القانون يشدد العقوبات على لصوص الآثار ومهربي مخزوننا الأثري صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المرسوم عدد 43 لسنة 2011 ويتعلق بتنقيح واتمام مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية. وجاء هذا القانون محمّلا بالفصول الجديدة التي تدخل في اطار ردع المخالفين ومن نهبوا وسرقوا تراث هذه البلاد وعبثوا بآثارها وبمخزونها الحضاري. ويأتي هذا المرسوم في وقت تركز فيه الاهتمام على معاقبة ومحاسبة كل المورطين من بعيد ومن قريب في سرقة الآثار ومع انطلاق التحقيق مع عدد ممن يتهمون بأنه كان لهم يد في حصول هذه السرقات. ويعتبر القانون الجديد ذو طابع زجري أكبر من النص السابق بما أنه يتضمن على عقوبات وخطايا مشددة تهدف لمعاقبة كل المخالفين وكل من ثبت عليهم أنهم أضروا أو تورطوا في عملية الاضرار بالتراث وطمس معالم الآثار. وينص الفصل 81 من القانون مثلا على اقرار عقوبة بالسجن مدتها سنة وخطية مالية قدرها 10 آلاف دينار لكل من يمنع أو يعرقل أعمال المصالح المختصة المنصوص عليها بالفصول 12 و21 و33 و36 و86 من هذه المجلة والمحاولة موجبة للعقاب وفي صورة العود تضاعف العقوبة ويأتي هذا التنصيص في النص القانوني الجديد على خلفية تعرض العديد من الخبراء الذين يتحولون لمعاينة مناطق أو أراض أثرية الى مضايقات عديدة تمنعهم من أداء مهمتهم على أحسن وجه مما استوجب سن عقوبات لكل معرقل لعمليات المعاينة. كما تضمن المرسوم على عديد الفصول ويمكن أن نشير من بينها مثلا إلى الفصل 57 الذي ينص على أنه « يمنع تصدير المنقولات المنصوص عليها بالفصل 5 من هذه المجلة محمية كانت أو غير محمية ويخضع التصدير الوقتي لهذه المنقولات لترخيص من الوزير المكلف بالتراث». وبقطع النظر عن التتبعات العدلية يحجز كل منقول وقعت محاولة اخراجه من التراب الوطني دون ترخيص من الوزير المكلف بالتراث ويصادر لفائدة الدولة. ملاحقة اللصوص والمتسترين والطامسين لمعالم الآثار واللافت للنظر في هذا القانون الجديد من خلال التمعّن في مجمل فصوله التشديد في العقوبات والخطايا المالية في حق المنقبين عن الآثار دون الحصول على ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالتراث والمتسترين عن تحوزهم للقطع الأثرية وكذلك كل من يتلف بأي شكل من الأشكال ويعمد الى طمس المعالم الأثرية أو المواقع الثقافية. كما أقر هذا القانون عقوبات ضد مختلسي المنقولات ومهربي المنقولات التي تكتسي قيمة وطنية أوتاريخية أوعلمية أوجمالية أوفنية أوتقليدية في بلدها الأصلي كما تم تشديد العقاب ضد كل عصابة تكونت لأي مدة كانت بقصد التحضير بجرائم أو ارتكاب هذه الجرائم. ويمكن أن نقرأ من القانون بما تضمنه من فصول محاولة لتوفير الضمانات القانونية اللازمة الكفيلة بحماية المخزون التراثي لبلادنا والذي تعرض الى عديد الانتهاكات خلال الفترة السابقة. ويأتي تشديد العقوبات على كل المخالفين الذين تثبت إدانتهم لردع الأطراف التي قد تنوي مستقبلا التعرض للتراث التونسي بالمضرّة. مع العلم وأن عديد القضايا في هذا المجال مازالت منشورة أمام المحاكم والمتهمين فيها هم من عائلة الرئيس السابق أو أصهاره أو مسؤولين من العهد السابق وغيرهم ممن رفعت قضايا في شأنهم بتهمة تخريب الآثار أو الإستفادة اللا شرعية من التراث التونسي. وينتظر أن يتلقى المهتمون هذا القانون على أنه بادرة جيدة بما تضمنه من عقوبات ردعية لكنه يبقى في حاجة الى مزيد الدعم من خلال تعاون جميع الأطراف المهتمة والمعنية من أجل تطبيقه بشكل جيد. كما أنه من المؤمل أن يقع الكشف عن كل المورطين في مجال السرقات الأثرية وتسليط الضوء على ملابسات عمليات السرقة والتهريب وتقليد الآثار لتنوير الرأي العام بوضع الحقيقة كاملة حول ملف سرقة الآثار في تونس أمام ناظريه.