كنا ثلاثة صحفيين "توانسة" وكانت معنا مجموعة كبيرة من الصحفيين العرب والأجانب... وكنا جميعا نقيم في نفس النزل الواقع باحدى ضواحي العاصمة الايرانية طهران... ربما لم نكن لننتبه - نحن الصحفيين التوانسة- للأمر لولا تلك الزيارات اليومية التي كان يؤديها للنزل أحد الموظفين الايطاليين بسفارة ايطاليا بطهران ويخصصها للاتصال بالزميلة الايطالية لتفقدها والسؤال عن أحوالها... فكانت أحيانا تكتفي بالجلوس اليه في بهو النزل فيتجاذبان أطراف الحديث لبضع دقائق... وفي أحيان أخرى كانت تغادر معه النزل لساعات ثم يعيدها اليه بسيارة السفارة... هذه الزيارات المتكررة هي التي دفعت ذات ليلة أحد ثلاثتنا (نحن التوانسة) - وكنا جالسين الى مائدة العشاء- الى أن يسأل ببراءة أو بخبث -لا يهم- : لماذا لم يسأل عنا أحد من موظفي سفارتنا بطهران؟؟؟ وذلك قبل أن يضيف "يارسول الله،،، ثلاثة صحفيين توانسة متواجدون منذ أكثر من أربعة أيام في طهران ولا من يسأل عنا من طاقم سفارتنا... لا السفير ولا حتى الشاوش" "كنا نعتقد أن مثل هذه الممارسات وهذه النظرة الاحتقارية للصحفيين قد ولت مع نظام بن علي" - أضافت زميلة تونسية- "لا تظلموا الرجل" - قلتها بكل جدية- ثم أضفت "لقد حصل أن سافرت زمن حكم بن علي - سنة 2000 أو 2001 على ما أذكر- مع مجموعة من الاعلاميّين التونسيين الى سويسرا بدعوة من وزارة الخارجية السويسرية وكان في ذلك التاريخ السيد كمال مرجان يشغل خطة ممثل تونس الدائم لدى الهيئات الدولية بجنيف وقد جاءنا خلال اقامتنا بالنزل موظف تونسي يعلمنا أن السيد كمال مرجان على علم بوجودنا في سويسرا وهو يتمنى ملاقاتنا... وبالفعل حددنا موعدا لم يخلفه السيد كمال مرجان وجلس الينا بصفته ممثل تونس لدى الهيئات الدولية بجينيف ثم دعانا الى مأدبة عشاء بأحد المطاعم وتجاذب معنا أطراف الحديث في مواضيع مختلفة وسألنا ان كنا نحتاج الى أية مساعدة". وأنا أقص على مسامعهما هذه "القصة" بدا لي وكأن زميلي قد حنا الى زمن حكم المجرم بن علي الأمر الذي جعلني أتدارك قائلا: "ولكن لا تنسيا أيضا أنه زمن حكمه تحولت بعض بعثاتنا الدبلوماسية في عواصم خليجية وأوروبية الى طاقم خدم موضوع فقط على ذمة ليلى و"أولاد الطرابلسي" كلما زارت هي أو أحدهم عاصمة من هذه العواصم". جلستنا انتهت - ليلتها - بالاتفاق فيما بيننا على أن أتولى "حصريا" الكتابة في الموضوع حتى لا تتكرر اثارته في أكثر من صحيفة فتصبح المسألة وكأنها "حملة" اعلامية ضد أعضاء سفارتنا في طهران... تعهدت أمامهما بذلك وأعلمتهما أن عنوان المقال سيكون على النحو التالي: "سعادة السفير... شكرا على عدم الاهتمام".