وقع 11 حزبا من أصل 12 واكبوا الجلسة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي على ما سمي بوثيقة 'المسار الانتقالي» وهي مدونة سلوك تلزم الموقعين عليها باحترام ما جاء فيها حول تنظيم وضبط عدم اشياء في المجلس التاسيسي المرتقب. وفي ظل اقتصار الموقعين عليها على هذا العدد الضئيل مقارنة بعدد الاحزاب الذي فاق المائة، اعتبر متابعون ومحللون وممثلون عن أحزاب سياسية ان هذه الوثيقة «ولدت ميتة» لعدم حصولها على موافقة السواد الاعظم من الاحزاب. في المقابل يرى آخرون انها هامة نظرا لقيمة ماجاء فيها ولوزن الاحزاب الموقعة (احزاب كبرى مختلفة الايديولوجيات) عليها والتي نجح رئيس الهيئة عياض بن عاشور في تجميعها. وبين هذا الرأي وذاك، يتساءل البعض عن اهمية هذه الوثيقة والسر في حصول اتفاق حولها من احزاب وصل التنافس بينها الى حد تبادل الاتهامات؟ وعن سبب تحفظ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بشأن المصادقة ؟ وماهي الضمانات لضمان احترام ما وردت فيها؟ ولايجاد إجابات لهذه الاسئلة وغيرها اتصلت "الاسبوعي" بعدة اطراف اختلفت آراؤهم وتباينت بشأن "المسار الانتقالي".. ويقول عبد القادر الزيتوني الامين العام لحزب تونس الخضراء: «في البداية لا بد من التنويه بالدور الكبير لعياض بن عاشور للم شمل الاحزاب وتقريب وجهات النظر بينها وجعلها تتفق على وضع مصالحها الذاتية جانبا والتاكيد على ان مصلحة تونس فوق كل اعتبار عبر المصادقة على وثيقة المسار الانتقالي التي يمكن اعتبارها وثيقة توافقية وليست قانونية ولا ورقة الزامية في يد البعض. تضم قائمة الموقعين احزابا كبرى من ايديولوجيات مختلفة لها تاثير في الراي العام، فوجود هذه الأحزاب جنبا الى جنب لم يكن اعتباطيا لاننا موجودون بالهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة ثم وللتاريخ فقد جمعتنا سابقا اجتماعات كموقعين انطلقت منذ اوائل شهر اوت المنقضي. في المقابل اعتقد انه من باب المستحيل ان نقوم بصياغة وثيقة فيها اكثر من مائة حزب مع احترامي التام للاحزاب الفتية لكن الباب يبقى مفتوحا على مصراعيه بالنسبة لهذه الاحزاب وللمستقلين للتوقيع على الوثيقة وقد ناقشنا دخولهم في وقت سابق." لا وجود لاية صفقة مع الحكومة ويتابع عبد القادر الزيتوني حديثه حيث قال مجيبا على سؤال حول ما تم تداوله بشأن وجود صفقة بين الحكومة وعدة احزاب تواصل بمقتضاها تسيير الدولة :"اؤكد انه لا وجود لاي صفقة او ما شابه بين الحكومة وهذه الاحزاب لاننا عبرنا بكل تلقائية، كما انها لم تمل علينا أي قرار اوتعليمات، فضلا عن انها لم ولن تفرض علينا أية سياسة او توجهات لكن لا بد من التأكيد على ان المرحلة الحالية تقتضي مواصلة الحكومة الحالية لمهامها حتى يتسنى لنا ضمان انتقال سلس للسلطة، وبمجرد ان يصبح المجلس قانونيا فان دورها سينتهي وذلك لكي لا يحدث فراغ سياسي وقت استقالتها يوم 23 اكتوبر . عموما ستستمر صفة الانتقالية بالنسبة للحكومة مع صبغة شرعية." "خيرنا التحفظ لان .." من بين الاحزاب 12 الموجودة في الهيئة لم يوقع حزب المؤتمر من اجل الجمهورية على الوثيقة لذلك يقول الاستاذ رؤوف العيادي احد عضاء الحزب :»لم نوقع على الوثيقة لان لدينا عدة تحفظات عليها، اولها يتمثل في انها حددت سلطة المجلس التاسيسي وقيدته فيما نحن نعتبره ذا سيادة لانه ليس مجلس خبراء اذ مطلوب منه التعامل مع الظرف السياسي حسب مقتضيات بلادنا. ثانيا تؤكد هذه الوثيقة على ان النظر في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للشعب التونسي سيؤجل الى حين تركيز مجلس تاسيسي شرعي، في حين ان مشاكل الناس لا تحتمل التأجيل وكذلك المشاكل الامنية والاقتصادية وغيرها من المشاكل بل انه في حال طالت مدة الانتظار للبت فيها ستتدهور الحالة اكثر. ثالثا تعد هذه الوثيقة التزاما معنويا وبامكانها ان تكون نوعا من الابتزاز المبطن من قبل بعض الاحزاب والتيارات السياسية او حتى من جهات غربية في صورة عدم تطرق المجلس التاسيسي المنتخب الى ملفات فساد تشغل بال المواطن وفي التطرق اليها تاكيد للضمانات ولثقة الراي العام." "ما الفائدة منه ان غاب...؟" بدوره يقول محمد مزام عضو حزب العمال الشيوعي :»لم تعرض علينا الوثيقة منذ البداية . اعتقد ان فيها نوعا من المخرج لبعض الاحزاب يحفظ لها ماء الوجه بعد الفشل في تمرير ورقة الاستفتاء. ان لهذه الوثيقة قيمة رمزية واظن ان طرحها في هذا الوقت بالذات - على بعد اسابيع من انتخابات التأسيسي تحويل لتركيز المواطنين على الموضوع الاهم الا وهو الانتخابات، وهي نفس الطريقة التي عايشناها منذ اشهر فانه مع كل مرحلة حاسمة من مسار تونس نحو الديمقراطية الا وتجد طرحا لقضايا هامشية لا فائدة منها. اعتقد انها مهاترات جانبية ان لم تتطرق الى القضايا الاجتماعية العاجلة وغيرها من مشاكل الناس، كما انها ستكون بوابة للالتفاف على الثورة ان لم يتم من خلالها الدعوة الى ضرب معاقل الفساد الاقتصادي والمالي والعمل على تأمين مواطن شغل للعاطلين عن العمل."