بقلم: مصطفى الزغل سألت نفسي كم مرة كيف يكون تصويتي لانتخاب المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011 وعلى أي أساس سيتم اختياري لحزب من الأحزاب أو لقائمة من القائمات. ذلك أن كل الأحزاب تتقارب في برامجها وتوجهاتها الأساسية. كلها تتعهد بتحقيق أهداف الثورة وترمي الى تحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء ديمقراطية حقيقة في البلاد فضلا عن أنها تتعهد بالمحافظة على المكاسب الوطنية من حيث الحداثة وحقوق المرأة التي لا رجعة فيها. وكلنا متفق على أن تونس هي جمهورية دينها الاسلام ولغتها العربية. ومن هذا المنطلق يطرح السؤال نفسه: على أي أساس سيبني المواطن اختياره من بين القائمات المتقدمة؟ وحتى إذا ما تباينت برامج الأحزاب في بعض الجوانب من برامجها فإن المواطن العادي لا يعي تماما جزئيات الاختلاف لذا فلابد من معايير واضحة ليتمكن الناخب من اختيار عقلاني وسليم. وإننا نلاحظ في الآونة الراهنة فيما يخص عمل المجلس التأسيسي انقسام الآراء الى وجهتين اثنتين. وجهة أولى تريد أن تحدد عمل المجلس لمدة تتراوح بين 6 و12 شهرا أي أن لا يتجاوز عمله السنة الواحدة. وتكون مهمته الأولى كتابة دستور جديد للبلاد ومهمته الثانية الاشراف على تسيير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية الفاصلة بين انتخاب المجلس التأسيسي والانتخابات التي تليها حسب ما يتضمنه الدستور الجديد (فترة لا تتجاوز السنة). أما الوجهة الثانية فهي تقول أن على المجلس أن يضطلع بهمة كتابة الدستور وبالمهمة التشريعية لمدة قد تستغرق ثلاثة أعوام أو أكثر ويعلل أصحاب هذه الوجهة بأن ذلك سيمكن البلاد من حالة دائمة من الاستقرار والأمان من شأنها أن تحفز على الاستثمار والتنمية الاقتصادية التي نحن في أمس الحاجة إليها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخبراء في مجال القانون الدستوري ينتقدون هذه الوجهة لكونها تدمج بين مختلف السلط: (الدستورية والتشريعية والتنفيذية) لمدة طويلة وقد ينزلق بنا الأمر الى ديكتاتورية من نوع جديد لذا فإنه من الأصلح أن يقيد عمل المجلس التأسيسي لمدة زمنية محدودة والشعب إذا يختار ممثليه لهذا المجلس فإنه يفوض لهم إعداد دستور البلاد والإشراف على تسيير شؤونها لمدة قصيرة لا تتجاوز السنة. ولكل مواطن رأيه في الموضوع وسيختار القائمة التي تتفق مع رأيه في هذا الموضوع بالذات لذا فإننا ندعو كل حزب الى بيان موقفه في هذا المجال لتيسير الاختيار على المواطنين الناخبين. هذا إذ لم نلجأ الى استفتاء خاص به الى جانب انتخابات 23 أكتوبر 2011. أما إذا التجأنا الى قرن انتخاب المجلس التأسيسي باستفتاء شعبي للغرض فهذا أمر يستحق التحضير له من الآن وبكل سرعة لأن الشعب لا يحتمل إرجاء الاستحقاق الانتخابي الى موعد لاحق. أستاذ متميز بكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بتونس