بالتوازي مع زيارة الرئيس الأمريكي الحالية إلى عدد من الدول الخليجية واصل مدير الوكالة الدولية للطّاقة الذرّية لقاءاته على مدى اليومين الماضيين في طهران مع عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين للبحث في شأن الملف النّووي الإيراني ومزيد دفع التعاون مع الوكالة حول هذه المسألة. ويأمل البرادعي خلال هذه الزيارة الحصول على إيضاحات شافية حول حجم برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني الذي يخشى الغرب أن يستخدم في إنتاج أسلحة نووية. ومع أنّ القيادة الإيرانية أكّدت أكثر من مرّة أنّ برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية كما أنّ تقارير استخباراتية غربية أكّدت بدورها مؤخرا أن طهران أوقفت برنامجها النّووي العسكري منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات فإنّ الوكالة الدّولية للطاقة الذرية وجدت نفسها في أكثر من مرّة محل انتقاد حاد من الغرب وخصوصا من الولاياتالمتحدةالأمريكية بدعوى أنّها تغضّ الطّرف عن الأنشطة النّووية المشبوهة لإيران وتساير القيادة في طهران في مواقفها النّافية للطابع العسكري لبرنامجها النّووي. وهذا ما دعا البرادعي خلال هذه الزيارة إلى مطالبة إيران بالتّعامل «بشفافية كاملة وتقديم ضمانات حول كلّ أنشطتها النّووية» لدحض كلّ الإدّعاءات الغربية حول هذا البرنامج ومنها ما أكّده بوش ذاته خلال بداية جولته في منطقة الشرق الأوسط عندما أشار مطلع هذا الأسبوع في إسرائيل «أنّ إيران كانت ولا تزال وستظل تمثل تهديدا». لقد أجمع القادة الخليجيون في أكثر من مناسبة على أن هجوما أمريكيا على إيران سيقوض الإستقرار والأمن في الخليج بشكل غير مسبوق ومن المرجّح أن يستمع بوش لرسائل عديدة من قادة كل من الكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال زيارته الحالية للمنطقة تصبّ في هذا المعنى... لقد أصبحت إيران قوّة إقليمية في المنطقة بنفوذها السياسي وقوّتها العسكرية وقدراتها الاقتصادية الهائلة وخصوصا النفطية منها.. وكان غزو العراق وسقوط النظام السابق وما تلته من أحداث دامية أخذت شكل الحرب الطائفية بين السّنّة والشّيعة مفتاح التغلغل الإيراني وتزايد نفوذه في المنطقة. وهذا الأمر الواقع رفضته إدارة بوش والغرب عموما ورأت فيه إسرائيل خطرا يحدّق بها سواء بشكل مباشر أو عن طريق «حماس» و«حزب اللّه» وهو ما فتئت ترّوج له. إنّ احتواء النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة لا يستدعي بالضرورة استعمال القوّة حسب تأكيدات قيادات خليجية عديدة كما أنّ كبح البرنامج النّووي الإيراني لا يتطلّب بدوره إعلان حرب ضد طهران... وهذه القناعات التي تتعارض مع مواقف البيت الأبيض وتل أبيب تمثل ثوابت لدى الدّول الخليجية المعنية الحريصة على أمن واستقرار المنطقة وهذا ما ستبلّغه قياداتها للرئيس الأمريكي خلال هذه الزيارة.