في وقفة احتجاجية امام وزارة التربية المعلمون يطالبون بالحوار وتنفيذ الاتفاقات السابقة    فريق الهيئة الوطنية للسلامة الصحية بالقيروان يحجز ويتلف كميات ضخمة من اللحوم الفاسدة    بطولة افريقيا للأمم لكرة اليد للوسطيات: المنتخب الوطني ضمن المجموعة الاولى    هاذم أسوأ 10 صفقات في تاريخ الكورة!    جندوبة: حفل ناجح لرؤوف ماهر بمهرجان بلاريجيا الدولي    دولة عربية تسجل حرارة تلامس ال50 مئوية لأول مرة في شهر جويلية    أكثر من مليون تونسي يعاني من الشقيقة.. و''الكنام'' ما يعترفش بيها    السويد تطالب أوروبا بتجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل    منذ بداية السنة: ارتفاع في عدد ضحايا حوادث الطرقات بنسبة 6،08 بالمائة    وزارة التجارة تكشف نتائج نشاط المراقبة الاقتصادية خلال هذه الفترة..    مباراة ودية: النجم الساحلي يفوز على نجم المتلوي    النادي الإفريقي: لاعب جديد في طريقه للحديقة "أ"    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذا الوادي..    جريمة مروعة: زوج يطعن زوجته داخل المحكمة..    الاتحاد الاوروبي يشرع في تطبيق استثناءاتٍ لفائدة بعض المنتجات النسيجية التونسية    حفريات معبد تانيت...التوصل الى اكتشافات هامة    تفاعل جماهيري مع عرض نوردو في مهرجان سليانة الدولي    رسميا/ هذا موعد إنتاج وتوزيع ورق الكراس المدرسي..#خبر_عاجل    عاجل: انطلاق عملية نشر نتائج التوجيه الجامعي عبر خدمة الإرساليات القصيرة    أشغال تطوير كبرى بمركب الترجي استعدادًا لانطلاق موسم الشبان    فيديو يُشعل مواقع التواصل: سيارة خاصة تعرقل مرور سيارة إسعاف لمدة 10 دقائق!    عندكم فكرة على ''سوق الكرموس'' في الرقاب ؟    عمرو دياب يُفاجئ الجمهور: بكليب ''خطفوني'' بمشاركة ابنته جانا    للّي كبروا على صوت ''البيس''...هذه حكايتكم!    الزهروني: محاولة قتل شاب خلال "براكاج" مروّع في الطريق العام    عاجل/ آخر مستجدات وضعية الناشط التونسي حاتم العويني بعد اعتقاله من طرف قوات الاحتلال..    خزندار : محاصرة بارون ترويج المخدرات    موجتهم الأولى من الأمل: هيونداي تونس تُمكّن أطفالاً يتامى من اكتشاف البحر لأول مرة    المعهد الوطني للتراث يستعيد ست قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995    20 شاحنة مساعدات إماراتية تستعد للدخول إلى غزة..    تنبيه/ تراكم الدهون في الكبد ينذر بأعراض صحية خطيرة..    المجلس الوطني للجهات والاقاليم يشرع خلال جلسة عامة في مناقشة ختم ميزانية قانون المالية لسنة 2021    تونس تخرج من موجة الحر: تراجع الكتل الساخنة والأجواء منعشة    استعدادًا لبطولة العالم بالفلبين: المنتخب التونسي للكرة الطائرة يدخل في تربص مشترك مع إسبانيا    مونديال الألعاب المائية بسنغافورة - الفرنسي مارشان يحطم الرقم القياسي العالمي لسباق 200 متر متنوعة    تحب تحلّ حساب؟ البوسطة ولا البنك؟ هاو الفرق!    العربي بن بوهالي: تضخم مستمر وأرباح مرتفعة للبنوك والشركات... والفقراء يدفعون الثمن    إطلاق مبادرة وطنيّة من أجل إنتاج غذائي بحري مبتكر ومستدام    بلدية تونس تُعلن عن عفو جبائي لسنة 2025: امتيازات مالية هامة للمواطنين    تطاوين : فرقة "تخت للموسيقى العربية" تحيي حفلا بمشاركة الفنان الليبي علي العبيدي والفنان الصاعد محمد إسلام المهبولي    "لاس ميغاس" تهز ركح الحمامات بإيقاعات الفلامنكو الجديد    تونس تحصد 58 ميدالية في دورة الألعاب الإفريقية المدرسية بالجزائر    من طبرقة إلى جرجيس: كل الشواطئ مفتوحة أمام التونسيين هذا الويكاند    باحثون يطورون علاجا لهشاشة العظام...تفاصيل لا تفوتها    طرشق في صوابعك تنجم توصل للسبيطار...سّر باش يصدمك    مدفيديف يرد بسخرية على تحذير ترامب له ا ويذكّره ب"اليد الميتة" النووية الروسية    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها تونس لن تكون لقمة سائغة للوبيات ولأعوانهم..    تسجيل 8 هزات ارتدادية عقب زلزال كامتشاتكا شرقي روسيا    عاجل/ دولة جديدة تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نجاح أول عمليات منظارية على الأربطة المتقاطعة بالمستشفى الجهوي بقبلي..    إضراب النقل يُربك التنقلات في العاصمة.. و"التاكسي" يدخل على الخط: شهادات متباينة ومطالب مهنية    تاريخ الخيانات السياسية (31) البوّاب أخذ ألف دينار    سعرها حوالي 100 مليون دولار.. تحطم ثاني مقاتلة أمريكية "إف- 35" خلال عام    سهرة فلكية بمدينة العلوم    تاريخ الخيانات السياسية (30)...تمرّد المبرقع اليماني بفلسطين    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تداعيات التهميش والفساد والقمع.. أزمات اقتصادية وانتفاضات شعبية
نشر في الصباح يوم 13 - 09 - 2011

بقلم: علي الجوادي مركز مهيمن ومسيطر ومحتكر، منذ بروز الولايات المتحدة كقوة اقتصادية ومالية وعسكرية جديدة غداة الخروج من أزمة الخميس الأسود، يسلب وينهب ويرهب. وأطراف طاغية فاسدة فاشلة تقمع وتغتال وتسجن وتنفي معارضيها ومثقفيها ومزارعيها وجماهيرها الطلابية والنقابية والنخبة الحقوقية، منذ دحر الاستعمار القديم غداة فرض مؤسسات بروتون وودز بمعايير الاستعمار الجديد.
الفساد في بلادنا العربية زحف على كامل نسيج مجتمعاتنا ونزف ثروات وموارد وطاقات الجماهير مثلما يفتك السرطان بكامل جسم الإنسان، فبعثر مسيرة الإنماء لسنوات طويلة لا بل لعديد العقود، هذه هي سياسة وثقافة الدولة القبلية ودولة الزعيم الكبير، وكم هم كثر في بلادنا العربية، أنظمة القمع والرشوة والابتزاز والتضليل. وتبعاتها عديدة، لعل أوحشها تناثر البطالة في الأسواق العربية « وفي جهات أخرى من العالم » كتناثر أوراق الخريف على أرصفة الشوارع المشجرة وفي قيعان أشجار الحدائق والجبال حتى أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ما انفكت تطلق صيحات فزع من اجتاح مستوى خطر الجوع لعديد البلدان الصحراوية والمناطق الجافة كالصومال وكينيا، في زمن الجفاف وزحف الجراد وتزايد الكوارث الطبيعية والجري وراء السيطرة على موارد المياه، كحال المحتل الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وبلدان حوض النيل، وتركيا وبلاد الشام والعراق. والأرقام لدى صندوق الأمم المتحدة للتنمية والزراعة حول الفقر محرجة، حيث يقدر مخزون الفقر العالمي حاليا بأكثر من مليار جائع، منهم حوالي 685 مليون جائع في آسيا والمحيط الهادي، و272 مليون جائع في أفريقيا جنوب الصحراء، و64 مليون جائع في أمريكا اللاتينية والكاريبي، و32 مليون جائع في البلدان العربية، مقابل 14 مليون جائع في الدول الصناعية.
وفي زمن الإرهاب والهيمنة، زمن حروب يبررها الملوك الكبار بحروب عدم صفاء اللسان والثقافة والعقيدة، لا يزال عالم الاقتصاد مترنحا بين هموم تراجع النمو وتفاقم العجز العام، فبوش الصغير وفريقه بعثروا دنيا المال والأعمال وتركوا الاقتصاد العالمي راكدا أو يسجل نموا هشا في أحسن الحالات، فعلتها أزمة الديون السيادية في واشنطن ومنطقة اليورو، والتي تعود جذورها إلى أزمة القروض العقارية عالية المخاطر في خريف 2007 في الولايات المتحدة، ليجتاح جحيم الديون أسواق اليونان وأسبانيا والبرتغال، وتصاب عديد الاقتصاديات بالانكماش، حتى أن قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس باتوا يتصارعون بين مطرقة الديون السيادية وسندان سياسة التقشف. وصارت لدى معظم الزعماء مخاوف من انهيار القطاع المصرفي، انهيار قد يعصف بجملة من البورصات العالمية على طراز زلزال وول ستريت يوم الخميس الأسود. ورغم أن أسعار البترول لا تزال تحت السيطرة إلا أن سعر الذهب ارتفع إلى أعلى المستويات« 1854 دولار للأوقية» أمام ضعف نسبة الفائدة العالمية وتقلب سعر صرف الدولار الأمريكي، بالرغم من أن النواب في كلا المجلسين «النواب والشيوخ» توصلوا هذه الأيام إلى اتفاق حول تخفيض العجز العام وتجنيب التخلف عن سداد الدين حتى الهروب من جحيم الكساد.
تلوث المحيط وارتفعت حرارة المناخ، كحال المؤسسات الأمنية العربية التي لا تعرف سوى لغة النار والحديد والتعذيب، والأجهزة القضائية في بلادنا العربية إما مغلوبة على أمرها أو هي مولعة بالمال والولاء، وكأوضاع المؤسسات البنكية والمالية العربية الفاسدة حتى النخاع، في وقت تجند الإعلام العربي لتضخيم وتمجيد نشاط الرسميين حتى ولو كانوا دكتاتوريين بامتياز، أيام احتكار العائلات الحاكمة الطاغية الفاسدة لجل الأصول الإنتاجية. والنتيجة جماهير عريضة تتقاذفها أمواج الفقر والبطالة، وأخرى في دهاليز السجون والمنافي. وشباب عربي تائه فاشل مرهق، كحال عجوز وهن ضعيف مريض، يتسكع دون أن يبالي لا بضوابط المجتمع ولا بروابط الأسر بل لنقل هذه هي نتائج سياسة التهميش والإقصاء والتجويع والتضليل والتركيع والتمييع لتترنح الأنظمة العربية الطاغية الفاسدة على كرسي الحكم كما يحلو لها...
وحين جثم القمعيون العرب على صدور الجماهير خلال نصف قرن من الزمن، ومع امتلاء السجون العربية بالمناضلين لسنوات طويلة ونفي كتلة أخرى، ومع تفاقم البطالة والفساد وازدياد القمع والفقر، انفجرت ثورات الكرامة والحرية في تونس أولا ليقع تصديرها إلى مصر واليمن لاحقا قبل أن تمتد إلى ليبيا وسوريا وقد يكون الباقي آت، ثورات سلمية مع تعسكر المواجهات في بعض البلدان كاليمن وليبيا وسوريا، وكانت الضحايا بعشرات الآلاف بين قتلي وجرحى ومفقودين ومسجونين، وتهدمت عديد البني التحتية... فعلتها الكتائب والعصابات الإجرامية والشبيحة والبلطجية والقناصة من فوق سطوح المباني.
وبعد الثورة صار شبه الكل في بلادي يهوى السياسة، لا بل يدعون أنهم أبطال النضال، منهم من يغني بلسان الحليم «جانا الهوى جانا» ومنهم من يردد بوقاحة «الهوى هوايا» حتى وإن كان بعضهم ليس لهم لا نضال سياسي ولا علاقة بالثورة، أو كانوا بالأمس القريب من مداحي القصور، آه لو كانت الفنانة التونسية صليحة على قيد الحياة لصاحت في وجه الكثير يا خائنة بأشكون بدلتيني ، كل يدعي تمثيل الشعب بمن فيهم المنصبون، وينحاد الدور من حارس على مسار الثورة إلى مجلس تشريعي... لعن الله القمعيين والفاسدين والمضاربين جملة وتفصيلا... وحلت مخاوف من المجهول حين تحولت بعض الاعتصامات والاحتجاجات إلى فوضي عارمة، وتم قطع عديد الطرقات، والتهبت نزاعات العروشية في بعض الجهات، لتغتنم اليد الخفية والأقرب وجوه من النظام السابق وصناع الثورة المضادة الوضع ويصبون الزيت على النار، وأصبحت البلاد تواجه انفلاتا أمنيا وإعلاميا واقتصاديا...
الباحثون والأطباء يتسابقون في السنوات الأخيرة لمكافحة الأمراض المزمنة والخبيثة كالسكري وتصلب الشرايين والشلل والربو والبواسير والسرطان. وعلينا نحن النخب والمثقفين والنقابيين والحقوقيين الذين ناضلنا معا السنين الطوال ضد القمع والفساد، ومع جيل الثورة أن نتسابق ونتكاتف من أجل حماية مسار الثورة وترشيد العقل وتحكيم المنطق ونبذ نعرة العروشية وإرساء دولة القانون والتعددية والشفافية ودعم استقلال المؤسسات القضائية وتطهير القوى الأمنية والمؤسسات البنكية والشركات الاقتصادية ومحاربة الاحتيال والفساد وغسيل الأموال ودعم الإعلام الحر والنزيه وتشييد ثقافة التسامح، علينا الابتعاد عن الانتقام وإحالة الجناة وكل من نهب ثروات البلاد وامتص موارد وأموال الشعب على القضاء العادل النزيه.
رحم الله شهداءنا الأبطال وحمى تونس العزيزة وكل البلاد العربية من القمعيين والفاسدين والمضاربين والمبتزين والانتهازيين.
حقوقي وباحث وكاتب صحفي في قضايا التنمية والفساد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.