تصرّفات غير مسؤولة... تنتهي أحيانا بالغرق تونس الصباح ما ان تراجعت التقلبات المناخية الحاصلة خلال الايام القليلة الماضية على البلاد، وتحسنت احوال الطقس بشكل تدريجي خاصة خلال الايام الثلاثة الاخيرة حتى هب مئات الشبان وتلاميذ المدارس الى الشواطىء بحثا عن نسمات البحر والسباحة . فهل ان الاجوآء فعلا مواتية الان للسباحة؟ وهل وجدت الشواطيء توازناتها من حيث ارتفاع درجات حرارة المياه وتقلص ظاهرة تيار الامواج التي مازالت جارفة، ام ان مياه البحر مازالت باردة وان التعامل معها خطير على جملة المستويات المشار اليها؟ وبعد كل هذا فإن جل المتوافدين على الشواطىء من التلاميذ ، فقد حملوا محافظهم وكراساتهم ولاذوا الى البحر ، غير مبالين بأوليائهم وبامتحاناتهم التي مازالت تجرى خلال هذا الاسبوع؟ مظاهر غريبة وخطيرة على الشواطئ رغم القلة القليلة من العائلات التي اختارت أن تتوجه في ساعات الظهر الى البحر، فان الغالبية العظمى من الذين شاهدناهم هناك هم من الشبان وتلاميذ المدارس ... لاذوا بالفرار من الدرس وقصدوا البحر في شكل مجموعات ... كدسوا كراساتهم وادباشهم على الشاطىء وارتموا اما في المياه للسباحة او اللعب بالكرة داخل المياه او على الشاطىء ... ولعل الملفت للانتباه اننا لاحظنا انه كلما خرج بعضهم من المياه الا وارتعدوا من البرد واضطروا الى تغطية ابدانهم الصغيرة بالرمال بحثا عن الدفء... اما في جانب اخر من هذا المشهد الذي عج به شاطىء رواد فقد لاحظنا ايضا ضربا من التهور كان يمارسه البعض من هؤلاء اليافعين ، وهم يوغلون في السباحة داخل اعماق البحر ، مما دعا بعضهم الى الصياح ورجائهم ابالعودة الى الشاطىء حيث تسمع كلمات «فك عليكم» و «ارجعوا الموجة قوية» ... بينما كان يقابلهم صياح من آخرين بتشجيعهم على مزيد الامعان في الدخول الى الاعماق والتسابق في ذلك ان هذه الصور التي شاهدناها مفزعة ومخيفة ويحف بها الخطر من كل جانب ، وهي في الحقيقة تبقى مبعثا على الاستغراب من مظاهر التهور التى يقوم بها اطفال في سن الثالثة عشرة والخامسة عشرة من العمر ... ولا نعتقد انها في صورة ما اذا تكاثرت سوف لن تكون مجلبة لمخاطر عديدة لعل ابسطها الاصابة بالنزلة واخرها حالات الغرق التى قد يتعرض لها البعض منهم . فهم لا يقدرون في معظمهم على السباحة، ولا نعتقد ان اجسامهم الصغيرة ايضا تقوى امام الامواج التي مازالت هائجة ولم تستقر بعد لتسمح بالدخول الى المياه وبعد كل هذا من أين جاء هؤلاء الصبيان؟ وهل ان اولياءهم وعائلاتهم على علم بتوجههم الى البحر؟ اننا نجزم بأنهم تسللوا الى الشاطىء في خفية من العائلات بل هرعوا الى هناك من ابواب المدارس والمعاهد غير مبالين بما يمكن ان يحدث لهم لا قدر الله في لحظة طيش وفي غفلة من الجميع . ونعتقد ان ما شاهدناه من استهتار وتصرفات غير مسؤولة وتهور، لن يمر كما الحال في كل سنة دون حوادث وفواجع تبلى بها بعض العائلات ، ويذهب ضحيتها اطفال مازالوا في مقتبل العمر. ممارسات من نفس القبيل على مجاري الوديان والقنوات صورة الالتجاء الى الوديان ومجارى المياه للسباحة تتكرر وما تتسبب فيه من غرق داخلها تتكرر هنا وهناك في كل عام ... وهي ايضا ظاهرة تتكرر في عديد الجهات ... فكم من طفل وشاب وتلميذ جرفته مياه هذه القنوات والاودية فترك آلاما عميقة لذويه ... وتسبب لهم في جرح عميق لا ينسى .. فظاهرة الالتجاء لهذه الوديان والقنوات مازالت تمارس هنا وهناك وفي عديد الجهات دون اتعاض بما حصل للبعض ودون تفكير البعض من الشبان والاطفال بمخاطر السباحة هناك . ولعلنا نذكر الاحصائيات التي تعلن في كل عام حول عدد هولاء الغرقى، لكن الملفت للانتباه ان الاتعاض بها غائب على الرغم من تكررها وتواصلها في كل الاماكن ، وخاصة منها الريفية البعيدة عن الشواطىء الحاجة الى مراقبة الشواطىء والوديان اننا لا ننكر انه مع دخول فصل الصيف والتجاء العائلات الى الشواطىء تتكثف الحماية سواء عبر السباحين المهرة او الحماية المدنية و كذلك الامن ... وهي صورة نشاهدها في كل سنة ولا يخلو اي شاطىء من خيام هذه الرقابة ، وأعلامها ومراكبها الصغيرة الجاهزة دوما للتدخل عند الاقتضاء ... لكن هذه الظاهرة لم تحد من عدد حالات الغرق التى تحصل في كل سنة . ولعلنا في هذا الجانب ندعو اولا الى انطلاقة مبكرة لمراقبة هذه الشواطىء ... ومنع السباحة قبل ان تنتصب كل وسائل الحماية هناك ... كما لا يفوتنا ان نشير الى ضرورة تواجد دوريات امنية تكون بالمرصاد خاصة لهؤلاء الاطفال الذين يلجؤون الى البحر في غفلة من اوليائهم وذلك لصدهم وان اقتضى الامر لطردهم من الشواطىء... ومن جهة اخرى وبالنسبة الى قنوات المياه والوديان فإن الضرورة تدعو الى مراقبتها سواء عبر حراس الغابات او المسؤولين عنها من وزارة الفلاحة لا تركها في متناول الاطفال حتى تمثل خطرا عليهم .