سعيّد يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    الرّابطة الأولى : برنامج مباريات الجّولة التاسعة من مرحلة تفادي النزول    سوسة: بتر أصابع سائق تاكسي في ''براكاج''    تونس: الأدوية المفقودة ستعود الى السوق بفضل الزيادة في الأسعار    الاعلان عن موعد انطلاق الاستخراج الحيني لوثائق السفر    نشرة متابعة: أمطار غزيرة غدا الثلاثاء    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    العاصمة: وقفة احتجاجية أمام سفارة فرنسا دعما للقضية الفلسطينية    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    وفاة 17 شخصا في ال24 ساعة الأخيرة    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الدوري المصري: "معتز زدام" يرفع عداده .. ويقود فريقه إلى الوصافة    خطير/ منحرفون يثيرون الرعب ويهشمون سيارات المواطنين.. ما القصة..؟!    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    تونس توقع على اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيدة ليلى بن علي: المطلوب.. تفعيل تحرّر المرأة العربية
نشر في الشروق يوم 11 - 03 - 2010

أدلت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية رئيسة منظمة المرأة العربية بحديث للوكالة العالمية يونايتد بريس انترناشيونال «يو بي آي» تطرقت فيه الى الرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية وما تم تحقيقه خلال المرحلة الأولى منها من خطوات على درب توحيد الجهود من اجل النهوض باوضاع المرأة العربية وتعزيز قدراتها في شتى المجالات والمواقع.
وأبرزت حرم رئيس الدولة في هذا الحديث، المكاسب النوعية التي تحققت للمرأة التونسية والتي مكنتها من احتلال مواقع ريادية في سائر مؤسسات القرار السياسي والاقتصادي وفي الحياة العامة وارتقت بها الى مرتبة الشراكة الحقيقية في البناء الوطني مشيرة الى اهمية المحاصصة التي تعد نوعا من التمييز الايجابي كمدخل لتحقيق المساواة والشراكة بين الرجل والمرأة.
كما أكدت على مساهمة المجتمع المدني بمختلف مكوناته في مزيد النهوض بوضع المرأة وتعزيز دورها.
وفي جانب آخر من الحديث تطرقت رئيسة منظمة المرأة العربية الى ظاهرة العنف ضد المرأة، مبينة انه من العوامل المعيقة لعملية التنمية باعتباره يقصي ويشل نصف المجتمع، وداعية الى كسر حاجز الصمت للتصدي لهذه الظاهرة التي ستظل منظمة المرأة العربية في طليعة الساعين الى التوقي منها والقضاء عليها.
كما أشارت الى ما تعانيه المرأة الفلسطينية من قهر وانتهاكات ملاحظة ان اقتراحها احداث لجنة عربية للقانون الدولي الانساني في نطاق منظمة المرأة العربية هو ترجمة للتضامن المطلق مع المرأة الفلسطينية التي ستحرص السيدة ليلى بن علي سواء داخل المنظمة او خارجها على تنويع اشكال المساعدة والدعم لفائدتها.
وفي ما يلي النص الكامل لهذا الحديث:
شكل توليكم رئاسة منظمة المرأة العربية نقلة نوعية دفعت العديد من المراقبين والمهتمين بشؤون المرأة الى التفاؤل بامكانية تطوير مسيرة العمل النسائي العربي على ضوء ذلك. كيف تقيمين ما انجز في هذا السياق لغاية الآن؟
لئن كنت افضل ان يتولى غيري عملية تقييم ما انجز في المرحلة الاولى من فترة رئاستي لمنظمة المرأة العربية على اساس انني من الذين لا يستهويهم تعداد المنجز بقدر ما يشغلهم ما لم ينجز بعد او ما هو بصدد الانجاز، فانني أشير في البداية الى ان الهدف من تأسيس المنظمة كان توحيد الجهود من اجل النهوض باوضاع المرأة العربية وتحقيق المزيد من التعاون بين الدول العربية وتكاتف المساعي لتعزيز قدراتها في شتى المجالات والمواقع.
واعتقد اننا نسير على الطريق الصحيح وان الرئاسة التونسية للمنظمة قد ساهمت في دعم هذا التوجه ومزيد اثرائه واكسابه فاعلية أكبر.
انني لم انطلق في مباشرة مهامي من فراغ، وانما أسست حركتي على منجز ورصيد قائم بفضل جهود السيدات الاول اللاتي تحملن مسؤولية المنظمة قبلي. وقد عملت منذ تسلمي رئاسة المنظمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي في دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة على مواصلة مسيرة التطور والنهوض بأوضاع المرأة العربية بما يستجيب لتطلعات مجتمعاتنا وطموحاتها.
وجوابا على سؤالك فانني لا أخفي سعادتي بالتوافق الكبير الذي سجلناه في الاجتماع الرابع للمجلس الاعلى للمنظمة والذي احتضنته تونس في جوان الماضي على اختيار موضوع «المرأة العربية شريك أساسي في التنمية المستدامة» محورا للمؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية في اكتوبر 2010 بتونس وهو اختيار يترجم تنامي الوعي في اطار المنظمة باهمية دور المرأة في مسيرة التنمية للبلدان العربية وانخراطها الفاعل في منظومة العمل والانتاج.
كما كان الاجتماع فرصة اقترحنا خلالها تأسيس مرصد للتشريعات الاجتماعية والسياسية ذات الصلة باوضاع المرأة في الاقطار العربية، ادراكا منّا لأهمية التشريعات في التأسيس لنقلات نوعية على مستوى الواقع المجتمعي وعلى صعيد البنى الثقافية والسلوكية والعقليات بما يساهم في دفع وتيرة التحديث الاجتماعي.
وأشير أيضا الى اعتماد مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في العشرين من ديسمبر 2009 بمبادرتنا الداعية الى اقرار «يوم عربي للمسنين» يتم الاحتفال به يوم 25 سبتمبر من كل سنة مما يدل على تجاوب منظومة العمل العربي المشترك مع مقترحات الرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية.
وفي اطار انشغالنا بقضايا الواقع المجتمعي والأسري المتصلة بالمرأة عملنا على نشر عمل توثيقى عام يعالج ظاهرة العنف المسلط على المرأة وسبل التصدي له ثقافيا وقانونيا جاء غنيا باسهامات عدد هام من الباحثات والباحثين التونسيين والعرب. وهو وكما كتبت في تقديمه لبنة من استراتيجية اكبر واشمل نلتزم بالمساهمة الفاعلة في بلورتها ونتعهد بالسعي الى تجسيمها صونا لكرامة المرأة العربية وترسيخا لحقوقها. وسيكون المؤتمر الثالث للمنظمة الذي تحتضنه تونس أواخر شهر أكتوبر المقبل مناسبة لاطلاق هذه الاستراتيجية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة.
ويبقى في اعتقادي ان من اهم انجازات الطور الأول من رئاستنا للمنظمة هو دخول «لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الانساني» حيز العمل الفعلي وعقد اجتماعها الاول في تونس خلال شهر فيفري «شباط المنقضي» وستعمل هذه اللجنة وفق ما اطلعت عليه من نتائج اعمال اجتماعها التأسيسي على وضع سياسات وبرامج عمل تساعد على نشر ثقافة القانون الدولي الانساني والتعريف به بما يساعد على خلق بيئة مجتمعية داعمة وامنة للمرأة. فلا أمن لأوطاننا اذا كان نصف المجتمع مهددا وغير آمن.
ولاشك ان هذه اللجنة ستساعد على توفير رؤية عربية للامن الانساني للمرأة وتضمينها في التعاطي الدولي لهذا المفهوم علما باننا سنواصل العمل من اجل ترسيخ ابعاد مفهوم امن الانسان في برامج المنظمة وسياساتها دون ان ننسى ما قمنا به من تنظيم لدورات تكوينية وندوات فكرية وعلمية تنزل قضية المرأة العربية في مرتبة الاستحقاق الحضاري الذي لا مناص من كسبه اذا ما اردنا ان نكسب بحق معركة الاصلاح والتطوير والتحديث.
هذا بعض مما انجزناه خلال عام من رئاسة تونس لمنظمة المرأة العربية ونحن نأمل ونعمل حتى يكون القادم أكبر وأفضل وهو قطعا سيكون ثمرة جهد جماعي صلب هذه المنظمة وترجمة أمينة لارادة جميع السيدات الاول عضوات المجلس الأعلى في الارتقاء بأداء المنظمة ومزيد تفعيل آليات عملها وحضورها واشعاعها.
ثمة اجماع على ان المرأة التونسية حققت مكاسب نوعية بفضل ما توفر لها من تشريعات وقوانين متقدمة جعلتها ترنو إلى شراكة فعلية مع الرجل فهل تعتقدون ان هذه المكاسب انعكست علىواقع المرأة لجهة حضورها في مراكز صنع القرار على سبيل المثال؟
لقد عملت تونس منذ استقلالها على تكريس مساواة المرأة مع الرجل وترسيخ حقوقها والتقدم بها وذلك من خلال تطوير القوانين المختلفة وخصوصا مجلة الاحوال الشخصية التي بادر بوضعها الزعيم الحبيب بورقيبة منذ استقلال البلاد ونزلها الرئيس زين العابدين بن علي المنزلة الدستورية باعتبارها مكسبا وطنيا يجب المحافظة عليه. وقد تم وضع الآليات والخطط والبرامج التي فتحت آفاقا جديدة للمرأة وشجعتها على المبادرة والمشاركة في الحياة العامة بكل أوجهها فالمرأة التونسية تحتل اليوم مواقع ريادية في سائر مؤسسات القرار السياسي والاقتصادي كما انها تحظى بحضور حقيقي وفاعل في فضاءات الحياة العامة وفي مختلف مساحات العمل والانتاج المادي والمعرفي مما ارتقى بها الى مرتبة الشراكة الحقيقية في البناء الوطني بسائر ابعاده ومكوناته.
وتجد هذه النقلة النوعية في حياة المجتمع التونسي ترجمتها العملية من خلال ارقام ومؤشرات تضاهي تلك المسجلة في الديمقراطيات العريقة من ذلك ان حضور المرأة في مجلس النواب يمثل 27.52 ٪ وهي نسبة تفوق معدل اوروبا المصنعة «17.4٪» كما انها نسبة تتجاوز بوضوح المعدل العربي الذي هو 8.2 ٪ كما ان المرأة تحوز نسبة تقارب 16٪ من عدد مقاعد مجلس المستشارين وهي الغرفة البرلمانية الثانية.
وتبرز أهمية هذا التطور كون حضور المرأة في البرلمان قبل تغيير 7 نوفمبر 1987 لم يكن يتعدى نسبة 4.26 ٪ فضلا عن كونها تمثل نسبة 15٪ من عدد أعضاء الحكومة.
وفي اطار الديمقراطية المحلية بلغت نسبة النساء في المجالس الجهوية للولايات 23 بالمائة وعرفت نسبتهن في المجالس البلدية تطورا يتجلى في الارتقاء من 16٪ سنة 1995 الى 27.4٪ سنة 2005 في آخر انتخابات بلدية ليبلغ عددهن 857 مستشارة من بينهن 5 رئيسات بلديات.
وأشير أيضا الى ان 23٪ من الوظائف السامية في الادارة اليوم تشغلها نساء وكذلك فان ثلث القضاة في تونس هن من النساء واكثر من ثلث المحامين واساتذة الجامعات أيضا.
كما تطورت نسبة مشاركة المرأة ضمن النسيج الجمعياتي خلال العقدين الماضيين اذ اصبحت النساء تمثلن 42٪ من المنخرطين بالمنظمات والجمعيات و20٪ من اطارات تسييرها. وبلغ عدد الجمعيات النسائية حوالي 140 جمعية في شتى الميادين التنموية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية والسياسية.
دون ان ننسى انه على مستوى الانتاج وساحات العمل تمثل المرأة اليوم ما يقارب 27٪ من السكان النشيطين ويعد تطور عدد النساء صاحبات الاعمال والمؤسسات الى 18 الف امراة برهانا جديدا على ان المرأة التونسية أضحت اليوم من الدعامات الاساسية لمسيرة التنمية وعنصرا فاعلا في الدورة الاقتصادية وسندا متينا على درب المزيد من التقدم والازدهار.
وكل هذه الأرقام والمؤشرات مرشحة للازدياد في القادم من السنوات بعدما وضعت القيادة السياسية في برنامجها الانتخابي للخماسية المقبلة هدفا طموحا يتمثل في الارتقاء بنسبة حضور المرأة في الهيئات الدستورية والهياكل المنتخبة الى 35٪ في أفق سنة 2014.
وإذا كان يحق للمرأة التونسية ان تفاخر بما سجلته من مكاسب ارتقت بها الى ارفع المراتب واقتحمت بها كل الميادين وكل مواقع القرار والانتاج، فانها مدعوة الى تطوير انشطتها واسهاماتها ومزيد الرفع من مهاراتها في مجالات القيادة والتسيير لان تونس الغد تنتظر من المرأة الكثير ونحن واثقون بان المرأة التونسية ستكون في طليعة القوى الحية لرفع التحديات التي تواجهها بلادنا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها.
هل تعتقدون أن مسألة المحاصصة أو ما يعرف أيضا بالتمييز الإيجابي من شأنها تعزيز مكانة ومشاركة المرأة في الحياة السياسية وبالتالي إخراجها على المدى البعيد من دائرة المحاصصة؟
أعتقد أن كل الطرق والآليات التي تؤدي إلى تكريس دور المرأة كعنصر فاعل للتغيير والتحديث الاجتماعي ومحرك لعملية التنمية هي آليات مرحب بها في انتظار أن تنضج الظروف الموضوعية والتاريخية التي ينتفي معها اللجوء إليها.
ومن هذا المنطلق فإن المحاصصة أو ما اصطلح عليه ب«الكوتا» هي خطوة مطلوبة وهي مرحلة منشودة في واقعنا العربي حتى نعطي المرأة حظوظا أوفر في المشاركة وممارسة حقها كمواطنة في صنع القرار.
ورغم الجدل القائم حول هذه الآلية بين من يقر بميزاتها وبين من يعلي من شأن عيوبها، فإنني أقول إن مزاياها تغطي على عيوبها كمدخل إيجابي لتحقيق المساواة والشراكة بين الرجل والمرأة وضمان دخول النساء الى المجالس والهيئات المنتخبة. إذ علينا ألا نحجب حقيقة أن نظرة بعض مجتمعاتنا العربية مازالت سلبية تجاه عمل المرأة في المجال السياسي ومواقع صنع القرار.
إن آلية المحاصصة هي نوع من التمييز الإيجابي الذي تعتمده المنظمة الأممية وحتى أعرق البلدان الديمقراطية ومعمول بها في أكثر من 80 دولة لردم فجوة التصويت على أساس النوع والجنس وتجاوز النظرة الدونية تجاه حق المرأة في المشاركة السياسية.
لكل هذا نرى أن المحاصصة أداة فعالة للتعامل مع مشكلة التمثيل الناقص للمرأة في مراكز القرار والمسؤولية وتساهم في تفعيل دورها وتعزيزه في المجتمع بإزالة الحواجز التي تحول دون ممارسة المرأة لحقوقها وواجباتها كمواطنة.
وأنا على قناعة بأن هذا الإجراء المرحلي لتحقيق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل سوف تنتفي أسباب اعتماده لما يبذل من جهود من أجل بيئة مجتمعية حاضنة لفكرة المشاركة السياسية للمرأة والاعتقاد في محورية دورها في مسيرة التقدم والرقي.
وأمام هذا الحراك الاجتماعي الذي نسجله أعتقد أن ذلك اليوم لن يكون بعيدا.
كيف تنظرون إلى طبيعة الدور الذي يفترض أن تلعبه المنظمات الأهلية ومختلف مكونات المجتمع المدني لمزيد النهوض بوضع المرأة وتعزيز دورها في مسار التنمية في الأقطار العربية؟
لقد أصبح المجتمع المدني يمثل أحد المظاهر الحضارية للمدنية المعاصرة وأصبحت منظمات المجتمع المدني تضطلع بدور أساسي في عالمنا اليوم ولم يعد خافيا أهمية هذا الدور في ترسيخ قيم المواطنة وروح التعاون والتضامن لبلوغ الأهداف المرسومة في شتى مجالات التنمية الاقتصادية والحضارية والمجتمعية.
ولما كانت أوجه التعاون والمشروعات المشتركة بين مؤسسات المجتمع المدني تعبر اليوم الحدود والدول والأمم لتعمل معا وعلى مستويات رفيعة من الشراكة والتنسيق فإنه من الطبيعي والحتمي إن لم نقل البديهي أن تتكاتف جهود المنظمات والجمعيات الأهلية وجميع مكونات المجتمع المدني العربي في خدمة قضية حضارية ومصيرية بالنسبة الى تطور مجتمعاتنا ومستقبل التحديث فيها الا وهي قضية المرأة والنهوض بأوضاعها وتعزيز دورها في الأسرة والمجتمع.
ولما كانت منظمة المرأة العربية امتدادا طبيعيا للإرادة العربية الجامعة في الإصلاح والتطوير فإننا أحرص ما يكون على التنسيق والتعاون مع جميع المنظمات والجمعيات الوطنية من أجل مزيد النهوض بحقوق المرأة في البلاد العربية وإقرار الآليات الكفيلة بتجسيد حقوقها ضمن الممارسة الفعلية للمجتمع.
فالمنظمات الأهلية ومجمل النسيج الجمعياتي العربي مدعو إلى أن يتحمل قسطه من المسؤولية وأن يتحلى بروح المبادرة وأن يوسع مجالات تدخله وأن يطور برامجه والياته وأن يبذل جهودا إضافية للمشاركة والإفادة في نشر قيم المساواة بين الرجل والمرأة وتعميق روح العمل الجماعي في نصرة هذه القضية وكسب معركتها.
إن الارتقاء بأوضاع المرأة ليس مسؤولية الحكومات فقط وإنما هو مسؤولية الجميع تتكامل الأدوار فيها ولا تتعارض. وسوف لن ندخر أي جهد داخل المنظمة وخارجها لتشجيع مكونات المجتمع المدني على المساهمة وأداء دورها كاملا من أجل القضاء على كل مظاهر التمييز ضد المرأة في مجتمعاتنا وتركيز عمل مؤسساتي منظم هدفه النهوض بواقع المرأة في البلاد العربية.
تصف العديد من الدوائر العنف المسلط على النساء بأنه آفة تنخر المجتمع فكيف تنظرون إلى تداعيات هذه الآفة والسبل الكفيلة بالقضاء عليها ؟
لا يختلف اثنان في أن العنف الممارس ضد المرأة هو من بين الظواهر الأكثر إساءة لجوهر الإنسانية والأكثر دلالة على أن الطريق مازالت طويلة أمام البشرية حتى تقطع مع هذه الظاهرة وتتحول حقوق الإنسان إلى فضيلة تتمتع بها المرأة والرجل معا.
ولا شك أن هذا العنف الذي يطال المرأة جسديا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا من العوامل المعيقة لعملية التنمية باعتباره يقصي ويشل قدرات نصف المجتمع.
ولئن كانت هذه الظاهرة لا جنس ولا عرق ولا دين لها بحكم انتشارها عالميا فإن مواجهتها في مجتمعاتنا العربية أكثر إلحاحا من منطلق أن بلداننا النامية لا تمتلك ترف إقصاء أو تهميش نصف ما تملكه من قوى حية وهي تخوض معارك التنمية والنهوض الحضاري على أكثر من واجهة.
وأعتقد أن أولى سبل التصدي لهذه الآفة هو كسر حاجز الصمت الذي يغيب في أحيان كثيرة عمق معاناة المرأة ويحجب ما يلحق بها من أذى. فصمت المرأة هو شكل من أشكال القبول باستمرار الظاهرة إن لم يكن استفحالها.
وقد سبق أن أكدنا في مناسبات عديدة أن مكافحة العنف الممارس ضد المرأة هو مواجهة ثقافية وتربوية وإعلامية أساسا قبل أن تكون قانونية وزجرية إذا ما أردنا مقاومة الظاهرة من جذورها ضمن استراتيجية شاملة ترى في تمكين المرأة وتكريس دورها في الأسرة والمجتمع المدخل الذي يحول دون أي تعسف مادي أو معنوي ضدها.
ونحن نرى أن مجهودا إضافيا مازال مطلوبا حتى يتم القضاء نهائيا على هذا الداء الاجتماعي رغم إقرارنا بتقدم التشريعات العربية في هذا المجال وانحسار هذه الظاهرة بحكم التطور الاجتماعي وتعدد الاستراتيجيات الوطنية الهادفة الى مقاومة العنف ضد المرأة. فحماية المرأة تمثل الحجر الأساس في بناء الأسرة المتوازنة وإرساء مقومات المجتمع المتآزر والمتضامن.
وإن منظمة المرأة العربية ستظل في طليعة الساعين إلى التوقي والقضاء على ظاهرة تنال من كرامة المرأة العربية وتمس من جوهرها الإنساني.
وقد تم في هذا السياق بوضع مسودة الإطار العام للإستراتيجية الإقليمية لحماية المرأة العربية من العنف وسيتم إطلاقها مثلما ذكرت سابقا بالمؤتمر الثالث للمنظمة وستمتد على مدى خمس سنوات.
وهي إستراتيجية تتضمن ستة محاور تتعلق بالمشاركة والوقاية والحماية وتعزيز الوعي فضلا عن توفير البيانات والبحوث والمتابعة والتقييم.
ما الذي يمكن لمنظمة المرأة العربية ان تقوم به لدعم المرأة الفلسطينية؟
ان القضية الفلسطينية عامة وقضية المرأة الفلسطينية على وجه الخصوص هي بند قار على جدول اعمال منظمة المرأة العربية وهي تستحوذ على اهتمامي الخاص فضلا عن مساندة بلادي المطلقة لها وتأكيد الرئيس زين العابدين بن علي انها قضيته الشخصية .
ولا يخفى ان وعينا بمعاناة المرأة الفلسطينية وما تعانيه من قهر وانتهاكات وأسر وشتى اشكال الاهانة والاذلال التي تنتهجها سلطة الاحتلال الاسرائيلي هي التي كانت وراء مقترحنا باحداث لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الانساني في نطاق منظمة المرأة العربية وهو ما أشرت إليه آنفا.
فمبادرتنا تتنزل في صميم رؤيتنا وحرصنا على ترجمة تضامننا المطلق مع المرأة الفلسطينية وشد أزرها في مواجهة الاوضاع المأساوية والمعاناة الشديدة التي تعيشها في ظل الحصار والعدوان المسلط عليها وعلى أسرتها ومجتمعها.
وهذه اللجنة ستكون من بين الآليات العملية الفاعلة والمساعدة لحركتنا على المستوى العالمي ولدى المنظمات والهيئات الاقليمية والدولية من اجل نقل الصورة الحقيقية عن اوضاع المرأة والطفولة في فلسطين ودعوة هذه الهياكل الاممية الى توفير الحماية للشعب الفلسطيني عامة.
وسنحرص داخل المنظمة وخارجها على ان تتنوع اشكال المساعدة والدعم للمرأة الفلسطينية وتزداد فاعلية بما يعزز قدرتها على الصمود وحماية ذاتها واسرتها وصولا الى تحرير وطنها واستعادة مقومات كرامتها الانسانية
يحتفل العالم يوم 8 مارس باليوم العالمي للمرأة ماذا يعني لكم هذا اليوم ؟ وما هي رسالتكم للمرأة بهذه المناسبة؟
يعد هذا اليوم الذي اقرته المجموعة الدولية اعترافا بالمكانة المحورية التي باتت تحتلها المرأة في المجتمعات الحديثة واقرارا بدورها الفاعل في تحقيق استقرار المجتمعات وازدهارها وهو مناسبة متجددة نستحضر فيها نضالات الماضي ونستشرف فيها افاق المستقبل بعدما ترسخت القناعة لدى الجميع بأن التقدم الاجتماعي على ارتباط وثيق ومباشر بتقدم المرأة.
كما انه فرصة لقياس الاشواط التي قطعها مسار تمكين المرأة والارتقاء باوضاعها في العالم ومناسبة لتجديد تضامننا مع كل النساء المضطهدات في شتى ارجاء المعمورة وفي مقدمتهن نساء فلسطين الصابرات الصامدات.
ويحق لنا ونحن نحتفل بهذا اليوم ان نعتز بما تحقق للمرأة التونسية وشقيقتها العربية من مكاسب وما تهيأ لها من ظروف أكثر ملاءمة لممارسة مواطنتها وللقيام بدورها في تنمية مجتمعاتنا.
وأملنا كبير ونحن نشارك الأسرة الدولية احتفالها باليوم العالمي للمرأة ان يزداد ادراك كافة مكونات مجتمعاتنا العربية بضرورة بذل مزيد من الجهود من أجل ان يكتسب مسار تحرر المرأة العربية مضمونا فعليا يجعل من قيم المساواة والشراكة بين المرأة والرجل مدخلا لبناء حداثة عربية حقيقية تقوم من جملة ما تقوم عليه على التخلص من جميع مظاهر التهميش والتمييز ضد المرأة في مجتمع متماسك يؤمن بالمساواة بين الجنسين .
وان تطلعنا لكبير الى ان يحقق نضال المرأة في جميع أنحاء العالم اهدافه الانسانية المنشودة تكريسا لعالم أكثر توازنا واستقرارا وعدالة تكون المرأة من بُناته وحماته وأبرز الفاعلين فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.