تستطيع جلّ الفنون التوثيق للثورات عبر المسرح والسينما والأدب... لكن للفن التشكيلي أسلوبه الخاص الذي يجعل منه مؤرّخا عبر الصورة والمعنى والمقاصد. هذا ما أراده الفنان التشكيلي عبد الباسط التواتي من خلال معرضه، حديث الجدران من تونس الى طرابلس الذي تواصل الى غاية اليوم 2 فيفري 2012 بدار الثقافة ابن رشيق. المعرض احتوى تقريبا على 40 لوحة منها صور فوتوغرافية التقطها الفنان في عدد من المدن الليبية أثناء الثورة وأخرى كتبت بريشة فنان مزيج بين هذا وذاك ليفرز نوع من الابداع الفني يستطيع أن يوثق لثورة أطاحت بنظام دكتاتوري. معاني ومقاصد الصور التي التقطها الفنان عبد الباسط التواتي كتبت بأنامل أطفال وشباب أرادوا أن يعبّروا عمّا بداخلهم ضدّ الارهاب والقمع والدكتاتورية فكتبوا «سقوط الطاغية»، «ليبيا أمانة»، «خليّة إرهابية»، «ثورة 17 جانفي»، «ارفع رأسك صبراتة لن تنحني». هذه الكلمات نحتت على الجدران الليبية بروح ثورية تتوق للحرية فكانت من أجمل وأبلغ الصورة المعبّرة عن الثورة الليبية والموّثقة لها من خلال عدسة الفنان عبد الباسط التواتي الذي أراد أن يوثق للثورات العربية بطريقة قد تكون الأعمق والأبلغ والأبسط من بين الفنون الأخرى. غاب التزيين والتزويق فهذه الصور الفوتوغرافية أعطت الصورة الحقيقية عن الثورة الليبية دون تزويق أو تزيين أو تصرف فيما أنجزه أبناء ذاك الوطن خلال ثورتهم فكتبوا على الجدران بدمهم ودموعهم ووثقوا لثورتهم بآمالهم وآلامهم حتى أنك وأنت واقف أمام تلك اللوحات تتوه بين الخطوط والألوان وتحلق بين المقاصد والمعاني فتشعر للحظات أنك تعيش الثورة الليبية لتوّها. «حديث الجدران من تونس الى طرابلس»، كان مواصلة للمعرض الذي احتضنته دار الثقافة ابن خلدون في أواخر شهر مارس الماضي.