رويدا رويدا بدأ الحلم الذّي جازف لأجله حمّادي الشريف صاحب رواق الشريف المعروف بسيدي بوسعيد بالعاصمة بوقته وبكلّ ما جناه تقريبا طيلة مسيرة طويلة في عالم الفنّ والأروقة الفنيّة بالخارج, بدأ يتحقق على الأرض. وفتحت دار الشريف بسيدي جمور بجزيرة جربة أبوابها منذ فترة للزائرين. وهكذا أصبح لنا في تونس أول مركز ثقافي دولي ومتعدد الإختصاصات ينجز ببادرة من الخواص. ولا تقف أهميّة المشروع عند كونه أوّل مركز من نوعه يفتح أبوابه بجربة بصفة خاصّة وبتونس بصفة عامة لاستضافة مختلف الفنون وثقافات العالم وإنما كذلك لقيمته السياحية المؤكدة . دار الشريف فضاء ساحر يفتن كل من يقع عليه بصره وتتاح له فرصة التجوال بين مساحاته الممتدة على هكتارات ولتأمّل هندسته التي حافظت على تقاليد الجهة في البناء والديكور فيبدو وكأنه خارج للتوّ من قصص ألف ليلة وليلة. ومع ذلك فإننا لسنا في عالم الكتب والخيال. ألم يقل الحكماء من بيننا أن الحقيقة تكون أحيانا أجمل بكثير من الخيال. وضع حمادي الشريف في المشروع طاقته وجهده ووظّف فيه خبرته وعلاقاته مع أصحاب الأروقة الفنية المشهورة بأوروبا ومع المشرفين على متاحف الفنون بالخارج واستخدم فيه رصيده من الأعمال الفنية النادرة. كل ذلك من أجل هذا الحلم الكبير الذي بدأ يجد شيئا فشيئا طريقه إلى المهتمين. ومع ذلك كانت البداية في العام الفارط صعبة نوعا ما. كان حمادي الشريف قد تلقى وعودا بالدعم من وزارة الثقافة وكذلك من وزارة السياحة ولكنه في اللّحظة الصفر وجد نفسه محاطا فقط ببعض الأصدقاء من الذين آمنوا به لأنهم يعرفون مدى تشيع الرجل للفن والثقافة والإنفتاح على ثقافة العالم بالإضافة إلى رغبته الجامحة في فتح خزائن الفن النفيسة أمام الزوار من التونسيين. أما أصحاب القرار سواء في مجال السياحة أو الثقافة في تونس فإنهم فضلوا الصمت بعد الوعود بالمساعدة والدعم و بعد إعلان موافقتهم على الفكرة وعلى قيمتها وأهميتها. يكفي أن نعطي فكرة بسيطة عن الموضوع حتّى نفهم قيمة الرّهان وحجم التحدّي الذي كان قد واجه صاحب المشروع. لقد اضطر حمادي الشريف إلى أن يبيع مثلا عددا من لوحاته النادرة لكبار الرسامين في تونس التي كان يحتفظ بها بغيرة شديدة. اضطر لذلك لأن المعرض العالمي الذي نظمه بمناسبة افتتاح المركز كان يتضمن على أعمال فنية لا تقدر بثمن ومنها من خرج للتو من المتاحف العالمية من أجل هذا الحدث وهي أعمال تتطلب مبالغ ضخمة فقط لعملية التأمين. اليوم يعول حمادي الشريف على سمعة المركز التي بدأت تتكون بجدية كي يكون ملتقى للفنانين من تونس والخارج ولأحباء الفن والثقافة والمشاريع الفنية والثقافية ذات الطابع الفريد من نوعه. وهو اليوم يعد جمهوره ببرمجة صيفية جد مشوقة. وقبل أن يفصح عن البرنامج الشامل لصائفة تعد بأن تكون استثنائية أعلن المركز الثقافي الدولي دار الشريف عن ليلتين يتوقع أن تكونا مشهودتين. يسهر الجمهور ليلة 17 و18 جوان الجاري مع الفنان بيدرو ومجموعته. سهرتان على وقع «السول « و»البلوز». ليس هذا فقط حيث يستضيف المركز كل من الفنان الواعد وعازف الكمان الشاب رامي ليؤمن الجزء الأول من السهرة الأولى والفنانة الصاعدة سلمى الشكيلي (تعيش بين تونس وفرنسا ) في الجزء الأول من السهرة الثانية . الدعوة ملحة إلى عشاق الجاز في أشكاله التقليدية والمتفرعة للمشاركة في هذه الرحلة الأولى في عالم الموسيقى التي تدعو إليها القرية الموسيقية بدار الشريف بجربة.