احتجاج على تزويق وتنظيف الطرقات والواجهات فقط لاستقبال المسؤولين؟؟ تعيش ولاية القصرين هذه الأيام على وقع إحياء ذكرى شهداء الجهة الذين سقطوا في المواجهات مع قوات الأمن قبل فرار المخلوع. ويؤكد القائمون على تنظيم هذه التظاهرة من شباب الجهة ومن مختلف مكونات المجتمع المدني أن الهدف من الاحتفاء بأيام الشهيد أو مهرجان الشهيد (من 6 إلى 10 جانفي الجاري) هو ترسيخ هذا الموعد في الذاكرة الوطنية كتاريخ مفصلي وحاسم في الثورة التونسية... إلى جانب تخليد ذكرى شهداء الجهة والإعتراف بدورهم الفاعل في الإطاحة بالنظام البائد ومن وراء ذلك تذكير الساسة والسياسيين بواجباتهم في رد الإعتبار لعائلات الشهداء والالتفات للمشاكل التنموية بالجهة التي عانت الإقصاء والتهميش زمن المخلوع. ويرى شباب الجهة -ممن تحدثوا ل"الصباح"- في هذه التظاهرة، التي من المنتظر أن يحضرها الرؤساء الثلاث وعدد من المسؤولين ومن أعضاء المجلس التأسيسي، فرصة لإطلاع الحكومة المؤقتة الحالية على حجم المشاكل العاجلة في هذه الولاية "الصابرة" التي تنتظرمبادرات وإجراءات فورية. وفي تقييمهم للسنة التي مرت بعد الإطاحة بالمخلوع يجمع سكان الجهة أنهم لم يلمسوا لحد الآن اجراءات عملية وملموسة ولا إرادة سياسية حقيقية في معالجة الملفات الساخنة وفي مقدمتها رد الإعتبار لشهداء وجرحى الثورة بتحقيق تقدم على مستوى المحاسبة وأيضا بتكريم وتعويض عائلات الشهداء ومعالجة الجرحى في أسرع وقت. إذ يعتبر الشاب رشدي علوي أنه لا توجد إلى حد الآن عدالة انتقالية بأتم معنى الكلمة "وما نراه متاجرة إعلامية بملف الشهداء لا غير.. في ظل غياب إرادة للكشف عن المسؤولين الحقيقيين عن القتل.. واصلاح وتطهير المنظومة الأمنية والقضائية.."
مبادرات تنموية
يعتبر كذلك التشغيل من الملفات الحارقة بالجهة التي تضم أعلى نسبة بطالة وفقر على المستوى الوطني. وإن يتفهم الأهالي صعوبة الظرف الحالي للحديث عن تنمية حقيقية إلا أنهم ينشدون ولو مبادرات يرون أنها تأخرت كثيرا. كما يعتبرون إعتماد الحكومة المؤقتة على الحضائر كمسكنات لمشاكل التشغيل فيه الكثير من الإهانة للجهة ولشبابها وهم يطالبون باستثمار تلك الأموال في إقامة مشاريع دائمة. يقول في هذا الإطار توفيق عمري شاب وناشط سياسي بالجهة إن القصرين تنتظر مبادرات تنموية حقيقية لم تتحقق إلى الآن ويضيف "إن الإحساس السائد لدى الأهالي مفاده أنه لم يتغير شيء على مستوى الإهتمام بجهة القصرين فهي دائما في نظر المسؤولين في أسفل سلم الأولويات رغم أن الأرقام والمؤشرات تؤكد أنها لم تعد قادرة على تحمل المزيد من التهميش الذي كان دائما سبب تمردها وثورتها على مر الأزمان منذ عهد البايات.."
احتجاج متواصل
هذا السخط على تجاهل المسؤولين والحكومات السابقة لمشاغل الجهة سيما بعد ما لحقها من دمار إبان أحداث الثورة وتعطل لجميع المرافق والمؤسسات الحيوية فيها التي ظلت إلى اليوم معطلة، دفع بالكثير من المواطنين للاحتجاج أمس على لجنة تنظيم أيام الشهيد وعلى النيابة الخصوصية لبلدية المدينة التي عمدت في الأيام الأخيرة لتنظيف شوارع المدينة الكبيرة ودهن الواجهات وحاشية عدد من الطرقات الرئيسية فقط بمناسبة قدوم المسؤولين؟؟؟ وقال البعض ل"الصباح" إنهم يحتجون على ذلك لأنها ممارسات تذكر بالعهد البائد وأيضا لأنهم يريدون أن يقف المسؤولون الجدد على حقيقة الأوضاع المزرية في الجهة كما يعيشها المواطن دون "روتوشات". من جهتها بينت فوزية علوي عضو النيابة الخصوصية لبلدية القصرين أن أشغال الترميم البسيطة وتنظيف الشوارع للإحتفاء بالذكرى وبالقصرين كمدينة تأججت منها الثورة وامتدت لولايات أخرى وليس إحتفاء بالمسؤولين. تجدر الإشارة أن تظاهرة أيام الشهيد انطلقت أمس وستمتد إلى10 جانفي الجاري وستشارك جميع معتمديات الولاية في الإحتفاء بهذه الذكرى. وإلى جانب طابعها الإحتفائي الذي سيشمل أمسيات شعرية وسهرات موسيقية ملتزمة ومعارض وورشات رسم وندوات فكرية حول تاريخ الثورات في الجهة، ستشمل التظاهرة تنظيم يوم تنموي يخصص للتعريف بامكانيات وثروات الجهة الطبيعية وفرص الإستثمار فيها وذلك بحضور عدد من المستثمرين ورجال الأعمال.