دخل الدكتور المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي قصر قرطاج بعد سنوات، بل عقود طويلة من النضال، لاقى خلالها عسفا شديدا، ومرّغت سمعته في الوحل من قبل النظام البائد و«أقلامه المأجورة». الدكتور المرزوقي صاحب مقولة «لا يَصْلح ولا يُصلحْ» بخصوص بن علي، و«لا خوف بعد اليوم» التي تحولت الى احدى شعارات الثورة. وهو الرجل الذي وجّه ساعات، ولا أقول أياما قبل الثورة، ذلك النداء الحامل لشحنة مهيّجة للحماسة في أشد الناس تخاذلا للانقضاض على عصابة اللصوص وتحرير الشعب من قبضتها الجهنمية. هذا الرجل استقبل على مائدة العشاء في قصر قرطاج، مجموعة من الصحافيين من بينهم «باقة نيّرة» من أزلام العهد البائد، ممن تورطوا حتى النخاع في حملة ترويع الحقوقيين والمناضلين، وفي تلطيخ أعراضهم وهرسلتهم، ومن تزعموا حملة المناشدة المخزية، بل ان فيهم من هو اليوم محل مساءلة أمام القضاء، بتهم الحصول على عقارات وضيعات فلاحية، مكافأة له على «خدماته الوطنية»!! فما هذا يا دكتور؟ إنه لمن العار أن يدخل هؤلاء الى قصر قرطاج «المحرّر»، وأن يجلسوا الى مائدة رئيس تونس الشرعي. إنها غلطة بكل المقاييس، ما كان حريا أن يزجّكم فيها مستشاروكم. فالنائب البرلماني السويسري، المفكر والمدافع الشرس عن العرب والعالم الثالث زيغلر، وهو صديقكم دون شك، طالب في شأن أمثال البعض ممن أجلستموهم على طاولة عشائكم، أن تسلّط عليهم على الأقل «قوة العار» (le Pouvoir de la Honte)، لا أن تمنحوهم «بكارة ثورية» من شأنها أن تمكّنهم من تلويث الساحة الإعلامية بأقلامهم المسمومة والمدفوعة الأجر.