يبدو أن التظاهرات التي تحتفي وتؤرخ للحدث التاريخي الذي عرفته بلادنا خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2010 باندلاع الثورة انطلاقا من سيدي بوزيد لتعم بقية الجهات وتنتصر يوم 14 جانفي 2011 ستأخذ بعدا احتفاليا على أوسع نطاق. فبعد مهرجان الثورة الذي انتظم بسيدي بوزيد انطلاقا من 17 من الشهر الجاري اختار ممثلون عن مكونات المجتمع المدني وأحزاب ومستقلون من أبناء الجهات التابعة لولاية القصرين بعث مهرجان دولي للاحتفاء بدور أحرار الجهة في الثورة التي انتهت بإسقاط نظام الحكم السابق بكل آلياته الفاسدة والقمعية حسب ما أفاد بذلك السيد جلال علوي في كشفه عن دواعي هذه التظاهرة... بصفته طرفا فاعلا فيها وذلك ببعث مهرجان الشهيد الدولي في دورته الأولى بالقصرين الذي يمتد من يوم 6 إلى غاية 10 جانفي القادم على اعتبار أن هذا الموعد يتزامن مع المنعرج الحاسم الذي عرفته الثورة المجيدة إثر سقوط عدد كبير من الشهداء بكل من تالةوالقصرين وفريانة. وقد تم توجيه الدعوة للعديد من الشخصيات السياسية والثقافية لحضور المهرجان في دورته الأولى، "الصباح" التقت جلال علوي بصفته مقررا للجنة الثقافية المشرفة على تنظيم المهرجان فكان الحوار التالي:
لِمَ اخترتم أن يكون هذا المهرجان للاحتفاء بتاريخ الثورة خاصة أنه يأتي مباشرة بعد أيام من تنظيم مهرجان مماثل بسيدي بوزيدالمدينة التي شهدت احتفالات جهوية ووطنية ودولية كبرى بالحدث؟
أعتقد أن المهرجان يأتي دعامة للاحتفاء بما حققه أبناء تونس الأبيّة لأننا نعتبر أن 14 جانفي هو تتمة للمسار الثوري الذي أخذ منعرجا حاسما بداية من سقوط ضحايا بتالةوالقصرين وغيرها من الجهات الأخرى بعد أن هبت بقية الجهات تضامنا مع الأحداث الدامية التي عرفتها الجهة. فالمهم بالنسبة لنا أننا أردنا الاحتفال بإنجازات أحرار الجهة حسب إمكانيات أبنائها بتنظيم تظاهرة تكون في مستوى وقيمة ما قدمه هؤلاء الشهداء لتونس والتونسيين على حد السواء من خلال تذكير العالم بذلك وتخليد ذكرى سقوط ضحايا شبان الجهة الذين خرجوا للشوارع ورفعوا أصواتهم ضد نظام حكم ديكتاتوري ظالم وغير عادل وصرخوا وطالبوا بحقهم في العيش كمواطنين أحرارا كرماء.
كيف كانت ظروف التحضير لهذا المهرجان؟
فكرة بعث تظاهرة تحتفي بشهداء ولاية القصرين كانت بطلب من بعض ممثلي المجتمع المدني بالجهة. فكانت الاستجابة سريعة من جميع الأطياف السياسية والثقافية والجمعياتية وتم الاتفاق على وضع الخطوط الكبرى لمهرجان الشهيد الدولي بعد التنسيق طبعا مع المندوبية الجهوية للثقافة بالجهة وولاية القصرين وذلك ببعث لجان مختصة تتولى ضبط برنامج يكون ثريا ومتنوعا على نحو يجعل من الجهة مسرحا لأحداث وأنشطة وفعاليات ثقافية وفكرية واجتماعية ورياضية لتستقطب بذلك الرأي العام الوطني والعالمي. وأعترف أن تجاوب وتكاتف مجهودات مختلف الأطراف مكننا من ضبط 80 %من الخطوط المرسومة لتنظيم المهرجان.
هل تم وضع ضوابط محددة في اختيار العروض؟
بصفتي مقررا للجنة الثقافية اتفق جميع أطرافها على أن تكون العروض متنوعة ولكن ملتزمة من حيث أهداف الدورة الأولى للمهرجان سواء بالنسبة للعروض الموسيقية الوطنية التي ستحييها فرقة الدروب بالقصرين إضافة إلى عرض خاص بالمهرجان يتمثل في أوبيرات غنائية "ذاكرة الشهيد" لشباب حي الزهور فمشاركة مغني الراب "الجنرال" ومجموعة من مغني نفس اللون الموسيقي من أبناء الجهة وكذلك الشأن بالنسبة للأمسيات الشعرية التي ستشرف عليها الشاعرة فوزية علوي ويشارك فيها كل من جمال الصليعي وعبد الرزاق الحمزاوي وغيرهم. كما أن البرنامج يتضمن معارض للتوثيق للثورة وشهدائها ورشات للفن التشكيلي ومسابقات فكرية ورياضية من خلال تنظيم مسابقة في الشطرنج فضلا عن توجيه الدعوة لفريقين من أكبر الأندية في كرة القدم بالعاصمة للمشاركة في دورة مصغرة. وفيما يتعلق بالعروض الأجنبية فنحن في انتظار تأكد حضور الأسماء التي أبدت موافقة مبدئية للمشاركة في المهرجان على غرار ريم البنا ومارسيل خليفة ومجموعة ناس الغيوان من المغرب والجزائري " لطفي دوبل كانون" وأحمد فؤاد نجم وهشام الجخ من مصر.
وبم تفسر غياب المسرح والسينما عن التظاهرة؟
ليس هناك أي سبب سوى أن الجهة تفتقد لدور العرض والفضاءات التي يمكن أن تحتضن مثل هذه العروض. وأستغل هذه المناسبة لأوجه نداءا لسلطة الإشراف لتدارك هذه النقائص التي حرمت أبناء الجهة من الإبداع والتمتع بعروض الفنين الرابع والسابع.
ما هي الأهداف التي تسعون لتحقيقها على المدى البعيد ؟
أعترف أننا في تباحثنا أبجديات التأسيس لهذا المهرجان وضعنا نصب أعيننا الأهداف الكبرى لخدمة الجهة والتأسيس لأفق تعاطي سياسي وثقافي مختلف عن السياسة التي كانت معتمدة سابقا. فمن خلال تنظيم ندوة "تاريخ الثورات في ولاية القصرين" التي يشارك في طرحها مختصون في التاريخ من أبناء الجهة من بينهم كل من أحمد الجدي والمولدي القسومي ولطفي النداري وعبد الجليل التميمي من شأنها أن ترسخ في المباحث التاريخية حقائق لا يمكن تغييبها مثلما حدث في العقود السابقة إضافة إلى تنظيم ندوة حول التنمية بقاعة الاجتماعات بجبل الشعانبي. فمن المنتظر أن يشارك في المهرجان ممثلون عن المجتمع المدني والهياكل التنموية كالسياحة والثقافة والفلاحة من تونس ومن بلدان أجنبية في فعاليات المهرجان مما يتيح فرصا للتعاون والتشجيع على التنمية في الجهة.