تونس الغد من خلال مساهماته الفعالة في جميع الميادين الاقتصادية والإدارية وفي جميع مستويات القرار.
3- حقّه علينا في توفير المناخ الذي يمكنه من التدرب على المسؤوليات الكبرى وتحملها تدريجيا لأنّ شباب اليوم هم قادة المستقبل.
في هذا المستوى أي المتصل بالتشغيل سوف أتطرق إلى دور الدولة وأجهزتها ومصالحها و الأساليب المثلى التي يجب إرساؤها من اجل تحمل كل جيل المسؤوليات المنوطة بعهدته وزمانه ومن أجل أن تمرر هذه المسؤوليات بشكل سلمي وطبيعي.
الحكومة ستجيب على تساؤل الشباب حول التشغيل - وهي محقة – "بأنها قامت بالكثير في إطار معالجة هذا الموضوع. لقد وضعت الآليات والبرامج والتشجيعات والحوافز التي تمكن الكل من النشاط لقد قامت باستشارة وطنية حول التشغيل كما وضعت برامج للمناطق أو المعتمديات ذات الأولوية".
الحكومة أيضا لم تترك بابا إلا طرقته ولا مجالا إلا درسته لكي تقدم ما يساهم في الحد من ظاهرة البطالة وخاصة بطالة حاملي الشهادات العليا لما لها من تأثير سلبي في الفرد والعائلة والمجتمع والنمو أيضا.
وعلى الشباب استغلال الآليات المتعددة من اجل بعث المشاريع وخلق مواطن الرزق والانخراط في برامج بعث المؤسسات. عليه التخلي عن عقلية الأجير الذي ينتظر من الحكومة والقطاع العام تشغيله.
كل هذا صحيح إلى حد ما ولسنا بصدد تقييم هذه البرامج والآليات ومدى نجاحها أو محدوديتها ولكننا نريد أن نتطرق إلى موضوع الشباب وتشغيله في الإدارة والمصالح والمؤسسات العمومية.
إننا لا نتصور البلد دون إدارة ولا حتى مصالح ومؤسسات خدمية وإنتاجية مملوكة للمجموعة الوطنية لأننا لا نتصور أن الحكومة مصممة على التفويت في كل شيء "بما في ذلك الإدارة والمصالح العمومية".
وقبل التعمق في الموضوع نريد أن نؤكد على الفرق بين المسؤوليات الإدارية والوظيفية التي يكون المسؤول فيها في الغالب في موقع تنفيذ خيارات وسياسات وبين المسؤولية السياسية والتي يكون المسؤول فيها يتحمل عبء القيادة والتخطيط والمتابعة والاستشراف.
إذا كانت هذه الثانية لا تخضع لقانون السّن فيمكن لأي كان أن يستمر في العمل السياسي والقيادي والجمعياتي والعام ما دام قادرا على ذلك وما دام القانون يخول له هذا الاستمرارفان المسؤوليات الإدارية والوظيفية هي محدّدة في الزمن بالقانون لتكون سنّة التداول بين الأشخاص والقدرات والأجيال.
هذا الموضوع مرتبط بالتصرف في الموارد البشرية وملتزم بسنّة التداول على المسؤولية قد يساهم في الضغط على البطالة.
إننا نريد بالتأكيد تقديم حلول معقولة لمسألة التشغيل لأنها معظلة وطنية أمام شبابنا فلا يعقل أن نعيش هذا التناقض بين الدعوة إلى الاستعداد لحمل المشعل الوطني وبين التشبث بجيش من المسؤولين في كل المستويات والمواقع، الكثير منهم لم يقدم طيلة حياته المهنية ما يؤهله لأي امتياز.
إننا في السنة الدولية للشباب ونحن من أكثر القوى السياسية الوطنية الداعية والمنتصرة دوما للحوار الوطني على أرضية الولاء للوطن والأمة وتقدمنا بمبادرات للجميع في هذا الشأن لذلك دعونا إلى أن يكون ا الحوار مع الشباب متواصلا وان يكون جديا ويبني ثقة غائبة بينه وبين كل ما هو رسمي. كما دعونا إلى أن يكون هذا الحوار مبنيّا على قواعد واضحة ودائمة أساسها الصراحة والوضوح وأرضيتها التفاعل والأخذ والعطاء لأنه لا معنى لحوار يراد منه تلقين الشباب حزمة من الأفكار والمفاهيم أو تحذيره من جملة من المستجدات التي عاشها أو سمع عنها بأسلوب فيه الكثير من التسلط والتلقين والخطاب الفج الذي لا يحمل في عمقه أيّ مضمون أو تصور استراتيجي ومستقبلي.

في الإعلام والشأن الوطني
بحري العرفاوي
يُنعتُ الإعلام بكونه "السلطة الرابعة" لما يُمثله من أهمية ولما له من دور في صنع الرأي العام وفي توجيه الناس وإنارتهم... وربما لا يكون أحدنا مبالغا حين يقول بأن الإعلام هو "سلطة السلطات" لكونه ليس مجرد نشاط إخباري ولا يتوقف دوره على الإعلام بمعلوم أو بمجهول وليس مجرد رابط بين الناس والمعلومة ... إنه ذاك وأكثر لقد أصبح "الإعلامُ" علما بذاته له منهجه وأدواته ومراحله ومختبراته وله أهلهُ بما يتوفرون عليه من مهارات وفنون وذكاء وسعة اطلاع وقدرة على المواءمة بين المعطيات وعلى تنزيلها في زمانها وظروفها حتى يكون لها الأثر والتأثير... تأثير الإعلام المعاصر أعمق وأرسخ من تأثير الإيديولوجيا ومن خطب السياسيين والوعاظ ومن حكمة الفلاسفة ومن دروس في القانون ومن مقاصد المشرعين حتى لكأنه لم يعد يكتف بكونه "السلطة الرابعة" إنما يريد أن يكون "سلطة السلطات" بحيث لا سلطان إلا لمن كان حظه مع الإعلام المعاصر وفيرا...لم يعد الإعلامي هو ذاك الموظف في جهاز اتصال يكتفي بنقل معلومة جاهزة أو يصوغ خبرا وفق ما يريده صاحب الجهاز
مثل أولئك الإعلاميين لم يعودوا قادرين لا على الإقناع ولا على المنافسة ولم يعد لينتبه إليهم أحدٌ ناهيك عن التأثر بهم... الإعلام المعاصر تحول إلى ما يُشبه صناعة "الحملات الغازية" حملات يتخير أصحابها جنودها وقادتها وعناوينها وشعاراتها وإيقاع وقعها وأصوات منشديها.. تلك "الحملات" تدرك حجم المنافسة في عالم أصبح كله في العراء وأصبح مفهوم السيادة لا يقدر على المكابرة أو التمنع قبالة إعلام لا يكف عن طرق كل باب وعن ملامسة كل "محظور" .
سيكون مستغربا جدا اعتمادُ أساليب تقليدية في مخاطبة الناس خاصة في موضوعات تتعلق بما يرونه وما يلامسونه ويُعايشونه أو حين تقدم إليهم صياغات كما لو أنها تسخر بعقولهم وتهزأ من قدرتهم على التمييز بين الواقع وبين الإفتراضي أو حين يُسمحُ لأفراد كي يتكلموا في وسائل الإعلام بضمير الجمع أو حين تسوّق " أسماءٌ" باهتة و في أي مجال للإيهام بكونها الحقيقة وكونها النموذج والمستقبل... مثل ذاك الإستخفاف الإعلامي وفي زمن انسياب المعلومة وتطور وسائط التواصل وتعدد مسالك الوصول إلى الخبر والحقيقة هو المُولد الحقيقي لمشاعر مختلفة من جنس القلق واليأس واللامبالاة والغضب... وهو أيضا مُحطّ فعلا من "هيبة" الإعلاميين أولئك ومما يُفترض أن يكونوا عليه من ثقافة ومصداقية وأمانة.
وحين يفقد الناس الثقة في إعلامهم الوطني سيولون وجوههم قِبلَ محطات أخرى لا لكونها أكثر مصداقية وإنما نكاية في إعلامهم الذي استخف بهم.
إن الناس حين يُستدعون إعلاميا للإطلاع على حقيقة أوضاعهم وحجم المشكلات والتحديات سيشعرون بأنهم فعلا مواطنون وأنهم مُحترمون وموثوق بهم وأنهم شركاء في الشأن العام وفي كل الظروف سيتحملون ما يُمكن تحمله من أجل المصلحة الوطنية وسيسهمون بتلقائية في الدفاع عن مكتسبات لهم فيها نصيب ولهم رأي في رسم السبل إليها.
في الإعلام والشأن الوطني
بحري العرفاوي
يُنعتُ الإعلام بكونه "السلطة الرابعة" لما يُمثله من أهمية ولما له من دور في صنع الرأي العام وفي توجيه الناس وإنارتهم... وربما لا يكون أحدنا مبالغا حين يقول بأن الإعلام هو "سلطة السلطات" لكونه ليس مجرد نشاط إخباري ولا يتوقف دوره على الإعلام بمعلوم أو بمجهول وليس مجرد رابط بين الناس والمعلومة ... إنه ذاك وأكثر لقد أصبح "الإعلامُ" علما بذاته له منهجه وأدواته ومراحله ومختبراته وله أهلهُ بما يتوفرون عليه من مهارات وفنون وذكاء وسعة اطلاع وقدرة على المواءمة بين المعطيات وعلى تنزيلها في زمانها وظروفها حتى يكون لها الأثر والتأثير... تأثير الإعلام المعاصر أعمق وأرسخ من تأثير الإيديولوجيا ومن خطب السياسيين والوعاظ ومن حكمة الفلاسفة ومن دروس في القانون ومن مقاصد المشرعين حتى لكأنه لم يعد يكتف بكونه "السلطة الرابعة" إنما يريد أن يكون "سلطة السلطات" بحيث لا سلطان إلا لمن كان حظه مع الإعلام المعاصر وفيرا...لم يعد الإعلامي هو ذاك الموظف في جهاز اتصال يكتفي بنقل معلومة جاهزة أو يصوغ خبرا وفق ما يريده صاحب الجهاز
مثل أولئك الإعلاميين لم يعودوا قادرين لا على الإقناع ولا على المنافسة ولم يعد لينتبه إليهم أحدٌ ناهيك عن التأثر بهم... الإعلام المعاصر تحول إلى ما يُشبه صناعة "الحملات الغازية" حملات يتخير أصحابها جنودها وقادتها وعناوينها وشعاراتها وإيقاع وقعها وأصوات منشديها.. تلك "الحملات" تدرك حجم المنافسة في عالم أصبح كله في العراء وأصبح مفهوم السيادة لا يقدر على المكابرة أو التمنع قبالة إعلام لا يكف عن طرق كل باب وعن ملامسة كل "محظور" .
سيكون مستغربا جدا اعتمادُ أساليب تقليدية في مخاطبة الناس خاصة في موضوعات تتعلق بما يرونه وما يلامسونه ويُعايشونه أو حين تقدم إليهم صياغات كما لو أنها تسخر بعقولهم وتهزأ من قدرتهم على التمييز بين الواقع وبين الإفتراضي أو حين يُسمحُ لأفراد كي يتكلموا في وسائل الإعلام بضمير الجمع أو حين تسوّق " أسماءٌ" باهتة و في أي مجال للإيهام بكونها الحقيقة وكونها النموذج والمستقبل... مثل ذاك الإستخفاف الإعلامي وفي زمن انسياب المعلومة وتطور وسائط التواصل وتعدد مسالك الوصول إلى الخبر والحقيقة هو المُولد الحقيقي لمشاعر مختلفة من جنس القلق واليأس واللامبالاة والغضب... وهو أيضا مُحطّ فعلا من "هيبة" الإعلاميين أولئك ومما يُفترض أن يكونوا عليه من ثقافة ومصداقية وأمانة.
وحين يفقد الناس الثقة في إعلامهم الوطني سيولون وجوههم قِبلَ محطات أخرى لا لكونها أكثر مصداقية وإنما نكاية في إعلامهم الذي استخف بهم.
إن الناس حين يُستدعون إعلاميا للإطلاع على حقيقة أوضاعهم وحجم المشكلات والتحديات سيشعرون بأنهم فعلا مواطنون وأنهم مُحترمون وموثوق بهم وأنهم شركاء في الشأن العام وفي كل الظروف سيتحملون ما يُمكن تحمله من أجل المصلحة الوطنية وسيسهمون بتلقائية في الدفاع عن مكتسبات لهم فيها نصيب ولهم رأي في رسم السبل إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.