في الوقت الذي ازدادت فيه الأصوات المطالبة باستقلال القضاء طوال الأيام الماضية لما يمثله من ضمانات لمحاسبة رموز الفساد من النظام البائد والمساهمة في الانتقال الديمقراطي نادت أصوات أخرى بضرورة تطهير قطاع المحاماة من الفساد باعتبار ان استقلال القضاء رهين تطهير هذا القطاع. وكان المحامون قد نظموا مسيرة طالبوا فيها بضرورة تطهير قطاع المحاماة من عناصر الفساد التي شوهت القطاع بما يعيد له هيبته لتطرح في الأثناء عديد التساؤلات بشأن السبل الكفيلة بإحداث نقلة نوعية داخل القطاع ترصد مختلف التجاوزات وتقطع الطريق امام الممارسات التي عاني منها القطاع طويلا من فساد ورشوة وتجاوزات لأخلاقيات المهنة . ولئن ازداد الجدل بشأن ملفات الفساد داخل القطاع بما شوه صورته وجعله في الآونة الأخيرة محط انظار الراي العام فإن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد أحالت ملف قائمات بعض المحامين الفاسدين الذي عثر عليها بأحد القصور الرئاسية على وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس . وكانت اللجنة قد أوضحت انها تلقت إذنا على عريضة من وكيل رئيس المحكمة الابتدائية بتونس 1 بطلب من رئيس فرع المحامين بتونس يخول لها تمكينه من نسخة قانونية تتضمن القائمة الإسمية للمحامين الفاسدين الذين كثر حولهم الجدل . مساومة وابتزاز وقال محمد رشاد الفري عضو الهيئة الوطنية للمحامين ان من اهم اهداف الثورة ومطالبها كان القطع مع النظام البائد في كل المجالات ليمرإصلاح القضاء عبر كل القطاعات المرتبطة به . فما ان علمت الهيئة بوجود قائمة لدى لجنة تقصي الفساد والرشوة تتضمن قائمة المحامين الذين كانوا يتعاملون مع النظام البائد وكان لهم دور في إرساء منظومة الفساد داخل قطاع المحاماة حتى قدمت الهيئة الوطنية مكتوبا الى السيد عبد الفتاح عمر طلبته فيها بمدها بهذه القائمة . وبعد ان رفع رئيس فرع تونس اذنا على عريضة من طرف رئيس المحكمة لابتدائية بتونس وتابع قائلا :» تتجه النية الى تكوين مرصد لرصد كل التجاوزات التي قام بها المحامون لأنه لابد من عملية تطهير عملا بالقاعدة لا إفلات من العقاب وهي خطوة أساسية للقطع مع النظام البائد». وحول مدى صحة ماروج بشأن مساومة بعض المحامين لرجال الأعمال وابتزازهم أكد الفري ان بعض المنتمين لمجموعة ال 25 محاميا تورطوا في عمليات مساومة وابتزاز لبعض رجال الأعمال وهو ما اكده المحامي المستقيل من المجموعة فيصل الجدلاوي.وأضاف أنه متى توفرت وسائل الإثبات لن تتوانى الهيئة في فتح بحث تأديبي في الغرض. كما ان المرحلة تستدعي فتح ملفات تاديبية في مختلف اشكال الانتهاكات والتجاوزات وعلى الهياكل المهنية تحمل مسؤولياتها مثل مجلس الهيئة الوطنية عميدا وأعضاء ورئيس الفرع. تورط محامين مع قضاة وباعتبار تعقد منظومة الفساد داخل القطاع القضائي اشار الفري الى تورط بعض المحامين مع بعض القضاة في الفساد موضحا :»علمت ان القاضي سامي الحفيان الذي تم توقيفه مؤخرا كشف في التحقيق أسماء بعض المحامين الذين تورطوا معه كما انه توجد عديد الشكايات ضد محامين يقع رفعها لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف وبعد قيامه بالتحريات اللازمة يبدوانه تم توزيعهم على بعض قضاة التحقيق لكن الى حد الآن لم يصل الهيئة أي إشعار بشان هذه المسالة . وعن العقوبات التي يمكن ان تشمل المحامين المتورطين فانها تصل الى المحو النهائي وهي درجات من التوبيخ الى الإنذار ثم الى ايقاف لمدة معينة او التشطيب لمدة ثلاثة سنوات الى المحو النهائي من الجدول . وشدد الفري على انه ان الأوان لتطهير القطاع بما يستجيب لمختلف الانتظارات لأنه من غير المعقول أن يظل قطاع المحاماة ينخره الفساد من كل جانب دون إيجاد الحلول العملية لمحاصرة التجاوزات. ضوابط ومعايير قانونية ومن جانبه شدد المحامي حسني الباجي على ان تطهير قطاع المحاماة من الفساد يجب ان يخضع لضوابط ومعايير باعتبار ان الحالة ليست عبثية وانما تخضع لنواميس قانونية اولها ان تطهير المحاماة لا يتم عبر الصحف ولا في اروقة المحاكم وانما بملفات مؤيدة وحجج دامغة وقرائب متظافرة تبلغ حد اليقين بان هذا المحامي او تلك المحامية فاسدة او تعلقت به شبهة الفساد . كما استطرد قائلا «الأصل في الانسان حسن النية ونقاوة السريرة وحسن الطوية ولا يمكن ان يرجم المحامي بالغيب وان نطلق الاتهامات جزافا وخاصة الكلام المرتل على عواهنه الذي نسمعه هذه الايام وهذا الامر لابد ان يتم في كنفاحترام المعايير .ويجب ان يتم الامر عبر هياكل المحاماة لان عمادة المحامين ومجلس الهيئة الوطنية هما المتعهدان قانونا بالبحث في هذه الملفات المزعومة لتحديد المسؤوليات وتسليط الجزاء المناسب بعد طبعا توفير حق الدفاع للمحامي المشتبه به او الضالع في هاته الملفات .» واوضح حسني الباجي ان المسالة لا تخضع الى حديث الشارع او هتك الاعراض للمس من اعراض الناس والمسالة لا تتعلق بالنيابة العمومية ولا بالقضاء الا اذا اكتسى الفعل الذي ارتكبه المحامي جريمة وعندها يتم احالة الملف على الوكاالة العامة التي تقرر ان اقتضى الأمر إحالته على قلم التحقيق لإجراء الأبحاث اللازمة والتي قد تفضي الى ادانته . وفي صورة إدانته تقوم الهيئة الوطنية للمحامين بالإجراء اللازم الذي يكون عادة التشطيب من جداول المهنة واذا ماتمت تبرئته يتم اعادة الاعتبار اليه . روحول قائمة المحامين الفاسدين التي اثارت الكثير من الجدل طوال الأيام الأخيرة قال الأستاذ الباجي انها تحمل الكثير من المفاجآت باعتبارها لا تشمل التجمعيين فقط وانما اسماء أخرى ستصنع المفاجاة باعتبار ان التجمعيين هم الجزء الظاهر من جبل جليد الفساد في المحاماة التونسية؛أما الجزء الخفي من جبل الجليد فسيمثل مفاجاة مدوية . محمد صالح الربعاوي