إن فن الغرافيتي يمثل رسومات أو أحرفا تم وضعها على مكان عام ظاهر مثل الجدران والجسور وهو نمط من الفنون عادة ما يجسد بعفوية أفكارا سياسية أو اجتماعية .. حديث العهد بالبلدان العربية ناهيك أن الجدران كانت تحمل شعارات تشجيع لفرق كرة القدم وأشياء سطحية لا تحمل أبعادا فنية وايحاءات فكرية معمقة لتتغير مضامين الرسومات منذ انطلاق الربيع العربي وتشهد بعض البلدان العربية بعد تحررها من قيود الاستبداد "ورشات فنية" في الشوارع وتحديدا على الجدران بروح فنية ثائرة إذ لا تقتصر العملية على تلطيخ الجدران بالألوان بل هي بمثابة التعبير عن تصعيد لآلام وأنات لطالما كُبتت في النفوس أمام جور وطغيان الحكام العرب. لعل معرض"حديث الجدران من تونس الى طرابلس" للفنان عبد الباسط التواتي (يختتم اليوم بفضاء دار الثقافة ابن رشيق)خير دليل على تطور فن الجرافيتي في البلدان العربية على غرار تونس وليبيا ذلك أن المعرض يحمل العشرات من اللوحات التي رسمت على الجدران والمحلات التونسية والليبية . وعبد الباسط التواتي طبيب يبدو أنه أغري بما أنجزه الرسامون ومدى عمق أعمالهم، كأنه يريد أن تترك تلك الرسومات على حالها لنقلها الى الاجيال القادمة بكل أبعادها التاريخية والنضالية. شعارات متنوعة والمتأمل في لوحات عبد الباسط التواتي يلاحظ عفوية التونسيين حيث طغى على الجدران اللون الاسود نقلا لمظاهر القمع في حين أن الرسومات الليبية كانت أكثر تفاؤلا في اعتمادها على الالوان الزاهية. إضافة الى الدعوة الى حياة أفضل عبر جدران الساحات واللوحات الاعلانية في العاصمة الليبية طرابلس وزليطن وزوارة وصبراطة وصرمان الساحلية والزاوية دون إهمال المواقف الساخرة من سياسة القذافي على غرار"سقط قرد من قردة افريقيا" ومشاهدة جدارية كتب عليها "ارفع رأسك فوق أنت ليبي حر" و"لا لمظاهر التسلح" و"لا للعنف نعم للمصالحة"، كما استحضر الرسامون أسماء مناضلين غطت صورهم عددا كبيرا من واجهات المحلات التجارية والمرافق العمومية لا سيما شيخ الشهداء عمر المختار.. رسومات في قفصة وقبلي وسيدي بوزيد من جهة اخرى أقحم عبد الباسط التواتي العديد من الرسومات التونسية التي نقلت صورا عن المناطق الأكثر فقرا في البلاد التونسية على غرار قفصة التي تعتبر مقدمة لكل الثورات العربية . أما القصرين فقد كتب فوق جرة كبيرة كلمة "تشغيل" نظرا الى ظاهرة البطالة المستفحلة. الى جانب لوحات فنية أخرى جسدت فرحة أهالي قفصة وقبلي بسقوط الدكتاتور..