تنعقد اليوم في البرلمان اللبناني جلسة تصويت جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية بعد أن تم تأجيل هذا الاستحقاق تسع مرات متتالية بسبب الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين والتدخلات الأجنبية وذلك منذ 23 نوفمبر الماضي تاريخ انتهاء فترة ولاية الرئيس لحود. وفي انتظار هذه الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس توافقي لحلحلة الوضع كي لا ينزلق لبنان إلى حرب أهلية وما قد تؤدي إليه من تداعيات خطيرة تبقى كل الاحتمالات واردة بخصوص هذه الجلسة وتظل المناورات السياسية الداخلية ولعبة المصالح الإقليمية والدولية هي الورقة التي ستحكم نجاح أو فشل هذه الجلسة للخروج من أزمة ما تزال تعصف بالبلاد أكثر من شهر، لعل الخاسر الوحيد فيها هو الشعب اللبناني بكل مكوناته وتلويناته الطائفية والإيديولوجية. وفيما يبقى الوضع وواقع الحال في لبنان رهين وعي الزعماء اللبنانيين بالدرجة الأولى واستيعابهم لخطورة اللحظة بعيدا عن تبادل الاتهامات المجانية ولعبة فرض الأمر الواقع والنظر إلى مصالح بلدهم في كنف حوار بناء لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية، تواصل الإدارة الأمريكية اتهاماتها لدمشق بعرقلة جهود استحقاقات الرئاسة، وهي لا تتوانى كذلك عن الإشارة بأصابع الإتهام إلى سوريا عقب كل جريمة اغتيال أو عملية تفجير دون أدنى دليل واقعي وموضوعي، بل الغاية كل الغاية فقط محاولة الإساءة لهذا البلد والعمل على عزله وتحييده من خلال تأكيد بوش أول أمس أن «صبره على الرئيس السوري بشار الأسد قد نفد ومنذ وقت طويل.» ويأتي ذلك رغم أن سوريا أكدت أكثر من مرة وفي كل مناسبة أنها تعمل على مساعدة اللبنانيين في تسوية الأزمة بأسرع ما يمكن دون الانتصار لطرف على الآخر، متهمة الولاياتالمتحدة بأنها هي من لا يؤمن بحل توافقي وتتجاهل باستمرار حكم الأغلبية بوصفه العنصر الأساسي في النظام السياسي الطائفي في لبنان. وإلى جانب الموقف الأمريكي يأتي الموقف الفرنسي متذبذبا ما بين التنسيق مع سوريا وتبني الأطروحات الأمريكية، ففرنسا وإن أكدت أنها تقود جهود وساطة للتوصل إلى تسوية نزيهة بين الائتلاف الحكومي المدعوم من الغرب والمعارضة القريبة من دمشق إلا أنها ما فتئت تحذر سوريا بالقول أنها تنتظر أفعالا لا أقوالا حتى يجري التصويت اليوم في الوقت الذي تؤكد فيه دمشق حرصها على استمرار التنسيق والتعاون للوصول إلى هدف مشترك بين اللبنانيين لانتخاب رئيسهم ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي الواقع إن أهل لبنان أدرى بشعابه وأعرف الناس بما يحتاجه لبنان، لذا هم مدعوون اليوم إلى انتخاب رئيس بعيدا عن كل اشكال الوصاية وكل تدخل أجنبي أو صفقة قد تطال مؤسساتهم الدستورية وصلاحياتها وتعيد البلاد والعباد إلى عهد الهيمنة قبل ثورة الأرز. إن أهل لبنان يحتاجون إلى «خريطة طريق» لبنانية لتحقيق الاستقرار والنماء والحل الواقعي ليس غير حل الشراكة في كنف الوئام ورفض كل الحلول المستوردة التي ثبت حتى الآن فشلها حفاظا على مصالح جميع الأطراف ووحدة البلد الذي كثيرا ما اكتوى بنار الحروب الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.