قال الخادم الشخصي للقصر الرئاسي لطفي بن شرودة في الجزء الثالث من اعترافاته عن حياة بن علي وزوجته التي دونها في كتاب "في ظل الملكة" أن يوم 14 جانفي لم يكن عاديا في القصر الرئاسي وزاد -في أطوار اللحظات الأخيرة من النظّام- غموضا عندما تحدّث عن تنحية بن علي وهو في قصره حيث ذكر أنه تحوّل الى قصر قرطاج لينقل الغذاء والدواء "للمخلوع" وبمجرد حلوله أعلمه سائق الرئيس السابق أن بن علي لم يعد رئيسا أي حوالي الساعة الثالثة والربع بعد الظهر إلا أنه في مقابل ذلك تحدث رضا قريرة وزير الدفاع في عهد بن علي أن المخلوع اتصل به من الطائرة يوم مغادرته .. كما أكد محمد الغنوشي بأنه لا أحد كان يعلم برحيل بن علي والسؤال المطروح من دعاه هو وفؤاد المبزع وعبد الله القلال للحضور بالقصر واعلان تولي الغنوشي الرئاسة مؤقّتا وهل كان الفصل 56 يؤسس فعلا لعودة بن علي... هكذا ظهر الغنوشي والمبزع والقلال «الأسبوعي» تملك كل المعطيات وتحتفظ بأسماء الأشخاص الذين ساهموا في تحرير البلاد من بن علي حفاظا على سر المهنة وعليهم رغم أن هذا يحسب لهم تاريخيا إن تم تدوينه على حقيقته.. كل ما في الأمر أن عنصرا من الحرس الرئاسي الذي رابط بالقصر أخذ عهدا على نفسه بحماية مركز السيادة لأنه يخدم البلاد وليس بن علي آنذاك...) عندما علم من زملائه في المطار أن «المخلوع» هرب أو سافر مع عائلته ولم يعد الوضع يحتمل، اتصل هذا الشخص بمحمد الغنوشي في مكتبه بالوزارة الاولى وأعلمه بالأمر وقال له «البلاد أمانة في رقتبك» الآن . فقال له الغنوشي إن الدستور يقتضي أن يتولى الرئاسة رئيس مجلس النواب وإن تعذر ذلك فإن رئيس مجلس المستشارين يأخذ مكانه وقال له الغنوشي اتصل بالمبزع والقلال وفتحي عبد الناظر رئيس المجلس الدستوري آنذاك في انتظار أن يلحق بهم قادما من القصبة. فتحي عبد الناظر لم يحضر فبعد أن تم إعلامه بالمجيء أصبح هاتفه خارج الخدمة بينما حضر الثلاثة المتبقون وأعلم عنصر الحرس الرئاسي التلفزة بضرورة إدراج خبر مقتضاه أن حدثا سيقع بثه سيغير مجرى تاريخ البلاد وفعلا تم ذلك وكان الجميع في حالة ترقّب. هاتف من الطائرة وبعد ذلك تم إعلام الحاضرين بالقصر على مرأى ومسمع الجميع (من حرس رئاسي وعاملين..) أن البلاد بحاجة الى تهدئة والى ضرورة «خلع» بن علي وإزاحة الغمة عن الشعب إلا أن فؤاد المبزع اعتذر لأسباب صحية وقال بأنه ليس بمقدوره تولي المهمة فقال عبد الله القلال «نشدّ أنا» عندها قال له هذا العنصر «انت لا » ولم يفسر له السبب (وها أن القلال اليوم رهن الايقاف وتلاحقه تهم عديدة).. عندها استل محمد الغنوشي الدستور من جيبه وتطوّع لتحمّل المسؤولية حسب الفصل 56 من الدستور، مما يعني أن توليه الرئاسة مؤقتا لم يكن تمهيدا لعودة بن علي بل اضطرارا أمام تعذّر الأمر على رئيس مجلس النّواب.. «خلع» في الطائرة ولتأكيد أن «بن علي» كان رئيسا الى حين اقلاع طائرته فإنه ما إن تم بثّ كلمة محمد الغنوشي في التلفزة حتى اتصل من الطائرة على هاتف القصر الذي حمله حاجبه وسلّمه للغنوشي حيث لامه على ما قام بفعله لكن الجميع كان على اتفاق أنه يجب انقاذ البلاد من «المخلوع» اي أن بن علي «خلع» وهو في الطائرة وهو ومنذ تلك اللحظات انطلقت البلاد في مرحلة جديدة ناصعة في تاريخها دون نظام بن علي وسطوة الطرابلسية بفضل تصرّف تلقائي من أحد العناصر من الحرس الرئاسي والذي رفض رواية ذلك لعديد القنوات رغم الاغراءات ايمانا منه بأنه خدم الوطن لا غير... علما وأن «المخلوع» غادر البلاد انطلاقا من القصر الرئاسي حيث التحقت به ليلى تقود بنفسها السيارة ومعها ابنها وحليمة وخطيبها وصعد معهم «المخلوع» بينما ركب السرياطي ومدير التشريفات سيارة واحدة وانطلق الموكب نحو المطار العسكري بالعوينة.