معهد باستور: تسجيل حالة وفاة و4 اصابات بداء الكلب منذ بداية 2024    المدير العام للديوانة في زيارة تفقد لتطاوين    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    الإعلان عن نتائج بحث علمي حول تيبّس ثمار الدلاع .. التفاصيل    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    قوات الاحتلال الإسرائيلية تقتحم مدينة نابلس..#خبر_عاجل    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    إجراء أول اختبار لدواء يتصدى لعدة أنواع من السرطان    تواصل نقص الأدوية في الصيدليات التونسية    رحلة بحرية على متنها 5500 سائح ترسو بميناء حلق الوادي    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح    "تيك توك" تفضل الإغلاق في أميركا إذا فشلت الخيارات القانونية    ماكرون: هناك احتمال أن تموت أوروبا    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    هذا فحوى لقاء رئيس الجمهورية بمحافظ البنك المركزي..    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تكريم فريق مولودية بوسالم للكرة الطائرة بعد بلوغه الدور النهائي لبطولة إفريقيا للأندية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث عدد الباحثين    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    رئيس الجمهورية يتسلّم أوراق اعتماد سفير تونس باندونيسيا    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    أنس جابر تستهل اليوم المشوار في بطولة مدريد للماسترز    عاجل: غرق مركب صيد على متنه بحّارة في المهدية..    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الركود السياسي في تونس وكيف الخروج منه:حركة 18 أكتوبرو دورها في الحراك السياسي
نشر في الفجر نيوز يوم 28 - 02 - 2008

الركود السياسي في تونس وكيف الخروج منه:حركة 18 أكتوبرو دورها في الحراك السياسي
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
بسم الله الرحمان الرّحيم
الركود السياسي في تونس وكيف الخروج منه
حركة 18 أكتوبرو دورها في الحراك السياسي
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
"ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم
بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون " (سورة الروم41)
وضع النقاط على الحروف المحافظة على الهوية العربية
والتمسك بالدين وبثوابت وجوهر الإسلام من أهم ثوابت النظام الجمهوري في بلادنا
" و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل..." (الانعام 153)
(ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
باريس في 28 فيفري 2008
الديموقراطية الآن وليس غدا
نحن نريد الديمقراطية الآن وفي بلادنا، اليوم وليس غدا... وعبثا يحاول البعض ترهيبنا ببعبع الفوضى، والتطرف والعنف و ما مصدره الا الظلم والإقصاء، ولمن ساوره شك في ذلك أو اعتقد أن سياسة القبضة الأمنية كفيلة بإدامة الاستقرارفهو مخطئ. وليس لنا ههنا الا ان نذكّرهم بقوله تعالى في سورة التوبة لعلّهم يرجعون الى رشدهم : "يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم و يأبى الله الا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون " (التوبة 32)
لقد بدأ المجتمع التونسي يسترجع انفاسه و عافيته وأخذ المنتظم الدولي عموما يكتشف أن سياسة الإقصاء والقبضة الأمنية لا يمكن أن تؤسس لاستقرار دائم، بل وبات يرى فيها مصدرا لتهديد أمنه الداخلي، ولقد بدى الإسلام السياسي متمايز عن غيره من الاتجاهات الشمولية والعنيفة وهو الذي اثبتت الايام اسماتته في تبنّي الخيار الديمقراطي السلمي وأخذت القوى العلمانية تبحث لها معه من نقاط اللقاء معه لصياغة ميثاق وطني جديد يؤسس لحياة ديمقراطية متقدمة وبات النظام محجوجا إزاء الرأي العام الدولي والمحلّي وأصبح عرضة للنقد من قبل شركائه في الخارج.
تستعدّ البلاد لتنظيم انتخابات عامة سنة 2009 و الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و كذلك الوضع السياسي يطغى عليه الاحباط و الانغلاق والاقصاء سياسيا.
أما عن الجانب الحقوقي فان المحاكمات السياسية التي نشهدها بين الحين والآخر الى جانب بقاء المساجين السياسيين في غياهب السجون منذ قرابة العقدين أكبر دليل.
أما الجانب الاقتصادي فهويعاني من آفة الفساد والمحسوبية والجانب الاجتماعي يعاني من انهيار الطاقة الشرائية للمواطن العادي وانتشار البطالة حتّى لدى الكثير من اصحاب الشهادات العليا .
يبدو ان البلاد تستعدّ للدخول في تجربة جديدة من انتخايات يطغى عليها هيمنة الحزب المهيمن على كل دواليب الدولة والادارة في كلّ المستويات و الظاهر ان شبح الرئاسة مدى الحياة طال برأسه في الأفق و لا سيما في ضلّ قانون انتخابي غير عادل ويعوزه الحياد و هذا طبيعي ما دام نفس الحزب الذي يملك مفاتيح الترشّحات.
أما لدى الشباب فان ظاهرة عدم الثقة في المستقبل و غياب الاعتزاز بالوطن في هويته و حضارته وانتمائه جعله يلهث وراء عادات و تقاليد غريبة عنه يستوردها من وراء البحار. فهي ان دلّت على شيء فهي تدلّ على تغلّل الاستعمار الثقافي المقيط في امخاخ الاجيال القادمة. كلّ الدلائل الى أن تونس الآن على هذه المواعيد الانتخابية دون تطور يذكر في المشهد السياسي و لا في موازين القوى بين حكم مستبدّ و معارضة رمزية بعيدة عن واقع الشعب و طموحاته هذا الشعب الذي يراقب الحياة السياسية بسلبية المواعيد الانتخابية بلا مبالاة تتكرّر معروفة النتائج مسبقا و حصص المعارضة الموزّعة حسب نسبة ولائها للنظام القائم.
و لقد نشرت صحيفة "الشّروق" التونسية يوم 23 ديسمبر من السنة المنصرمة خبرا مفاده ان السفير الامريكي ادّى زّيارة لحزب الخضر للتقدّم بتونس و كان مرفوقا بالسيّدة "ترينا ساها" المكلّفة بالشّؤون السّياسيّة لحزب الخضر للتّقدّم. وجاء في البيان الذي أصدره هذا الحزب أنّه "تمّ خلال اللّقاء استعراض أوجه العلاقات التّونسيّة الأمريكيّة على أكثر من صعيد".
ولقد سبق راجت أخبار أخرى خلال شهر نوفمبر 2007 مفادها أنّ السّفيرالامريكي استدعى عددا من الشّخصيات التّونسيّة للتّشاور معها في الأوضاع في أفغانستان والعراق. وفي الشهر الذي يليه استقبل بعض الشّخصيّات للتحاور معها بخصوصّ قضايا حقوق الإنسان بتونس. ان صحّ هذا الخبركيف يمكن ان يسمح للقوى الاجنبية ان تتدخّل في الشؤون الداخلية لبلد صديق.
حركة 18 أكتوبر
ان مايطرحه الحزب التقدمي على نفسه من مهمات في ظل تحالف معلن بينه وبين فضائات سياسية مغايرة ضمن حركة 18 أكتوبر , قد يضعه على خط ساخن مع اخرين من مثل المنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر أو حتى سهام بن سدرين الذين لن يقبلوا باختطاف الأضواء منهم بمناسبة الاستحقاق الرئاسي القادم الذي سيكون بالتأكيد محسوما مسبقا.
ان عملية التداول السلمى على الحكم لا زالت الحلقة المفقودة فى بلادنا منذ نصف قرن بوضع يد التجمع الدستورى الديمقراطى ( الحزب الاشتراكى الدستورى سابقا ) على الحكم بيد من حديد وأخضع التونسيون جميعا للرئاسة مدى الحياة أفقدت أي معنى لدولة القانون والتعددية السياسية . نتيجة الملاحقات والمداهمات والتصفيات والاعتقالات والمحاكمات وعمليات التعذيب الصارخة وقطع الأرزاق وأسباب الحياة .ان الرقابة المفرطة والتضييقات الشديدة على الأفراد المخالفين للرأي وعلى الأحزاب والمنظمات الوطنية بإستخدام كل الإمكانيات المادية و البشرية المساعدة على ذلك.
نشر و اشاعة مناخ الخوف و ثقافة الخنوع والولاء والتواكل عبر تبريرات عقيمة شائعة تروج لها أقلام مأجورة ووسائل إعلام مأجورة. وقد ساعد على استفحال ظاهرة الاستبداد وشيوع ثقافة القمع.
انّ ضعف المعارضة أو استضعافها لذاتها وعدم ثقتها بقدراتها وإمكانياتها المحدودة وتراجع زخمها النضالى وانحسار فاعليتها السياسية.
تقول الاستاذة مية الجريبي :" لا تزال هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات تثير الجدل في الساحة السياسية التونسية، اذ مثلت لأول مرة التقاء بين أطراف، كانت الى زمن قريب متصارعة إلى حد التناحر، على أرضية سياسية تجمع بين كل الفرقاء السياسيين في تونس وهي أرضية المطالبة بالحريات السياسية والثقافية والنقابية. كما أن استحقاق 2009 الانتخابي بدأ يثير التجاذبات في الساحة السياسية التونسية"
اذ تقول الاستاذة مية الجريبي، ([1])الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي" في الحديث عن 18 أكتوبر يهم التذكير بالانطلاقة والخصوصية بالغة الاهمية المتسمة بها. انطلقت 18 اكتوبر في عملية ميدانية توحيدية هي إضراب الجوع في 2005، وخصوصيتها التى ميزتها واعتبرت من نقاط قوتها هي التقاء اطراف كانت لسنوات خلت متنافرة، وتنافرها عطل عملية التضامن بينها من اجل الديمقراطية:
الطرف الاسلامي والاطراف الاخرى، ولست ميالة إلى استعمال مصطلحي الديمقراطيين والعلمانيين، وكان هذا الالتقاء مستجيبا لمتطلبات الواقع من ناحية ولتطلعات النخب من ناحية أخرى وهو ما يفسر التعاطف الواسع الذي التف حول هذه الحركة، وكذلك اهتمام الراي العام الداخلي والخارجي بهذه الحركة: (إضراب الجوع).
بعد ذلك كانت حركة 18 اكتوبر امام تحد، وهي لا تزال كذلك: إما الانطلاق والتشكل في هيئة تجسد المناضلين الديمقراطيين، أو الانكفاء على نفسها، وهذا التطور يقوم على توضيح الاسس التى يمكن أن تلتقي عليها هذه الاطراف، لترتقي من مجرد عملية جمع بين اطراف مختلفة إلى تحالف حقيقي يساهم في عملية إنتاج الانتقال إلى الديمقراطية." ([2])
" ومن هذه الزاوية كان ضروريا خوض نقاش معمق حول المرتكزات الاساسية للمجتمع الديمقراطي الذي نريد، وكان علينا التباحث بكل وضوح وكل عمق في بلورة ميثاق ديمقراطي يتفق عليه كل الفرقاء، ويكون تأمينا للمجتمع ضد كل الانزياحات، ويؤسس لثقافة ديمقراطية حقيقية، تكون أساس المجتمع أيا كان الفريق الذي يحكمه. المسألة إذا لا تتعلق بانزياح عن التقاء ميداني بل دفعا لتواصل هذا الالتقاء ولمزيد فعاليته في الواقع." ([3])
ان هيئة 18 أكتوبر تخلفت فعلا عن المهام المطروحة عليها، وذلك لأسباب متعددة منها ضغط السلطة وإمعانها في مضيقة لتحركات الهيئة. و كذلك تقول الاستاذة ميّةالجريبي: " تجربة 18 أكتوبر تجربة متميزة، وأكاد أقول لا نمطية، وطبيعي أن يثار حولها الكثير من النقاش والكثير من التحفظات .
- أولا: لا لم يكن هناك طرف يطرح على طرف آخر قضايا فكرية، إما اتفاق بين كل الأطراف على طرح مواضيع جوهرية لبناء تحالف.
ثانيا: لأن النقاش هو نقاش حر ومعمق، والكل يدلو بدلوه لإثراء الاتفاقات المتوصل إليها، وأحسن دليل وثيقتا المرأة وحرية الضمير والمعتقد، ويكفيني القول هنا إن الاخوة ممثلي حركة النهضة وضحوا بما يكفي نفيهم للملاحقة الفكرية.
مع العلم أن "النهضة" طرف في حركة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي اختارت عدم الانخراط في العملية الانتخابية وفظلت، لاعتبارات خاصة بها، ترك المجال لمناضليها التعبير بكل استقلالية عن المواقف المتباينة الى حدّ التناقض من الاستحقاق الآتي.
فجميع الاطراف والاحزاب السياسية ادلى بدلوه تقريبا بشكل أو بآخر ما عدا الإسلاميين الذين لا يزالون يلتزمون الصمت "رسميا" . ان هذا السكوت يرجع لسببين :
أولا يتعلق بالأولوية التي توليها الحركة الإسلامية التونسية لما يطلق عليه ب"مسألة البناء الداخلي". فالنهضة عرفت محنة رهيبة أنزلتها بها السلطة وهى لم تُضمّد بعد كل جراحها وأغلب قياداتها لا تزال مهجّرة ؛ والسلطة المتغولة لم تفرج بعدُ عن كل مساجينها السياسيين ؛ وهى محظورة والمسرحين من أعضائها لا سيما القياديين منهم قيد الإقامة الجبرية ويعانون من التتبع والتضييق المتواصل من طرف السلطة.
وعليه فإن الحركة الإسلامية ترى أن ليس من مصلحتها البتة، في الوقت الراهن، خوض المعارك السياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى مواجهات وصدامات مع السلطة قد تستثمرها أحد الجهات التي تترصد مثل تلك "الفرص" للإنقضاض" عليها مجددا.
السبب الثاني هو متّصل بمستقبل حركة 18 أكتوبر نفسها التي تعلق عليها "النهضة" على ما يبدو آمالا كبيرة وتعتبرها، ذات أهمية أكبر من الانتخابات الرئاسية .
فالحركة الإسلامية ليست مرصوصة الصفوف بما فيه الكفاية ولا هى متهيئة لخوض مثل هذه الاستحقاقات، فضلا عن "غياب نضج الواقع الموضوعي بالبلاد التونسية" لتقبل العودة الإسلامية على الساحة السياسية....
أما عن الشركاء في مشروع 18 أكتوبر فالحركة الاسلامية لا ترغب في إغضاب أي منهم بالرغم من القواسم المشتركة التي تجمعها مع حزب الاستاذ نجيب الشابي لم تتجرأ على الإصداع بتأييدها لترشحه وهي كذلك تلتزم الموقف مع أي مرشّح. سواء من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات او من غيره من مرشحي الاحزاب الأخرى للإنتخابات الرئاسية. تلك هي وضعية الحركة الإسلامية بتونس الا أن "الصمت" يمكن اعتباره موقفا سياسيا.
ان المانع الاساسي هو المتعلق ب"إعادة بناء الذات" نظرا لكون الذات لا تبنى خارج المعتركات و ان الاولوية بالنسبة للحركة الاسلامية هي التأمّل والبخث عن القواسم المشتركة التي عليها مواصلة المشوار دون التشرذم و التمزّق والطريق ليس موضوع بحث، الطريق يُسطّر بالمشي في خطى ثابتة ضمن برنامج واضح و من لم يتعلم صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر. أما السلطة فستحاول كالعادة اللعب على بعض تمايزات أقطاب المعارضة قصد تشتيتها.
الإصلاح السياسي لا يقتضي التوحّد حول مرشح واحد يستقطب اهتمام الجمهور والرأي العام الوطني والعالمي بل يقتضي افراز المرشحين حتى يتمكن الشعب من الاختيار والا لم يكن لانتخاب معنى الا اذا كان المطلوب الارتماء في احضان القوى الاجنبية وهذا ما نرفضه جملة و تفصيلا.
أن المعركة المقبلة لابد أن تأخذ بعين الاعتبار ضرورة العمل السلمي المنافي لطل اشكال العنف من حيث المبدأ. ونحن لا ندعو للمغامرة و لكننا نرفض كذلك استمرار احتكار السلطة للشأن العام، ولا نذهب إلى المناداة بحركة عصيان مدني سلمية في مقاومة استبداد السلطة لأنه سابق لأوانه ولم تتوفر الظروق الذاتية ولا الموضوعية لذلك.
ان الخيار المبدئي لخوض معركة سياسية لا تقلل من أهمية الرهان الانتخابي ومن ومدى مصداقية عملية الاقتراع لكن هذا الاختيار المبدئي تواكبه ارادة راسخة في القيام بمعركة من اجل افتكاك شرط انتخابية عادلة وشفافة، وعدم جعل موضوع المشاركة والمقاطعة النشيطة محل جدل متشنج مع الفرقاء السياسيين.
وهذه الحالة مؤقتة ومرتهنة بوضوح الرؤية و البرامج الواضحة المعالم بالنسبة للقيادات وكذلك بالإستراتيجية التنظيمية التي تستهدف الشباب المثقف وشرائح الطبقة الوسطى. فالفكر والايدولوجيا تنشئها أقلية لتنتشر فيما بعد.
ان قضية التسويق لبرنامج ولإيديولوجية لحزب أو لشخص هي عملية تقنية بالأساس,و لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في غياب الإعلام الحر والتعددي وعندما تكون هذه الأحزاب ماسكة أومالكة لقنوات إعلام خاصة بها يمكنها أن تكون في وضع انتشار وجماهيرية من المفروض أن تكون في انتشار. و عليه فاننا نرى بوجوب تنقيح المجلة الانتخابية اولا بحيث يحدّد سقف عدد المقاعد في أي جهاز نيابي بالثلث لا غير بحيث لا يعود لأي حزب القدرة على الاستحواذ على الحكم المطلق.
وعلينا أن لا نعتبر أن هذه الحالة حالة خاصة بالأحزاب التونسية، فكل الأحزاب في العالم الآن تشهد أزمة هوية وأزمة عمق إيديولوجي من ذلك ماتشهده الساحة السياسية الفرنسية من لخبطة واستقطاب الرئيس ساركوزي لرموز اليسار الاشتراكي ووجود توترات في صلب الحزب الحاكم الفرنسي.
وهذا الارتباك شامل وعام ومن المغالطة أن نقدمه على أنه أزمة المعارضة في تونس وعلى أنها حالة تخص المعارضة في تونس وهذا من باب المغالطة والتجني. كذلك في مستوى الهوية الإيديولوجية ,نفس المأخذ يمكن أن نواجه به الحزب الحاكم الذي لا نعلم له اليوم أية هوية إيديولوجية واضحة.
ان أبرز ملامح الواقع التونسي التي اعتمدتها السلطة التونسية سياسة صمت تجاه قضية الإسلاميين في تونس بالصمت، والاستئصال، وتجفيف الينابيع ، والمحاصرة .
لا كلام لا بالإيجاب ولا بالسلب. لا إثارة لمثل هذه المواضيع. ومن ناحية أخرى ترتكب الكثير من أساليب القمع والظلم لأهل تونس في كرامتهم وحقوقهم، ثم تمضي على كافة مواثيق احترام حقوق الإنسان رافعة لشعاراتها واضعة ترسانة ضخمة من القوانين ومقيمة لديكور من مؤسسات احترام حقوق الإنسان.
إن الإسلاميين في تونس يعذبون ويجوّعون ويحاصرون بصمت وبتمويه وبتواطئ من قوى خارجية.لقد انعدمت كل سبل تبليغ أصواتهم غير سبيل " حرية الموت ". لقد غدا إضراب الجوع في تونس هو التحرك المتداول والأساسي الذي قد يبلغ الأربعين والخمسين يوما رجاء إثارة قضيتهم.
الجديد في الواقع التونسي، اذ تحول شعور السلطة بالتهديد من الاسلاميين الى الطرف العلماني، ولم يكن هذا من قبل. ومن هنا لا نستبعد ازدياد قابلية السلطة لحل مشكل المساجين الإسلاميين بما لا يتجاوز الدائرة الانسانية. وأصبح الأمر أكثر جدية بالنسبة للسلطة بعد نجاح تحرك 18 أكتوبر، وانبثاق هيئته عنه، جامعة للإسلاميين مع العلمانيين.
لقد أصبح العلمانيون يؤرقونها، وأصبح همّ السلطة كيف تُبقِي الاسلاميين بعيدين عنهم على الاقل، وكيف تجعلهم متصارعين. لقد حاربتهم بالعلمانيين وليس غريبا أن تفكر اليوم أن تحارب الأخيرين بالإسلاميين.
يقول الدكتور المرزوقي عن هذه الحركة يوم الجمعة 25 جانفي 2008 " ثم كانت محاولة 18 أكتوبر، التي أقصيت منها عمدا. حتى أعتى خصومنا .يشهدون أنني ذهبت في نوفمبر 2005 في إطار وفد من قيادي المؤتمر لزيارة الأطراف السياسية الأربع ( النهضة، التقدمي ، التكتل ، العمال) في بيوتهم بتونس، قائلين نحن مع كل ما من شأنه لمّ الشمل رغم تحفظنا على البرنامج .... و بل و نرغب في ذوبان حركتنا في تجمع وطني يدعو لمؤتمر ديمقراطي وطني في تونس أوخارجها ، لكتابة مسودة دستور جديد ، والتقدم ببرنامج حكم بديل والبدء في تحريض الشعب على المقاومة السلمية ورسم ستراتجيتها.
"قالوا لا لتذويب حركاتنا ، أما مطالب الحريات وإطلاق المساجين فقاعدة إطلاق الصاروخ السياسي, ونعدكم بأننا سندعو للمؤتمرالوطني الديمقراطي في ظرف ستة أشهر( أي في....جوان 2006 ! ؟) ثم قالوا لنا ثمة عقبات لا بد من رفعها حيث من الضروري البناء على أسس سليمة وذلك بالتأكد من توافقنا على جملة من المسائل الحضارية الهامة.
وقال الدكتور متهكّما "لما سمعت أنهم بدأوا ببحث المساواة في الإرث لم أدري هل عليّ أن أضحك أم أبكي. تخيلت كم سيسرق اللصوص الكبار من أموال طيلة المباحثات المصيرية. (يبدو أن هناك دورة مفاوضات جديدة على الحدود - لا تنسوا التبني وزواج المسلمة بغير المسلم - فهي مشاكل بالغة الخطورة ولا يجوز المرور لتحالف سياسي قبل البت فيها).
و يواصل الدكتور في كلامه :"الكل يعلم أنني علماني ([4]) وبالتالي أنني فكريا مع المساواة في الإرث ومع الحرمة الجسدية وضد الإعدام . لكن ما أعيبه على العلمانيين- ومنهم أصدقاء أعزاء أحترم جدا نضالهم - هو طرحهم لهذه المواضيع وكأنها امتحانات ضمير للتأكد من جدارة التلميذ الإسلامي بالجلوس لجانب ديمقراطييّ ال" ماركة مسجلة".
و يواصل الدكتور المرزوقي في تهجّمه على الاسلاميين اذ يقول:"وما أعيبه على الإسلاميين -ومنهم أصدقاء أعزاء أحترم جدا نضالهم - هو قبولهم بالانخراط في هذه اللعبة المهينة. ولو كنت مكانهم لقلت طيب ليكن ، لكن ليبدأ بعض الإخوة العلمانيين بطمأنتنا حول تبرؤهم من جرائم الرفيق يوسف ستالين ومن دكتاتورية البروليتاريا، والإخوة الذين قبلوا بالتعيين في برلمان مزيف بأنهم لن يكرروا فعلتهم ، والإخوة القوميين بإدانة التعذيب القومي ..الخ."
فبعد النصح والدروس يواصل الزعيم المرزوقي: قوله"من الواضح أن هناك نية داخل بعض أطراف هذا الحلف الغريب على غسل الثوب الإسلامي من لونه الأخضر ليصبح بلا لون ، ثم مسح الأقدام فيه فيما بعد . كم غريب أن يرضى أبناءالنهضة بهذا الثمن للقبول بهم في نادي بلا مستقبل. وفي كل الحالات فإن العملية - التي سميت للتعمية مصارحة وتوضيح وطمأنة الخ - هي بالضبط ما حاول المؤتمر دوما تفاديها لاعتباره إياها عقيمة وخطرة ومضيعة للجهد والوقت ومتخلفة عن عصرها.
"فمنطق التجميع الذي اعتمده المؤتمر عند تشكله، والذي حاول تسويقه في" اكس"، والذي سيواصل الدعوة إليه اليوم وغدا ، في المعارضة أو في المسؤولية إن شاء الله والشعب، فهو العكس من كل هذا حيث المبدأ هو "
برنامج حركة18 أكتوبر
يقول الدكتور منصف المرزوقي "كما هو معلوم حدّد 18 أكتوبر مطالبه بحرية الرأي والتعبير والتجمع وإطلاق المساجين السياسيين، ولما اعترضنا على ضعف هذا البرنامج ،وأنه من مشمولات حركة حقوقية بحّ صوتها بالمطالبة بها عقدان من الزمان ولم تأخذ شيئا ، قيل لنا أنها قاعدة لما سيأتي ( والذي لم يأت لحد الآن ) .
"ثم أفهمنا أن هذا هو الحد الذي يمكن أن يجمع الأطراف وما فوقه يفرّق . هكذا تحول هدف النضال السياسي من تحرير الشعب من الدكتاتورية إلى لمّ شتات معارضة هزيلة لا يمكن أن تتفق إلا على مطالب تعالج بعض ظواهر الدكتاتورية وتغفل أهم جوانبها مثل الفساد وتزوير الانتخابات، وخاصة لا تطرح القضية الأساسية.
"هكذا أصبح الهدف (التحرير)أداة للتجميع ، وأصبحت الأداة (التجميع ) هدفا لا يمكن تحقيقه إلا على الأضعف والأسهل أي... على حساب الهدف.
"وبالطبع لم تتحقق وحدة "الميكروكوزم" ، حيث بقيت خارجه كثير من المكونات.بل شاهدنا بروز شدّ وجذب داخل النهضة بين الرافضين للابتزاز والساكتين عنه، وانسحب المؤتمر على أطراف الأصابع لأن بناء هذا التجمع خضع لكل المقاييس التي نعتبرها مضرة بالمصلحة الوطنية ولا بد من اعتماد عكسها.
و يختم الدكتورالمرزوقي بقوله" ولأن هناك هوة بين " العرض" و" الطلب" انفرط عقد 18 اكتوبر خاصة بعد أن اتضح أن إحدى الأهداف غير المعلنة هو أن يشكل قاعدة سياسية لمرشح مزمن لترشيح صوري في انتخابات وهمية .
وعلى كل حال يعتبر الدكتور المرزوقي هذا التجمع، المسمى بحركة 18 أكتوبر هو تجمع حول أشخاص ،لاحول قضية وطنية ،ولذلك أصبح في حكم الميت حسب رأيه. فاني ارى موقعه في أي حزب من الاحزاب اليسارسة الفرنسية أما في تونس العروبة والاسلام فهذا طرح آخر. و ضمنيّا أقرّ للدكتوربأن هذا المشروع هومرتبط بالصراع على موقع " الزعيم" الذي يصبو اليه هو مثل بقية العلمانيين . وهذا من حقّه ولكن نسي الطرف الفاعل في هذه المعادلة وهو الشعب المسلم صاحب حضارة وتاريخ وهو وحده صاحب القرارالذي قد غيّب.
و لقد أيّدنا حقّّه في الترشّح مثل غيره لأنّه من حقوق المواطنة التي ندعو ان تكون للجميع أما التصويت له فهذا أمر آخرلعلّه نسيه ولقد كانت لنا تجربة مع من ثبتت كفائته و قدرته في شؤون الدولة في الستينات والسبعينات وتقلّد وزارات العدل والمالية والدّفاع والدّاخلية و قد اغترّ بنفسه ضنّا منه ان ما كسبه سنة 1980 فهو باق الى يوم الدّين و رفض ان يضع يده في يد غيره سنة 1989 فكانت النتيجة خسارة الجميع. ورغم كلّ ذلك لنا اليه كلّ التقدير لانّه اعترف بخطأه و انسحب من الحقل السياسي بشرف الامر الذي لم يقم به من فشل مثله ولكنّه لم يتّعض و هو متمسّك بموقعه رغم خراب البيت الذي بناه مع اخوانه.
و لقد علمنا اعتزام الاستاذ محمد نجيب الشابي الترشّح في السباق من اجل الوصول الى حيازة منصب رئاسة الجمهورية نسأل الله له ولغيره التوفيق لما فيه العباد والبلاد.
والامر الثاني الذي غاب عن الدكتور منصف المرزوقي ان حزبه الذي أسسه في المهجر ليس له في الواقع التونسي أي أثر يذكر لا من حيث الكم و لا من حيث الكيف اذ لا تكفي الخطب الرنانة و قد جرّبها غيره ولكن المطلوب هو الاتصاق بهموم الشعب و حلّ مشاكلهم اليومية لانّ الشعارات لا تشبع جائعا ولا تؤوي من ليس له مسكن ولا تلبس من هو عاريا هذا من الجانب المادي.
اما الجانب المعنوي فهو مفقود عنده لأنه نسي موقع الهوية العربية الاسلامية التي اساس الهمّ التونسي. ولهذه الاسباب لا نرى لهذه الانتخابات التي هي تكرّس وضع الاقصاء والانفراد بالسلطة لجهة واحدة دون سواها ونحن ندعو اخواننا الاعداد للمشاريع والدراسات التي تهم المواطن التونسي العادي قصد الادلاء بدلوهم بمناسبة الانتخابات البلدية فقط لا غير و عاش من عرف قدره.
قال الدكتور منصف المرزوقي "كل الناس استغربت أن 18 أكتوبرخلافا لحركة كفاية في مصر، أو إعلان دمشق في سوريا ، عجز عن تسمية ناطق رسمي إلى اليوم لحدة الصراع داخله على هذه الزعامة ، حتى بعد استبعادي كمنافس " خطير" ما نادينا به في المؤتمر أن الصراع على السلطة يجب أن يتوارى في هذه المرحلة أمام ضرورة الصراع مع السلطة، أنه من الضروري أن يضحي كل واحد منا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا بذاتيته وطموحاته لخلق جبة مقاومة لها قيادة جماعية تكتفي بناطق رسمي لا يمكن أن يخلطه أحد بأي زعيم أو مرشح آلي لقيادة البلاد يوما ما. "
فهل لتحالف 18 أكتوبر يخضع لهذه الشروط؟
نحن مطالبون بالعمل بما تبقى لنا من جهد وعمر من أجل آخرتنا ومصلحة الإسلام والمسلمين في بلادنا. ونحن لا ننسى ما لحق بنا وبدعوتنا مع أنا نحتسب ذلك عند الله. وعدم نسياننا هذا: بِأمرٍ شريعَتنا فإنه ما حمد النسيان قط، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .
وأما البحث عن التحالف مع من يحارب الاسلام من معارضين أو متسلطين، بحكم الشراكة في الوطن والديموقراطية، فهو مرفوض فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ((مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ)) (الحج 15) وقد نزلت هذه الآية في قوم من المسلمين استبطأوا نصر الله لاستعجالهم وشدة غيظهم وحنقهم على المشركين
إذا كان لابد من التحالف فهو مع من يماثلنا في الاستضعاف، وله شروطه وهي ان نحدد مع من نتحالف بشرط ان لا يكون مخالف لعقيدتنا وهويتنا و عروبتنا و على ان لا يتعارض مع المصلحة العامة التي نرسمها لانفسنا ليست لارضاء هن نختلف معهم في العقيدة.غملا بقوله تعالى في سورة يونس : "قل يا ايها الناس ان كنتم في شكّ من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله..." (يونس 104).
لقد كانت القومية والشيوعية أفكارا جميلة ، لولا التعصب الذي اعتراها، ولولا مساحة الارهاب والقمع التي رافقتها ، ولولا مصادرة الحريات ومحاربة الأديان، ويريد البعض بممارساته أن يكون مصير الحداثة كما آلت إليه القومية والشيوعية.
صحيح أن القومية والشيوعية ممثلة في الاحزاب الاشتراكية لا تزال قائمة ، ولكن ما كان لها أن تستمر لو لم تغير من نهجها المتطرف وتتخلى عن يقينياتها في عالم النسبية . والقبول بالتعايش مع نقائضها ، ومن كانت تصنفهم على إنهم من اليقينيات البالية ودخلت في رهان صناديق الاقتراع وآليات الديمقراطية .و علينا ان لا نتحالف مع من يعادي المسلمين على اختلاف مشاربهم وتوجّهاتهم ..
بقي أن أشير إلى أن الذاكرة التونسية قد حفظت الكثير من الظلم والبغي في العقود الأخيرة، وليس من السهل على أي حزب من الأحزاب الموجودة على الساحة أن يجمع القلوب ويحملهم على إصلاح ما فسد. فما بالك بتناسي همومها ومآسيها فلا يحقّ لاحد ان يقفز على آلام الناس ومظالمهم و مؤاسيهم.
السجين السياسي السابق المنجي العياري في ذمة الله تعالى
و يتواصل النزيف..لا تزال القائمة مفتوحة ..فبعد ..عبد المجيد بن الطاهر و الهاشمي المكي و أحمد البوعزيزي. انتقل المنجي العياري الذي وافاه الأجل يوم الجمعة 25 جانفي 2008 إثر مرض عضال أصابه في السجن جراء الإهمال الصحي صابرا محتسبا و كان آخر ما نطق به قوله : " لا إلاه إلا الله .. و الهدي هدي محمد"
والسيد المنجي العياري هو من مواليد 1953، متزوج و له من الأبناء أربعة، علما بأنه كان قد أوقف في مرة أولى في 1987.و كان يعمل قبله مصرحا قمرقيا. كما أوقف مرة ثانية في شهر أفريل 1991 و حكم عليه بتسعة أشهر سجنا، ثم أوقف مرة ثالثة نهاية 1992 وحوكم مجددا بثلاثة عشر سنة سجنا.غادر السجن يوم 5 نوفمبر 2004. نقل إلى مستشفى "شارل نيكول" في العاصمة يوم 28 فيفري 2007 أدرك أطباؤه حقيقة مرضه و خطورته..إنه سرطان في الأمعاء الغليظة. وكان المنجي الشهيد قد أجرى عملية جراحية في 24 شهر ماي 2007.كما خضع لعلاج بالأشعة، و قد اضطر الطبيب المعالج إيقاف هذا العلاج عند ملاحظته تكسر الصفائح في دمه...
تم تشييع الشهيد إلى مثواه الأخير- و كانت نفس العبارات على ألسنة كل الحاضرين من المساجين السياسيين المسرحين و من أصدقاء الفقيد العزيز ..إلى متى تتواصل المجزرة بحق خيرة شباب البلاد ..!؟
هذا ونحن ندعو السلطات التونسية الى التدخل الانساني قصد التكفل المادي بأفراد عائلة الفقيد المنجي العياري والتعويض لهم عما أصابهم من حرمان مادي وأدبي بعد رحيل الفقيد .كما نتقدّم الى عائلة الفقيد البوعزيزي بأحر التعازي راجين المولى سبحانه و تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يرزق أهله وذويه وكل اخوانه جميل الصبر والسلوان. كما ندعو بهذه المناسبة الأليمة أصحاب القرار الى الافراج العاجل عمن تبقى من معتقلي الرأي ورفع كل القيود الاجتماعية والمادية والاستشفائية عمن أفرج عنهم. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)( الأحزاب 23)
فهل من مجيب لدعاء الاموات بلا اكفان و بلا قبور؟
لقد طالت المحنة شريحة واسعة من أبناء تونس، ونقدّر أنّ الضّحايا بالآلاف من مستويات مختلفة (مهندسون وأطبّاء، أساتذة تعليم ثانوي ومعلّمون، خبراء، فنّيون وطلبة...) يخضع جلهم إلى المراقبة اليوميّة، والتّهديد واستعمال العائلة والأبناء أداة ضغط عليهم لتحطيم معنوياتهم. طوبى للسابقين الأولين ، طوبى للفقراء المهاجرين ، طوبى لمن آووا و نصروا ، طوبى للذين تبوّؤوا الدار و الإيمان ، طوبى للذين قالواربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنّك رؤوف رحيم. اللهم ارحم شهداءنا الأبرار و أصلح حال عبادك الأحرار .آمين
الايام تتوالى ولا تتشابه و الاحبة يغادروننا بلا استئذان ولا ندري متى نرحل للالتحاق بهم . هم السابقون ونحن اللاحقون نسأل الله لنا ولهم العافية ان قلوبنا تخشع و اعيننا تدمع ولا حول ولا قوّة الا بالله العلي العظيم.
غدا من سيكون التالي في القائمة ، ترجل فرسان كُثر و سيبقى الفرسان يترجلون الواحد تلو الآخر إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ، هذه سنّة الله في خلقه لا نحيد عنها و لن نحيد.
الموت آت لا محالة وكأسه دوّارة نتذوقه تباعا و رحًاه تدور تطحن كل واقف ، تكلم فيها كثيرون فأجادوا ، أحبها القليل كل حسب نيته ، منهم من رأى فيها خلاصا و منهم من رأى فيها مغامرة ، و لكن كرهها السواد الأعظم من الخلق فما استطاعوا لها دواءً و ما اسطاعوا لها صرفًا.. فهل لنا ان نتدبّر ونستعدّ لقدر الله المحتوم بالعمل واخلاص النية لله وحده و نجلنا لنا شعار " نعمل جميعا فيما نتّفق عليه ويعذر بعضنا بعضا عما فيه نختلف".
أما آن لجميع الضمائر الحية أن تطالب بفتح تحقيق فوري و مستقل يحدد المسؤوليات في إصابة المساجين السياسيين بالأمراض الخطيرة و عن منعهم من العلاج. أما آن للضمائر الحية أن تصرخ بصوت واحد إنا لله و إنا إليه راجعون: ... كفى ! كفى ! تعست السياسة وتعس رافعو راية "لا أريكم إلا ما أرى، وأنا وما بعدي الطوفان" يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت ... أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها .... إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنُه ..... وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنةً ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
إنّ الإقصاء الفكري أوالسّياسي أوالاجتماعي أو جميعهم لن يُولّد إلاّ مزيدا من الاحتقان... ونحن ندعو الجميع الى التدخل حتّى يُوضع حدّ لهذه المحنة التي طال امدها وما قد يؤول إليه الوضع في وطننا، ونَهيب باكل قوى الحيّة في البلاد سواء الأحزاب السّياسية أوالمنظّمات الحقوقية أوالإطارات الادارية ، أو الجامعيّين، الإصداع بالحقّ والمساندة في هذه المحنة حتّى يُوضع حدّ للإقصاء والتهميش، والترويع ، للمساجين السياسيين السابقين وتهديد أبناءهم وحرمانهم من حقوقهم في وطنهم الّذي أصبحوا فيه غرباء.
هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل او من السفر ولا المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘. وإنّهم مهما تحلّوْا بالصّبر والثّبات ، إلاّ أنّهم مع مرور الوقت وتعاقب السّنين دون انفراج لوضعهم، خاصّة عندما يُمنع بعضهم من جوازات سفرهم، ويُقصى العديد منهم من المناظرات الوطنية وهو ما يمكن أن يُمثّل - مع شعورهم باليأس والإحباط - خطرا حقيقيا على تفكيرهم.
الإحاطة بمن زلّت بهم القدم وإدماجهم في النسيج المجتمعي
في الايام الأخيرة حلّ مولود جديد لنسيج الجمعيات التونسية الناشطة في المجال الخيري وهي جمعية خيرية اسعافية واجتماعية حسب التصنيف القانوني واسمها «جمعية ادماج المساجين المفرج عنهم» وهي عازمة على النشاط الهادف والانساني الموجه لفئة خاصة من نوعها هي المساجين المفرج عنهم. وقد حصلت على قرار الترخيص في 5 جانفي 2008.
تتكون الهيئة المديرة لهذه الجمعية من رئيس ناشط في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعة التقليدية وثلة من الاطارات العاملين والمتقاعدين الى جانب اخصائية نفسية ورجل قانون.
كاتب عام هذه الجمعية تحدث عن اهدافها والاسباب التي دفعت هذه النخبة لتكوينها اضافة الى اهم البرامج والانشطة المستقبلية المبرمجة.
و من اهم الاسباب التي دفعت الى تكوين هذه الجمعية الخيرية الاسعافية والاجتماعية حيث اكد الساهرون عليها انه من منطلق الايمان بالدور الهام والطلائعي الذي يمكن ان يلعبه الدور الجمعياتي في تونس
ثم ان الجمعية تعمل على الأخذ بيد هذه الفئة من المجتمع سواء الذين زلت بهم القدم في يوم من الايام او من اجل افكارهم على الجمعية ان تجد الحلول الكفيلة لاعادة ادماجهم في صلب المجتمع ولا سيما ان الصنف الثاني هو من اصحاف الشهائد العلمية والقدرات الثقافيةالغالية .
كما علمنا انه انطلاقا من مبادئ التضامن والتكافل التي يفرضها علينا ديننا الحنيف والتي ضمّنها الدستور و سيتم العمل على تدعيم هذه الاسس والثوابت من خلال نشاط هذه الجمعية اذ سيكون نشاطها مساهمة ومشاركة في تقوية النسيج الجمعياتي في تونس.
و عن اهداف «جمعية ادماج المساجين المفرج عنهم» فقد علمنا ان للجمعية مجموعة من الاهداف تتمثل
اولا : المساهمة في ادماج المساجين والاطفال الجانحين المفرج عنهم في النسيج المجتمعي وذلك بالاحاطة بهم ومساعدتهم علي ايجاد مواطن شغل او بعث المشاريع .
ثانيا : اقامة علاقات شراكة وتعاون مع الوزارات والمؤسسات والهياكل والمنظمات والعائلات قصد رصد امكانيات الشغل والادماج المتاحة .
و ثالثا : متابعة وضعية المدمجين من المساجين المسرحين والاطفال الذين اتموا فترة ايداعهم بمراكز الاصلاح الخاصة بالاطفال الجانحين ضمان لعدم عودتهم الى ما كانوا عليه.
واخيرا القيام ببحوث ودراسات والمشاركة في تظاهرات علمية تعنى بالادماج الاجتماعي عموما والادماج الاجتماعي للمفرج عنه على وجه الخصوص.
والمقصود بالمفرج عنهم هم الاشخاص الذين قضوا فترة بالسجن للكهول أو بمراكز الاصلاح للأطفال واثر ذلك تم اطلاق سراحهم سواء بعد انتهاء الفترة المخصصة للعقوبة او في اطار تمتعهم بالعفوالعام او الخاص وكذلك في اطار السراح الشرطي.
وان تعامل الجمعية مع المفرج عنهم لن تكون بالنظر الى نوعية الفعل او المدة المقضاة وانما سوف يكون على قدم المساواة لتذليل مصاعب الاندماج في المجتمع بعد قضاء مدة معينة في السجن.
وستكون الجمعية خير سند لاعانتهم في ايجاد الشغل سواء في المؤسسات او الانتصاب للحساب الخاص بمساعدتهم في الحصول على قروض صغرى من بنك التضامن او من ذوي اهل البرّ والاحسان. هذا من الجانب المادي البحت بل نرى وجوب العناية بالجانب الروحي حتّى لا يكون اعرج التكوين لانّ في غياب الجانب الروحي يعود المرء الى مان عليه قبل ايداعه السجن. و نحن نرى ان لااخواننا طاقات وامكانيات يمكن ان يفيدوا و ينفعوا فيها اذ هي خدمة للمجتمع المنشود.
واخيرا خطة عمل هذه الجمعية المتمثلة في التنسيق مع الادارة العامة للسجون والاصلاح الى جانب الاستعانة باطباء واخصائيين نفسيين ومختصين في الارشاد الاجتماعي واكد على وجود عدد هام من المتطوعين المختصين في المجالات الآنفة ذكرها للعمل صلب نشاط هذه الجمعية.
اما عن اهم البرامج المستقبلية التي ستعمل الجمعية على بناء مركز لايواء السجناء المفرج عنهم والذين لا يتمتعون بمحلات سكن ولا عائلة لهم
كما سيتم تنظيم حفل استقبال لجمع المسؤولين والمهتمين بالقطاع بهدف التعريف بالجمعية وربط العلاقات التشاركية التي من شأنها ان تساهم في تفعيل وانجاح برامج ومخططات الجمعية لفائدة المساجين المفرج عنهم.
تطوير الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية
المعلوم انه تم إحداث الهيئة العليا لحقوق الانسان بمقتضى الامر عدد 54 المؤرخ في 7 جانفي 1991 والذي وقع تنقيحه بمقتضى الامر عدد 2141 المؤرخ في 10 ديسمبر 1992 وخاصة الامر عدد 2846 المؤرخ في 8 نوفمبر 2006 وهو تنقيح هام لانه وسع في صلاحيات رئيس الهيئة وذلك بتمكينه دون سابق إعلام من زيارة المؤسسات السجنية والاصلاحية ومراكز الايقاف ومراكز إيواء أو ملاحظة الاحداث والهياكل الاجتماعية المهتمة بذوي الاحتياجات الخصوصية للتثبت من مدى تطبيق التشريع الوطني الخاص بحقوق الانسان والحريات الاساسية
كما ان هذا التنقيح وسّع في صلاحيات الهيئة وذلك بتمكينها من قبول العرائض والشكايات حول المسائل ذات الصلة بحقوق الانسان والحريات الاساسية الصادرة عن المواطنين وترفع تقارير في شانها الى رئيس الجمهورية.
ثم أُدخل تنقيح آخر بموجب الامر عدد 886 المؤرخ في 10 افريل 2007 وهو يتعلق أساسا بتركيبة الهيئة وصدر الامر عدد 1789 المؤرخ في 17 جويلية 2007 والمتضمن تعيين أعضاء الهيئة وهم يتوزعون الى مجموعتين:
الفئة الاولى تضم شخصيات وطنية ، والثانية تشمل ممثلين عن مجلسي النواب والمستشارين وعن الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الانسان والحريات الاساسية.
وبقطع النظر عن ايجابية تلك التنقيحات فان إحداث وسير عمل المنظمات الوطنية لحقوق الانسان يخضع لجملة من المعايير الدولية التي تضمنتها ما اصطلح على تسميته "بمبادئ باريس " التي أقرتها لجنة حقوق الانسان التابعة لمنظمة الامم المتحدة في اجتماعها المنعقد بالعاصمة الفرنسة من 7 الى 9 أكتوبر 1991.
وتضمنت هذه المبادئ التي صادقت عليها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها عدد 48/134 المؤرخ في 20 ديسمبر 1993 جملة من المعايير والقواعد التي يتعين على المنظمات الوطنية لحقوق الانسان التقيد بها واحترامها ومن أهمها "ان تكون للمؤسسة ولاية واسعة قدر الامكان ومنصوص عليها صراحة في احد النصوص الدستورية أو التشريعية التي تحدد تشكيلها ونطاق اختصاصها" (البند الثاني من مبادئ باريس).
ومعنى ذلك انه يجب ان يكون إحداث وتنظيم هذه المؤسسات بمقتضى أحكام دستورية أو بموجب قانون ومن هنا تتجلى أهمية وأبعاد القرار الرئاسي الذي يستجيب للمعايير الدولية المذكورة وهذا مظهر آخر من مظاهر انخراط تونس في المنظومة الدولية لحقوق الانسان وملاءمة التشريع الوطني لها.
الأزمة التي تردت فيها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان رغم المصاعب وبطء نسق التواصل و الأبواب تبقى دوما مفتوحة رغم المصاعب. ولكن النائب الأول لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان صلاح الدين الجورشي اعتبر أن شيوع الأجواء الإيجابية لحل ملف الرابطة وحده لا يكفي وأن الجميع بانتظار دفعة سياسية لتحريك الملف
وقال صلاح الدين الجورشي: "دائما وفي بداية أي مفاوضات يحاول كل طرف أن يستعمل العديد من الأوراق من أجل الحصول على أكثر المكاسب أو على الأقل الحد من الخسائر، يبدو لي بأننا ننتظر عملية دفع، وأعتقد أن السلطة لها الكثير من الامكانيات لتقوم بعملية الدفع هذه، وهي عملية تستوجب من الرابطيين أن يتجنبوا بدورهم كل ما من شأنه أن يعرقل هذه الدفعة".
ورأى صلاح الدين الجورشي أن ما صدر من قرارات بشأن توسيع صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، هي دعم لمؤسسة يمكنها أن تلعب دور الوسيط بين السلطة والمجتمع المدني والقوى السياسية، وبالتالي يمكن أن تكون هذه القرارات بمثابة المزيد من التفويض لهذه المؤسسة للقيام بهذا الدور، على حد تعبيره.
ورفض صلاح الدين الجورشي اعتبار هذه القرارات بأنها تصب في سياق تحجيم الرابطة، وقال صلاح الدين الجورشي: "لا أعتقد أن لهذا علاقة بالرابطة التي تتحرك ببطء أو بالرغبة في تهميشها، فهناك رغبة و من الطرفين سواء في السلطة أو في الهيئة المديرة للرابطة لحلحلة هذا الملف، ويمكن القول إن الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لا تزال هي الجهة الوحيدة التي تقصدها الرابطة للبحث عن حل ولمعالجة ملفها، ولا يمكن للهيئة أن تلعب دور البديل عن الرابطة لأنها هيئة ذات طابع رسمي بينما الرابطة مؤسسة نابعة من المجتمع المدني ومستقلة عن السلطة ماليا"..
المراقبة الادارية للمساجين السياسيين المسرحين
يفهم من قرار المراقبة الادارية أن المعني بالأمر لا يعتبر مخالفا و لا يترتب عن تلك المخالفة تتبع عدلي طبقا لمقتضيات الفصل 150 من المجلة الجنائية إلا في صورة تعمده تغيير مكان إقامته المحدد بالقرار المذكور دون أن يتحصل على رخصة في ذلك.
ومن آخر هذه الإجراءات إيقاف السيد محمد صالح قسومة الذي نخرت جسمه النحيف و نخرته الأمراض المزمنة و ان إيداعه السجن مرة أخرى من اجل تنقله للعلاج في مدينة سوسة للتداوي ولا يخفى ما يترتّب على هذا من تدهور لحالته الصحّية. و قد مثل امام محكمة ناحية السواسي يوم 17 جانفي 2008. من اجل عدم الامتثال لتراتيب المراقبة الادارية. و قد اصدروكيل الجمهورية بالمهدية بطاقة ايداع في حقّه يوم 5 جانفي 2008. وقد أصر أثناء إستنطاقه على رفض الامتثال لأي إجراء تعسفي مخالف للقانون مهما كانت التبعات وبعد التأمل صدر الحكم يوم 16 جانفي بسجنه شهرين مع تأجيل التنفيذ.
و هي طريقة غريبة في توجيه التهمة بناء على ما اعتبره أعوان الأمن مواقف سلبية تتمثل في الامتناع عن الامضاء بالمحاضر. ذلك و أنه أضاف محضر البحث نسخة من قرار المراقبة الادارية. وأن ما وقع فرضه على السيد محمد الصالح قسومة من طرف وزير الداخلية بقرار المراقبة الادارية هو الاقامة بأولاد مولاهم بالسواسي و ذلك لمدة خمسة أعوام و وقع التنصيص بالقرار المذكور على أنه لا يمكن للمعني بالأمر تغيير مكان إقامته بدون رخصة. .
مضايقة و محاصرة للمهندسين حمادي الجبالي و علي العريض
يتعرض مدير جريدة الفجر السيد حمادي الجبالي و السجين السياسي السابق - منذ خروجه من السجن في 26 فيفري 2006 بعد أن قضى به ما يقارب من 16 سنة إلى أشكال شتى من المضايقات و الممارسات التعسفية التي طالت أفراد أسرته و أقاربه و جيرانه و ذلك بفرض حصار خانق على بيته من طرف أعوان الشرطة السياسية المرتدين للزي المدني مستعملين كل الوسائل لإحكام الحصار ضده من سيارات تابعة لمؤسسات عمومية و دراجات و تكليف أعوان مترجلين لمتابعته بطريقة لصيقة و استفزازية و ذلك أينما ذهب لقضاء شؤونه العائلية.
وقد كرست تلك المحاصرة واقعا من المراقبة اللاقانونية حولت حياة السيد حمادي الجبالي و حياة أسرته إلى معاناة يومية و حولت محيطه إلى سجن كبير و هو ما أفرغ كل معنى لإطلاق سراحه. إذ أن تلك الممارسات أعاقته عمليا على ممارسة أي نشاط عام و أي نشاط مهني و حرمته من حق طبيعي و دستوري في الحرية و العمل و القيام بأي نشاط صحفي أو سياسي.
إيقاف علي العريض
تمّ يوم 15 فيفري 2008 إيقاف السيد علي العريض السجين السياسي السابق والناطق الرسمي باسم حركة النهضة سابقا ووقع اقتياده إلى احد المراكز الأمنية حيث عومل بشكل استفزازي.
من المعلوم أن السيد علي العريض حضر الاجتماع الذي انتظم بمقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات حول عقوبة الإعدام, و التكتل الديمقراطي يدين هذه الأساليب الأمنية التي لا تعتمد القانون و التي تنتهك أبسط حقوق المواطنة ويطالب السلط المعنية باحترام القانون و الكف عن مثل هذه الممارسات التي تعطل نشاط حزب قانوني و تنال من حقه في الاتصال و الحوار مع المواطنين مهما كانت انتماءاتهم السياسية و الفكرية.
محاصرة و احتجاز علي العريض
تعرض السجين السياسي السابق السيد علي العريض للاحتجاز لمدة 5 ساعات بمنطقة الأمن بباردو حيث تم التنبيه عليه بالامتناع عن كل عمل له علاقة بالشأن العام و عن الاتصال بالأحزاب السياسية .
و قد تمت محاصرة منزل العريض صباح السبت 16 فيفري 2008 و لم يتم إطلاق سراحه إلا حوالي الساعة السابعة مساء إذ وقع اقتياده من قبل مجموعة من الأعوان بالزي المدني بمجرد عودته على الساعة الثانية بعد الزوال كما يتعرض السيد علي العريض السجين السياسي السابق إلى محاصرة أمنية من طرف البوليس السياسي حيث يقبع أمام منزله أعوان بالزي المدني يتابعون تحركاته و يضايقونه بمحاصرة لصيقة أينما توجه بواسطة سيارة تلاحقه في كل وقت.
و نحن لا يسعنا إلا أن نشير إلى التذمر من المضايقات و الهرسلة الدائمة التي يتعرض لها المسرحون من حركة النهضة المحضورة و هو ما يصدر عنهم من تشكيات من أجل ذلك . والى معاناة الكثير من الحالات البارزة مثل استمرار نفي الصحفي السيد عبد الله الزواري للسنة السادسة على التوالي في الجنوب، وتواصل مضايقة السيد محمد العكروت والتضييق عليه في رزقه،ومنع السيد العجمي الوريمي من حضور ندوة سياسية دعا إليها الحزب الديمقراطي التقدمي وإعادته مكبلا إلى مسقط رأسه، وقد طلب من السيد عبد الكريم الهاروني الإمضاء اليومي في مركز الأمن رغم أن هذا الإجراء غير منصوص عليه في حكم المراقبة الإدارية.
ملف الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الانسان
تقوم عدة شخصيات حقوقية من داخل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وخارجها بجهود لتسوية ملف الرابطة ..وتسهيل عقد مؤتمرها الوطني المؤجل عبر حل وسط مع الطاعنين في شرعية الهيئة المديرة الحالية يقوم على اعادة عقد مؤتمرات بعض الفروع التي حلتها الهيئة المديرة الحالية ضمن ما عرف بعملية الدمج مما تسبب في اقصاء مئات الرابطيين المستقلين ومن مختلف الحساسيات .
يذكر أن الغالبية الساحقة من بين أعضاء الهيئة المديرة الحالية لا يحق لهم اعادة ترشيح أنفسهم حسب القانون الاساسي والقانون الداخلي للرابطة الذي يمنع البقاء في الهيئة المديرة لمدة تفوق الدورتين أي 6 أعوام، بينما أغلب الاعضاء الحاليين يتحملون مسؤولية في القيادة المركزية منذ مؤتمر1994 . ورفض صلاح الدين الجورشي اعتبار هذه القرارات بأنها تصب في سياق تحجيم الرابطة
وقال صلاح الدين الجورشي: "لا أعتقد أن لهذا علاقة بالرابطة التي تتحرك ببطء أو بالرغبة في تهميشها، فهناك رغبة و من الطرفين سواء في السلطة أو في الهيئة المديرة للرابطة لحلحلة هذا الملف، ويمكن القول إن الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لا تزال هي الجهة الوحيدة التي تقصدها الرابطة للبحث عن حل ولمعالجة ملفها، ولا يمكن للهيئة أن تلعب دور البديل عن الرابطة لأنها هيئة ذات طابع رسمي بينما الرابطة مؤسسة نابعة من المجتمع المدني ومستقلة عن السلطة ماليا".
حان الوقت لتجديد الخطاب
لقد تعوّدنا ان نجعل من خطابنا وسيلة لنقل الفكرة ومخاطبة النّاس بها و لا تركّز على الاشكاليات والصعوبات التي تتولّد عن الاوضاع الاجتماعية والسلوكية و النفسية للمجتمع .
لقد غلب على خطابنا في الماضي عند صراعنا مع الفكر اليساري و العلماني والعروبي في رفع التحدّي و العودة بالدولة الى موقع الاستقلالية والمقاومة الفكرية والايديولوجية من قضايا حقوق الانسان و الحريات و الشورى وحقّ التملّك و مقاومة الاستبداد والحكم الفردي و بذلك انصرفنا عن هموم الامة الكبرى لان خطابنا كان مغلّف بالبعد العاطفي و الوجداني و هذا مطلوب ولكنّه غير كاف.
إننّا واعون بالمستجدّات والمتغيّرات والّتي مع الأسف الشديد يُغالب البعض القفز عليها وتجاهلها خدمة لمصالح ضيّقة واهيّة وخدمة لأجندات خارجيّة مشبوهة.
ونحن، لا نرى أن من مهمّات المعارضة الوطنيّة القطيعة مع السلطة السياسيّة وأجهزة الدولة ، بل نرى الصواب في التفاعل مع المكاسب ونقدا للأخطاء وكشفا للثغرات ومُطالبة لا تنقطع بإقرار المزيد من المبادرات لتعميق الإصلاح ، وهذا ما يمكن أن نُساهم في الارتقاء بالعلاقة بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي إلى علاقة الشراكة والجهد الموحّد خدمة للمصالح العليا للبلاد وللشعب.
إنّ المجال اليوم هوللعمل والاشتغال بصدق ودونما شعارات فضفاضة وخادعة، هذه الشعارات الّتي خلناها قد اندثرت من القاموس السياسي بسقوط حائط برلين وتهاوي أكبر الإيديولوجيّات في العصر الحديث ، لكنّ إفلاس بعض الأطروحات يبدو أنّه أعادها إلى الواجهة كشمّاعة لتعليق حالتي الإحباط والتخبّط .
وإن كنا لا نريد فتح ملفات الماضي فإنّه لا يتجاهل المعرفة الحاصلة بتاريخ التجربة السياسيّة المُتداخلة التي لم تقف بعدُ بوصلته عن الدوران في كلّ الاتجاهات والمناحي شرقا وغربا ، يمينا ويسارا ، بحثا عن دعم وسند لمشروع قوامه الوهم والتخيّل والزعامة ، مشروع مُنقطع وبعيد عن واقع البلاد ومنشدّ أكثر ممّا هو منشدّ إلى إيماءات من خارج حدود الوطن.
إنّه بقدر استغرابنا من المسلك الّذي ينهجُهُ هذا او في إثارة الضغائن والأحقاد ومحاولات الركوب علي أهواء الزعامة والمجد السياسي المفقود. غير أنّ الانقطاع عن الهموم الحقيقيّة للبلاد وحاجتها المتأكّدة إلى إثراء روح التواصل بين كلّ الفاعلين في الحقل السياسي الوطني وتحقيق انسجام جديد يتوافق مع طبيعة المرحلة الانتقاليّة الّتي تمرّ بها التجربة الديمقراطيّة التونسيّة يحثّ البعض على انتهاج مسلك المغالطة الّتي لم تعُد تنطلي على أحد اليوم، فمن كان سبّاقا إلى عقد الموالاة ثمّ الإعلان عن القطيعة ثمّ العودة عنها ثمّ الرجوع إليها وهكذا دواليك ، لا يستقيم حال من لا يرغب في استقامة حاله.
كما نرى أنّ الإصلاح الحقيقيّ ليس في رفع سقف المطالب إلى السماء، كما أنّها ليست في تجريم الآخرين والحطّ من منزلتهم واتهامهم بما ليس فيهم والنبش في نواياهم أو في تلقّي الأجندات الخارجيّة والارتماء في أحضان الأجانب والمستعمرين ، إنّما هي تلك الّتي تجتهد يوميّا في الالتصاق إلى مشاغل وهموم المواطنين والاقتراب من رصد تطلّعاتهم وطموحاتهم والكشف عن حاجاتهم الأساسيّة والّتي من أبرزهاالتعليم والصحة و الشغل ولُقمة العيش الكريم وإيجاد المزيد من الفضاءات والفرص للحوار والجدل وتبليغ الآراء والمواقف في أجواء من التعايش والألفة والمحبّة.
وإنناّ على قناعة بأنّ من المهمّات الأساسيّة لنا في الوقت الراهن هو تأطير المناضلين والحرص على فتح الطريق أمامهم للمشاركة في الشأن العام بعيدا عن منطق الإثارة والفوضى والارتماء في أحضان المجهول،ناهيك وأنّ العالم بأسره يشهد اليوم عزوفا غير مألوف ومن الشباب خاصّة في الالتفات إلى الشأن العام.
إنّ المهمة الاساسيّة التي هي من أولوياتنا هي المهمة الاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة وهي أولوياتنا المُطلقة في هذه المرحلة ولا يُمكن أن تكون مواعيد انتخابيّة لم يحن موعدها بعد مشغلة تقتضي القفز على واقع المواطن وتطلّعاته ، كما أنّ إعلان الترشّح وإن كانت سابقة لأوانها و لا يُمكن للحملات الانتخابيّة أن تجري خارج حدود الوطن .
إنّ الإدعاء بالتحكّم في قلاع النضال السياسي وحسن إدارتها من أشدّ أوجه المغالطة ومن أبرز تجلّيات الممارسة السياسيّة الخاطئة وهو يُخفي في باطنه عجزا في فهم حدود المسؤوليّة وفشلا في إدراك حقيقة الصراع الدائر اليوم وتكاد تعصف بخيرة أبنائنا من الشباب .
من المسائل التي يجب عليها اعطائها اكثر قدر من الاهمية هي القضايا ذات البعد الوطني الموافقة والمنسجمة مع البعد العلمي للأمة الاسلامية وكيقية ترجيح العملية السياسية القطرية.
و في الاخير ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم ‘‘ (آل عمران 172 ) " من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد" (فصلت 46)
إني أموت وأنا أرى الوطن يموت أمامي وأنا عاجز عن مساعدته، أني أموت كل يوم وأنا أرى أرضي وأرض أجدادي تعرض عني! منذ عقود لم أطأ ترابها ولم ألتحف سمائها، إني أموت كل لحظة ألمس فيها عجزي.... ذهبت الأمّ ولم أرافقها في وداعها، قلت هذه لله وما شاء فعل وحفظ الله لي أبي..، ونظرت إلى السماء مجددا وقلت من أجل الوطن من أجل كرامته من أجلك يارب...
ثم واصلت الطريق، طريق العذاب... أمنّي نفسي بغد أفضل أجد فيه نفسي أعيش بين أطراف وطن حرّ، أحمل فيه إبريق ماء وأذهب إلى قبر أمي لأحييها، وأعلن لها حبي وحسرتي ومصالحتي مع الزمان والمكان...
عارضتُ منذ عقود، وغضبت منذ عقود، وقاومت منذ عقود..، كتبت مقالات تقاس بالأمتار، وبحّ صوتي في التنديد والتشهير وتعرية الاستبداد... إذا نادوا لعريضة كنت الأول في القائمة! إذا اجتمعوا لمظاهرة كنت الرافع لليافطة! إذا دعوا لندوة كنت في الصفوف الأولى...
ليس حالك بأحسن من حالي لم أكن أريد العيش في الأحلام الواهية. و الثورة المغشوشة طلقتها منذ زمان والتغيير لم ولن يكون من المستحيلات السبع. و الأمل باق لا محاله
قاومنا الاستبداد فأذلنا واشتد عوده وهمّشنا! أردنا الوقوف فكسّر شوكتنا، وانتصب على كرسيه يورثه لمن يشاء، والناس من حوله إمّا مسبّح بحمده أو مختف في بيته، أو مشرّد أو سجين...
ولقد عارضنا وزيادة وإنَ كان على حساب أهلنا وذوينا، وعلى حساب الحياة كلها..، استغنى الناس وافتقرنا، وبنوا العمارات وعشنا في رحمة الملاّك، اشتروا الضيعات وركبوا كبار السيارات وبقينا نمشي حفاة.والله إن العين لتدمع والقلب ليفزع
غادرنا الديار ورمانا الاستبداد مشرّدين خارج الوطن الحبيب، لم يكن خروجنا من أجل امرأة نريدها أو تجارة نكسبها، أو لأرض نكتشفها ونستمتع بزينتها، وإنما خرجنا من أجل وطن جريح ملقى على الرصيف فهل انتهت جراحاته وهل انتهت مأساته؟
خرجنا من أجل كرامة مهدورة، فهل رجعت له كرامته؟، خرجنا من أجل حقوق وحرية فهل عادت إلى أهلها وتمكنت في بيتها؟ خرجنا من أجل إنسانية فقدت ذاتها، ومواطنة أُلقيَ بها في المزابل والقمامات، فهل أصبح الإنسان إنسانا والمواطن مواطنا في حيّنا وداخل بلادنا؟ لا أتحدث عن الأكل والشرب ومكاسب البطن، فمن كان همّه في بطنه فقيمته ما يخرج منها، ولعل هذا ما يريد الاستبداد منا حالا وقيمة، ولا أظن انسانا كرمه الله وأسجد له ملائكته وفضله على كثير من خلقه تنحصر كرامته ورفاهته وسعادته فيما يرمي به من لقيمات داخل فيه!!!
من للضعيف إذا ضعفنا ومن على القوي إذا تقاعسنا من للمظلوم إذا توارينا ومن على الظالم إذا فررنا وتكاسلنا؟ من للسجين بغير حق إذا صمتنا ومن للشريد المنفي في أقصى الأرض عدوانا وظلما، إذا شغلتنا هموم ذواتنا؟... إن الحياة أكبر من امرأة تكسب ودّها وتجارة تكسب ربحها وبيت تكسب جدرانه، ومن لم يعانق الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر...
ثم لا ننسى الأهمّ وأنا وأنت نحمل نفس المرجعية..، للوطن الحبيب حقوق وللمظلوم المسكين حقوق، والجميع مطالب به أمام الله بعد ضميره وبعد محكمة التاريخ، ومن هذا الباب خوفي على نفسي قبل غيري كبير، فبالله عليكم ماذا لو سألني ربك وربي يوم اللقاء وما بيني وبينه حجاب : ماذا قدمت لبلادي؟ ماذا فعلت من أجل دمعات سُكبت وآهات سُمعت وأودية حمراء انسابت؟
ماذا فعلت وأرى الظلم بواحا والاستبداد يمشي مشية الخيلاء على الأشلاء والمآسيإني عاجز عن الإجابة وأنا بين أهلي وفي بحبوحة من أمري، فكيف يكون حالي وأنا وحيد مع ربي، وجوارحي تنطلق ناطقة مكبّلة حالي وفاضحة أمري؟ إن قشعريرة لتتملكّني وأنا في حضرتك فكيف بي وأنا في حضرة ربي من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟..." ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا" (الاحزاب 15.) ‘‘انّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال ‘‘ (سورة الرعد 11) صدق الله العظيم
خيارنا الدعوي السلمي
ونحن اذ نعتزّ بمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. فالتغيير السلمي لا يمكن الجمع بينه وبين راديكالية العنف
فالموضوع هو رفع التحديات وقبول الصعاب ، لإنجاز الهدف القابل للتحقيق وأن الصعاب عندما لا تدمّرالشخص ترفعه وما يجعلنا على ثقة بأن رهاننا معقول و هو أنه ليس وليد حسابات أوردود فعل ظرفية أوبحث عن مواقع في السلطة.
ان المجتمع التونسي عرف كيف يتعامل مع الواقع منذ النصف الثاني من التسعينات اذ انتج موجة جديدة من التدين لدى الشعب التونسي اللأبي وهي في تزايد و تناسق تام مع اتساع و امتداد المد الاسلامي الذي عم العالم الغربي والاسلامي على السواء وربّ ضارة نافعة. تصديقا لقوله تعالى في سورة البقرة اذ قال : " وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم و عسى ان تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم والله يعلم و أنتم لا تعلمون" (البقرة 216)
كما فشلت خطة السلطة في دفع اتباع هذه الحركة الاسلامية المباركة الى انتهاج العنف او الى التخلي عن معارضتهم السياسية وفشل في فل عزيمة المساجين او ارهابهم من اجل ان يتخلوا او يعبروا عن تخليهم عن قضيتهم او موقفهم المعارض لقمع السلطة واستبدادها بالسلطة وهم في سبيل ذلك قدموا الكثير من التضحيات وهو ثمن باهض وصل في بعض الحالات الى الموت ودفع الكثير منهم بصحتهم فداءا من اجل وطنهم و قضيتهم..
وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ الا وانتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاولا تفرّقوا و اذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداءا فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا" (آل عمران 103)
فالشخص الملتزم عندنا، هو مطالب بالمراهنة على طول النفس والقبول بأن علينا أن نزرع لكي يأكل شعبنا مثلما زرعوا فأكلنا . اذ كان جامع الزيتونة أسبق المعاهد التّعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التّاريخ عهدا حمل مشعل الثّقافة العربيّة 12 قرنا ونصف بلا انقطاع وكان لرجال الزيتونة وعلمائها دوركبيرفي النهضة والإصلاح.
كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه. وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن الطوائف المحتسبة من أهل العلم ما قامت على سلطان عادل أو ظالم إلا كانت الدائرة على تلك الطائفة؛ لأنها جهلت المنهج النبوي: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فلا مساومة في الحقوق الغير قابلة للتصرف ولا التخلي عن الأهداف التي ضحت من أجلها الأجيال.
طاقات بشرية ومادية عظيمة أهدرت وحولت عن موضوعات البناء والتنمية والنهوض العلمي والتقني والوحدة الوطنية والتصدي للتحديات الخارجية الى موضوعات تقسيم الصف الوطني وانهاكه في تحديات سياسية وأمنية داخلية على حساب التشييد والاعمار والانماء ورص الصفوف في قضايا الاستعمار والتخلف المادي والمعرفي في زمن العولمة...
نزبف لازال مستمرا في كثير من الأقطار و لم يتعظ الكثير من القادة من تجارب فاشلة على الصعيد السياسي , ولقد كان أحرى وأجدر أن يمتلك القائمون عليها شجاعة المراجعة والتقويم بدل الاصرار على المغامرة بأجيال جديدة أوشحذ الهمم باتجاه فكرة الصراع والمواجهة مع أبناء الوطن الواحد والمصير المشترك بفك الاشتباك وتطبيع العلاقات بين قوى المجتمع والحكومات الذي بات ضرورة لاتحتمل التأخير...
مجتمعات مدنية اسلامية لابد أن تتمايز عن أجندات مجتمعات مدنية وهبت مفاتيح تصرفها ومساهمتها وترشحها واشتباكها وصراعها وخصومتها لقوى خارجية تسندها ماديا وسياسيا وأدبيا واعلاميا في مقابل طموحات مخفية لاعادة رسم خرائط المنطقة ...
أن خلافاتنا ومهما بلغت مع الاخر ومهما بلغت درجة التقصير فان ذلك لن يبرر الخروج عليه بمنطق السلاح أو الجلوس مع أعدائه وأعداء الأمة إذ لا يمرّ أسبوع واحد تقريبا إلاّ ونسمع أنّ السّفيرالأمريكي أو أحد معاونيه أو "الخبراء" القادمين من الولايات المتّحدة الأمريكيّة للتقابل مع أمين عامّ حزب معترف به أو قيادي من حزب غير معترف به أوشخصيّة تونسيّة مرموقة تنشط في الحقل السّياسيّ أو الحقوقيّ أو الجمعويّ
والملفت للنظر أنّ مواضيع المحادثات التي يجريها المسؤولون الأمريكيّون بتونس تنحصر أساسا في قضايا تونسيّة داخليّة، أو في قضايا الشّرق الأوسط. ويبدو أنّ قضايا أوضاع حقوق الإنسان والإصلاح السّياسيّ في بلادنا هي المحور الرّئيسيّ الذي يؤكّد عليه الجانب الأمريكيّ إلى جانب التّسويق لسياسة الولايات المتّحدة في كامل المنطقة العربيّة.
ويواصل السّفير الأمريكيّ ومعاونوه تحرّكاتهم المشبوهة فارضين أمرا واقعا ببلادنا مفاده أنّ السّفارة الأمريكيّة جزء في المعادلة السّياسيّة الوطنيّة، وطرف لا يمكن تجاهله اعتبارا لثقله العالميّ ولإصراره على انجاز ما تسمّيه برنامج الإصلاح السّياسيّ في الأنظمة العربيّة ودمقرطة المجتمعات القائمة لتحقيق الأهداف الأساسيّة التّالية:
1-· دفع بلدان المنطقة نحو انفتاح أكبر على الإقتصاد العالميّ ومصالحه. ودفع الأنظمة الموالية لها إلى اتّخاذ اجراءات سياسيّة انفراجيّة محدودة ضمانا لاستمراريّة تلك الأنظمة نفسها ولمصالح الولايات المتّحدة التي باتت معزولة عن أوساط جماهير الشّعب والنّخب الواسعة.
2 - القبول باحتلال أمريكا للعراق والصّمت على جرائم الصّهاينة في فلسطين للتّطبيع مع الكيان الصّهيوني.
و نعتقد أنّ السّفارة تستغلّ كلّ حدث يجري في بلادنا لتمرير سياسة نظامها لتحقيق أهدافها المعلنة والخفيّة وفرض نفسها على الجميع دولة وشعبا كطرف يجب التّعامل معه والأخذ بآرائه ومقترحاته ومواقفه
ربما يعد السّفير الأمريكيّ أو يتعهّد لمن شاء له أن يلاقيه بالضّغط أو التدخّل لدى السّلطة التّونسيّة وإقناعها باتّخاذ اجراء "انفراجيّ" ما. وربّما كلّلت مساعيه بالنّجاح كما يقال. السّفير الأمريكيّ لا يتدخّل لدى السّلطة ولا يضغط عليها إلاّ في القضايا التي تخدم الأهداف السّياسيّة والإقتصاديّة التي استعرضناها سابقا والتي تخدم مصالح الأطراف السّياسيّة المستعدّة للتّعامل إيجابيّا مع الأجندة الأمريكيّة بغضّ النّظر عن وضعها القانوني.
مع الملاحظ أنّ الإدارة الأمريكيّة تعمل منذ مدّة على تّضخيم حجم ما تسمّيه الإسلام السّياسيّ المعتدل وتقديمه على أنّه القوّة الرّئيسيّة الشّعبيّة المعارضة الأولى في الأقطار العربيّة . فلا يجب حسب رأينا إهمال هذا الجانب الهامّ والمركزيّ في تحرّكات السّفير الأمريكيّ، وهو ليس الجانب الوحيد بالطّبع في نشاطه الحثيث .
لكن السّلطة لازمت الصّمت رسميّا تجاه تحرّكات السّفارة الأمريكيّة. فنحن نراها صامتة تجاه ممارسات هذه السّفارة وتحرّكاتها بل لم نسمع أبدا أنّها ذكّرتها بضرورة احترام سيادة البلاد والتّقيّد بالمعاهدات والمبادئ التي تنظّم العلاقات الدّيبلوماسيّة بين البلدان ووضع السّفارات.
لم نقرأ أو نسمع تصريحا من مسؤول في الدّولة يتّخذ موقفا واضحا تجاه التدخّل السّافر للسّفارة الأمريكيّة بتونس ولم يتجرّأ نائب أو مستشار منتم للحزب الحاكم انتقاد "سعادة المقيم العامّ الأمريكيّ" ولم نقرأ على أعمدة صحافة الحزب الحاكم أو الصّحافة الرّسميّة مقالا يتعلّق بالموضوع.
فلماذا كلّ هذا الصّمت ولمصلحة من؟
لماذا لا تفتح السّلطة حوارا جديّا وبنّاءا مع مكوّنات المجتمع المدنيّ والأطراف السّياسيّة التي قبلت بالعمل في إطار القانونيّة وعلى أسس مدنيّة حول جميع الأوضاع والقضايا التي تعيشها البلاد؟
ألا تؤدّي سياسة الإنغلاق ورفض الحوار إلى تشجيع التدخّل الأجنبيّ في الشّأن الوطنيّ؟ ألا تدفع هذه السّياسة إلى إحباط البعض وانعدام الأمل لديه في أيّ تغيير بالإعتماد على الشّعب ونخبه المناضلة والمتمسّكة بالثّوابت؟
هذا النهج سيؤدّي حتما إلى نتائج كارثيّة على الجميع وفي النّهاية على البلاد وشعبها وسوف تخرج منه الدّوائر الإستعمارية هي المستفيدة الوحيدة
نحن مدعوون اليوم أكثر من اي وقت مضى الى أن نكون في مواجهة كل أشكال الارهاب المادي والفكري الذي يروج له البعض دون الوقوف على حقيقة الاسلام كدين علم وحضارة وتسامح مع الأقليات والمدارس الفكرية والسياسية المخالفة ...
نحن اليوم ندعو أصحاب القناعة الاسلامية الوطنية الصادقة أن لا يكونوا جسرا للاخر ليبرر تدخله في تفاصيل مشهدنا الوطني
وهذا العجمي الوريمي الذي حوكم سنة 1991 وقضّى 17 عاما في السجن ، وقد أطلق سراحه يوم 25 جويلية 2007،يقول: ([5])" وفق قناعتي، هو أن تُتاح لكلّ العائلات الفكريّة والسياسيّة أن تجري الحوار في داخلها بدون أي ضغوط وبدون أي تدخّل وبدون أي وصاية مهما كانت. وهذا الحوار والنقاش سيفرز الجديد بطبيعة الحال وهو ما ليس متاحا الآن.
" فالوضع الحالي يصعب فيه حتى على الأحزاب القانونية أن تمارس الشورى في داخلها، أن تمارس الديمقراطية في داخلها، حتى من أجل طرح قضايا معينة لمناقشتها والتفكير فيها وتطوير برامجها وتعديل خطابها وخطّها السّياسي وهو ما أسمّيه الانشغال بمعركة الوجود على حساب معركة التجديد.
" وهذه وضعية الأطراف كلّها تقريبا بما في ذلك الأحزاب القانونية التي تعيش هي الأخرى في ظلّ ضغوطات معيّنة وفي ظلّ مغريات معيّنة وفي ظلّ وضع داخلي صعب. وأرى الحوار الجيّد يكون بعيدا عن أي ضغوط وأي تأثير وأي وصاية وأي تدخّل، لأنّ التدخّل موجود والوصاية موجودة والضغوطات موجودة."
نحن اليوم نحتاج الى اعادة نظر وتأمل على أساس فكر استراتيجي بقطع النظر عن الأخطاء أو التقصير على أساس أنها امتداد لافراز شعبي واجتماعي فلا يمكن تخوينه أو التشكيك في وطنيته
فبدل أن يقوم هؤلاء قليلي التجربة بالدعوة النبوية وإصلاح الأمة وتربية الجيل يريد اخواننا قليلي التجربة القفزإلى رأس الهرم ويهمل القاعدة ويواجه أنظمة ولو أنها فاسدة ولكنها تملك طوابير العسكر وجيوش الشرطة وأسراب الطائرات وقوافل الدبابات.
أما اليوم فكل تلك الكتب و الأشرطة متوفرة على الشبكة العنكبوتية التي أضحت في متناول الجميع سواء في داخل القطر او خارجه. فما المانع من احياء البرنامج التكوينية التي وقع تربية شباب الحركة عليها قبل المحنة. ان هذه البرامج هي التي ساهمت في تكوين القيادات و العناصر الفاعلة القوية الأمينة على مصير الشعب التونسي عل مرالسنين في السبعينات و النصف الاوّل من الثمانينات. و في ذلك يتنافس زوار المنتديات و المواقع و بذلك تستعيد الكتابة قيمتها. كيف يمكن أن نحلّ مشاكلنا إذا بدأنا بجهل أو برفض توصيفها وتسمية الأشياء بأسمائها؟
ونحن ندعو اخواننا للتفرغ للحقل الدّعوي و اعطائه المكانة التي يستحقّها و هذا اولى من المجالس التي لا تقرّبنا الى الله تعالى و تكوين الشباب على هذا النهج الخالد الذي كان عليه أسلافنا الكرام. لقدغرست الزيتونة في تونس عام 114 ه لتكون مثابة أمن وعلم وتقدم في القارة السمراء فكانت كذلك حتى فاض خيرها على الأزهر ذاته وهوالذي وقع تشييده بعدها حتى تحالفت العلمانية مع الإستبداد في تونس في عهد بورقيبة وأول ضحاياه كان جامع الزيتونة الأعظم
ولقد ظلت الزيتونة ترعى أهلها وبلادها حتى طمس الإستبداد نورها وقبرها حية فأضحى الناس من حولها كاليتامى وخاصة المرأة التونسية التي لم يجرؤ ظالم على نزع خمارها من فوق رأسها حتى نزعت منارة الزيتونة وسيق رجالها إلى المشانق والسجون وشرد في الأرض من شرد وضرب الصمت على فقهائها.
لن يعمر أنين الزيتونة طويلا إن شاء الله سبحانه وقوافل الصحوة الإسلامية المتجددة جيلا بعد جيل تملأ الوهاد والنجاد وصدى الرجوع من حولها يتردد فان للزيتونة ودينها في تونس رجال ورب يحميها فهو الذي حمى بيته الشريف وكعبته الكريمة من أبرهة بطير أبابيل.. فاعتبروا أيها الاخوة الكرام في الدّاخل و المهجر وأعيدوا القراءة من جديد وهذه نصيحة من أخ ناصح محب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب).(هود 88) وهذا يؤكد أن حركة النهضة لا يمكن أن تكون عودتها إلا عودة تجديدية.
وفي الختام نجدّد الطلب بوضح حد للمضايقات للمساجين القدامى وتمكينهم من حقوق مواطنتهم الكاملة المكفولة دستوريا. "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "( آل عمران 104.105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء : " وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا" (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باريس في 28 فيفري 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - (المصدر: مجلة "أقلام أون لاين – تونس"، العدد الحادي والعشرون، السنة الخامسة / فيفري - مارس 2008)
[2] - (المصدر: مجلة "أقلام أون لاين – تونس"، العدد الحادي والعشرون، السنة الخامسة / فيفري - مارس 2008)
[3] - (المصدر: مجلة "أقلام أون لاين – تونس"، العدد الحادي والعشرون، السنة الخامسة / فيفري - مارس 2008)
[4] - قال الدكتور منصف المرزوقي "أذكّر أن العلمانية موقف سياسي عملي يرفض تحكم الدولة في الدين مثلما يرفض تحكم الدين في الدولة ويدعو لتكون الدولة مستقلة عن الدين وليكون الدين مستقلا عن الدولة. أما الإلحاد فهو موقف فكري نظري يقول بعدم وجود الله.
[5] - (المصدر: موقع السبيل أونلاين.نت بتاريخ 18 فيفري
المصدر: بريد الفجرنيوز [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.