في مسيرة السياسي منعرجات قد تكون وحدها الكفيلة بالكشف عمّا خفي من صفات أو خصال يمكن للسياسي أن يفخر بها أو يخجل منها عندما يتعلق الأمربمواقف مصيرية في الحياة لامجال معها للرياء والنفاق... صحيح أن عالم السياسة غالبا ما يعرف بعالم الحسابات والمصالح الذي لايعترف بصديق أو عدوّ دائم ولا يعترف بمبادئ ولا يخضع لمفهوم الأخلاق, ومع ذلك فإن أمهر السياسيين الذين استطاعوا أن يمتهنوا السياسة ودخلوها من الأبواب العريضة ونجحوا في نحت أسمائهم في سجل التاريخ كانوا دوما من فئة أصحاب المبادئ الذين ترفعوا عن كل مظاهر الابتذال والاستصغار ولم يحرصوا على تحقيق أهدافهم وغاياتهم السياسية بالاستجداء وبيع الذمم وهذا بالتأكيد ما لم يعرفه نيوت غينغريتش أحد أبرز مرشحي الحزب الجمهوري لسباق البيت الأبيض الذي لم يجد أفضل من إنكارحق الشعب الفلسطيني في الوجود والسيادة لكسب ودّ اسرائيل والفوز بصك ضمانات اللوبي اليهودي... غينغريتش الذي اختار المزايدة على كل الصقور في واشنطن اعتبر أن الفلسطينيين شعب تم اختراعه وهو في الواقع جزء من الجزء العربي وينتمي تاريخيا إلى المجموعة العربية...تصريحات لا يمكن إلا أن تعكس لا عنصرية وتطرف صاحبها فحسب ولكن أيضا سخافته وجهله بالتاريخ والجغرافيا , ولوأن أحدا سأل السيد غينغريتش تحديد موقع فلسطين أو العراق على الخارطة لما أمكنه القيام بذلك. ربما اعتبر البعض أن مثل هذه التصريحات لا تستحق مجرد التوقف عندها وفي ذلك موقف لا يخلو من الصواب لو أن ألامر صدرعن متطفل أو مبتدئ متحمس يشق طريقه في عالم السياسة ومع ذلك فان المنطق يفترض أيضا ضرورة التوقف عند هذه التصريحات وما تحمله من رسائل لا تخلومن الابتذال الذي اقترن بعقلية رعاة البقرالتي تسير النائب الجمهوري غينغريتش لكسب الانتخابات الرئاسية القادمة معتقدا أن الولاء المطلق لاسرائيل وتبني مواقف ناتنياهو يمكن أن يضمن له الجلوس على كرسي الرئاسة... الطريق الى البيت الابيض يمر حتما عبر تل أبيب حقيقة قديمة ما في ذلك شك ولكن نيوت غينغريتش وهو أحد أبرزمرشحي الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المرتقبة العام القادم أدرك الأمر متأخرا فلم يجد أفضل من المزايدة على كل منافسيه للفوز برضاء ومباركة اللوبيات اليهودية في أمريكا وتجاهل ما كان الرئيس أوباما سبقه إليه قبل أيام عندما صرح بأن حكومته تبقى الأكثر دعما لمصالح اسرائيل في تاريخ الادارة الامريكية ولذلك فلم يبق أمام غيتغريتش الا أن يتهيأ للاطاحة بناتنياهو وخوض سباق الانتخابات في اسرائيل,تلك هي مقتضيات قاموس السياسة عندما تتحول الى مجرد فولكلوريفتقرلأبسط قواعد الذوق المطلوب وتغليب منطق التهريج الذي يذهب الى حد اعتبارأن كل الطرق والممارسات مقبولة مادامت تؤدي الى رأس السلطة...