إذا جمعنا الساعات التي حصل فيها التلاميذ بالمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية في تونس على الدرس منذ انطلاقة السنة الدراسية الجديدة (15 سبتمبر ) فإننا لن نجد الشيء الكثير. ربما لم تمض فترة طويلة على العودة المدرسية لكن الوقت بالنسبة للتلميذ يحسب بالدقائق والثواني فما بالك بالساعات التي تهدر يوميا دون أن نكون على ما يبدو مهتمين كثيرا لإنعكاسات ذلك على مستقبل الأجيال الصاعدة وعلى مستقبل البلاد ككل. تضيع يوميا لسبب أو لآخر ساعات كاملة من جدول الدروس ذلك أن التلاميذ في بعض المؤسسات بالعاصمة مثلا إذا صادف وحصلوا على ساعة واحدة من جملة ثمان أو ست ساعات في اليوم منذ العودة المدرسية فإنه يمكن اعتبارهم من المحظوظين. فعن أي عودة مدرسية تتحدثون ؟ المشهد يكاد يكون واحدا في عدد هام من مدارسنا ومعاهدنا الثانوية. إن لم يكن الأساتذة رافضين للمدير فإنهم غير راضين على توزيع ساعات العمل في اليوم وفي الأسبوع. وهناك بالخصوص من يرفض رفضا قاطعا أن يدرس في الساعات التي يعتبرها متأخرة من بعد الظهر. التلاميذ بدورهم لهم مؤاخذاتهم على تعيين المسؤولين بالمؤسسة وعلى الأساتذة وعلى ساعات الدراسة إلخ...النقابات الأساسية بهذه المؤسسات التربوية لها بطبيعة الحال مؤاخذاتها ومطالبها ومواقفها من سلطة الإشراف ولها برامجها في التحرك من أجل تحقيق المطالب أو التحسيس بها. وزارة التربية لها برامجها ومقاربتها للتعليم إلخ. المهم أن كل الأسباب باتت تؤدي بطريقة شبه آلية نحو تعطيل الدروس أمام استغراب الأولياء وأمام تساؤلاتهم التي عادة ما تبقى معلقة على أبواب المسؤولين من قريب تحررت الناس في البلاد بعد أن كانت مكبلة وحريتها مصادرة لكن ما يبدو اليوم واضحا هو أن الضريبة قد تكون غالية ليس لأن الناس تعبر بحرية بل على العكس فإن حرية التعبير وحرية التحرك من أجل الدفاع عن الحقوق أمر مشرف لنا كبلد أصبح يكفل للمواطنين مثله مثل البلدان المتحضرة حق التعبير عن الحق وحق المطالبة بالحق والعمل من أجل ذلك لكن لأن التونسيين وفي خضم مطالبتهم بكل شيء الآن وبدون تأجيل باتوا غير آبهين حتى بمستقبل أولادهم. ماذا نملك في تونس إن لم يكن طاقات خلاقة وعقول وسواعد. ماذا نملك في تونس من ثروات إن لم يكن نساء ورجالا انتفعوا بمكسب هام من مكاسب الجمهورية التونسية ألا وهو التعليم العمومي والمجاني. اليوم أصبحت كل الأسباب ممكنة كي لا يحصل أبناؤنا العلم الذي يحتاجونه لمواجهة تحديات المستقبل. كل ساعة تضيع بدون درس وكل يوم يمر بدون مدرسة يكلف التونسيين ثمنا غير قليل ولكن هل من مهتم وهل من محتج وهل من معتصم من أجل أن يواصل التونسيون التمتع بحقهم في تعليم عمومي مجاني وفي سنة دراسية منتظمة وفي عام دراسي بلا تعثر وهل من متظاهر من أجل أن يعود التلميذ إلى مدرسته ومن أجل أن يلتحق الأستاذ بالفصل. حياة السايب