بقلم: لطفي ساسي خرج علينا قانون انتخابات المجلس التأسيسي بعد مخاض عسير بمعايير جديدة في خصوص شروط الترشح وإعداد القائمات الانتخابية. ويبدو أن هذا القانون لم ينس الموضوع القديم : "حقوق المرأة " و "مشاركة المرأة في الحياة السياسية "، فاشترط أن تكون نصف القائمات نسائية وأن تنتظم القائمة الواحدة بالتناوب بين المرأة والرجل. ما أريد الإشارة إليه، هو أن الكوتا النسائية هي في واقع الأمر من مخلفات الأنظمة السابقة وقد استعملها الرئيس المخلوع بغرض سياسي لا غير ولمجرد الدعاية حتى يظهر على الساحة الدولية: "راعي حقوق المرأة وحقوق الإنسان". واليوم وقد ظهر الحق وزهق الباطل وبانت النوايا الحقيقية، مازلنا نشرب من نفس المعين، فالكوتا المشروطة تمثل خرقا فاضحا لمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون. ومعلوم أن الكوتا الإلزامية تقيد حرية الناخب حين تفرض عليه عددا من المرشحات، قد لا يوجد في أي واحدة منهن الكفاءة المطلوبة وقد يكون ترشحهن صوريا، ومن هنا فان الكوتا النسائية تقود إلى اتباع أسلوب غير ديمقراطي في تشكيل المجالس، وهي تفضي إلى منح فرص مجانية للنساء على أساس هويتهن الجنسية، بغض النظر عن امتلاكهن للكفاءة في ممارسة العمل النيابي من عدمه، فتصبح الأولوية للانتماء الجنسي عما عاداه من الشروط. وهنا يمكن القول بأنه: طالما أن غالبية المجتمعات باتت تعترف للمرأة بحقوقها الإنسانية والسياسية ومساواتها التامة مع الرجل، فلماذا لا تنتزع المرأة حقها الديمقراطي في الوصول إلى المجالس وإلى السلطة بقدراتها الذاتية، بدل الاتكال على الكوتا النيابية، "تلك الوسيلة غير الديمقراطية ". والسؤال المطروح : لماذا يشترط قانون الانتخابات هذا الشرط المفضوح، فالمرأة لم تمنع من الانتخابات ومن الترشح ومن تحمل المسؤوليات منذ الاستقلال، أي ما يزيد عن النصف قرن. فلماذا في مجتمع مثل المجتمع التونسي الذي هو (مجتمع متقدم نسبيا ومنفتح) نتراجع إلى الوراء فنكرس شروطا غير عادلة، وكأننا مازلنا في بدايات قيام الدولة حين كانت المرأة مضطهدة، غير واعية. لماذا يضطر حزب ما أو قائمة ما، إلى حشر نساء ووضع أسمائهن اعتباطا لتحقيق الشرط، كما تضطر أخرى إلى التراجع رغم احتوائها على خبرات جيدة جدا ومقتدرة جدا وذلك بسبب نقص في العنصر النسائي فيها. فأي شرط هذا الذي يفعل الأعاجيب وهل فكر واضعو هذا القانون العجيب في الأمر مليا قبل استنباطه، أم أن المسالة مردها تعودهم بسياسات الأنظمة السابقة في مناصرة حقوق " ليلي".