نوايا الاستثمار الداخلي ارتفعت ب 20 بالمائة مقابل تقلص الخارجي ب 20 بالمائة بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على ثورة تونس لازال النسيج الصناعي في تونس يعاني عديد المشاكل... وترجمت هذه الاشكاليات في تسجيل تقلص هام في الإنتاج الصناعي بنسبة 10 بالمائة بعد 14 جانفي مباشرة في المقابل يشهد هذا التقلص تراجعا شيئا فشيئا حيث بلغ في جوان 2011 نسبة 3 بالمائة. هذا ما أكده فريد التونسي رئيس مدير عام وكالة النهوض بالصناعة والتجديد في لقاء مع " الصباح " كان نصّه ما يلي:
ما هو تقييمك للوضع الاقتصادي في ظل التحولات التي مرت بها البلاد بدءا من تاريخ الثورة إلى ما بعد خوض الاستحقاق الانتخابي؟
سجل النسيج الاقتصادي في تونس منذ ثورة 14 جانفي نتائج سلبية اقترنت بتضرر نحو 270 شركة في الصناعات المعملية منها 136 شركة تضررت بصفة مباشرة وبلغت قيمة أضرار هذه الشركات حوالي 173 مليون دينار وتسببت هذه الأضرار في فقدان 10 آلاف موطن شغل.. كما تضررت 134 بصفة غير مباشرة نتيجة الاعتصامات خاصة فيما يتعلق بالشركات المصدرة في إطار المناولة.
كان للحراك السياسي الغير معهود أثره البالغ على الوضع الاقتصادي والنسيج الصناعي انطلاقا من هذه المستجدات كيف تقيم وضع الاستثمار في تونس؟
صحيح أنّ الوضع السياسي وكثرة الاحتجاجات كان لها وقعها على الوضع الاقتصادي عموما والنسيج الصناعي خصوصا لكن يعد هذا الأثر بسيط مقارنة بحجم المؤسسات الأجنبية في تونس والتي تبلغ 2000 مؤسسة لم يغادر منها البلاد سوى 100 مؤسسة لأسباب مختلفة. كما لا ننفي تفهم بعض المجموعات الأجنبية الكبرى التي تنتصب في تونس للأوضاع وإصرارها على مواصلة نشاطها الصناعي وتوسعته.
ما هي الآليات التي سخرتها وكالة النهوض بالصناعة والتجديد لدفع النسيج الصناعي؟
تم تسخير برنامج مشترك بين الهياكل التالية والمتمثلة في وكالة النهوض بالصناعة ووكالة الاستثمار الخارجي ومركز النهوض بالصادرات لوضع برنامج عمل كان له بعد جهوي وعالمي لعرض الواقع الحقيقي لتونس ما بعد ثورة 14 جانفي. وعلى مستوى المؤسسات المتضررة تم إحداث مراسيم للغرض لجبر أضرار هذه الشركات وتم التمديد في أجال دفع ملفات هذه المؤسسات إلى موفى ديسمبر المقبل وقد أحدثت هذه الآليات مناخا ايجابيا دفع بنوايا الاستثمار الذي شهد زيادة فاقت 20 بالمائة على المستوى الوطني في المقابل سجلت نوايا الاستثمار الخارجي تقلصا ب 20 بالمائة.
بعد نجاح الانتخابات واثبات تونس مدنيتها بخوضها هذه التجربة الديمقراطية. هل كان لذلك أثره على الواقع الاقتصادي؟
تبيّن من خلال الحملة الانتخابية لعديد الأحزاب عدم تعارضها مع الاستثمارات الأجنبية وهو ما اعتبر مؤشرات ايجابية لرجال أعمال أجانب وساعد ذلك على دفع نوايا الاستثمار الخارجي رغم الارتفاع الطفيف الذي سجله هذا المؤشر في العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية حيث لم تتعد نوايا الاستثمار 3.6 بالمائة وهي زيادة طفيفة مقارنة بما كانت عليه في بداية السنة وعلى هذا الاساس تستعد الوكالة إلى تنظيم أيام وطنية في 29 و30 نوفمبر الجاري لتسريع نسق الاستثمار.. كما ستكون هذه المحطّة فرصة لتقييم الوضع الاقتصادي الحالي.
نوايا الاستثمار ترتبط بمدى ثقة رجال الأعمال بمحيط المؤسسة. كيف تقيّم محيط الأعمال في تونس؟
تمنح تونس رجال الاعمال عديد المزايا التفاضلية واساسها تموقعها الجغرافي وابرامها عديد الاتفاقيات مع كل من بلدان الاتحاد الأوروبي واتفاقية أغادير ومنطقة التبادل الحر وزيادة عن ذلك توفرت الآن مزايا تفاضلية جديدة من بينها الشفافية في المعاملات ومكافحة الفساد ومن شان هذه المزايا دفع نوايا الاستثمار.
ما هو تقييمك لمجلة الاستثمار الحالية؟
التراكم في الآليات التي تضمنتها مجلة تشجيع الاستثمارات منذ أن أحدثت سنة 1993 لم يساعد على تشجيع الاستثمارات وهو ما يستدعي القيام بمراجعة جذرية للمجلة وإعطاء أولوية الاستثمار في المناطق الداخلية..
منذ اندلاع الثورة تم توجيه جملة من الوعود إلى المناطق المحرومة يبدو أنّها لم تتحقق إلى اليوم؟
صدر على مستوى وزارة الصناعة مرسوم يقضي برفع سقف صندوق تطوير اللامركزية الصناعية وحاليا هناك جملة من المشاريع بصدد الانجاز في المقابل توجد عديد الإشكاليات من بينها عدم توفر مناطق صناعية مهيأة لدفع المستثمرين على الانتصاب في المناطق الداخلية.. ورغم تراجع نسق الاستثمار الا ان هناك بعض المشاريع التي انجزت في الفترة الماضية ومن بينها احداث مصنع لانتاج الاجر بمنطقة قبلي.
بعض المشاريع العملاقة على غرار سما دبي التي كان مزمع احداثها في تونس قبل الثورة توقفت مؤخرا ويروج انه تم التفويت في هذه المشاريع بماذا تفسر ذلك هذا التراجع في انجازهذه الشماريع ولماذا اصبح المستثمر الاجنبي متخوف من محيط الاعمال في تونس؟
بالعودة الى الوراء استقطبت تونس قبل الثورة عديد المشاريع الكبرى ومن بينها مشروع سما دبي ونأمل ان يتم تنفيذها في ظل مناخ الاعمال الجديد الذي يمتاز بمزايا تفاضلية غابت من قبل.. وصحيح ان تونس مرت بتقلبات كبيرة وتخوف رجال الاعمال بات مشروعا باعتبار " رأس المال جبان" وكل باعث مشروع يطمح الى العمل في مناخ اعمال مستقر وساهمت الاليات التي وفرتها وكالة النهوض بالصناعة والتجديد مؤخرا في استقطاب عديد المجموعات الاستثمارية الاوروبية على غرار مجموعة ايطالية تسعى للاستثمار في ميدان الصيدلة بولاية جندوبة ومجموعة استثمارية فرنسية تسعى الى الانتصاب في باجة ولا ننفي ان عديد المستثمرين يترقبون تسلم الحكومة المقبلة مهامها. حوار: سفيان بن رجب وجهاد الكلبوسي