تعرّضت -كما هو معلوم- عديد القطع الأثرية إلى عمليات نهب وتهريب لفائدة العائلة المالكة وأصهارها كما تم الاعتداء على عدّة مواقع أثرية كل ذلك حدث بعد تمكن أهل القرار بالمعهد الوطني للآثار من التلاعب والمشاركة في كل هذه العمليات من سرقة ونقل قطع أثرية إلى منازل وقصور المخلوع وأصهاره كما تم رفع الترتيب ليتمتّع المقربون بمساحات مختلفة فوق مواقع أثرية قصد الاستثمار في ميدان العقارات. فلئن فتح تحقيق لهذا الغرض وتمت متابعة الباجي مامي عدليا فإن الواجب يحتّم الإسراع بحماية القطع الأثرية وكذلك المواقع التاريخية لكن السؤال الذي يطرح من أين يأتي «الخطر» وكيف السبيل للحماية بعد أن عانت آثارنا من النهب والاستحواذ. كيف تحمى الأثار؟ من الضروري اليوم أن تتخذ عدّة إجراءات قصد حماية ما يوجد داخل المخازن وكذلك المتاحف من قطع بالترفيع في عدد الحراس ووضع منظومة حديثة للجرد والإحصاء وإسناد خطة مسؤول أول عن الحراسة ليكون فعلا مسؤولا على حماية القطع والمواقع من كل انتهاك وتعيين محافظ تراث بكل ولاية. مشاريع كبرى تهدد الآثار؟ هل يكفي ما ذكر سلفا من اجراءات لحماية المواقع الأثرية الظاهرة منها وكذلك المدفونة خصوصا أن بلادنا ستعرف خلال السنوات المقبلة انطلاق مشاريع كبرى على غرار الطرقات السيارة -النفيضةالقيروان وسيدي بوزيد - القصرين - قفصة وكذلك مد خطوط حديدية خاصة أن إنجاز مشروع مطار النفيضة قد عرف تجاوزات على الآثار الموجودة بالمنطقة إذ ثبت أن وزارة التجهيز لم تقم بإشعار المعهد الوطني للآثار كما أن هذا الأخير لم يتمكن من متابعة الأشغال ومعاينة ما يتم كشفه من مناطق أثرية فإنجاز مطار النفيضة لم يتم دون حدوث خسائر على مستوى الموقع الأثري الموجود بالمنطقة وهي عبارة عن مدينة رومانية تسمى «أوربيتا» حسب ما يوجد بخارطة رومانية كما أن مشروع الطريق السيارة مساكن- صفاقس عرفت أشغاله اكتشاف موقع «بورجين» المشتمل على مصنع للفخار يعود للعهد الأغلبي، كل ذلك يحدث والسبب يعود لتغييب المعهد الوطني للآثار وعدم تقديم وزارة التجهيز للرسومات المعدّة قبل انطلاق المشروع ومدى مطابقتها لما هو موجود بخرائط المواقع الأثرية إذ أن المتابع لحملة المشاريع الكبرى المنجزة يلاحظ أن عددا كبيرا من المواقع الأثرية قد تم تدميرها أو ردمها على غرار ما تم بمنطقة سبيبة إثر انطلاق وزارة الفلاحة سنة 2000 في تشييد بحيرات جبلية فتم على إثرها سحق معلم أثري متكوّن من حمام روماني كما عرفت منطقة الروحية سنة 2006 انطلاق مشروع تهيئة جسر يربط بين سليانة والوسلاتية وأثناء الأشغال عثر على معلم أثري يعود للعهد الروماني فتواصلت الأشغال وتم استعمال حجارة المعبد بعد تهشيمه لبناء الأسس الداعمة للجسر. وادي الرمل.. الاستثناء لا يمكن لنا تعميم هذه الظاهرة في كل مرة تم العثور على بقايا آثار أو مدن ومواقع تاريخية إذ شهدت سنة 2009 انطلاق مشروع وزارة الفلاحة بمنطقة وادي الرمل وأثناء انجاز السد تم العثور على معبد روماني فتوقفت الأشغال إلى حين تدخل المعهد الوطني للآثار وتم نقل المعبد إلى مكان آخر بعيدا عن السد محافظين بذلك على ملكيته ومميزات المعلم.