التبرع بساعات إضافية عوض اقتطاع 4 أيام من الراتب الشهري في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد التونسي بانتكاسة فعلية تترجمها لغة الأرقام (0 بالمائة نسبة نموهذه السنة) يتواصل"تسونامي" الاعتصامات والاحتجاجات التي دفعت بالمجمع الصناعي الياباني (يازاكي) المتخصص في صناعة كوابل السيارات الى غلق احدى وحداته الإنتاجية في منطقة ام العرائس مما أسفر عن فقدان مئات مواطن الشغل. ولئن ندد أعضاء الحكومة والناشطون في المجال الاقتصادي مرارا وتكرارا بخطورة تواصل الاحتجاجات فان نزيف الاعتصام والاحتجاج لم يتوقف بعد. ولعل السؤال الذي يطرح بشدة: هل فعلا دق ناقوس الخطر؟ نعم ... دقت ساعة الخطر هكذا أجاب معز الجودي الخبير في الاقتصاد واصفا وضع الاقتصاد التونسي بالكارثي مبينا الى أن البلاد وصلت الى مرحلة اللاعودة ولا بد من تفعيل قرارات عاجلة وفاعلة لا سيما أن هنالك شركات عمومية من خيرة الشركات تعيش حالة كارثية ويتوقع أن تعلن إفلاسها كشركة فسفاط قفصة بعد أن كانت هذه الشركات تحقق أرباحا طائلة وتجلب العملة الصعبة ومصدرا لخلق مواطن الشغل. وصرح في هذا السياق أن هذه الوضعية (تواصل الاحتجاجات)هي بمثابة "الضربة القاضية" للاقتصاد التونسي على حد تعبيره.
برنامج الحكومة يفتقر إلى حلول عملية
أما فيما يتعلق ببرنامج الحكومة الذي أعلن عنه مؤخرا أكد الجودي أنه لا يتضمن حلولا فعلية تؤشر للنهوض بالاقتصاد التونسي استنادا الى أن الوضعية لا تحتاج الى توفير مواطن شغل في القطاع العمومي لان ذلك من شانه أن يخلق وضعية حرجة وأكثر خطورة. واوضح أن اليونان مثلا يعيش أزمة خانقة وصلت حد المديونية جراء قرارات الساسة الذين انتدبوا العاطلين عن العمل في الوزارات والإدارات الأمر الذي أثقل كاهل الدولة استنادا الى أنها ليست مواطن ذات مردودية. وفي تعليقه على برنامج الحكومة الجديدة خاصة في ما يتعلق بحل أزمة التشغيل خلال السنة المقبلة أكد الجودي أن بيان الحكومة هو بيان نوايا أكثر منه بيانا عمليا غايته تفعيل عجلة الاقتصاد من جديد لا سيما أن هذا البرنامج لم يتضمن نسبة النمو المراد بلوغها. وخلص الجودي الى القول بان سنة 2012 تتسم بأزمة عالمية وبما أن 80 بالمائة من مبادلاتنا التجارية تنفذ مع الاتحاد الأوروبي الذي يعيش حاليا أزمة حرجة فبالتالي من غير الممكن خلق 400 ألف موطن شغل ولا بد من جدية اكثرفي تناول المواضيع الاقتصادية.
تجاوز حالة الانكماش
وأضاف قوله :" بما انه سندخل سنة 2012 بعجزفي الميزانية يقدر ب 6 بالمائة لا بد من تفعيل استراتيجية معينة فضلا عن ضبط آليات لتجاوز حالة الانكماش الاقتصادي كالالتزام أولا بالهدنة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الى جانب التخلي كليا عن ثقافة الاعتصامات من اجل المصلحة الوطنية." ويقترح الجودي عوض اقتطاع 4 أيام من الراتب الشهري التبرع ب 4 أو 5 ساعات إضافية للنهوض بالاقتصاد. الى جانب إعادة هيكلة المؤسسات العمومية عبر سن قواعد حوكمة تنبني على مبدإ إرساء الفصل بين سلطة الرقابة وسلطة التنفيذ الى جانب وضع هياكل رقابة فعالة حتى تصبح هذه المؤسسات أكثر جدوى. فضلا عن ضرورة بعث هيكل صلب الحكومة يباشر ويحيط بالمؤسسات العمومية أوالمؤسسات الصغرى والمتوسطة.