يعقد المؤتمر الوطني للإتحاد العام التونسي للشغل في طبرقة "في ظرف إستثنائي" على كل المستويات. هذا المؤتمرهوالاول من نوعه بعد تعديل النظام الداخلي واقرار مؤتمر المنستير مبدأ منع الترشح لعضوية المكتب التنفيذي اكثر من مرتين .ووفقا لهذا القرار فان ما لايقل عن 9 من بين ال 13 عضوا في المكتب التنفيذي الحالي سيغادرون المركزية النقابية بما في ذلك الامين العام عبد السلام جراد ومسؤول النظام الداخلي علي بن رمضان والناطق الرسمي باسم الاتحاد منذ أشهر عبيد البريكي. وهذا المؤتمر هو الاول من نوعه منذ الثورة التي لعب مناضلون نقابيون دورا رئيسيا في تفجيرها في شكل احتجاجات اجتماعية ثم كانت مقرات الاتحاد في العاصمة وصفاقس وفي عدد من الجهات اولى الاماكن العامة التي رفعت فيها شعارات سياسية رفعت سقف المطالب الى حد الدعوة الى الاطاحة برأس النظام وبالعائلات المورطة في الفساد.. وكان المكتب الجهوي بصفاقس والنقابات العامة للتعليم لعبت دورا مركزيا في هذا الاتجاه.. بعد اندلاع التحركات بدعم من المكاتب الجهوية لسيدي بوزيد والقصرين وقابس ومدنين والكاف وجندوبة.. وقفصة.
قائمة "وفاق"
لكن هذا المؤتمر هو الاول من نوعه ايضا الذي يعقد دون تدخل مباشر من قبل مؤسسات الامن ورئاسة الدولة والحزب الحاكم.. في اختيار " قائمة الوفاق ".. اي ان التنافس بين عشرات المنتنافسين على عضوية المكتب التنفيذي ستحكمه موازين القوى والتحالفات داخل ال 500 نائب في مؤتمر طبرقة.. وهذا المؤتمر هو الاول من نوعه الذي يعقد بعد ان وقع الاعتراف باكثر من مائة حزب سياسي اي ان المركزية النقابية لم تعد مرشحة لان تلعب نفس الدور السياسي السابق عندما كانت " بديلا " و" نقطة تحرك" للاطراف الحزبية والسياسية المحظورة " حسب النقابي محمد البخاري القريب من حركة النهضة. بعد انتخابات 23 اكتوبر لكن هذا المؤتمر يعقد كذلك بعد فشل غالبية احزاب اليسار واقصى اليسار في الفوز بمقاعد في المجلس الوطني التاسيسي وبعد ان تشكلت لاول مرة حكومة يتزعمها حزب النهضة ويشارك فيها ممثلون عن حزبي المؤتمر والتكتل. ونتيجة لهذا المعطى قد تحرص بعد الاطراف السياسية وخاصة "اليسار النقابي" و"العائلة الوطنية " (مجموعات " الوطنيين الديمقراطيين ") على فرض توازن في البلاد مع حزب النهضة وحلفائه من خلال الفوز بغالبية مقاعد المركزية النقابية. وهذا السيناريو وارد جدا خاصة ان النقابيين القريبين من حزب النهضة (حوالي 20 بالمائة من النواب) ليس لهم اي مرشح حزبي للمكتب التنفيذي لان سنوات الطرد من العمل والسجن او المنفى حرمتهم من فرصة توفير شرط "تحمل مسؤولية نقابية في الهيئات لمدة دورتين".
تهميش واضح للمراة
إلا ان من ابرز التحديات المطروحة على النواب في هذا المؤتمر "الاستثنائي جدا " التهميش الواضح للمرأة النقابية في كل المكاتب التنفيذية السابقة. فلا وجود لأي إمرأة في المكتب التنفيذي للاتحاد بعد حوالي 65 عاما عن تأسيسيه. بل ان "الهيئة الادارية" للاتحاد التي تضم حوالي 80 عضوا ليس فيها اية إمرأة بصفة عضو"كامل الحقوق".. وقد دخلتها في احدى الدورات السيدة شريفة المسعدي " لاعتبارات خاصة " كما جاء على لسان النقابية اليسارية السيدة نعيمة الهمامي عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي المرشحة لعضوية المكتب التنفيذي في مؤتمر طبرقة من بين حوالي10 نقابيات.. السيدة الهمامي اوردت ايضا في تصريح ل "الصباح" ان نسبة النائبات في المؤتمرات الوطنية للاتحاد هزيلة جدا فلم يتجاوز عددهن في مؤتمر جربة 2001 ال 26 ونزل العدد الى17 في مؤتمر المنستير. وتتساءل السيدة نعيمة الهمامي: هل ستحترم القيادات النقابية مطالبتها بالمناصفة في الهيئة العليا لحماية الثورة فتقبل ان تكون في القائمة الوفاقية لمؤتمر طبرقة على الاقل 3 أو4 نقابيات؟ وهل يمكن للمؤتمر وهو سيد نفسه ان يفرض " نسبة دنيا" لتمثيل المرأة في المكتب التنفيذي الجديد أم تحافظ عليه بصبغته القديمة رجاليا بنسبة مائة بالمائة؟ تساؤلات جديرة بإجابة مقنعة.. وقد يكون الأكثر إلحاحا تقديم القيادة النقابية من طبرقة تطمينات الى رجال الاعمال والمستثمرين وكامل المجتمع التونسي بقرب وقف مسلسلات الاضطرابات الفوضوية التي كبدت البلاد خسائر بمليارات الدنانير خلال ال11شهرا الماضية.