"التنمية والانتعاش الاقتصادي في تونس: التفاعل بين الاستثمار والتشغيل في عهد الثورة". كان محور ندوة دولية انتظمت أمس بأحد النزل بالعاصمة بحضور عدد من الوزراء قصد تسليط الضوء على المعادلة الصعبة التي تواجه الحكومة اليوم وهي كيفية تحقيق تنمية عادلة بين الجهات في ظل جسامة التحديات التي تفرضها المرحلة وخصوصية تركيبة الاقتصاد التونسي الذي بإمكانه وفقا لما أدلى به البعض خلال هذا اللقاء أن يتجاوز الظرفية الصعبة. ذكر رضا السعيدي الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالملفات الاقتصادية في مداخلته ان الحكومة بصدد التفكير في إعادة التقسيم الجهوي للبلاد وذلك من خلال احداث اقاليم تنمية تجمع عددا من الجهات لها نفس الخصوصيات الاقتصادية والتنموية وهي آلية ستفضي الى تحقيق مزيد الاندماج في الجهات. وأشار السعيدي الى أن النجاح الذي حققته البلاد في تجربة الانتخابات سيتبعه نجاح آخر لن يتحقق إلا عبر حوار عميق وأورد أن الحكومة بدأت في بلورة برنامج شامل للتنمية باعتماد المقاربة التشاركية مع تفعيل مبدأي الحوار المباشر والاستشارات الوطنية التي تكون مبنية على الاستحقاقات الوطنية ومطالب الجهات. لكنه اكد في المقابل على توخي سياسة العقلانية في بلورة الأولويات في إطار تناسق وبناء متناغم بين كل الجهات وهو ما تعمل الحكومة على تنفيذه.
تنويع القاعدة الاقتصادية
وأشار الى أن تونس بلد صغير واقتصادها ناشئ وهذا الاقتصاد يتطلب توسيع أفاقه لذلك لا بد أن يتوسع باتجاه الانفتاح وتدعيم العلاقات مع الشريك الاستراتيجي (الاتحاد الأوروبي) فضلا عن توسيع الفضاء العربي الإسلامي والمغاربي الأمر الذي سيضفي للاقتصاد التونسي مزيد النجاعة. وأضاف أن الجهود تتجه الى تنويع القاعدة الاقتصادية بالاتجاه نحو القطاعات الأكثر خلقا للتنمية المضافة التي تعتمد بالأساس على التكنولوجيا العالية التي تفضي الى خلق مواطن شغل. ولا بد في هذا الصدد أن يعتمد الاقتصاد التونسي على اليد العاملة الكفأة الذي لن يتحقق إلا عبر مراجعة منظومة التعليم العالي والتكوين المهني حتى تكون أكثر ملاءمة لحاجيات سوق الشغل. واعتبر رضا السعيدي أن من أوكد الحاجيات اليوم التنويع في وسائل التمويل من ذلك الانفتاح على المنتوجات المالية الإسلامية التي أثبتت نجاعتها خلال الأزمة المالية العالمية.
كسب رهان الاستثمار
من جهة أخرى قال محمد الأمين الشخاري، وزير الصناعة والتجارة، خلال مداخلته "انه يعول اليوم على المستثمرين التونسيين والأجانب ورجال الأعمال للمساهمة في المجهود الوطني للتشغيل فضلا عن دفع عجلة الاستثمار لا سيما بالمناطق المحرومة. وشدد الوزير على ضرورة كسب رهان التصدير من خلال الحفاظ على الأسواق التقليدية في مجال الصناعات المعملية فضلا عن ضرورة اقتحام أسواق جديدة. تجدر الإشارة الى أن اللقاء شهد تدخل الباحث التونسي محمد الأوسط العياري الذي شدد على ضرورة تفعيل البحث العلمي في القطاع الصناعي داعيا الهياكل المعنية الى ضرورة تسخير مخابر البحث العلمي بالجامعات التونسية لفائدة المجال الصناعي كما طالب بوضع بنك للمعطيات المتوفرة على ذمة الباحثين من تونس وخارجها للاطلاع على المؤشرات وتوظيفها في البحوث.