- "معسكر الاستقرار ومعسكر التغيير" هكذا تقسم دراسة إسرائيلية جديدة صدرت عن معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي منطقة الشرق الأوسط ما بعد الثورات. معسكر التغيير يضم بالضرورة الدول التي نجحت في أن تنزع عنها عقودا من الحكم الدكتاتوري. أما معسكر الاستقرار فلم يعد يضمّ الكثير من الداعمين لمنهج الاعتدال والتوازن. لم يبق في ظل هذه التطورات غير المملكة العربية السعودية «وحيدة» كما تقول الدراسة الإسرائيلية، بعد رحيل مبارك. كانت السعودية أحد أهمّ دعائم جبهة الاعتدال في وجه دول الممانعة، وقد سجلت حضورا قويا في عدد من قضايا الشرق الأوسط. وربّما شكل سقوط نظام مبارك، وتخبط مصر في شؤونها الداخلية، فرصة حتى تحقق السعودية «دورا قوميا قياديا» كانت تطمح له منذ ستينات القرن الماضي في عهد جمال عبد الناصر. «اليد الخفية» الدور السعودي في ما يسمى ب»الربيع العربي» ليس محدودا كما يبدو، إذ يشير مقال نشرته مجلة «فورين أفيرز» (الشؤون الخارجية) في أكتوبر الماضي، بعنوان «يد السعودية الخفية في الربيع العربي» أنّ تحرك الدبابات السعودية نحو البحرين في أواخر فيفري الماضي، مثل دليلا على أنّ الرياض لن تتردد في استخدام أيّ شيء من الدبلوماسية الناعمة أو التدخل العسكري الكامل في سعيها إلى قيادة ما يسميه كاتب المقال بعزم السعودية على قيادة «الثورة المضادة» في المنطقة. بين السعودية وقطر تبدو قطر أحد أهم اللاعبين الجدد وأهم ما أنتجه «الربيع العربي»، فالإمارة الصغيرة استطاعت أن تضطلع بدور إقليمي قياسي في الشرق الأوسط، جعلها حاضرة في أغلب الأزمات التي شهدتها المنطقة مؤخرا. وإلى جانب عديد العوامل التي تفسر صعود الدوحة مؤخرا، يربط عدد من المحللين ذلك بشيخوخة السعودية الإقليمية. وبغض النظر عن قوة كلّ من البلدين من منظور العلاقات الدولية، ليس من المستبعد أن تشهد علاقاتها نوعا من الحرب الباردة خاصة بعد أن تسرب حديث نسب إلى رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني تحدث فيها عن نهاية السعودية وتقسيم المملكة، كما سرّب أنّ أمير قطر عند افتتاحه مسجدا باسم محمد بن عبد الوهاب قوله إنّ العقيدة الوهابية ستصبح عقيدة الإمارة القطرية، ما يعني أنّ قطر تعمل على سحب الأساس العقائدي من السعودية ليكون المدخل الرئيس لإحلال قطر محل السعودية في قيادة «مجلس التعاون». وبالرغم من هذه الحرب الباردة بين الدوحةوالرياض حول الفوز بموقع قيادة إقليمي، فإنّ تقارير صحفية أمريكية أبرزت أنّ قطر بدأت تجنح إلى اعتماد سياسة أكثر «نعومة» تجاه الرياض، وتوضح نفس التقارير أنّ التخوف من إيران هو دافع قطر في ذلك من منطلق براغماتي بحت. عدوّ مشترك تلتقي مصالح الرياض وتل أبيب في عديد النقاط من بينها عداؤهما لإيران. إذ ترى السعودية في طهران وفي برنامجها النووي -تماما كما تعتبر إسرائيل- تهديدا استراتيجيا متزايدا، ويندرج ذلك في إطار التخوف من تزايد النفوذ الشيعي في الشرق الأوسط. وقد كشفت وثائق نشرها موقع «ويكيليكس» أنّ السعودية وإسرائيل يتبنيان نفس المواقف من برنامج إيران النووي وأنّ الرياض قد دعت إلى شنّ هجوم عسكري ضدّ طهران، بل إنّ صحيفة «التايمز» البريطانية قد ذكرت أنّ ثمة اتفاقا بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل حول السماح لطائرات سلاح الجوّ الإسرائيلي باستخدام المجال الجوي السعودي في حال شنها هجوما على المنشآت النووية الإيرانية. وتشير عديد التقارير العبرية إلى أنّ الأسرة المالكة في السعودية قد عملت على التصدي للنفوذ الإيراني عبر قنوات عدة، خاصة من خلال استثمار مليارات الدولارات في مصر مرورا باستخدام سلاح النفط والصراعات داخل ال»أوبيك»، ومحاولة توسيع مجلس التعاون الخليجي حتى يتحول إلى شبه حلف أطلسي سني، يقف أمام أيّة محاولة توسعية شيعية إيرانية. كما أنّ عمل السعودية على مواجهة طهران يمتد على جبهات عدة من اليمن مرورا بالعراق ومصر ثم إلى لبنان. وقد تصل الأمور بالمملكة إلى التصعيد العسكري ضدّ النظام الإيراني، إذ أنّ تقريرا صدر عام 2009 عن مركز «ستراتفور» الأمريكي للاستشارات الأمنية تنبأ بنشوب حرب إيرانية سعودية، توظف فيها الرياض نفوذها في اليمن وتستفيد فيها طهران من حضورها القوي في العراق. ويبدو أنّ إيران أيضا قد أدركت الدور الذي من الممكن أن تلعبه السعودية في أي حرب مقبلة ضدّها، وقد جهز الحرس الثوري حسب تقارير إسرائيلية جيش المهدي لعمل يواجه الأسرة المالكة في شبه الجزيرة. البحث عن «تركيا» مضادة توصي الدراسة الإسرائيلية التي صدرت عن معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي بضرورة العمل على دعم دور السعودية في المنطقة كحجر الزاوية في معسكر الاستقرار. ففي نظر الإسرائيليين تبقى السعودية جدار صدّ أخير أمام إيران والقوة الوحيدة القادرة على لعب دور معادل لتركيا دون الدخول في صدام ولو بشكل دبلوماسي ضدّ إسرائيل. إذ مثلت تركيا ولوقت طويل شريكا هاما في إحداث التوازن في المنطقة، وبالرغم من أنّ إسرائيل لا ترى في موقف تركيا اليوم عداوة إستراتيجية حقيقية، لكن عند قادتها الرغبة باستغلال العداوة مع تل أبيب لتدفع إلى الأمام بمصالحها مع أطراف أخرى، حسب خبراء إسرائيليين. وتكشف الدراسة أنّ الضعف الذي بدأ يشهده العالم العربي أصبح يمثل مشكلة لإسرائيل، وحسب الخريطة الإقليمية والتطورات الإستراتيجية الجديدة تبدو الرياض ?حسب الدراسة- قريبة من إسرائيل وكذلك دولة قادرة على لعب دور إقليمي أقوى، كما يدعو الإسرائيليون إلى ضرورة استغلال برود العلاقات الأمريكية السعودية. وفي إطار البحث عن فكرة إستراتيجية مضادة تجنب إسرائيل الدخول في حرب مع إيران، فإنّ أوساط البحث في تل أبيب تتحدث عن ضرورة تجنب إظهار القوة على المدى البعيد خاصة منها القدرات النووية. هذا إلى جانب الدعوة إلى الاستفادة من دور السعودية في اليمن والبحرين. ويعدّ محللون إسرائيليون سقوط نظام آل سعود خطرا شديدا لأنّه سيفسح المجال واسعا أمام توسع النفوذ الإيراني، كما أنّ انهيار نظام «معتدل» في السعودية يعني سقوط أهمّ جدار ضدّ إيران. من وجهة نظر إسرائيلية يقرأ الجانبان السعودي والإسرائيلي الخريطة الجيو-بوليتيكية الجديدة في المنطقة من المنظور ذاته، لكنّ أي شراكة مستقبلية لا يمكن أن تكون مكشوفة، ما يجعل الخبراء الإسرائيليين يوصون بالتقارب مع نظام آل سعود الذي يعدونه آخر محطة من النظام الإقليمي القديم وحجر الزاوية في «معسكر الاستقرار» الجديد الذي تسعى إسرائيل إلى بنائه في المنطقة كخطوة تحصن أمنها القومي.
هل تشهد العلاقات السعودية الأمريكية فتورا؟ تتحدث عديد التقارير الإسرائيلية أنّ التحالف بين واشنطنوالرياض بدأ يشهد نوعا من البرود. ولا تختلف ذلك عما تنشره مراكز البحوث الأمريكية. فقد أشار معهد كارنيغي للسلام الدولي في تقرير بعنوان «العلاقات السعودية الأمريكية في ظل الربيع العربي» أنّ التوتر في العلاقات الأمريكية السعودية أخذ في التصاعد مع استمرار الاحتجاجات في العالم العربي. والبعض يخشى من علاقات غير ودية بين الرياضوواشنطن في المستقبل، ما من شأنه أن تضرّ بمصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة. وبالرغم من هذا التوتر لا تخفي الأوساط الأمريكية أهمية الدور السعودي في المنطقة، على اعتبار أنّ مصالح البلدين تتقاطع في عديد النقاط مثل التخوف من النفوذ الإيراني والإرهاب والنفط وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية. وحسب تقرير كارنيغي يختلف السعوديون والأمريكيون في قضايا الداخل السعودي، ولكن البلدين يتفقان عادة في القضايا الدولية والقضايا التي تخص المنطقة. ولكن وبشكل متزايد يتغيّر ذلك، بتغير العوامل الجيو-سياسية من حول المملكة، لتجد الرياض أن مصالح سياستها الخارجية لا تتقاطع مع مصالح واشنطن. إنّ السعودية بصدد البحث والتعقب لمصالحها الذاتية، وأهمها ضمان استقرار المنطقة، في حين تحاول واشنطن أن تتمايل مع ريح التغيير وتستوعب الانتقال نحو الديمقراطية والاستفادة من الإصلاح السياسي في العالم العربي أكثر ما يمكن.
تقرير السعودية وقطر وافقتا سرا على تمويل المعارضة السورية لشراء الأسلحة لندن (وكالات) كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أن السعودية وقطر وافقتا سراً على تمويل المعارضة السورية لشراء الأسلحة بعد أن كانت قطر قد لعبت دوراً مهماً في توريد السلاح للمحتجين الليبيين ضد العقيد معمر القذافي في العام الماضي. ونقلت «التايمز» عن معارض سوري طلب منها عدم الكشف عن هويته قوله أن الاتفاق السري بين قطر والسعودية وشخصيات من المعارضة السورية تم في أعقاب اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة الذي قررت خلاله الدول الخليجية سحب مراقبيها من بعثة الجامعة العربية. وأشار المعارض السوري إلى أن «السعودية تعرض مساعدتها بأي طريقة كانت»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «تركيا هي الأخرى متورطة بالأحداث الجارية في سوريا وأن هناك خططا تركية ستساعد على حل المشكلة الرئيسية التي تواجه المسلحين والمتمثلة في تهريب السلاح إلى الأراضي السورية».