ترتيبات خفية للالتفاف على الثورة.. والاحزاب انحرفت بالعمل السياسي الى معارك وهمية عبرت بعض الأطراف السياسية عن خشيتها من النقص الفادح في عدد المرسمين بالقائمات الانتخابية استعدادا لانتخابات التأسيسي والبالغ عددهم إلى حدود يوم الجمعة حوالي مليونين و234 الف شخص. غير أن هذه الاستعدادات وبالرغم من تواترها وارتفاع نسقها الا انها لم تخل من النقد والتشكيك في ظل ارتفاع عدد المطلوبين للتسجيل والبالغ اكثر من 7 مليون ناخب في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون عدد الناخبين المدعوين للتسجيل نحو 5 ملايين ناخب فقط في تونس بالاضافة إلى نحو مليون ناخب تونسي مقيمين خارج حدود الوطن. واعتبرت بعض المصادر أن التضخيم الحاصل في عدد الناخبين يعود إلى محاولات مباشرة من اطراف داخلية وخارجية لافشال الثورة من خلال توظيف بعض الشخصيات المحسوبة على جهات اجنبية او الاحزاب القريبة من الفرنسيين او الامريكيين او حتى جهات عربية. وتساءلت ذات المصادر كيف يتم الدعوة إلى تسجيل 7 مليون ناخب في حين أن عدد الناخبين في الانتخابات الاخيرة بلغ 4,974,707 ناخبا بمن فيهم الناخبين الشبان ( 18سنة) يضاف اليهم 321301 مرسمين بالدوائر الانتخابية بالخارج. وبالرغم من التخوفات الحاصلة في صفوف بعض الأحزاب من تاجيل جديد للموعد الانتخابي فان الشارع السياسي بدا يلمس ذلك من خلال النداءات المتكررة لعدد من الاحزاب التي دعت في بيانات لها وفي اوقات متكررة إلى ضرورة اجراء الموعد الانتخابي خلال التاريخ المتفق عليه دون تاخير او حتى التلميح إلى امكانية تاخيرها وهو ما دعا بالحكومة إلى الاسراع بعقد اجتماعات مع احزاب وبث رسائل مطمئنة إلى الجميع سواء كانوا في الداخل اوالخارج. وعبرت بعض الاحزاب عن خشيتها من التعثر الذي تبدو عليه هيئات الحكومة المؤقتة فقد اعرب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مثلا عن استغرابه لتوقيت اعلان تصريح رئيس هيئة الانتخابات كمال الجندوبي الذي قال" أن ممارسة حق الانتخاب يوم 23 أكتوبر أمر متاح لجميع التونسيين الحاملين لبطاقة التعريف الوطنية ولا يقتصر على المرسمين بالقائمات الانتخابية " وهو ما دعا الحزب إلى اعتبار هذا التصريح بمثابة" الترتيبات خفية ".
ترتيبات خفية
لم يخل حزب من الحديث عن التدخل الأجنبي في الحياة السياسية في تونس من خلال عرض المصالح الأولية لفرنسا على حساب تونس والتونسيين والزيارات اليومية للسفراء الأجانب إلى الأحزاب واللقاءات التي يعتقد منظموها أنها سرية في حين انها مكشوفة للجميع ولئن تبدو الأحزاب غير المرتبطة بالجهات الخارجية على علم بما يدور في الكواليس السياسية فان صمتها المطبق وعدم التشهير بتلك الاحزاب يعطيها نفس المرتبة.. دور الأحزاب ؟ يبدو أن موقف الاحزاب بات خاضعا للمزاج العام للصفحات الاجتماعية (الفايس بوك ) التي باتت تتحكم في مواقف الاحزاب أكثر من الواقع المعاش للشارع السياسي وقد برزت هذه الحالة من خلال بيانات الشجب والإدانة لما عاشته منطقة المتلوى وجبنيانة وجندوبة من إحداث عنف وتخريب دون أن تطرح هذه الأحزاب بدائل تمكن من تجاوز الأزمات الواقعة وهو ما أكد ضعفها ميدانيا والذي تترجمه اساسا عدم تمكن المواطن العادي من فهم البرامج الانتخابية للاحزاب التي اكتفى عدد منها بالتاشيرة والتسول على اعتاب المنظمات الخارجية والسفارات. وان لم تبرز قيادات حقيقية قادرة على الاخذ بيد البلاد والمواطن فان للاحزاب ادوار اخرى ادت إلى الانحراف بالعمل السياسي وتحويله في كثير من الاحيان إلى معارك وهمية قوامها " العلمانية والاخوانجية ".