السفارة الأمريكية تهنئ تونس بذكرى إعلان الجمهورية..    المعهد الوطني المنجي بن حميدة لأمراض الأعصاب يحصل على آلة مفراس جديدة في ظل انطلاق استغلال الطابق الثاني بعد اعمال تهيئة    "القرآن لم يحرم الحشيش صراحة".. داعية مصرية تثير الجدل بحديثها عن قضايا إشكالية    تحوير في حركة قطار الخط ت.ح.م وحركة المرور يوم الأحد بسبب أشغال ترميم جسر بقرطاج أميلكار    وزارة الصناعة تصادق على تأسيس امتياز المحروقات "عزيزة " لفترة 15 عاما    عاجل/ آخر مستجدات حريق جبل الدولاب بالقصرين…    أمريكا ترفض خطة ماكرون للاعتراف بالدولة الفلسطينية    سليانة: إشتعال بعض الجيوب النّارية من جديد بجبل أولاد بوهاني بمعتمدية بوعرادة وتواصل الجهود لاخمادها    موجات الحرّ الليلية أخطر من النهار؟ أرقام ودراسات    تأجيل محاكمة "أمير أجناد الخلافة" الإرهابية إلى 17 أكتوبر المقبل    بعد عودة الإتصال بناشطيها.. السفينة "حنظلة" تواصل الإبحار نحو غزة..#خبر_عاجل    عاجل: تفاصيل بيع تذاكر المباراة الفاصلة للكأس الممتازة بين الاتحاد الرياضي المنستيري الملعب التونسي    مباراة ودية: الأوهلي المصري يواجه اليوم النادي البنزرتي    إتحاد بن قردان: الإدارة تنجح في تمديد عقد نجم الفريق    وجدي بوعزي مدربا جديدا للاولمبي الباجي    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة خاصة وينبه..    بحر متموّج ورياح قوية.. ردّ بالك من السباحة آخر النهار!    عاجل/ تنبيه: حرارة مرتفعة..رياح قويّة جدّا والبحر هائج والسباحة ممنوعة..    غياب مغني الراب A.L.A عن مهرجان تطاوين يُثير استياء الجمهور    اليوم الجمعة.. الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا…    الفنانة مريم التارزي تبهر الجمهور في سهرة فنية لدورة مهرجان سيدي حمادة    شهر صفر يبدأ السبت.. شنو هو؟ وهل لازم نصومو فيه؟    دون الاستغناء عن السكر أو الحليب: هكذا تجعل قهوتك أكثر صحة كل صباح    ريحة الكلور في البيسين: نظافة ولا خطر؟    إمضاء اتفاقية تعاون وتبادل معلومات في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح    ولايتا القيروان وتوزر سجلتا اعلي درجات حرارة الخميس بلغت مستوى 48 درجة    محرز الغنوشي: ''اليوم آخر نهار في موجة الحر''    الجمعة الأخطر: آخر يوم من موجة الحرّ في تونس وتحذيرات عاجلة للمواطنين    تونس تمكنت من تجميع قرابة 11 مليون و 620 الف قنطار من الحبوب متخطية معدل الكميات المجمعة خلال الخمس سنوات الماضية    اليوم.. تونس تحيي الذكرى 68 لعيد الجمهورية    تونس تدعو على لسان وزير تكنولوجيا الاتصال المشاركين في منتدى طريق الحرير الرقمي المنعقد بالصين الى التعاون ودعم الرقمنة    الفنان الأردني سيلاوي على ركح مسرح الحمامات الدولي في دورته 59.    مهرجان المنستير الدولي: حاتم الفرشيشي يبدع في "القوالة"    جمهور تطاوين مصدوم: A.L.A غاب على الركح.. والإجراءات قانونية موجودة    بطولة العالم للمبارزة: أحمد الفرجاني ونوران بشير يتأهلان إلى الجدول الرئيسي    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    بعد أكثر من 40 عاما خلف القضبان.. جورج عبد الله يغادر سجنه في فرنسا إلى بيروت    رئيس الوزراء التايلاندي: المواجهات مع كمبوديا «قد تتحول إلى حرب»    بعد غد السبت.. مفتتح شهر صفر 1447 هجري    مع ارتفاع درجات الحرارة...أفضل الصدقات صدقة الماء    مندوب السياحة بجندوبة .. طبرقة عين دراهم وجهة جاذبة للسياحة الرياضية    خطبة الجمعة...الحياء شعبة من الإيمان    1000 تونسي يموتون سنويا في حوادث المرور ..من يوقف نزيف الموت على الطرقات؟    تونس: توقف جزئي لحركة القطارات وغلق مؤقت للطريق بجسر أميلكار    عاجل: وفاة أسطورة المصارعة هولك هوغان عن عمر 71 عامًا    لماذا يُصيبنا الصداع خلال موجات الحرّ؟    قرنبالية: 15 عرضا موسيقيا ومسرحيا في الدورة 63 لمهرجان العنب بقرنبالية من 9 الى 24 اوت    نجم المتلوي يرفع قرار المنع من الانتداب ويعزز صفوفه بعد تسوية ملفاته القانونية    كانت بحوزة مسافر تونسي في مطار جربة...حجز 21 قطعة أثرية «بيزنطية»    عاجل/ وفاة شابّة بمستشفى قفصة: وزارة الصحة تصدر بلاغا وتكشف..    عاجل/ تزامنا مع تواصل موجة الحر: الرصد الجوي يحذر المواطنين وينصح..    بطولة العالم للكرة الطائرة تحت 19 سنة: هزيمة المنتخب التونسي أمام نظيره المصري 0 - 3    الحماية المدنية: إطفاء 202 حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل: محطة ترابط جديدة بين هذه المناطق بالقطار السريع للقباعة بداية من سبتمبر    زيت صفاقس راجع بقوّة؟ المؤشرات تبشّر بموسم واعد!    راغب علامة معلّقًا على منتقديه: ''قبلة الفنان مش جريمة!''    النواب يعقدون جلسة عامة اليوم و هذه تفاصيلها    درجات الحرارة القصوى لهذا اليوم..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"زلزال" الثورة يعطل شريان الاقتصاد..
تحليل سياسي
نشر في الصباح يوم 25 - 03 - 2011

تنفست النخب والطبقة السياسية بعد ثورة 14 جانفي، السياسة، كما لم تتنفسها من قبل، حتى لكأنها تحولت إلى قوت يومي يتلذذ به الجميع...
في مقابل ذلك، انسدت إحدى الشرايين المهمة للحياة اليومية، ونعني بها، الاقتصاد الذي بلغ على حد تعبير رئيس الوزراء، السيد الباجي قايد السبسي، "مستوى الصفر" قبل نحو ثلاثة أسابيع، وارتفعت أصوات الخبراء، محذرة من تداعيات استمرار ما سماه تقرير إحدى الوزارات التونسية ب"الاضطراب المباغت" لاقتصاد البلاد، الذي كان يصنف قبل بضعة أشهر ضمن الاقتصاديات الصاعدة على الأقل على مستوى الخطاب الرسمي
فلماذا بلغت الأمور هذا الحد المأساوي و"الكارثي"؟ هل أن "زلزال الثورة" كاف لتفسير التدهور اللافت لاقتصادنا؟ وما هي القطاعات التي سجلت تراجعا، أو لنقل بكامل الوضوح "انهيارا" شبه كلي خلال الشهرين والنصف اللذين أعقبا الثورة؟ ما هي تمظهرات الوضع الليبي الراهن على قطاعات السياحة والتجارة الخارجية وعلى حجم العملة الصعبة التونسية؟
أسباب رئيسية
تشير تقارير الخبراء والعارفين بالشأن الاقتصادي إلى أن "حالة الاختناق" التي يمر بها اقتصادنا حاليا، لا تعود إلى الثورة وتداعياتها فحسب، إنما إلى جملة من الأسباب الأساسية أيضا، أهمها:
*تأثر الاقتصاد التونسي بالأزمة الاقتصادية والمالية في أوروبا، وبخاصة بعد أزمة تواتر الدين العمومي في اليونان وإسبانيا وإيرلندا، ما أدى إلى تقلص الصادرات التونسية باتجاه الاتحاد الأوروبي الذي يمثل نحو %85 من التجارة الخارجية التونسية.
*أن الارتباط بالاقتصاد الأوروبي الذي يعاني أزمة منذ نحو عامين، أدى إلى تراجع حجم الأموال التي يتم تحويلها من قبل التونسيين، وبالتالي تقلص ملحوظ في احتياطي العملة الصعبة...
*نتائج عمليات النهب والتخريب التي أعقبت الثورة التونسية، والتي تسببت في خسارة مؤسسات، وسحب مئات العمال على خلفية غلق أكثر من 30 مؤسسة أجنبية بالخصوص..
*التأثيرات السلبية والمباشرة لما يجري في ليبيا، وهي تأثيرات مست نحو مليون ونصف المليون تونسي كانوا يترددون على ليبيا سواء كسياح، أو كتجار وعمال وأصحاب مصالح، إلى جانب التقلص اللافت في حوالي مليون ونصف المليون ليبي كانوا يأتون إلى تونس للسياحة والعلاج، مع ما يعني ذلك من نفقات بالعملة الصعبة تستفيد منها خزينة البلاد، وباتت اليوم في مهب الريح.. على أن هذه التأثيرات، طالت كذلك مئات المؤسسات الصغرى والحرفية الموجودة في الجنوب التونسي (حوالي 1200 مؤسسة)، والتي كانت "تمول" الاقتصاد الليبي، وبالنتيجة الاقتصاد التونسي
وبالإضافة إلى ذلك، تضررت العديد من القطاعات التونسية التي كانت مستفيدة من المعاملات مع الشقيقة، ليبيا، خصوصا قطاعات، الخدمات والمواد الغذائية والبترولية والصناعية والمقاولات والنسيج والملابس والجلود وغيرها..
أضرار في القطاع السياحي
ولا شك أن هذه الأسباب مجتمعة، ألقت بظلالها على القطاعات المحركة لاقتصاد البلاد، بينها السياحة والتجارة الخارجية ونوايا الاستثمار.
ففي المجال السياحي، يشير آخر تقرير حكومي (مرصد الظرف الاقتصادي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي)، إلى أن مداخيل القطاع إلى حدود فيفري الماضي، لم تتعد 190,1 مليون دينار، ما يعني أن التراجع بلغ حوالي %40 قياسا بنفس الفترة من العام 2010.
وبالطبع انعكس هذا التراجع في المداخيل السياحية، المرشح لاحتمالات التفاقم، على استمرار انخفاض موجودات تونس الصافية من العملة الصعبة، إذ تراجعت بنسبة 5،6 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2011، قياسا بذات الفترة من سنة 2010، علما أن السياحة تشغل نصف مليون تونسي، وتعدّ ثاني قطاع يوفر مداخيل بالعملة الصعبة لاقتصاد البلاد بعد صادرات الصناعات المعملية.
انهيار "المموّّل الأولّ"
ولفت ذات التقرير، إلى أن الميزان التجاري خلال الشهرين الأولين من العام الجاري، سجل عجزا بنحو 871،8 مليون دينار، ومعدل تغذية يقترب من 80،9 بالمائة، مقابل 1070،3 مليون دينار، وبنسبة 76 بالمائة مع موفى فيفري 2010.
ومعنى ذلك أن ما يشبه الانهيار سجل في مستوى قطاع الصادرات خلال الشهرين الماضيين، رغم أن بعض التقارير والمقاربات، تتحدث عن عملية تدارك حصلت في بعض القطاعات (الصناعات الميكانيكية والكهربائية) في غضون الأسابيع التي أعقبت التعديل في مستوى رئاسة الوزراء...
ويرى عديد الخبراء، أن تراجع حركة الصادرات التونسية، يمثل نقطة مخيفة في وضعية التدهور الاقتصادي الحاصل، على اعتبار أن هذا القطاع يعدّ المموّل الأساسي والأول لاقتصاد تونس..
مشكل التضخم..
وبالتوازي مع ذلك، تفيد الإحصاءات الرسمية الصادرة حديثا، أن ثمة تراجعا لافتا في مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر يقدر بحوالي %22 (من 142،2 مليون دينار سنة 2010، إلى 116،4 مليون دينار مع موفى شهر جانفي)...
في ذات السياق، سجلت الصناعات الميكانيكية والكهربائية تدهورا ب46 بالمائة، وصناعات النسيج والملابس تراجعا بحوالي 50،3 بالمائة، والصناعات الكيميائية بنحو 61 بالمائة، فيما تراجع حراك إحداث المؤسسات بحوالي %8,8 خلال شهري جانفي وفيفري، قياسا بنفس الفترة من العام الماضي.
وتخشى الأوساط المالية والاقتصادية، من تأثير هذه المعطيات بشكل سلبي على حجم التضخم الذي كان في حدود 5،2 بالمائة في فيفري من العام الجاري، قبل أن يستقر حاليا في إطار %4 فقط، وهي نسبة مرتفعة وتنذر بمخاطر عديدة إذا لم يقع تقليصه خلال الأسابيع القادمة، لأنه سيلقي بظلاله على عدة قطاعات، بل على الحياة العامة للمواطنين، وعلى المقدرة الشرائية لضعاف الحال تحديدا...
ملف الطاقة
أما في قطاع الطاقة، فتشير تقارير وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إلى أن إنتاج النفط تراجع بنسبة 21،1 بالمائة، كما تراجعت مبيعات الكهرباء بنحو 2،4 بالمائة بعد أن تقلص استهلاك القطاع الصناعي لنفس المادة بمعدل 3،7 بالمائة...
ومن غير المستبعد أن تدخل وارداتنا البترولية طور الارباك ولو كان نسبيا ومؤقتا بفعل التطورات الدراماتيكية الحاصلة في ليبيا. والمرشحة لمزيد التفاقم في غضون الأسابيع القليلة القادمة..
وإذا أضفنا إلى جملة هذه المعطيات، الاحتمالات الممكنة لارتفاع الأسعار في مستوى الاستهلاك، بسبب تطور أسعار المواد الأولية عند التوريد، مع ما يعني ذلك من تأثيرات محتملة على القدرة الشرائية للمواطنين التي ازدادت ضعفا وهشاشة خلال الأسابيع الأخيرة، يمكن القول إن الوضع مقبل على صعوبات وتعقيدات، على الرغم من وجود بعض المؤشرات المهمة التي تحيل على إمكانية لإنقاذ السياق الاقتصادي الراهن...
مؤشرات
*تشير بعض التوقعات الحكومية إلى إمكانية استقرار نسبة التضخم عند حدود 3،3 بالمائة خلال الصائفة المقبلة، وهو مؤشر شديد الخطورة لأنه يرتبط بالمستوى المعيشي اليومي للمواطن التونسي..
*المساعي المبذولة حاليا لتحريك نسق الاستثمارات الأجنبية بعد العطل الذي أصابها في أعقاب الثورة.. وعلمنا في هذا السياق أن التحركات الرسمية انطلقت باتجاه استقطاب مستثمرين من بلدان مختلفة، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبلدان الاسكندينافية..
*وجود وعي متنام لدى الحكومة باستثمار الثورة وتداعياتها الإيجابية، خاصة من حيث المناخ السياسي والتنظيمي الجديد الذي أوجدته، ونعني هنا انفتاح البلاد على معايير الشفافية والمصداقية واحترام القوانين، وهو الإطار الذي يشجع المستثمرين على اختيار الوجهة التونسية..
*إمكانية أن تتحول الجزائر والمغرب إلى بوابتين اقتصاديتين نشيطتين لتونس، بعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة، الباجي قايد السبسي إليهما مؤخرا، في سياق البحث عن "بدائل" للبوابة الليبية بظروفها الراهنة.
*سيناريو الاعتماد على السياحة الداخلية خلال الصائفة المقبلة في ضوء صعوبة استقطاب أسواق سياحية خلال الفترة الوجيزة المتبقية..
على أن هذه المؤشرات، لن تكون ذات جدوى إذا لم تصحبها مشاريع تنموية في الجهات المسحوقة اقتصاديا، على غرار القصرين وسيدي بوزيد وقفصة والكاف وجندوبة... لأن محرار نجاح الحكومة، مرتهن إلى حد بعيد بعمق التفاتتها إلى تلك الولايات التي ما يزال التهميش ينخر عبابها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.