مشروع قانون المحاماة مكسب جديد يحمي من التجاوزات المحامي كريم الميساوي رئيس حزب التحالف من أجل تونس كان لنا معه هذا اللقاء الذي تحدث فيه عن قانون المحاماة الذي ينظم القطاع والمصادقة على وثيقة العهد الجمهوري الى جانب الاحداث الاخيرة التى شهدتها بلادنا. أثار قانون المحاماة الجديد ردود فعل متباينة من بعض الهياكل ومحل انتقادات البعض، بصفتك محامي ماهو تعليقك على الانتقادات التى طالت مشروع قانون المحاماة؟
شخصيا لا أرى اشكالية في مشروع قانون المحاماة الجديد فالمشكلة متمثلة في التوقيت وكذلك مسالة الحصانة وللامانة قبل 14 جانفي كان مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة موجود ووقعت مناقشته قبل الثورة وهو طلب من طلبات القطاع منذ سنوات وهو مايفسر بنسبة كبيرة تقديم هذا المشروع للسلط وبالاخص لوزارة العدل. قانون 89 المنظم للمحاماة قانون قديم والمحامين يطالبون بتنقيحه وبالتالي فالمشروع عموما جاهز والمهم في كل هذا هو المحتوى.
وماذا يتضمن المحتوى؟
مكسب جديد للمواطن والمتمثل في نيابة المحامي لدى الضابطة العدلية، اليوم المتهم يمكن له ان يلتقي بالمحامي في غرفة الايقاف وبالتالي فإن هذه النيابة هي حماية حرية وحرمة المواطن من التجاوزات والتعسف الممكن لدى السلطة التنفذية وأيضا تكريس الكرامة وهو هدف من أهداف الثورة التى نادت بالكرامة ومشروع القانون الجديد يدخل في اطار أهداف الثورة.
وبالنسبة إلى مسألة الحصانة؟
هنا لابد من رفع اللبس أولا، الحصانة مرتبطة بممارسة المهنة وليست حصانة شخصية مثل التى يتمتع بها البرلمانيون فهي "حصانة المحامي كمهنة لا لشخص المحامي". والمحاماة شعارها الاساسي هو الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الاساسية وهذه الحصانة هي حصانة الدفاع عن هذه الحريات،ففي قانون 89 المنظم لمهنة المحاماة المحامي عند قيامه بواجبه كلسان دفاع عن منوبه كان بإمكان القاضي ان يحوله الى متهم. ومن هذا المنطلق "لا وجود لدولة ديمقراطية قوية في غياب محاماة قوية" ومن بين المؤشرات لوجود أو غياب ديمقراطية في مجتمع هو وجود محاماة قوية أو ضعيفة.كما لاننسى ان هيئة المحامين كادت تكون الهيئة الوحيدة التى لم تناشد انتخابات الرئيس المخلوع وهو شرف للمحاماة وللمحامين ولكل التونسيين.
وثيقة العهد الجمهوري قبل المصادقة عليها أثارت الجدل داخل الهيئة وظلت محل خلاف سياسي خاصة فيما يتعلق بمسألة الهوية وغيرها من المسائل.فما هو رايك؟
العهد الجمهوري هو مجموعة من المبادئ العامة تهم بالاساس الحريات العامة والحقوق الاساسية والهوية التونسية والمصادقة عليها هو نتيجة لاجتهاد أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة رغم ان هذا العهد غير ملزم قانونا فهو بمثابة المرجع ومكوّن بما يسمى السلطة الادبية والمعنوية لكن في الحقيقة المجلس التأسيسي هو السلطة المختصة والمشروعة لمناقشة وتحرير توطئة للدستور الجديد ويمكن ان تكوّن معه ما يسمى بالكتلة الدستورية كما ان اجتهاد الهيئة جاء منقوصا من حقوق اساسية غائبة فيما يسمى بالعهد الجمهوري.
وفيما يتعلق بمسألة الهوية؟
مسالة الهوية جوهرية وفيها خطورة فالجانب العربي والاسلامي في الهوية الاسلامية هو واقع يفرض نفسه ولكن الهوية التونسية لا تقتصر على العنصر العربي الاسلامي فثورة 14 جانفي كانت حاملة لشعارات انسانية وبالتالي عالمية لا تقتصر على دين معين ولا على الحدود التونسية فهي عرفت نجاح عالمي لأنها تحمل مبادئ وقيم عالمية لذا فالثورة التونسية تؤكد ان تونس وشعب تونس حامل لرسالة عالمية وهو ما يعطي لثورتنا بعدا تاريخيا.
الاعتداء الذي قامت به مجموعة من السلفيين في قاعة "افريكا أرت" وما شهدته من احتجاجات ضد عرض فيلم "لا الله لا سيدي" ألقى بضلاله على المشهد السياسي، كمواطن ومسؤول سياسي ماهو تعليقك على الاحداث الاخيرة؟
حرية الفكر والتعبير هي مطلب من مطالب الثورة وتكريس ممارستها بعيدا عن الضغوطات والمخاوف والاعتداءات وهو ضمان من ضمانات تونس الديمقراطية التى ننادي بها وبالتالي الذي حصل يوم الاحد الفارط في قاعة سينما "افريكا ارت" هو عمل مضاد للثورة بل اعتداء عليها. فالتعبير عن الاختلاف في الرأي لا يمارس بالعنف،هؤلاء هم أعداء الحريات العامة واعداء الديمقراطية ويجب ان نؤكد على دور الدولة التى عليها ان تستعيد هيبتها والتصدي لمثل هذه المظاهر التى تمثل حاجزا وعائقا للانتقال الديمقراطي لانه في غياب رادع قوي هناك خطر على الامن والاستقرار وخطر على الحريات العامة وفي غياب الامن لا وجود للاستثمارات والنمو الاقتصادي وهو ما يمثل مانعا لخلق مواطن الشغل. وفي هذا الاطار فان ضعف الدولة يقع استغلاله من طرف القوى المضادة.
بعد سلسلة الزيارات الميدانية والاجتماعات بمواطني الجهات الداخلية.. استراتيجية الحزب مبنية على التواصل المباشر مع المواطن في مختلف الجهات،كيف تفسر ذلك؟
في البداية حزب التحالف اختار استراتيجية عمل معينة وتكاد تكون مخالفة تماما لعدد كبير من الاحزاب المتكونة بعد 14 جانفي فمعظم الاحزاب اختارت استراتيجية الاعلام التلفزي منذ تكوينها قبل الظهور على الساحة الميدانية بالقرب من التونسيين لتشخيص ومعرفة مشاكلهم ومناقشة اقتراحاتهم. اخترنا سياسة المراحل في ومنهجية واضحة تعتمد في مرحلة أولى على الظهور الميداني والاقتراب من المواطن التونسي والتفكير في المشاكل والمقترحات وكذلك تحديد برنامج الحزب ثم في مرحلة ثانية الظهور الاعلامي عند الوصول الى حجم محترم على مستوى عدد المنخرطين والناشطين كما ان استراتيجية العمل اخذت بعين الاعتبار التأجيل الذي حصل في الموعد الانتخابي وهو ما يعطي الامكانية للحزب للتواصل مع المواطنين. في كلمة من اولوياتنا الاهتمام بالمواطن قبل التفكير في الظهور الاعلامي والاشهاري وهذه الاستراتيجية تفرض نفسها نتيجة اختيار العمل السياسي لخدمة البلاد والمواطنين.