أحيت ليلة أول أمس الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة الأستاذ عبد الرحمان العيادي حفلا ساهرا بالمسرح البلدي بالعاصمة بحضور وزير الثقافة عز الدين باش شاوش، شارك في تأمين فقراته كل من عدنان الشواشي وحسن الدهماني ورحاب الصغير واختتمت وصلاته الغنائية الفنانة علياء بلعيد. انتظمت السهرة المنظمة احتفالا باليوم العالمي للموسيقى وتزامنا مع انتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلا أن الجمهور سجل غيابه عن السهرة بشكل ملحوظ. فعدد الحضور لم يتجاوز العشرات وهم من محبي الإيقاعات التونسية فيما اكتفى مطربو الحفل ماعدا الفنان عدنان الشواشي- بترديد أغاني رواد الطرب التونسي والعربي إذ غنت رحاب صغير «يا خليلة» و»بني وطني» لعلية رغم أنها سجلت مؤخرا عملا وطنيا بعنوان «طلعت شمس الحرية» وقدمت علياء بلعيد «أنت عمري» لأم كلثوم وبعض أعمالها على غرار إرادة الحياة لأبي قاسم الشابي و»لنعزم» ألحان عادل بندقة. من جهة أخرى، شهد الحفل تغيرات طارئة على برامجه من بينها حضور الفنان حسن الدهماني وغياب المطرب نور الدين الباجي والفنانة سندس طاقة، اللذين تعذر عليهما حضور السهرة بسبب تواجدهم خارج تونس وفقا لتصريحات منظمي الحفل.
الإعلام موقع اتهام
وفي سياق حديثه عن أسباب غياب الجمهور عن حفل الفرقة الوطنية، أرجع المطرب حسن الدهماني ضعف الإقبال الجماهيري إلى نقص الدعاية من قبل وسائل الإعلام السمعية والمرئية قائلا:» لم يتغير حال الساحة الثقافية والفنية بعد الثورة فمازالت عملية تهميش المبدع التونسي متواصلة على المستوى الإعلامي.» وطالب الدهماني خلال حديثه للصباح، بضرورة تأسيس مجلس أعلى للفنون وآخر للاتصال، بهدف مراقبة ومحاسبة كل من يهمش المبدع التونسي، متمنيا أن تنال الثقافة بعد انتخابات المجلس التأسيسي حظها وتتخطى رتبة العجلة الخامسة في مسار التنمية بالبلاد. ورفض حسن الدهماني إلقاء اللوم على الجمهور مؤكدا أن الثقافة التونسية بعد بورقيبة تعيش على ركبتيها ووضعها مزري ممّا يصيب الفنان بالإحباط والجمهور بالنفور.
من جهتها اعتبرت المطربة رحاب الصغير الظرفية الاستثنائية للبلاد وأحوال الطقس مع نقص الدعاية من أسباب غياب الجمهور عن التظاهرات الفنية ومنها سهرة أول أمس بالمسرح البلدي، وعرجت الفنانة في حديثها للصباح على موضوع مقاطعة الفنانين المحترفين والناشطين على الساحة خلال فترة حكم المخلوع، منتقدة في الآن نفسه المطربين الصاعدين بعد الثورة ومحاولات تطاولهم على رموز الفن التونسي، أصحاب الرصيد الغنائي المحترم كمّا وكيفا وقالت في هذا الصدد:» هؤلاء القادمون من العدم عليهم احترام الأجيال السابقة لهم والجلوس على بنك الاحتياط أولا لتعلم أبجديات الفن قبل تقييم سابقيهم.» أمّا الفنان عدنان الشواشي فحافظ كعادته على دبلوماسيته المعهودة ونظرته الايجابية والمتفائلة لمستقبل الفن التونسي وأشار إلى أن عدد الجمهور الحاضر ليس مقياسا بالنسبة إليه كما أنه هو شخصيا عاش هذه الظروف الاستثنائية للبلاد وكانت اهتماماته طيلة الفترة السابقة تنحصر في تلبية حاجيات عائلته ولم يعد للإنتاج والتلحين إلا منذ شهر تقريبا.
الأمن والصحة والتعليم ثم الثقافة
وكشف الشواشي عن دعمه لخيارات الأحزاب التونسية التي تعطي أولوية للمشاكل الاجتماعية والأمن والتعليم والصحة على حساب الثقافة مضيفا أن الأولوية اليوم للانتخابات وإعادة البلاد لمسارها الطبيعي ثم يمكننا التركيز على الجانب الفكري والفني للبلاد. وتجدر الإشارة إلى أن وزير الثقافة عز الدين باش شاوش واكب مختلف وصلات الحفل الغنائية، وتوجه في نهاية فقراته إلى كواليس المسرح لتهنئة قائد الفرقة الوطنية الأستاذ عبد الرحمان العيادي، فيما تولت تنشيط السهرة الممثلة الشابة أميمة بن حفصية ابنة الفنانة نعيمة الجاني التي كانت من بين الحاضرين في المسرح البلدي لدعم ابنتها.