بقلم آسيا العتروس اذا كان لفضيحة التجسس التي تورط فيها الامبراطور الاعلامي اليهودي مردوخ اكثر من رسالة يمكن التوقف عندها فهي بالتأكيد تلك التي ارتبطت باعترافات صاحب المؤسسة في أعقاب انفجار فضيحة العصر التي صدمت الرأي العام ودفعت الى وقف صدور واحدة من الصحف الاكثر شعبية في بريطانيا وهي صحيفة «نيوزأو ذي وورلد» بعد مائة وثمان وستون عاما من الوجود وهي التي تطبع 2.8 مليون نسخة، في الوقت الذي تعاني فيه صحف كثيرة جراء انتشار الصحف الالكترونية، والذي أقر صاحبها بأن الصحيفة التي أرادت محاسبة الاخرين ولم تحاسب نفسها. اعترافات متأخرة ما في ذلك شك ولكنها لا تقلل من وطئ الفضيحة وتداعياتها التي قد لا تنتهي قريبا. على أن ذلك قد لا يكون سوى القليل من الثمن الذي سيتعين على مردوخ تسديده للخلاص من الفضيحة التي تلاحقه قد تدفع به الى بيع صحفه في بريطانيا وهي «الصن» و«التايمز» و«صنداي تايمز» بعد أن خسرت مصداقيتها. ولاشك أن في ذلك نصف الحقيقة ذلك أن ضلوع الصحيفة في عمليات تجسس وقرصنة للهواتف المحمولة لعدد من مشاهيرالفن والسياسة والشخصيات العامة عبر تقديم الرشاوي لمسؤولين أمنيين دفع الى السطح واحدة من القضايا الحساسة التي لا تخلو من تعقيدات كثيرة مرتبطة بمدى حرية الاعلام ولكن أيضا بدوره عندما يتعلق الامر بالبحث عن السبق الصحفي والانفراد بالاخبار الاكثر اثارة مهما يكون الثمن وحتى وان أدى الامر الى الدوس على أخلاقيات المهنة وتجاوزالاهداف الانسانية النبيلة لها وهي تكاد تكون نفس القضايا التي ارتبطت بفضيحة ويكيليكس وما كشفته من خفايا وأسرارالعلاقات الخارجية الامريكية في العالم ومن قبلها أيضا فضيحة ووترغيت وايران غيت... عمليات التجسس من أجل الانفراد بالاخبار دفعت صحيفة مردوخ للتجسس على مدى سنوات على الاحياء كما الاموات واختراق البريد الصوتي لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر و عدد من الجنود الذين قتلوا في العراق وأفغانستان،ويبدوأن القضية التي هزت الرأي العام البريطاني وأصابته بالصدمة تلك المتعلقة بالتجسس على البريد الصوتي لطفلة في سن الثالثة عشرة تعرضت للاختطاف وكان الهدف من وراء ذلك نشر بعض الكلمات المؤثرة للطفلة في الساعات الاخيرة التي سبقت وفاتها لاستهداف أكبر عدد ممكن من القراء وهو ما أربك عمل المحققين في الجريمة... على أن الحقيقة أيضا أن في اعترافات مردوخ ما يؤكد أيضا أنه اذا اجتمع المال والاعلام والسياسية فغالبا ما تتخلف الاخلاق وتسقط المبادئ لتتقدم لعبة المصالح الضيقة دون سواها خاصة في المواسم الانتخابية وتسابق المترشحين والاحزاب للفوز بالتمويلات المطلوبة للحملات الانتخابية... حتى وقت قريب ظل الاعتقاد راسخا بأن فضيحة «ووترغيت» التي أطاحت قبل أكثر من أربعة عقود بالرئيس الامريكي نيكسون تبقى الفضيحة الاكبر في عالم السياسة بعد أن نجح بوب وودوورد في صحيفة واشنطن بوست في الكشف عن عمليات التجسس على مكاتب الحزب الديموقراطي المنافس في مبنى ووتر غيت خلال معركة التجديد للانتخابات الرئاسية و قد جائت فضيحة الامبراطور الاعلامي مردوخ لتؤكد مجددا أن المال والاعلام والسياسة ثلاث عناصر مترابطة وهي ان اجتمعت يمكن أن تدفع بصاحبها الى القمة وتجعله في أعلى المراتب أوتسقطه في الحضيض وتجعله في أدنى المراتب وأسفلها. ولان الافراد كما الامبراطوريات يمكن أن يبلغوا أعلى القمم قبل أن يصيبهم الضعف ويمتد اليهم أسباب الانهياروالسقوط فان الامثلة تكاد تتكرر اليوم لتثير معها أكثر من نقطة استفهام عن دور الاعلام في صعود نجوم وأفول آخرين ولعل في عملية المد والزجر في قضية المدير السابق لصندوق النقد الدولي اليهودي دومينيك سترواس خان الذي يواجه اتهامات بالاعتداء الجنسي على عاملة في فندق ما يخفي الكثير خاصة بعد أن اتضح أن الضحية صاحبة الدعوى من أصول افريقية وهي من عائلة معوزة تدين بالاسلام...