في لقاء تلفزي جمع رئيس الحكومة المؤقتة بممثلي قنوات تلفزية وطنية ليلة امس تعرض حمادي الجبالي الى جملة من القضايا المطروحة على الساحة ومن ضمنها ظاهرة الاعتصامات والاحتجاجات العشوائية التي ازداد نسقها خلال الايام القليلة الماضية.. في علاقتها ببعض الاحزاب الوطنية المعارضة... كما تناول في هذا اللقاء العلاقة القائمة بين الحكومة وبعض المنظمات مثل الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس في اشارة للأسباب الكامنة وراء هذه الموجة من التصعيد الاجتماعي والمطلبية التي عمت البلاد.. والازمة التي عرفتها بعض المؤسسات الجامعية... ولئن يعتبر رئيس الحكومة ان تأجيج الشارع وراءه من وراءه فان مثل هذه المبررات وان بدت للبعض قائمة لا تعفي هذه الحكومة المنتخبة من مسؤولياتها في معالجة قضايا جوهرية ظلت لسنوات معلقة. ان الفقر والتهميش وانعدام التنمية الجهوية العادلة تضاف لها البطالة المستفحلة واستنزاف القدرة الشرائية للمواطن والحيرة تجاه مستقبل يكتنفه الغموض رغم عديد رسائل الطمأنة.. تكميم الافواه ومصادرة الحريات وممارسة ابشع اشكال الظلم والحيف والاستبداد كلها عوامل ساهمت بعد فرار المخلوع واذنابه في ارتفاع سقف المطالب الاجتماعية المشروعة لرد الاعتبار لمن افتقد الحرية وكرامة العيش طوال عقود. كما ان الوعود الانتخابية لأحزاب كان هدفها الاول مسك زمام السلطة ساهمت في تغذية آمال عريضة لشعب اكتوى بنار الاذلال والحرمان والتهميش.. واليوم يصطدم بشعارات ترتقي الى مستوى الاوهام في نظر العديد. يقول البعض ان الحكومة ليست لها عصا سحرية لردم الهوة بين سياسة الاجحاف طوال ربع قرن والطموحات المشروعة.. وهذا امر بديهي.. كما يقول البعض الآخر ان الاعتصامات والاحتجاجات التي غلبت عليها العشوائية والمغالاة لا تمكّن اطلاقا من مباشرة عملية التنمية في الجهات والتقليص من حدة المعاناة.. وهذا امر لا يجادل فيه اثنان... لكن ان تبحث الحكومة عن مبررات لهذه الطفرة ذات الطابع المطلبي لدى بعض الاحزاب والمنظمات الوطنية العريقة والتي لها ماض مجيد في الكفاح ضد الاستعمار مثل المنظمة النقابية فان ذلك في انتظار القرائن والبراهين قد يجانب الحقيقة. ثم لن ننسى اطلاقا ان المطالبة بالحق في الشغل والحياة الكريمة هي في سيّاق تراكمات تعود لسنوات خلت وأحداث مثلما جد في الحوض المنجمي منذ اربع سنوات مازالت محفورة في الذاكرة.