يبدو أن الجامعة العامة التونسية للشغل ورغم حداثة تكوينها، تشهد في الآونة الأخيرة خلافات عميقة بين مجموعة من الكتاب العامين لنقابات أساسية تابعة للجامعة ومنسقين جهويين ومحليين وبين القيادة الحالية للمنظمة وعلى راسها الحبيب قيزة منسق عام الجامعة. ويبدو أن الخلافات داخل الجامعة النقابية الفتية مرشحة لاتخاذ منحى تصاعديا دراماتيكيا في الفترة المقبلة بما أن لغة الحوار غابت بين الطرفين، وارتفعت حدة الخلافات ووصل الصراع إلى القضاء. ففي تطور لافت عمدت مجموعة من النشطاء النقابيين من داخل الجامعة إلى رفع دعوى قضائية خطيرة ضد رئيس الجامعة حبيب قيزة تتهمه فيها بتجاوزات مالية في حق الجامعة، واتيانه بتجاوزات قانونية بتعمده تدليس امضاءات لمجموعة من الكتاب العامين لنقابات أساسية منضوية تحت لواء الجامعة لتقديمها مع ملف القانون الأساسي للجامعة للحصول على الوصل المؤقت من الولاية. فقد اتصل ب"الصباح" مجموعة من كتاب عامين نقابات أساسية تابعة للجامعة التونسية للشغل وقدموا انفسهم على أنهم يمثلون "الهيئة التصحيحية للجامعة التونسية للشغل" محمّلين، بمجموعة كبيرة من الوثائق والمؤيدات التي تثبت تحركاتهم ضد حبيب قيزة منسق عام الجامعة التونسية للشغل ومؤسسها، ومنها تصاريح على الشرف يؤكد الممضون عليها انهم "تعرضوا إلى عملية تدليس امضاءاتهم في القانون الأساسي للجامعة واستعمالها بصفة غير قانونية.ّ
اتهامات
وحسب ما أفادنا به نصر الدين بو زراعة الذي قدم نفسه كناطق رسمي باسم ما يسمى ب"الحركة التصحيحية داخل الجامعة التونسية للشغل"، فإن الحبيب قيزة وبالرجوع إلى نص الدعوى القضائية المودعة لدى وكيل الجمهورية بتاريخ 2 نوفمبر الجاري فقد تضمنت اتهامات ضد المنسق العام للجامعة تتمثل أساسا في "التلاعب بالإجراءات في احداث القانون الأساسي للجامعة وتكوين مكتب تنفيذي دون علم معظم الكتاب العامين ودون تشريكهم في صياغته ودون المصادقة عليه، وتعمده ارسال القانون الأساسي مذيلا بامضاءات مدلسة باعتبارها كانت مرفقة بالقانون الأساسي من خلال وثائق مستقلة وزعها المعني بالأمر بتاريخ جلسة 26 جانفي 2011 لتسجيل حضور من قبل النقابات الموجودة بذلك التاريخ فقط."
تزوير امضاءات؟؟؟
وجاء في نص الدعوى أن اصحاب الامضاءات المظروفة بالقانون الأساسي كانت نيتهم عير متجهة إلى المصادقة عليه وإنما امضاءات تقتصر على نية تسجيل الحضور بتلك الجلسة، كما أكدوا ان الامضاءات الموجودة ضمن ملف القانون الأساسي المضمنة أمام أسمائهم ليست بإمضاءاتهم الخاصة بهم بل تم تقليدها. واتهم أصحاب الدعوى أيضا حبيب قيزة ب" التصرف في الجامعة العامة التونسية للسغل المتأسسة من اموال النقابات الأساسية المكونة لها كتصرف الخواص في اموالهم مزكيا نفسه كامين عام ومنصبا أمين مال بمفرده من الأشخاص المقربين منه مطلقا يده في استغلال الموارد المالية المتأتية من النقابات الأساسية دون حسيب او رقيب مما يكون في حقه جريمة الفصل 96 من المجلة الجزائية باستغلال صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه."
تحقيق في جريمة استيلاء على اموال عمومية
وطالبت عريضة الدعوى وكيل الجمهورية بالإذن بفتح تحقيق بحث في الموضوع وتتبع المعني بالأمر من أجل ارتكابه جرائم استيلاء على أموال عمومية والتدليس وأخذ امضاءات بالحيلة طبقا للفصول 96، 175، 283، من المجلة الجزائية. ويتهم كل من وليد البلطي، وعصام الأدب، سفيان البجاوي، ونصر الدين بوزراعة وجميعهم كتاب عامين لنقابات اساسية تابعة للجامعة واعضاء في ما بات يسمى ب"الحركة التصحيحية للجامعة التونسية العامة للشغل" حبيب قيزة بتعمده عدم تأسيس مقر مركزي للجامعة رغم أنه تم بعث مقرات لفروع جهوية للجامعة، بل استغل مقر مركز محمد علي للتكوين النقابي.
لجنة تصحيح المسار
ومن أبرز الوثائق التي استظهر بها المحتجون محضر اجتماع مؤرخ في 14 أكتوبر الجاري تضمن أسماء وتوقيعات عدد كبير من المنسقين الجهويين ومحليين والكتاب العامين لنقابات أساسية تمثل عدة مرافق ومؤسسات عمومية ووزارات تابعة للجامعة، (فاق عددها ال40 نقابة) وانبثق عنه قرارات من بينها تكوين الهيئة التصحيحة وتسمية أعضائها، والتنبيه على المنسق العام الحبيب قيزة بإحضار جميع محاضر الجلسات الواقعة في فترته والتقررين المالي والأدبي للجامعة... كما اتهمت المجموعة منسق عام الجامعة ب"خروجه عن المبادئ النقابية والديمقراطية وبتسيسس الجامعة ومناصرة بعض الأحزاب..فضلا عن التفرد بالراي وعدم الرجوع لاستشارة المكتب التنفيذي والكتاب العامين للنقابات ومحاولة فرض أفكار لا تخدم العمل النقابي" حسب رايهم. وأكدوا على شرعية تحركهم من داخل الجامعة النقابية وذلك " لغاية ارجاع الجامعة لمسارها النقابي بما تخدم مصلحة العمال و ترتقي بالعمل النقابي الى مستوى الدول المتحضرة بعيدا عن الانتهازية النقابية التي تخدم مصالح شخصية.." وقالت المجموعة المتصلة ب"الصباح" إن قيزة "لم يساند التحركات النقابية التي قامت بها بعض النقابات الأساسية بالجهات وتملص من مسؤوليته في حماية النقابة المكونة حديثا، ورفضه عقد اجتماع عام بالكتاب العامين لجميع النقابات بما في ذلك المقصون منهم لتدارس اوضاع المنظمة و نقاش كل الخيارات باختلاف توجهاتها بتعلة عدم وجود مقر رغم دعوتهم له بتسويغ مقر جديد منذ غرة ماي 2011 كما رفض عرض التقرير المالي على المجموعة وخاصة منها التصرف في حسابات الجامعة.." وغيرها من الاتهامات الخطيرة..