قبل 16 عاما افتتح الرئيس الفرنسي جاك شيراك ولايته الاولى بزيارة الى تونس ..وكان الان جوبيه وزير الخارجية الحالي رئيس حكومته الاولى انذاك.. في ذلك الظرف كانت فرنسا منزعجة من "التفجيرات" التي استهدفت قطاراتها واتهم " اسلاميون جزائريون ومغاربيون " بالوقوف وراءها.. وكان المناخ الأوربي والعربي والمغاربي مشحونا ضد " الارهابيين الاصوليين " المغاربيين والمصريين و الافغان.. فيما كانت دماء الابرياء تسيل في الجزائر وجرائم الذبح والتفجيرات في الاحياء والمؤسسات المدنية تتعاقب.. وقف شيراك في مؤتمره الصحفي امامنا في احد فنادق قمرت ليعلن دعم باريس للنظام التونسي ولسياساته.. ثم قدم تصريحه المشهور عن " احترام حقوق الانسان في تونس أي الحق في الاكل والعلاج والسكن".. فوقفت امامه محتجا ومتسائلا: الا تعتبر تصريحك هذا عنصريا وتراجعا عن المفاهيم المعروفة لحقوق الانسان التي صدرتها فرنسا للعالم منذ القرن ال18؟ وبعد محاولة التهرب واتهمامي باني وبقية الصحفيين الفرنسيين والتونسيين لم نفهم كلامه، وبعد اعادتي طرح السؤال بطريقة ثانية والحاحي تراجع.. واقر بحقوق العرب والمسلمين والتونسيين على غرار الاوربيين والفرنسيين في كل حقوق الانسان السياسية والثقافية الى جانب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.. بعد مدة زارنا جوبيه وديلفبان وفيدرين ثم ساركوزي وقدموا وجهات نظر معتدلة مماثلة تؤكد على نبذ العنصرية وعلى تلازم الحقوق السياسية بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية.. + بالامس كان رئيس الديبلوماسية الان جوبيه العائد الينا للمرة الثانية منذ تعيينه اكثر وضوحا في نبذ العنصرية والتاكيد على ان في كل الثقافات والمجتمعات ومعتنقي الاديان متطرفين ومعتدلين.. متشددين ومتسامحين.. واكد على ان الاسلام ليس نقيضا للديمقراطية والمسيحية واليهودية وغيرها من الاديان.. +المواقف التي عبر عنها وزير خارجية فرنسا ضد العنصرية والتطرف ينبغي ان تجد فريقا يتابعها بين السياسيين التونسيين والمغاربيين والعرب والمسلمين عشية تنظيم الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تضاعفت فيها حظوظ أقصى اليمين الفرنسي العنصري والمتطرف بزعامة السيدة لوبان.. وعلى ساسة دول الضفة الجنوبية ان يدعموا بقوة المرشحين المعتدلين في انتخابات فرنسا مستفيدين من ملايين الناخبين الفرنسيين من اصول عربية وتركية وافريقية.." حتى لا يخرجوا مرة اخرى من السوق بلا حمص".. وحتى لا يتعمش اليمين العنصري الفرنسي اكثرويتوجب على ساستنا الحذر من بعض الغلطات الفادحة مثل الشعارات المعادية لليهود التي رفعت أول امس في مطار تونسقرطاج بحضور صحفيين وديبلوماسيين اوربيين وعرب.. كما لابد من اعلان حكوماتنا واحزابنا ومجتمعنا المدني عن مواقف رسمية علنية تميز بين الصهيونية واليهودية.. بين المحتلين لفلسطين واليهود التونسيين والمغاربيين الذين كان حثهم على الرحيل من بلداننا الى فلسطينالمحتلة احد ابرز غلطات الساسة " القوميين " بعد حربي 1967و1973.. عسى ان تنتصرقيم التسامح..