حفّزت الثورة في تونس عديد الطاقات الإبداعية للانخراط فيها فنيا فقد لاحظنا بعض الأعمال التي نحت هذا المنحى ولعل مسرحية "انفلات" دراماتورجيا وإخراج وليد الدغسني تندرج ضمن هذا السياق فقد جسّد كل من أماني بلعج ومكرم السنهوري هذه المقوّمات من خلال التوقف عند زمن تعيش فيه البلاد حالة انفلات أمني وسياسي بعد اندلاع ثورة شعبية فنلاحظ حضور ذاتين رجل وامرأة يقطنان حيّا قديما ويسيطر عليهما شبح الخوف من المجهول ويتناقضان في تحديد موقف تقييمي للواقع فأحدهما يدعو إلى عقلية الثورة والآخر يرى ضرورة الصدام وافتكاك الحق وتمتد الأحداث تصاعدية متعرّجة بين مدّ وجزر ولعل هذه الأفكار هي ذات ما يعيشه المجتمع التونسي في الفترة الحالية. إذن «انفلات» هي تعبير عن سيرة ذاتية للإنسان التونسي المتأرجح اليوم بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.