جدل واسع بسبب تقرير في القناة الوطنية حول صابة الرمان في قابس    عاجل: الإعدام و68 سنة سجناً لعناصر إرهابية تورطت في هجوم بولعابة بالقصرين    الرابطة الثانية    الفريق على باب الخروج من رابطة الأبطال : موجة غضب في المنستير والوحيشي متّهم    رابطة الأبطال الإفريقية – الدور التمهيدي الثاني (ذهاب): الترجي الرياضي يقترب من دور المجموعات بانتصار ثمين خارج الديار    استعدادا للمونديال: المنتخب التونسي للكبريات يفوز في الاختبار الودي الثاني على المنتخب الفرنسي تحت 19 عاما 29-23    كأس السوبر الإفريقي: بيراميدز المصري يحرز اللقب على حساب نهضة بركان    عاجل: مرصد المرور يحذر من تقلبات جوية خطيرة ويدعو الى الانتباه في الطرقات    طفل يقتل صديقه ويخفي جثته في حقيبة مدرسية: تفاصيل مرعبة تكشفها التحقيقات    المحرس.. تلاميذ البكالوريا بمعهد علي بورقيبة دون أستاذ في مادة رئيسية    نفس الوجوه تجتر نفسها .. هل عقرت القنوات التلفزية عن إنجاب المنشطين؟    مع الشروق : سياسة البلطجة    بعد العثور على جثة خلف مستشفى المنجي سليم ..أسرار جريمة مقتل شاب في المرسى    صفاقس تستقبل موسم الزيتون ب515 ألف طن .. صابة قياسية.. وتأمين المحصول ب «الدرون»    نابل تختتم الدورة 11 لمهرجان الهريسة .. نكهة وتراث    عاجل: بتكليف من قيس سعيّد...لقاء تونسي -صيني لإنهاء تلوّث المجمع الكيميائي بقابس!    منوبة: انتفاع 426 تلميذا وتلميذة في دوار هيشر والبطان بخدمات قافلة لتقصّي ضعف البصر ومشاكل الأسنان    عاجل:وزارة الدفاع تنعى أمير اللواء المتقاعد محمد الشاذلي الشريف    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين روسيا والولايات المتحدة بدأ قبل 6 أشهر    عاجل/ انزلاق حافلة تقل معتمرين..وهذه حصيلة الجرحى..    عاجل/ الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار ويغلق معبر رفح..    بطولة العالم للووشو كونغ فو للأساليب التقليدية: تونس ترفع رصيدها الى 3 ميداليات    معرض لمنتوجات الكاكي بنفزة في إطار الدورة الحادية عشرة لمهرجان "الكريمة"    تأهيل وحدات إنتاج المجمّع الكيميائي بشاطئ السّلام بقابس محور لقاء وزير التجهيز بسفير الصين بتونس    صفاقس: المسرح البلدي يحتضن سهرة طربية نسائية دعما للعمل التطوعي    عاجل: إعلامية عربية تتعرض لحادث سير مروع في أمريكا    ارتفاع مرتقب للاستثمار في الصناعات الكيميائية والغذائية في السداسي الثاني من 2025    زغوان: إحداث 5 مناطق بيولوجية في زراعات ضمن مشروع التنمية والنهوض بالمنظومات الفلاحية    مسرحية "جرس" لعاصم بالتوهامي تقرع نواقيس خطر انهيار الإنسانية    عاجل/ تعطّل حركة المرور بهذه الطريق السيارة إثر انزلاق حافلة وشاحنة ثقيلة    مجلس نواب الشعب : جلسة عامة الإثنين للحوار مع الحكومة حول "الأوضاع بجهة قابس"    اللانينا تسيطر على المحيط الهادئ...وتوقعات بشتاء بارد وطويل    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل: تونس على موعد مع الشيخوخة... 20% من السكان مسنّين بحلول 2029!    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    عاجل/ فلّاحو هذه الجهة يطالبون بتعويضات..    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    امكانية إضطراب على مواعيد سفرات اللود بين صفاقس وقرقنة بسبب سوء الاحوال الجوية    تونس تحتضن قمة الاستثمار الذكي في هذا الموعد    إصدارات: كتاب في تاريخ جهة تطاوين    ترامب يفرض رسوما جمركية جديدة على الشاحنات والحافلات    البرلمان البرتغالي يصوّت على منع النقاب في الأماكن العامة    انتاج الكهرباء يرتفع الى موفى اوت المنقضي بنسبة 4 بالمائة    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    "أمك من فعلت".. رد صادم من متحدثة البيت الأبيض على سؤال صحفي    عاجل/ الجزائر: حالتا وفاة بهذه البكتيريا الخطيرة    انتخاب التونسي رياض قويدر نائبا أوّل لرئيس الاتحاد العالمي لطبّ الأعصاب    نجاح جديد لتونس..انتخاب أستاذ طب الأعصاب التونسي رياض قويدر نائبا أول لرئيس الاتحاد العالمي لطب الاعصاب..    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    محافظ البنك المركزي من واشنطن: تونس تتعافى إقتصاديا.. #خبر_عاجل    ماتش نار اليوم: الاتحاد المنستيري في مواجهة شبيبة القبائل الجزائري..التشكيلة والقناة الناقلة    عاجل: شوف المنتخب التونسي في المرتبة قداش؟    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"غزوة" منوبة في انتظار "فتح" إفريقية...
نشر في الصباح يوم 13 - 12 - 2011

- ما حدث في كلية الآداب "منوبة" أمر خطير بكل المقاييس و لا يمكن التقليل من شأنه بدعوى طبيعة المرحلة أوإعتباره مجرد حالة شاذة..ليست القضية مجرد جدل حول الحق في ارتداء النقاب من عدمه بل الأمر أعمق بكثير فاليوم يجد المجتمع التونسي نفسه إزاء جماعة تريد أن تفرض قراءتها السلفية للإسلام و أن تعيد تشكيل النمط المجتمعي عبر استيراد أفكار من مناطق جغرافية و حقبات تاريخية بعيدة كل البعد عن بلادنا و واقعها.
ليس من الصدفة أن يبدأ السلفيون حربهم «المقدسة» ب»فتح» الكليات و الجامعات فهم يعتبرونها أصل الداء و يرون أنها المنتج الأول للعلمانيين و الملحدين
و الكفرة..ليس من الصدفة أيضا أن تكون الكليات و المعاهد التي تدرّس الآداب
و الفنون هي المستهدفة بشكل أكبر فهي في نظر البعض تفسد الشباب المسلم لا لشيء إلاّ لكونها تسعى إلى الارتقاء بفكر و ذوق الطلبة و تمكينهم من معارف
و أدوات يحللون بها معاني الإبداع و الجمال، هذه الكليات كانت إحدى معاقل مقاومة التصحر الفكري في عهد بن علي و ستكون أيضا إحدى معاقل مقاومة رياح الفكر الصحراوي التي بدأت تهب من جهة «الربع الخالي»...
«موقعة» منوبة جاءت لتأكد للجميع أن ما حدث في كلية الآداب بسوسة و معهد الفنون بالقيروان و قبل ذلك حادثة قاعة سينما «أفريكا» ليست حوادث معزولة بل هي حلقات من نفس المسلسل المكسيكي الذي أصبحنا نعيش أحداثه يوميا بالألوان الطبيعية..منوبة هي أول قطرات «غيث» السحابة الداكنة التي تريد تلبيد سماءنا وحجب شمس الحرية.
اليوم يجب على الجميع الفاعلين و المهتمين بالشأن العام أن يبدوا موقفا واضحا لا لبس فيه و أن يوجهوا رسالة صريحة و قوية لكل الساعين إلى فرض ديكتاتورية جديدة، مفادها أن تونس تركت عهد الخوف و الإستبداد وراءها و أنه لا سبيل لأن تفرض أقلية رأيها بالترهيب و إستعراض القوة.
يجب على الطبقة السياسية و المجتمع المدني و الحقوقيين و النقابيين و الفنانين
و الأكاديميين و الطلبة و كل قوى المجتمع الحية أن لا تتخاذل و أن تقف وقفة حازمة فما حصل في منوبة و أخواتها ليس أمرا عشوائيا بل هو عمل ممنهج يسعى إلى ضرب الرأس أي الجامعة (مخبر الأفكار) تمهيدا لتخريب مناعة الجسد المجتمعي و تسهيل اختراقه.
طبعا هذا لا يعني أن يخوض الجميع «حرب استنزاف» مع الفكر السلفي و ينسوا القضايا الوطنية الأكبر و الأهم و يعيدوا صنع مناخ المعارك الوهمية الذي سبق إنتخابات المجلس التأسيسي، فذلك يفسح المجال أمام قوى أخرى (حركة النهضة أساسا) قد تستغل انشغال الجميع بمثل هذه المعارك الجانبية لكي تنفرد بالسلطة
و المجلس التأسيسي و تفصّل دستورا على مقاسها خصوصا و أن موقفها مما يحدث في منوبة بقي ملتبسا حتى لا نستعمل أوصافا أخرى...
لا يجب أن ننسى أن السلفيين و المنقبات هم مواطنون تونسيون و ليسوا مخلوقات فضائية آتية من الكواكب الشقيقة و الصديقة و إنهم في آخر المطاف نتاج لهذا المجتمع و لهذا العالم و لهذا العصر. المجتمع التونسي كان في السنوات الأخيرة مناخا ملائما لاحتضان مثل هذه الظواهر فالتصحّر السياسي و رداءة المنتج الثقافي و تخريب المنظومة التربوية و التعليمية و تردّي الأوضاع الإجتماعية أضعف مناعة المجتمع. كما لا يجب أن ننسى أن جزء مما يحصل اليوم هي ردّة فعل متأخرة على المشروع الحداثوي البورقيبي و لانتهاك الحريات الدينية خلال حكم بن علي. و لقد مثل الاستقطاب الإيديولوجي الحاد بين «الإسلاميين» و «العلمانيين» الذي ميز المشهد السياسي في تونس في الفترة التي سبقت الإنتخابات، فرصة أمام السلفيين لكي يدخلوا على الخط بقوة خصوصا بعد سقوط بعض «العلمانيين» في أخطاء قاتلة.
يضاف إلى كل ذلك عوامل «خارجية» كالظرفية العالمية التي تشكلت بعد أحداث 11 سبتمبر2001 تحت عنوان «الحرب على الإرهاب» و ما تبعها من موجة العدوان الاستعماري على دول عربية و إسلامية مما جعل الكثير من المسلمين يحسون بأن هناك «حرب على الإسلام» فجعلوا يسترجعون حلاوة أمجاد الماضي علها تخفف من مرارة انكسارات الحاضر. هناك أيضا دور مواقع الأنترنيت ذات التوجه السلفي التي استطاعت أن تجذب العديد من الشباب المحبط و الحائر و لا ننسى تأثير القنوات الفضائية الوهابية (و هي مملوكة لنفس أصحاب قنوات الكليبات و ستار أكاديمي) و الشيوخ ذوي الفتاوى الغزيرة و اللحى الكثة و الأصوات الجهورية الذين يحرّمون إظهار سنتمتر واحد من شعر المرأة و لا يحرّكون ساكنا عندما تحتل آلاف الكيلومترات من بلدان العرب و المسلمين، الذين ينادون بقطع يد من يسرق رغيفا و يدعون بطول العمر لأولي الأمر الذين سرقوا ثروات بلدانهم و أحلام شعوبهم.
رغم كل شيء لا يجب أن نقسو كثيرا على الطلبة الذين «فتحوا» كلية منوبة فهم نتاج الجامعة التونسية التي كانت في مرحلة معينة منجما للطاقات و المثقفين و أصبحت في السنوات الأخيرة مصنعا ينتج شحنات من الأميين أصحاب الشهائد العليا.
شباب السلفيين هم من أبناء جيل «بن علي»، هذا الجيل الذي «جاء في زمن الجزر»
و وجد دور الثقافة و الشباب و المسارح و نوادي السينما معطلة فلم يتبقّ أمامه إلا المقاهي و الملاعب و قوارب الموت..
في الأخير أودّ أن أقول إن سلفيي التيار الإسلامي ليسوا السلفيين الوحيدين في تونس بل لهم «إخوة» و «رفاق» في كل التيارات الأخرى حتى تلك التي نصبت نفسها «الوصي الشرعي» على الحداثة أو «الوكيل الحصري» للتقدمية...
اليوم و عوضا أن نسب الظلام يجب أن نشعل شمعة و أن نصوغ مشاريع و رؤى اجتماعية-سياسية واقعية و عملية تراعي طبيعة و تطور المجتمع التونسي.
* باحث و مدرس في الجامعة التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.