في أجواء احتفالية مشهودة وغير مسبوقة في تاريخ ولاية سيدي بوزيد لم تتأثر بضيق المكان والشتاء البارد ومشاكل التنقل أضاءت يوم أمس ثورة الحرية والكرامة شمعتها الأولى وهي التي اعلنت ميلاد عهد جديد يتمنى الجميع أن يقطع مع منظومة الاستبداد والفساد ويؤسس لبناء دولة المواطنة الحقيقية التي تحترم فيها الحقوق والحريات العامة والفردية وتؤدى فيها الواجبات على أسس العدالة والمساواة. وقد افتتحت الدورة الأولى للمهرجان الدولي لثورة 17 ديسمبرعلى الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس بتلاوة الفاتحة على أرواح الشهداء وآداء النشيد الرسمي. وقامت ثلّة من عناصر الجيش الوطني بإطلاق 17 طلقة نارية قرب النصب الرمزي لعربة محمد البوعزيزي وهو من انجاز جمعية "خطى" مساهمة منها في الإحتفال بهذه الذكرى الخالدة.
حضور جماهيري
ورغم التنظيم المحكم للتظاهرة وجد كلّ من رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس المجلس التأسيسي صعوبة في الوصول إلى ساحة الثورة بسبب الحضور الجماهيري المكثّف. وقد رفع عدد من أبناء الجهة شعارات ولافتات تنادي بإقرار دستور مدني يضمن الحرية والعدالة والديمقراطية الإجتماعية وإدماج هذه المنطقة الداخلية المهمشة في منظومة تنموية متكاملة توفرالشغل لكل طالبي وطالبات العمل وتنهض بالموارد البشرية لتكون ثروة وطنية في خدمة التنمية وليست عبئا اجتماعيا يعيقها. من جهة اخرى تعرّض رئيس الجمهورية المؤقت قبل صعوده إلى المنصة لإلقاء كلمة بهذه المناسبة إلى مضايقات من قبل بعض المحتجين على قبوله "لمنصب ديكوري مجرّد من كلّ الصلاحيات".
قالوا عن الذكرى الأولى لإندلاع الثورة
- الناصر الهرّابي( حركة النهضة): تحرّرنا من الظلم وحكم النظام الأوحد قال الناصر الهرابي أنّ الذكرى الأولى لثورة 17 ديسمبر تعني بالنسبة له إشراق شمس الحرية والكرامة والديمقراطية السياسية والإجتماعية والتنموية التي تدفع أبناء سيدي بوزيد للتوجه إلى البناء والتطور في شتى المجالات معتبرا أنّ هذا الحدث المفصلي في تاريخ تونس المعاصر منارة لتحرّر بقية الشعوب العربية من أشكال الظلم والاستبداد ونظام الحزب الواحد. - محمد الجلالي ( شاعر)" الثورة حطمت أسوار الخوف وفضحت سلطة السيف" يرى محمد الجلالي عضو لجنة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة التونسية في ولاية سيدي بوزيد أنّ أحداث 17 ديسمبر 2010 كانت ظاهرة اجتماعية سوسيولوجية لها أسبابها البعيدة الاخرى المباشرة المتمثلة إجمالا في الإحساس بالقهر الجماعي والغبن الذي يولد على مرّ الأعوام، وعيا جماعيا بحتمية إزالته ويظهر في عتمة الاستبداد مواطنون خلّص ومفكرون وأدباء ورجال سياسة على قلتهم يتدافعون لتحطيم أسوار الخوف وفضح سلطة السيف.. وذكر أنّ دواعي قيام الثورة الفرنسية هي هجوم المحتجين على سجن" الباستيل" في 14 جويلية 1789 الذي كان رمزا للقهر والظلم وكان إشعال البوعزيزي لنفسه أمام مقرّ السيادة (الولاية) سببا كافيا لقيام الثورة التونسية نظرا للاستعداد النفسي الكامل لدى الشعب بضرورة إزالة نظام حكم مستبد وفاسد واستبداله بنظام يرتكز على سيادة الشعب ومؤسسات منتخبة وإسناد المناصب والوظائف على أساس الكفاءة والنزاهة لا على أساس الولاء والتبعية. - لزهر الغربي ( حزب العمّال الشيوعي)"مصرون على مواصلة استكمال مهام الثورة" أكدّ الناشط السياسي لزهر الغربي على ضرورة ردّ الإعتبار لشهداء الثورة الذين رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن فعبّدوا لنا طريق الحرية والكرامة والعدالة منيرين بذلك دروب الخلاص والإنعتاق من حكم الفاشية والرجعية.. وأضاف أنّ حزب العمّال الشيوعي التونسي مصرّ على مواصلة مسار استكمال الثورة وتحقيق أهدافها المتمثلة في ضمان الحريات العامة والفردية من خلال تكريس المواطنة والمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة والعمل على ارساء تنمية جهوية متوازنة تقوم على التوزيع العادل للثروة فضلا عن إعطاء الأولوية المطلقة للتشغيل وخاصة المعطلين وحاملي الشهادات العليا من أبناء الجهة وحقّ الجميع في التمتع بخدمات صحية راقية ومجانية وتعليم ديمقراطي شعبي مجاني. - أم زياد (ناشطة حقوقية) "القطع مع المكياج" ترى نزيهة رجيبة الناشطة الحقوقية والكاتبة المعروفة أنّ ما ميّز عيد ميلاد الثورة الأول هو الاحتفال بما قلّ ودلّ خلافا لبرامج التظاهرات الفارغة والديكورية في الحقبة البائدة..