هذا ما حصل إثر صدور بطاقة إيداع ضد التويري - في إطارالبحث والتقصي عن الأسرارالتي شهدتها التحقيقات القضائية التي تمت في خصوص قضية شهداء وجرحى القصرينوتالة التي تعتبرالأكبر في تونس بعد ملف شهداء وجرحى إقليمتونس وولايات بنزرت ونابل وسوسة وزغوان من حيث عدد الشهداء والمتضررين (22 شهيدا و حوالي 602 جرحى) نظرا للأحداث الدامية التي شهدتها المدينتان المذكورتان في بداية الثورة قبل أيام من هروب الرئيس المخلوع. رفض القدوم للقصرين وقد علمنا أن قاضي التحقيق الثاني بالمحكمة الابتدائية بالقصرين باشرالتحقيقات في هذه القضية أول الأمر قبل ان يتخلى عنها في أواخر شهرماي لفائدة القضاء العسكري بالمحكمة العسكرية بالكاف ؛ وبعد الاستماع الى مئات من الشهود والمتضررين وعائلات الشهداء من تالةوالقصرين أصدر قاضي التحقيق الثاني بالقصرين بطاقات جلب ضد عديد المسؤولين الأمنيين السابقين في مقدمتهم وزير الداخلية السابق رفيق بلحاج قاسم ومديرالأمن الرئاسي السابق علي السرياطي ومدير الأمن الوطني السابق عادل التويري ومدير الأمن العمومي السابق لطفي الزواوي والمديرالعام السابق لوحدات التدخل جلال بودريقة والضابط السابق في قوات التدخل بالشمال يوسف عبد العزيزوغيرهم . وبما ان بلحاج قاسم والسرياطي و الزواوي وبودريقة كانوا ساعتها رهن الإيقاف في قضايا أخرى فقد تقرر إرسال مدير الأمن الوطني السابق عادل التويري وضابط فرق التدخل بالشمال يوسف عبد العزيز إلى القصرين لاستنطاقهما لكن هذين الأخيرين رفضا التحول الى هناك خوفا من ردود فعل الأهالي في صورة التفطن لقدومهما وقاما باللجوء إلى حيلة تمنع استنطاقهما في القصرين. الادعاء بقطع الطريق يوم قدومهما للقصرين (في شهر ماي الفارط) صحبة وفد أمني مرافق لهما يتكون من مجموعة قوات خاصة تابعة للداخلية على متن سيارات رباعية الدفع تم الاتصال بحاكم التحقيق الثاني بالقصرين وإعلامه بأنه يتعذرعلى المسؤولين الأمنيين المذكورين الوصول للقصرين بسبب قطع الطريق الرابطة بين حاجب العيونوسبيطلة وقد تبين فيما بعد أنها مجرد حيلة لعدم القدوم للقصرين لأن القوة التي كانت معهما كانت قادرة على اعادة فتح الطريق لو كان الأمر صحيحا فقام حاكم التحقيق بالتنسيق مع وكيلي الجمهورية بكل من القصرينوالقيروان بالاتفاق على استنطاق التويري ويوسف عبد العزيزفي القيروان وبالتحديد في الثكنة العسكرية بالباطن تحت حماية الجيش وبالفعل فقد تحول حاكم التحقيق الثاني على متن سيارة إدارية صحبة مساعد وكيل الجمهورية بالقصرين وكاتبه الى الباطن للقيام بمهامهم وبمرورهم بين سبيطلة وحاجب العيون تأكدوا ان الأمور كانت عادية والطريق غيرمقطوعة بالمرة. 7 ساعات من الاستنطاق انطلقت عملية استنطاق المديرالسابق للأمن الوطني والضابط الذي كان معه في الساعة السادسة مساء بالثكنة العسكرية بالباطن وتواصلت الى حدود الواحدة فجرا وعند دخولهما للمكتب الذي خصص لذلك كان الضابط يوسف عبد العزيزيحمل معه مسدسه وقد تعمد إظهاره لحاكم التحقيق في محاولة منه ربما التأثيرعلى سير التحقيق لكن ذلك لم يمنع بعد انتهاء استنطاقه من إصدار بطاقة إيداع ضده في سجن المرناقية. تأثر بالغ وهستيريا اذا كان قرارإصداربطاقة إيداع ضد الضابط يوسف عبد العزيز لم يثرأية ردود فعل تذكرفي صفوف مرافقيه فإنه بمجرد علم الوفد المرافق لمديرالأمن الوطني السابق عادل التويري وبعض المسؤولين الأمنيين الجهويين بالقيروان الذين كانوا على عين المكان بقرارحاكم التحقيق بايقاف التويري وإصداربطاقة إيداع ضده أصيب بعضهم بحالة من الهيستيريا لأنهم لم يتوقعوا إيقافه وقام بعضهم بضرب رؤوسهم وأيديهم على جدران المكتب من شدة التأثر لأنهم ظنوا انه سيتم الاستماع إلى أقواله ثم يبقى بحالة سراح. مرافقة عسكرية للمتهمين خوفا من ردود فعل القوات المرافقة للتويري ويوسف عبد العزيزأثناء نقلهما من ثكنة الباطن الى سجن المرناقية وبطلب من حاكم التحقيق تولى آمرالثكنة تأمين موكب أعوان و طلائع السجون الذي حملهما بمجموعة عسكرية يقودها عقيد من الجيش الوطني على متن أربع شاحنات كبيرة تولت مرافقة الموكب كما قامت قوات من الجيش بمتابعة ومراقبة القوة الأمنية التي جاءت مع التويري في طريق عودتها الى العاصمة الى حين مغادرتها حدود ولاية القيروان، مع الإشارة الى أنه تم في وقت لاحق تحويل بطاقة الإيداع ضد التويري ويوسف عبد العزيزمن سجن المرناقية الى ثكنة العوينة. العودة للقصرين وفي نفس الليلة و بعد إصدار بطاقتي إيداع ضد المسؤولين الأمنيين المذكورين عاد حاكم التحقيق الثاني بالمحكمة الابتدائية بالقصرين ومرافقاه الى القصرين في نفس السيارة الإدارية دون أي مرافقة. يوسف أمين
عائلات شهداء تالة في ضيافة الغنوشي محاكمة «القتلة».. التنمية وكرامة المواطن على طاولة النقاش بعد أن كثر الحديث والجدل هذه الأيام حول مصير قضية شهداء الثورة في ظل انغماس العديد من الأحزاب في تقسيم المسؤوليات بين الفائزين في انتخابات 23 أكتوبرو بعد أنّ وجّهت عائلات الشهداء رسائل إلى السّلط والرأي العام كلّ حسب طريقته ( ندوات ومقالات صحفية وكتابات على الجدران كما حصل في مدينة تالة ...) ها أن صدى هذه الصرخات وصل إلى القضاء الذي عين جلسة يوم 28 نوفمبر الجاري لانطلاق المحاكمة بعد رفض محكمة التعقيب للطعن المقدم من المتهمين مسامع المسؤولين الجدد ، حيث استقبل منذ أيام قليلة زعيم حزب حركة النّهضة الشيخ راشد الغنوشي بمقرحركة النّهضة وفدا يضمّ أفرادا من عائلات شهداء تالة والممثلة الوحيدة للجهة في المجلس التأسيسي «خيرة صغيري» عن حركة النّهضة. اللقاء كما أعلمنا كمال الجملي أب الشهيد مروان الجملي دار في جوّ من التفاعل الايجابي... «فالحق بيّن والباطل بيّن» يضيف محدّثنا: «لقد أبلغنا رئيس حركة النّهضة أنّنا طلاب حق نرغب في القصاص لأبنائنا شهداء تونس حتّى نغلق جرحا مازال ينزف.. أعلمناه أيضا أنّ بعض القتلة ممن وجّهت لهم المحكمة العسكرية بالكاف تهمة القتل عمدا مع الإضماروالتّرصّد هذه الأيام هم الآن ينعمون بالحرية وقد ترقى البعض منهم إلى مراتب عليا في مجال عملهم.. حدثناه أيضا عن عمق التّهميش الذي لحق بتالة في جميع المجالات وعن انتظارات شباب الثورة في مدينة الشهداء من المجلس التأسيسي والحكومة الجديدة». و حول موقف حركة النّهضة والإجراءات الواجب اتخاذها بعد تشكيل الحكومة أضاف الجملي قائلا:»لقد وعدنا الشيخ راشد الغنوشي بالحرص على إيلاء ملف الشهداء المراتب الأولى في مهام الحكومة الجديدة وضرورة إخضاع كل من تثبت إدانته إلى محاكمة عادلة». الشيخ راشد الغنوشي تحدّث أيضا حسب محدّثنا عن التنمية في الجهة واعتبر انّ مدينة تالة التي زارها في أيامات السرّية خلسة وكذلك مدينة القصرين وقف على معاناة أهاليها من الحرمان والتهميش والفقروبأنّهم كحركة سيعملون مع شركائهم في الحكومة الجديدة على دعم التّنمية في هذه الجهات بما يحقّق الحياة الكريمة للمواطن ويرفع عنها غبن سنوات القهروالألم. الغنوشي لم يخف إعجابه بمدينة تالة في نهاية اللقاء كما يضيف محدّثنا، فقد تحدّث عن الشّهيد الشيخ العلاّمة أحمد الرحموني أحد مهندسي محاولة إنقلاب 1962 والذي أعدمه بورقيبة مع العديد من رفاقه.. قال إنّه تتلمذ على يد هذا الشيخ ورأى فيه صورة المثقف المناضل الشجاع الجريء.. لعلّ هذا اللقاء قد يمهّد للقاءات أخرى مع العديد من مكّونات الطيف السياسي الجديد ومنظّمات المجتمع المدني لضمان محاكمة عادلة لقتلة الشّهداء حتّى تتحقق العدالة الانتقالية التي ستحيل المجتمع برمّته إلى حالة الانتقال الديمقراطي وهو هدف جوهري من أهداف الثورة. وإذ يبارك أهالي شهداء تالة وشباب الثورة مثل هذه اللقاءات فإنهم يطالبون من الحكومة الجديدة ومن كلّ السلط التي ستتشكّل قريبا الالتفات إلى مدينة الشهداء تالة التي عانت منذ ما يزيد عن قرن ونصف من التهميش والعزلة والعقاب والنّظر بكلّ جديّة إلى مشاغل شبابها في الشغل والترفيه.