«السلف الصالح... سلف كاذب، والشريعة إرهابية بطبيعتها» وأنت تقرأ ماورد في النص المطول الذي كتبه الأستاذ محمد الطالبي على أعمدة احدي الصحف اليومية والمنشور بتاريخ الاثنين 18 جويلية الجاري لا بد لك أن ترتاب - هذه المرة - في "الأمر" وأن تتساءل عما اذا كان هذا النص بريئا في مضمونه وفي توقيت نشره أم هو يتنزل في اطار عملية "صب زيت على النار" مقصودة تمارسها هذه الأيام "أطراف" و"جهات" مختلفة - في الداخل والخارج - بعضها معلوم الهوية والصفة وبعضها مجهول. بهدف ضمان استمرار "حالة" التوتر الأمني والاجتماعي والثقافي القائمة منذ أسابيع على خلفية الضجة والاحتجاجات العنيفة التي أثارها عرض فيلم المخرجة نادية الفاني"لا الله ولا سيدي" بقاعة "أفريكارت" وكذلك على خلفية ما جاء على لسان الأستاذ محمد الطالبي نفسه في أحاديثه "المثيرة" على امتداد الأيام الماضية لبعض وسائل الاعلام الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية والتي جهر فيها بمواقف و"أشياء" أنكرها عليه البعض واعتبر أن فيها مسا بالمقدسات الدينية وبالرموز الاسلامية... وأنت تقرأ هذا النص "الجديد" للطالبي لا بد لك - أيضا - أن تضع يدك على قلبك لأنك ستستشعر -بالضرورة - أن "اللعبة"، لعبة الاستفزاز الاعلامي اللاأخلاقية التي بات واضحا اليوم أن بعض "الأطراف" السياسية والايديولوجية قد اجتمعت مرحليا على ممارستها عن قصد وباضمار وتريد من خلالها استدراج فريق من التونسيين للسقوط في ردود الفعل المنفلتة والوقوع في المحظور ممثلا في ممارسة العنف "الديني" بهدف اقامة الحجة الأمنية - ليس عليهم في ذاتهم - وانما - ومن خلالهم - على خصم سياسي وايديولوجي يؤرقهم حضوره القانوني في المشهد السياسي والحزبي الوطني قد بلغت مداها القذر بل وتجاوزت حدودها "المعقولة"... أيضا،وأنت تقرأ هذا النص "الجديد" للأستاذ محمد الطالبي لا بد لك - وبخاصة ان كنت من مناصريه - شخصيا - أومن المنتصرين لحرية الرأي والاعتقاد والتعبير- عامة - أن تشعر بشيء من الاشفاق عليه - هذه المرة - وأن تتساءل عما اذا كان وهو في هذه السن المتقدمة - وربما من حيث لا يريد - قد سقط في فخ "التوظيف" الذي نصبته له بعض "الأطراف" في الداخل والخارج وأصبح بمقتضاه يمارس "أشياء" لا علاقة لها لا بالتنوير ولا بالدفاع عن حرية الرأي ولا بالاجتهاد وانما هي دعوات أقرب للفتنة الاجتماعية والدينية التي هي أشد من القتل. نقول هذا - لا فقط - لأن الأستاذ محمد الطالبي قد ذهب في نصه "الجديد" هذا بعيدا شيئا ما هذه المرة بل وصعد الى حد القول - مثلا - بأن "السلف الصالح هو سلف كاذب" وأن "السنة والأحاديث النبوية تعكس العقلية الخرافية الموروثة عند السلفيين" وأن "الشريعة ارهابية بطبيعتها"... وانما نقوله اعتبارا - أيضا - للسياق الزمني المريب الذي تنزلت فيه ولهشاشة الوضع الأمني والاجتماعي القائم في بلادنا منذ تاريخ 14 من جانفي2011 وهو الوضع الذي -لا فقط - لم تراع دقته وخطورته مواقف وتصريحات الطالبي المثيرة هذه بل وبدا أيضا وكأن بعض الأطراف السياسية تعمل وبوعي على "استغلاله" لتحقيق "منافع" ايديولوجية وحزبية مرحلية ضيقة غير عابئة بمصلحة الوطن العليا وبواجب الحفاظ على وحدة عموم التونسيين ومراعاة شعورهم الديني... ان الرهان القذرالبين والمفضوح لبعض الأطراف السياسية والحزبية المتطرفة - في الداخل والخارج - على تسميم الأجواء الاجتماعية والثقافية والأمنيّة و"تلغيمها" بهدف تصفية حسابات سياسية ضيقة مع خصومهم الايديولوجيين على الساحة الوطنية هو رهان لئيم وخطير يجب أن تتظافر الجهود من أجل افشاله سياسيا واعلاميا - لا فقط - لأن مصلحة تونس ونبل أهداف ثورة 14 جانفي المجيدة وسلامة المسار الديمقراطي الوليد تقتضي ذلك وانما أيضا لأن "أساليب" التخوين والكذب والتلبيس على الناس و"فبركة" المؤامرات و"الأحداث" بهدف ممارسة فعل الاقصاء والاستئصال السياسي والأمني هي "أساليب" جربت ولم تصح بل وأعطت نتائج عكسية تماما... فالذين يراهنون اليوم ويدفعون أمنيا - مثلا - نحو "باب سويقة" أخرى أو ما شابهها هم واهمون - لا فقط - لأن التونسي لا يلدغ من جحر مرتين وانما أيضا لأن "الظرف" غير "الظرف"... فما أنجزه التونسيون بتاريخ الرابع عشر من جانفي2011 هوثورة عارمة وشجاعة ضد الاستبداد والفساد وليس مجرد انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية مثلما هو حال انقلاب 7 نوفمبر1987... الانقلابات العسكرية الجبانة التي تدبر بليل هي التي يسهل توظيفها ايديولوجيا وبانتهازية قذرة من طرف بعض المجموعات والعصابات"السياسية"... أما الثورات الشعبية فانها تسلك- حتما- طريقها نحو التغيير والديمقراطية والعدالة... من لا يزال ممسكا بحجر... فليلقه.