تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    نيويورك: الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات المؤيدين لغزة    تونس: الإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتّش عنه    علم تونس لن يرفع في الأولمبياد    جبل الجلود تلميذ يعتدي على أستاذته بواسطة كرسي.    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    الفيلم السّوداني المتوّج عالميا 'وداعًا جوليا' في القاعات التّونسية    سامي الطاهري يُجدد المطالبة بضرورة تجريم التطبيع    دعما لمجهودات تلاميذ البكالوريا.. وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية جهوية    الطبوبي في غرة ماي 2024 : عيد العمّال هذه السنة جاء مضرّجا بدماء آلاف الفلسطينين    عاجل: وفاة معتمد القصرين    انطلاق فعاليات الاحتفال بعيد الشغل وتدشين دار الاتحاد في حلتها الجديدة    بنزرت: وفاة امرأة في حادث اصطدام بين 3 سيارات    اليوم: طقس بحرارة ربيعية    تونس: 8 قتلى و472 مصاب في حوادث مختلفة    البطولة العربية السادسة لكرة اليد للاواسط : المغرب يتوج باللقب    الهيئة العامة للشغل: جرد شركات المناولة متواصل    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    جولة استكشافية لتلاميذ الاقسام النهائية للمدارس الابتدائية لجبال العترة بتلابت    نتائج صادمة.. امنعوا أطفالكم عن الهواتف قبل 13 عاماً    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    اتفاق لتصدير 150 ألف طن من الاسمدة الى بنغلاديش سنة 2024    الليلة في أبطال أوروبا... هل يُسقط مبابي «الجدار الأصفر»؟    الكرة الطائرة : احتفالية بين المولودية وال»سي. آس. آس»    «سيكام» تستثمر 17,150 مليون دينار لحماية البيئة    أخبار المال والأعمال    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    لبنان: 8 ضحايا في انفجار مطعم بالعاصمة بيروت وقرار عاجل من السلطات    موظفون طردتهم "غوغل": الفصل كان بسبب الاحتجاج على عقد مع حكومة الكيان الصهيوني غير قانوني    غدا الأربعاء انطلاقة مهرجان سيكا الجاز    قرعة كأس تونس للموسم الرياضي 2023-2024    اسقاط قائمتي التلمساني وتقية    تأخير النظر في قضية ما يعرف بملف رجل الأعمال فتحي دمّق ورفض الإفراج عنه    تعزيز أسطول النقل السياحي وإجراءات جديدة أبرز محاور جلسة عمل وزارية    غدا.. الدخول مجاني الى المتاحف والمواقع الاثرية    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    ناجي جلّول: "أنوي الترشّح للانتخابات الرئاسية.. وهذه أولى قراراتي في حال الفوز"    الاستثمارات المصرح بها : زيادة ب 14,9 بالمائة    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    أمير لوصيف يُدير كلاسيكو الترجي والنادي الصفاقسي    إصطدام 3 سيارات على مستوى قنطرة المعاريف من معتمدية جندوبة    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    ربع نهائي بطولة مدريد : من هي منافسة وزيرة السعادة ...متى و أين؟    التوقعات الجوية اليوم الثلاثاء..أمطار منتظرة..    فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا أمن لأوطاننا إذا كان نصف المجتمع مهددا وغير آمن
السيدة ليلى بن علي ل«يو.بي.اي»
نشر في الصباح يوم 11 - 03 - 2010

ادلت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية رئيسة منظمة المرأة العربية بحديث للوكالة العالمية «يونايتد بريس انترناشيونال» (يو.بي.أي) تطرقت فيه الى الرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية وما تم تحقيقه خلال المرحلة الاولى منها من خطوات على درب توحيد الجهود من اجل النهوض باوضاع المرأة العربية وتعزيز قدراتها في شتى المجالات والمواقع.
وابرزت حرم رئيس الدولة في هذا الحديث المكاسب النوعية التي تحققت للمرأة التونسية والتي مكنتها من احتلال مواقع ريادية في سائر مؤسسات القرار السياسي والاقتصادي وفي الحياة العامة وارتقت بها الى مرتبة الشراكة الحقيقية في البناء الوطني مشيرة الى اهمية المحاصصة التي تعد نوعا من التمييز الايجابي كمدخل لتحقيق المساواة والشراكة بين الرجل والمراة. كما اكدت على مساهمة المجتمع المدني بمختلف مكوناته في مزيد النهوض بوضع المرأة وتعزيز دورها.
وفي جانب اخر من الحديث تطرقت رئيسة منظمة المرأة العربية الى ظاهرة العنف ضد المرأة مبينة انه من العوامل المعيقة لعملية التنمية باعتباره يقصي ويشل نصف المجتمع وداعية الى كسر حاجز الصمت للتصدي لهذه الظاهرة التي ستظل منظمة المرأة العربية في طليعة الساعين الى التوقي منها والقضاء عليها.
كما اشارت الى ما تعانيه المرأة الفلسطينية من قهر وانتهاكات ملاحظة ان اقتراحها احداث لجنة عربية للقانون الدولي الانساني في نطاق منظمة المرأة العربية هو ترجمة للتضامن المطلق مع المرأة الفلسطينية التي ستحرص السيدة ليلى بن علي سواء داخل المنظمة او خارجها على تنويع اشكال المساعدة والدعم لفائدتها.
وفي ما يلي النص الكامل لهذا الحديث:
٭ شكل توليكم رئاسة منظمة المرأة العربية نقلة نوعية دفعت العديد من المراقبين والمهتمين بشؤون المرأة الى التفاؤل بامكانية تطوير مسيرة العمل النسائي العربي على ضوء ذلك. كيف تقيمين ما انجز في هذا السياق لغاية الآن.
لئن كنت افضل ان يتولى غيري عملية تقييم ما انجز في المرحلة الاولى من فترة رئاستي لمنظمة المرأة العربية على اساس انني من الذين لا يستهويهم تعداد المنجز بقدر ما يشغلهم ما لم ينجز بعد او ما هو بصدد الانجاز، فانني اشير في البداية الى ان الهدف من تأسيس المنظمة كان توحيد الجهود من اجل النهوض باوضاع المرأة العربية وتحقيق المزيد من التعاون بين الدول العربية وتكاتف المساعي لتعزيز قدراتها في شتى المجالات والمواقع. واعتقد اننا نسير على الطريق الصحيح وان الرئاسة التونسية للمنظمة قد ساهمت في دعم هذا التوجه ومزيد اثرائه واكسابه فاعلية اكبر.
انني لم انطلق في مباشرة مهامي من فراغ وانما اسست حركتي على منجز ورصيد قائم بفضل جهود السيدات الاول اللاتي تحملن مسؤولية المنظمة قبلي. وقد عملت منذ تسلمي رئاسة المنظمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي في دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة على مواصلة مسيرة التطور والنهوض باوضاع المرأة العربية بما يستجيب لتطلعات مجتمعاتنا وطموحاتها.
وجوابا على سؤالك فإنني لا اخفي سعادتي بالتوافق الكبير الذي سجلناه في الاجتماع الرابع للمجلس الاعلى للمنظمة والذي احتضنته تونس في جوان الماضي على اختيار موضوع »المرأة العربية شريك اساسي في التنمية المستدامة« محورا للمؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية في اكتوبر 2010 بتونس.
وهو اختيار يترجم تنامي الوعي في اطار المنظمة باهمية دور المرأة في مسيرة التنمية للبلدان العربية وانخراطها الفاعل في منظومة العمل والانتاج.
كما كان الاجتماع فرصة اقترحنا خلاله تأسيس مرصد للتشريعات الاجتماعية والسياسية ذات الصلة باوضاع المرأة في الاقطار العربية ادراكا منا لاهمية التشريعات في التأسيس لنقلات نوعية على مستوى الواقع المجتمعي وعلى صعيد البنى الثقافية والسلوكية والعقليات بما يساهم في دفع وتيرة التحيدث الاجتماعي.
واشير ايضا الى اعتماد مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في العشرين من ديسمبر 2009 بمبادرتنا الداعية الى اقرار »يوم عربي للمسنين« يتم الاحتفال به يوم 25 سبتمبر من كل سنة مما يدل على تجاوب منظومة العمل العربي المشترك مع مقترحات الرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية.
وفي اطار انشغالنا بقضايا الواقع المجتمعي والاسري المتصلة بالمرأة عملنا على نشر عمل توثيقي عام يعالج ظاهرة العنف المسلط على المرأة وسبل التصدي له ثقافيا وقانونيا جاء غنيا باسهامات عدد هام من الباحثات والباحثين التونسيين والعرب. وهو وكما كتبت في تقديمه لبنة من استراتيجية اكبر واشمل نلتزم بالمساهمة الفاعلة في بلورتها ونتعهد بالسعي الى تجسيمها صونا لكرامة المرأة العربية وترسيخا لحقوقها. وسيكون المؤتمر الثالث للمنظمة الذي تحتضنه تونس اواخر شهر اكتوبر المقبل مناسبة لاطلاق هذه الاستراتيجية العربية لمناضهة العنف ضد المرأة.
ويبقى في اعتقادي ان من اهم انجازات الطور الاول من رئاستنا للمنظمة هو دخول »لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الانساني« حيز العمل الفعلي وعقد اجتماعها الاول في تونس خلال شهر فيفري (شباط المنقضى) وستعمل هذه اللجنة وفق ما اطلعت عليه من نتائج اعمال اجتماعها التأسيسي على وضع سياسات وبرامج عمل تساعد على نشر ثقافة القانون الدولي الانساني والتعريف به بما يساعد على خلق بيئة مجتمعية داعمة وآمنة للمراة. فلا امن لاوطاننا اذا كان نصف المجتمع مهددا وغير امن. ولا شك ان هذه اللجنة ستساعد على توفير رؤية عربية للامن الانساني للمرأة وتضمينها في التعاطي الدولي لهذا المفهوم.
علما باننا سنواصل العمل من اجل ترسيخ ابعاد مفهوم امن الانسان في برامج المنظمة وسياساتها، دون ان ننسى ما قمنا به من تنظيم لدورات تكوينية وندوات فكرية وعلمية تنزل قضية المرأة العربية في مرتبة الاستحقاق الحضاري الذي لا مناص من كسبه اذا ما اردنا ان تكسب بحق معركة الاصلاح والتطوير والتحديث.
هذا بعض مما انجزناه خلال عام من رئاسة تونس لمنظمة المرأة العربية ونحن نامل ونعمل حتى يكون القادم اكبر وافضل وهو قطعا سيكون ثمرة جهد جماعي صلب هذه المنظمة وترجمة امينة لارادة جميع السيدات الاول عضوات المجلس الاعلى في الارتقاء باداء المنظمة ومزيد تفعيل آليات عملها وحضورها واشعاعها.
٭ ثمة اجماع على ان المرأة التونسية حققت مكاسب نوعية بفضل ما توفر لها من تشريعات وقوانين متقدمة جعلتها ترنو الى شراكة فعلية مع الرجل، فهل تعتقدون ان هذه المكاسب انعكست على واقع المرأة لجهة حضورها في مراكز صنع القرار على سبيل المثال؟
لقد عملت تونس منذ استقلالها على تكريس مساواة المرأة مع الرجل وترسيخ حقوقها والتقدم بها وذلك من خلال تطوير القوانين المختلفة وخصوصا مجلة الاحوال الشخصية التي بادر بوضعها الزعيم الحبيب بورقيبة منذ استقلال البلاد ونزّلها الرئيس زين العابدين بن علي المنزلة الدستورية باعتبارها مكسبا وطنيا يجب المحافظة عليه.
وقد تم وضع الآليات والخطط والبرامج التي فتحت افاقا جديدة للمرأة وشجعتها على المبادرة والمشاركة في الحياة العامة بكل اوجهها.
فالمرأة التونسية تحتل اليوم مواقع ريادية في سائر مؤسسات القرار السياسي والاقتصادي كما انها تحظى بحضور حقيقي فاعل في فضاءات الحياة العامة وفي مختلف مساحات العمل والانتاج المادي والمعرفي مما ارتقى بها الى مرتبة الشراكة الحقيقية في البناء الوطني بسائر ابعاده ومكوناته.
وتجد هذه النقلة النوعية في حياة المجتمع التونسي ترجمتها العملية من خلال ارقام ومؤشرات تضاهي تلك المسجلة في الديمقراطيات العريقة من ذلك ان حضور المرأة في مجلس النواب يمثل 27,52 بالمائة وهي نسبة تفوق معدل اوروبا المصنعة (17,4 بالمائة) كما انها نسبة تتجاوز بوضوح المعدل العربي الذي هو 8,2 بالمائة كما ان المرأة تحوز نسبة تقارب 16 بالمائة من عدد مقاعد مجلس المستشارين وهي الغرفة البرلمانية الثانية.
وتبرز اهمية هذا التطور كون حضور المرأة في البرلمان قبل تغيير 7 نوفمبر 1987 لم يكن يتعدى نسبة 4,26 بالمائة فضلا عن كونها تمثل نسبة 15 بالمائة من عدد اعضاء الحكومة.
وفي اطار الديمقراطية المحلية بلغت نسبة النساء في المجالس الجهوية للولايات 23 بالمائة وعرفت نسبتهن في المجالس البلدية تطورا يتجلى في الارتقاء من 16 بالمائة سنة 1995 الى 27,4 بالمائة سنة 2005 في اخر انتخابات بلدية ليبلغ عددهن 857 مستشارة من بينهن 5 رئيسات بلديات.
واشير ايضا الى ان 23 بالمائة من الوظائف السامية في الادارة اليوم تشغلها نساء وكذلك فان ثلث القضاة في تونس هن من النساء واكثر من ثلث المحامين واساتذة الجامعات ايضا.
كما تطورت نسبة مشاركة المرأة ضمن النسيج الجمعياتي خلال العقدين الماضيين اذ اصبحت النساء تمثلن 42 بالمائة من المنخرطين بالمنظمات والجمعيات و20 بالمائة من اطارات تسييرها. وبلغ عدد الجمعيات النسائية حوالي 140 جمعية في شتى الميادين التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والسياسية.
دون ان ننسى انه على مستوى الانتاج وساحات العمل تمثل المرأة اليوم ما يقارب 27 بالمائة من السكان النشيطين ويعد تطور عدد النساء صاحبات الاعمال والمؤسسات الى 18 الف امرأة برهانا جديدا على ان المرأة التونسية اضحت اليوم من الدعامات الاساسية لمسيرة التنمية وعنصرا فاعلا في الدورة الاقتصادية وسندا متينا على درب المزيد من التقدم والازدهار.
وكل هذه الارقام والمؤشرات مرشحة للازدياد في القادم من السنوات بعدما وضعت القيادة السياسية في برنامجها الانتخابي للخماسية المقبلة هدفا طموحا يتمثل في الارتقاء بنسبة حضور المرأة في الهيئات الدستورية والهياكل المنتخبة الى 35 بالمائة في افق سنة 2014.
واذا كان يحق للمرأة التونسية ان تفاخر بما سجلته من مكاسب ارتقت بها الى ارفع المراتب واقتحمت بها كل الميادين وكل مواقع القرار والانتاج فانها مدعوة الى تطوير انشطتها واسهاماتها ومزيد الرفع من مهاراتها في مجالات القيادة والتسيير لان تونس الغد تنتظر من المرأة الكثير ونحن واثقون بان المرأة التونسية ستكون في طليعة القوى الحية لرفع التحديات التي تواجهها بلادنا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها.
٭ هل تعتقدون وأن مسالة المحاصصة أو ما يعرف أيضا بالتمييز الايجابي من شأنها تعزيز مكانة ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وبالتالي اخراجها على المدى البعيد من دائرة المحاصصة؟
أعتقد أن كل الطرق والآليات التي تؤدي الى تكريس دور المرأة كعنصر فاعل للتغيير والتحديث الاجتماعي ومحرك لعملية التنمية هي آليات مرحب بها في انتظار أن تنضج الظروف الموضوعية والتاريخية التي ينتفي معها اللجوء اليها.
ومن هذا المنطلق فان المحاصصة أو ما اصطلح عليه ب«الكوتا« هي خطوة مطلوبة وهي مرحلية منشودة في واقعنا العربي حتى نعطي المرأة حظوظا أوفر في المشاركة وممارسة حقها كمواطنة في صنع القرار.
ورغم الجدل القائم حول هذه الالية بين من يقر بميزاتها وبين من يعلي من شأن عيوبها فانني أقول ان مزاياها تغطي على عيوبها كمدخل ايجابي لتحقيق المساواة والشراكة بين الرجل والمرأة وضمان دخول النساء الى المجالس والهيئات المنتخبة. اذ علينا الا نحجب حقيقة أن نظرة بعض مجتمعاتنا العربية مازالت سلبية تجاه عمل المرأة في المجال السياسي ومواقع صنع القرار.
ان آلية المحاصصة هي نوع من التمييز الايجابي الذي تعتمده المنظمة الاممية وحتى أعرق البلدان الديمقراطية ومعمول بها في أكثر من 80 دولة لردم فجوة التصويت على أساس النوع والجنس وتجاوز النظرة الدونية تجاه حق المرأة في المشاركة السياسية.
لكل هذا نرى أن المحاصصة أداة فعالة للتعامل مع مشكلة التمثيل الناقص للمرأة في مراكز القرار والمسؤولية وتساهم في تفعيل دورها وتعزيزه في المجتمع بازالة الحواجز التي تحول دون ممارسة المرأة لحقوقها وواجباتها كمواطنة.
وأنا على قناعة بأن هذا الاجراء المرحلي لتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل سوف تنتفي أسباب اعتماده لما يبذل من جهود من أجل بيئة مجتمعية حاضنة لفكرة المشاركة السياسية للمرأة والاعتقاد في محورية دورها في مسيرة التقدم والرقي. وأمام هذا الحراك الاجتماعي الذي نسجله أعتقد أن ذلك اليوم لن يكون بعيدا.
٭ كيف تنظرون الى طبيعة الدور الذي يفترض أن تلعبه المنظمات الاهلية ومختلف مكونات المجتمع المدني لمزيد النهوض بوضع المرأة وتعزيز دورها في مسار التنمية في الاقطار العربية؟
لقد أصبح المجتمع المدني يمثل أحد المظاهر الحضارية للمدنية المعاصرة وأصبحت منظمات المجتمع المدني تضطلع بدور أساسي في عالمنا اليوم ولم يعد خافيا أهمية هذا الدور في ترسيخ قيم المواطنة وروح التعاون والتضامن لبلوغ الاهداف المرسومة في شتى مجالات التنمية الاقتصادية والحضارية والمجتمعية.
ولما كانت أوجه التعاون والمشروعات المشتركة بين مؤسسات المجتمع المدني تعبر اليوم الحدود والدول والامم لتعمل معا وعلى مستويات رفيعة من الشراكة والتنسيق فانه من الطبيعي والحتمي ان لم نقل البديهي أن تتكاتف جهود المنظمات والجمعيات الاهلية وجميع مكونات المجتمع المدني العربي في خدمة قضية حضارية ومصيرية بالنسبة الى تطور مجتمعاتنا ومستقبل التحديث فيها ألا وهي قضية المرأة والنهوض بأوضاعها وتعزيز دورها في الاسرة والمجتمع.
ولما كانت منظمة المرأة العربية امتدادا طبيعيا للارادة العربية الجامعة في الاصلاح والتطوير فاننا أحرص ما يكون على التنسيق والتعاون مع جميع المنظمات والجمعيات الوطنية من أجل مزيد النهوض بحقوق المرأة في البلاد العربية واقرار الآليات الكفيلة بتجسيد حقوقها ضمن الممارسة الفعلية للمجتمع.
فالمنظمات الاهلية ومجمل النسيج الجمعياتي العربي مدعو الى أن يتحمل قسطه من المسؤولية وأن يتحلى بروح المبادرة وأن يوسع مجالات تدخله وأن يطور برامجه والياته وأن يبذل جهودا اضافية للمشاركة والافادة في نشر قيم المساواة بين الرجل والمرأة وتعميق روح العمل الجماعي في نصرة هذه القضية وكسب معركتها.
ان الارتقاء بأوضاع المرأة ليس مسؤولية الحكومات فقط وانما هو مسؤولية الجميع تتكامل الادوار فيها ولا تتعارض. وسوف لن ندخر أي جهد داخل المنظمة وخارجها لتشجيع مكونات المجتمع المدني على المساهمة وأداء دورها كاملا من أجل القضاء على كل مظاهر التمييز ضد المرأة في مجتمعاتنا وتركيز عمل مؤسساتي منظم هدفه النهوض بواقع المرأة في البلاد العربية.
٭ تصف العديد من الدوائر العنف المسلط على النساء بأنه آفة تنخر المجتمع فكيف تنظرون الى تداعيات هذه الآفة والسبل الكفيلة بالقضاء عليها؟
لا يختلف اثنان في أن العنف الممارس ضد المرأة هو من بين الظواهر الاكثر اساءة لجوهر الانسانية والاكثر دلالة على أن الطريق مازالت طويلة أمام البشرية حتى تقطع مع هذه الظاهرة وتتحول حقوق الانسان الى فضيلة تتمتع بها المرأة والرجل معا.
ولا شك أن هذا العنف الذي يطال المرأة جسديا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا من العوامل المعيقة لعملية التنمية باعتباره يقصي ويشل قدرات نصف المجتمع.
ولئن كانت هذه الظاهرة لا جنس ولا عرق ولا دين لها بحكم انتشارها عالميا فان مواجهتها في مجتمعاتنا العربية أكثر الحاحا من منطلق أن بلداننا النامية لا تمتلك ترف اقصاء أو تهميش نصف ما تملكه من قوى حية وهي تخوض معارك التنمية والنهوض الحضاري على أكثر من واجهة.
وأعتقد أن أولى سبل التصدي لهذه الافة هو كسر حاجز الصمت الذي يغيب في أحيان كثيرة عمق معاناة المرأة ويحجب ما يلحق بها من أذى. فصمت المرأة هو شكل من أشكال القبول باستمرار الظاهرة ان لم يكن استفحالها.
وقد سبق أن أكدنا في مناسبات عديدة أن مكافحة العنف الممارس ضد المرأة هو مواجهة ثقافية وتربوية واعلامية أساسا قبل أن تكون قانونية وزجرية اذا ما أردنا مقاومة الظاهرة من جذورها ضمن استراتيجية شاملة ترى في تمكين المرأة وتكريس دورها في الاسرة والمجتمع المدخل الذي يحول دون أي تعسف مادي أو معنوي ضدها.
ونحن نرى أن مجهودا اضافيا مازال مطلوبا حتى يتم القضاء نهائيا على هذا الداء الاجتماعي رغم اقرارنا بتقدم التشريعات العربية في هذا المجال وانحسار هذه الظاهرة بحكم التطور الاجتماعي وتعدد الاستراتيجيات الوطنية الهادفة الى مقاومة العنف ضد المرأة. فحماية المرأة تمثل الحجر الاساس في بناء الاسرة المتوازنة وارساء مقومات المجتمع المتآزر والمتضامن.
وان منظمة المرأة العربية ستظل في طليعة الساعين الى التوقي والقضاء على ظاهرة تنال من كرامة المرأة العربية وتمس من جوهرها الانساني.
وقد تم في هذا السياق بوضع مسودة الاطار العام للاستراتيجية الاقليمية لحماية المرأة العربية من العنف وسيتم اطلاقها مثلما ذكرت سابقا بالمؤتمر الثالث للمنظمة وستمتد على مدى خمس سنوات.
وهي استراتيجية تتضمن ستة محاور تتعلق بالمشاركة والوقاية والحماية وتعزيز الوعي فضلا عن توفير البيانات والبحوث والمتابعة والتقييم.

٭ ماالذي يمكن لمنظمة المرأة العربية ان تقوم به لدعم المرأة الفلسطينية؟
ان القضية الفلسطينية عامة وقضية المرأة الفلسطينية على وجه الخصوص هي بند قار على جدول اعمال منظمة المرأة العربية وهي تستحوذ على اهتمامي الخاص فضلا عن مساندة بلادي المطلقة لها وتأكيد الرئيس زين العابدين بن علي انها قضيته الشخصية.
ولا يخفى ان وعينا بمعاناة المرأة الفلسطينية وما تعانيه من قهر وانتهاكات واسر وشتى اشكال الاهانة والاذلال التي تنتهجها سلطة الاحتلال الاسرائيلي هي التي كانت وراء مقترحنا باحداث لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الانساني في نطاق منظمة المرأة العربية وهو ما اشرت اليه آنفا.
فمبادرتنا تتنزل في صميم رؤيتنا وحرصنا على ترجمة تضامننا المطلق مع المرأة الفلسطينية وشد ازرها في مواجهة الاوضاع الماساوية والمعاناة الشديدة التي تعيشها في ظل الحصار والعدوان المسلط عليها وعلى اسرتها ومجتمعها.
وهذه اللجنة ستكون من بين الآليات العملية الفاعلة والمساعدة لحركتنا على المستوى العالمي ولدى المنظمات والهيئات الاقليمية والدولية من اجل نقل الصورة الحقيقية عن اوضاع المرأة والطفولة في فلسطين ودعوة هذه الهياكل الاممية الى توفير الحماية للشعب الفلسطيني عامة.
وسنحرص داخل المنظمة وخارجها على ان تتنوع اشكال المساعدة والدعم للمرأة الفلسطينية وتزداد فاعلية بما يعزز قدرتها على الصمود وحماية ذاتها واسرتها وصولا الى تحرير وطنها واستعادة مقومات كرامتها الانسانية.

٭ يحتفل العالم يوم 8 مارس باليوم العالمي للمرأة، ماذا يعني لكم هذا اليوم وما هي رسالتكم للمرأة بهذه المناسبة؟
يعد هذا اليوم الذي اقرته المجموعة الدولية اعترافا بالمكانة المحورية التي باتت تحتلها المرأة في المجتمعات الحديثة واقرارا بدورها الفاعل في تحقيق استقرار المجتمعات وازدهارها.
وهو مناسبة متجددة نستحضر فيها نضالات الماضي ونستشرف فيها افاق المستقبل بعدما ترسخت القناعة لدى الجميع بان التقدم الاجتماعي على ارتباط وثيق ومباشر بتقدم المرأة.
كما انه فرصة لقياس الاشواط التي قطعها مسار تمكين المرأة والارتقاء باوضاعها في العالم ومناسبة لتجديد تضامننا مع كل النساء المضطهدات في شتى ارجاء المعمورة وفي مقدمتهن نساء فلسطين الصابرات الصامدات.
ويحق لنا ونحن نحتفل بهذا اليوم ان نعتز بما تحقق للمرأة التونسية وشقيقتها العربية من مكاسب وما تهيأ لها من ظروف اكثر ملاءمة لممارسة مواطنتها وللقيام بدورها في تنمية مجتمعاتنا.
واملنا كبير ونحن نشارك الاسرة الدولية احتفالها باليوم العالمي للمرأة ان يزداد ادراك كافة مكونات مجتمعاتنا العربية بضرورة بذل مزيد من الجهود من اجل ان يكتسب مسار تحرر المرأة العربية مضمونا فعليا يجعل من قيم المساواة والشراكة بين المرأة والرجل مدخلا لبناء حداثة عربية حقيقية تقوم من جملة ما تقوم عليه على التخلص من جميع مظاهر التهميش والتمييز ضد المرأة في مجتمع متماسك يؤمن بالمساواة بين الجنسين.
وان تطلعنا لكبير الى ان يحقق نضال المرأة في جميع انحاء العالم اهدافه الانسانية المنشودة تكريسا لعالم اكثر توازنا واستقرارا وعدالة تكون المرأة من بناته وحماته وابرز الفاعلين فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.