كان الإعلان عن قائمة المشاريع السينمائية المدعومة من قبل وزارة الثقافة ممثلة في لجنة التشجيع على الإنتاج السينمائي بعنوان سنة 2011 خلال الأسبوع الماضي والتي ضمت 108 أفلام بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وفجرت حالات الاحتقان والتململ التي كانت تخيّم في أوساط عدد هام من الناشطين في قطاع الفن السابع من مختلف الاختصاصات... ونظرا لما أسماه المحتجون بمواصلة تكريس السياسة المتعامل بها في عهد النظام البائد إضافة إلى ما وجده أغلبهم من تهميش وتغييب خاصة بالنسبة للسينمائيين الشبان من مخرجين وتقنيين ومنتجين وممثلين. وتجسّد ذلك بالأساس في الوقفة الاحتجاجية التي انتظمت صباح أمس أمام وزارة الثقافة بمشاركة عدد كبير من السينمائيين وممثلين لجمعيات ونقابات تابعة للقطاع. ونادى المحتجون في هذه الوقفة بجملة من المطالب منها ما ورد في بيانات جمعية السينمائيين التونسيين والنقابة الأساسية لتقنيي السينما والسمعي البصري وغيرها أو ما رفعه الحاضرون من شعارات خلال هذه الوقفة الاحتجاجية التي تواصلت أكثر من ساعتين طالب خلالها المحتجون بمقابلة طرف رسمي من الوزارة لتبليغ مطالبهم والتعبير عن رفضهم لبعض القرارات الصادرة عن إدارتها أو ما أسموه بتهاونها في تطبيق بعض القوانين من قبيل عدم التدخل لمنع المخرجين من تشغيل تقنيين أجانب رغم ما تتوفر عليه بلادنا من كفاءات مختصة في هندسة الصوت والإضاءة والديكور وغيرها مثلما أكد ذلك كل من سفيان عدوي (مهندس صوت) وكريم توكابري (مهندس صوت ومنتج) لكن أوصدت أبواب الوزارة أمامهم وعادوا دون مجيب. وشدد غانم غوار بصفته مخرج سينمائي ومقرر لجنة الفساد في جمعية السينمائيين التونسيين على ضرورة القيام بإصلاح جذري في صلب وزارة الثقافة عامة وإدارة السينما خاصة. واعتبر ما أسفرت عنه لجنة التشجيع على الدعم السينمائي في دورتها الأخيرة دليلا واضحا على مواصلة بعض الأطراف للسياسة المعمول بها في السنوات الماضية على اعتبار أنها سياسة غير عادلة ولا تستند إلى المقاييس المعتمدة في دراسة وتقييم مشاريع الأعمال وتحديد نوعية الدعم. ووافقه في هذا الرأي عدد من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية الذين أكدوا على أن هذه اللجنة التي لا تستجيب من حيث تركيبتها للشروط القانونية لعبت مرة أخرى دور الداعم ل»مقاولي السينما التونسية». وتضمن البيان الذي أصدرته جمعية السينمائيين التونسيين اعتراضا على نتائج الأفلام المدعومة إضافة إلى جملة من النقاط تدعو إلى ضرورة مراجعة تركيبة وخيارات ومقاييس اللجنة وإيلاء أهمية كبيرة للسينمائيين الشبان وبعث لجنة موازية تدرس المشاريع التي تعدّ الأعمال الأولى للشبان من أجل دعمهم.
مساندة غير مشروطة
من جانبه أعرب منصف الفهري كاتب عام النقابة الأساسية لتقنييي السينما والسمعي البصري عن مساندته للمطالب المرفوعة وقال: «أعتقد أنه من المفروض مراجعة المسائل الإدارية التنظيمية المسيرة للقطاع على نحو تستجيب فيه لمطالب الثورة من استحقاقات شغلية وفسح المجال أمام الكفاءات الشابة للعمل والإنتاج لأنها قادرة على تحقيق التطور المنشود لكن إدارة السينما ظلت بعيدة عن هذا المطلب إذ يكفي التذكير بأن بعض الأسماء بقيت تتداول على التمتع بأموال الدولة فما يقارب 120 مليارا تمتع بها عدد محدود من الأسماء في ظرف عشر سنوات تقريبا. والمؤسف أن نفس الأسماء تحظى بأولويات الدعم بعد الثورة رغم أن صراخ المطالبين بتطهير الميدان لا يزال يعلو في ساحات البلاد». أما نصر الدين السهيلي فقد اعتبر نتائج لجنة الدعم كافية لفضح ما أسماه بممارسات إدارتها الإقصائية المرفوعة ضد كل من يأنس في نفسه القدرة على دخول دائرة العمل والإنتاج ويضيف: «أطالب أعضاء المجلس التأسيسي بالكف عن الجري والتسابق واللهث وراء وزارات السيادة والاعتناء بوزارة الثقافة لأنها الأهم لتونس كما أدعو لجنة تقصي الحقائق بفتح ملفات الفساد في وزارة الثقافة لأن ملايين الدينارات من أموال الدولة قد نهبت».