تونس الصباح : اشكاليات عديدة تحوم حول تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية غير المقننة والتي تمارس فيها أصناف مختلفة من التجاوزات والابتزاز للاولياء مقابل مردود غير مضمون ولا يساهم في أوقات كثيرة في تحسين النتائج الدراسية للتلميذ. نسجل في هذا السياق تذمرات كثيرة من طرف الاولياء مثل اقدام الاستاذ على اجبار التلميذ بالقيام بدروس تدارك لديه مقابل تحسين أعداده في الامتحان.. كذلك إقدام الاساتذة على استغلال دروس التدارك لا لدعم مؤهلات التلميذ بل لاستكمال البرنامج الدراسي زد على ذلك المبالغ الخيالية التي أصبحت تثقل كاهل الاولياء جراء الدروس الخصوصية. نجد كذلك أن الفضاءات المخصصة لتقديم هذه الدروس عادة ما لا تتوفر فيها الظروف الملائمة للتدريس وقد سجلت حالات سابقة من قبيل تخصيص "قراجات" لتقديم دروس التدارك... هذه التجاوزات وغيرها وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية تطرح في كل مرة وقد سجلنا ذلك في أكثر من مناسبة وآخرها في مجلس النواب حيث يتعرض النواب بصفة دورية لموضوع الدروس الخصوصية في مناقشة ميزانية وزارة التربية وتكون إجابة الوزارة دائما بأنها لا تنفي وجود مثل هذه التجاوزات وتحاول التدخل في الشكايات التي تصلها قدر الامكان لكنها تشير في المقابل إلى أنها لا تستطيع منع القطاع الخاص من تعاطي نشاط تقديم دروس الدعم كما أنها لا تستطيع أن تراقب الجميع وتضع عينا على الجميع.. فماذا عن الحلول للتصدي لهذه الظاهرة والنواحي السلبية التي ترافقها؟ تجربة رائدة إذا ما سلمنا بأن الدروس الخصوصية أصبحت في الوقت الحاضر شرا لا بد منه بين قوسين من منطلق حاجة التلاميذ إلى الدعم والمساندة والاحاطة في وقت تخلى فيه الاولياء عن هذا الدور جراء مشاغل الحياة اليومية ولجوئهم إلى الدروس الخصوصية كحل يريحهم من مشاغل الابناء الدراسية وتتبع نتائجهم...يصبح إذن من الاجدى التفكير في تقنين هذا القطاع للتخلي على الاقل عن وجهه السلبي وتوفير بدائل محترمة أمام الاولياء الراغبين في توفير الدعم لابنائهم عن طريق دروس التدارك. نشير في هذا الاطار إلى تجربة تعتبر رائدة أقدم على انجازها خريجا تعليم عال حائزان على شهادة الاستاذية في الفيزياء وهما وليد الشابي ومحمد التليلي وذلك في إطار التوجهات الجديدة للدولة في تشجيع بعث المؤسسات حيث أقدما على بعث مؤسسة مختصة في الدروس الخصوصية تقدم دروس دعم في كل المواد مقابل معلوم موحد في حدود 140 دينارا شهريا مقابل حوالي 50 ساعة دعم تتوزع على جميع المواد ويشير في هذا السياق وليد الشابي صاحب المشروع الى أن هذا المعلوم يقدمه الولي أحيانا نظير دروس دعم في مادة واحدة. وحول فكرة بعث هذا المشروع يضيف وليد أن الفكرة راودته منذ فترة الدراسة حين كان يقدم دروس تدارك لعدد من التلاميذ بالتوازي مع دراسته وكان يستمع لتذمرات الاولياء من الدروس الخصوصية وبعد التخرج فكر في إحداث المشروع اولا في نطاق تشجيعات الدولة للشباب لبعث المشاريع وثانيا لتوفير فضاءات محترمة على حد تعبيره لتقديم دروس الدعم وثالثا للمساهمة في توفير مواطن شغل لخريجي التعليم العالي الذين لم يحالفهم الحظ في الحصول على «الكاباس» والالتحاق بسلك التعليم إذ يشغل المشروع حاليا مالا يقل عن 30 إطارا علما وانه لم يمض على إحداثه إلا سنة واحدة حيث انطلقت التجربة في المنستير ثم تم إحداث فرع في تونس وقريبا سيتم إحداث فروع أخرى في كل من أريانة وسوسة. متابعة وتقييم من جهته أشار محسن النابتي وهو أستاذ رياضيات تطبيقية يعمل في إطار هذا المشروع إلى أن المؤسسة بالاضافة إلى دروس التدارك تعمل على توفير فضاء للمراجعة وقاعة إعلامية مع مساعدة التلميذ في مواد الحفظ وفي مراجعة الدروس وتمتيعه بالبقاء في المؤسسة أثناء أوقات فراغه تحت إشراف الاساتذة وتستطيع مراقبته ومساعدة الاولياء في ذلك من خلال الحصول على جدول أوقاته والاتصال بالاولياء في حالة التغيب عن دروس الدعم وعن المراجعة لانه يتم تسجيل الحضور بصفة يومية... تعمل المؤسسة كذلك بنظام الانذارات للتلاميذ في حالات عدم الانضباط مع إعلام الولي بذلك كما تقوم بتقييم ومتابعة نتائج التلميذ الدراسية ومدى تقدمه هذا إلى جانب تقييم آداء المؤسسة في حد ذاتها في علاقتها مع التلميذ الذي يطلب منه عبر سبر آراء دوري تقييم عملية تقديم درس الدعم والمراجعة وطرق تبليغ وتبسيط المعلومة له من قبل الاستاذ.. الخ. ويضيف وليد أنه يأمل أن يعرض مشروعه على وزارة التربية والتكوين كحل لمعضلة الدروس الخصوصية ويدعوها للاطلاع على التجربة من خلال برمجة عمليات تفقد لاداء المؤسسة وتقييم عملها ويقترح وليد العمل على صياغة كراس شروط أو ميثاق عمل يساهم في بعث المزيد من هذه المؤسسات في مختلف المناطق للمساهمة في الحد من التجاوزات في مجال الدروس الخصوصية من جهة والمساهمة في تشغيل خريجي الجامعات من جهة أخرى...