بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاص: أحمد ونيّس يضع النقاط على الحروف: لم أقصد ب«الحلم» صورتي مع أليو ماري... بل إنجازا شعبيا تاريخيا
نشر في الشروق يوم 11 - 02 - 2011

٭ أستاذ أحمد ونيّس، وما الذي وقع بالضبط في باريس، وفي بروكسيل، وما سرّ التصريحات المنسوبة إليك. الشعب التونسي يريد أن يعرف الحقيقة؟
حلولي في باريس، وقع بعد حدتين اثنين.
أولا: السيدة «آليو ماري» هاتفتني عندما توليت وزارة الخارجية وهنأتني وعبرت عن ما أسمته التضامن الطبيعي «Solidarité naturelle»مع الحكومة التونسية لإنجاح النقلة الديمقراطية.. وهذه عباراتها.. ثم وجهت لي دعوة رسمية، قائلة «بودّي أن أستقبلك في فرنسا، لنربط الصلة الضرورية بيننا لتدارس السبل لتحقيق التضامن بيننا. كان هذا كلام وزيرة الخارجية.. كما ذكرت، فقلت لها إن الأمر مستبعد الآن وفي الحين، وليس لنا امكانيات السفر (كوزراء) لأن المهام كثيرة ومتأكدة..
أعطتني رقمها الخاص (الجوال) شكرتها بالطبع وقلت لها نحن نعوّل على علاقاتنا التاريخية مع فرنسا وأوروبا. ونعتبر أن فرنسا هي من أهم الأصوات التي تنقل رغباتنا لدى المجموعة الأوروبية.
هذا كان في الأول، لما انتشر الخبر، خبر المكالمة، يوم الثلاثاء غرة فيفري، خبر أنني سأذهب إلى بروكسيل لأن السيدة كاترين اشتون المندوبة السامية للعلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهي التي هنّأتني في الأول ورحبت بي كوزير للخارجية، قالت لي نحن في انتظار أن تحددوا لنا طلباتكم (كتونس) وألحت أن أزور بروكسيل.. لم يكن ممكنا أن تكون زيارتي يوم الثلاثاء، فكان أن حددنا يوم الاربعاء عندها أصرت آليو ماري أن تستقبلني في باريس وأنا في طريق العودة إلى تونس. طلبتني في الوزارة فلم تجدني، وبلغني الأمر عن طريق سفارتنا بباريس وعن طريق الوزارة وأعطيتهم الموافقة.
تقابلت معها على مائدة غداء أثناء عودتي من بروكسيل إلى تونس، يوم الجمعة.. كانت جلسة عمل حول طاولة غداء بمقر الخارجية الفرنسية. كان الحديث بنّاء جدا.. بالنسبة إلى أول لقاء، ولم أكن قابلتها (ميشال آليو ماري) قبل..
وكانت خلال اللقاء قد عمدت إلى تأكيد الصداقة العميقة بين الدولتين، وليس هناك شك في أنني واع بمواقفها السابقة (عندما صرحت آليو ماري أمام البرلمان الفرنسي أن فرنسا يمكن أن تبعث وسائل قمع ألطف من التي عند البوليس التونسي) ولكنني كنت واعيا بثلاثة أشياء:
بعد تصريحها في البرلمان الفرنسي، صرحت بتهليل وآمالها في نجاح النقلة الهامة التي تجتازها تونس.
ثانيا: رئيس الدولة الفرنسية ساركوزي صرح كذلك في نفس الاتجاه. بما أنهم تداركوا، لم أقم بمجهود للاقناع واعتبرت أنهم طووا الصفحة في فرنسا، وصرحوا: أنهم من الأصدقاء المساندين للنقلة التونسية نحو الديمقراطية، وضرورة تعزيز الحكومة الانتقالية في الظرف الدقيق الذي واجهته.. هذه الخطوة الثانية أنهم صرحوا دون تدخلنا نحن..
العنصر الثالث، هو أنني أريد أن أنتشل الموسم السياحي التونسي، لأن الانذارات التي تكررت من البلدان الأوروبية الهامة والتي تمثل مصدر السياحة التونسية، أصدرت انذارات لكل من يرغب التوجه إلى تونس، ولم تكن سفرته ضرورية، ان يتخلى عن السفر إلى تونس، وهكذا دأبهم في التعامل مع مناطق الأخطار..
كنت ذاهبا إلى بروكسيل حتى أحيّد هذا الانذار.. بل ووجهت نداء من أجل تصويب هذا الانذار ورفع «النصيحة» التي أسدتها الحكومات لرعاياها حول التوجه إلى تونس.
٭ هل تمّ التوافق في الحكومة حول هذه النقطة، التي تمثل جزءا من مهمتكم في بروكسيل؟
نعم، وهذا واضح إذ أن زميلي في السياحة، نبهني إلى أن هذا التوقيت هو موسم التسجيل إلى السفر، لموسم الربيع والصيف.
وتصميمي لم يكن واردا في أن أتجه إلى حكومة أوروبية، فأقول لها ارفعوا هذه «النصيحة» (بعدم توجه رعاياهم إلى تونس للسياحة) وابعثوا لنا سوّاح، ونحن عندنا ثورة.. ما هكذا يكون الأمر.
٭ إذن هذا استوجب منكم تعديلا في الخطاب السياسي؟لماذا؟
لم يكن هذا وحده.. بل جوهر الأمور أن ثورة تونس ليست ثورة انقلابية ترمي إلى تحطيم المؤسسات والعدول عن القوانين وقلب هذه القوانين، وهذا لم يقع، بل نحن حققنا النقلة التونسية بإبقاء دولة القانون.. الثورة لم تطح بالدولة وبالمؤسسات.. الثورة الشعبية في تونس فيها مطالبة بالعزة والكرامة لأن الانسان في تونس مهمّش والشباب منه خاصة.
ومن أجل توفير مواطن الشغل للشباب التونسي المثقف والمهمّش. وما ينتج عنه من برامج اجتماعية ودفع مشاريع اقتصادية وتكلفة في البنية التحتية المناسبة.
هذه الطلبات التونسية الشعبية التي من أجلها، يكون الحديث مع الأطراف الأوروبية وغيرها حتى يهتدي الطرف المقابل:
أولا: إلى تفهم النقلة السياسية التونسية.
ثانيا: تفهم الانتفاضة وبالتالي الثورة.
ثالثا: ثبات الدولة التونسية القائمة على نفس الدستور.. واحترام الدستور القائم.
ليست ثورة تخلّف من حولها محاكم ثورية، وتنصب مشانق في الشارع.
هذا لم يقع.. إذ بمجرد اخلاء البلاد من العائلة، عادت البلاد إلى العمل على تحقيق مطالب الثورة.. هذا هو الخطاب الذي توجهنا به وهذا مهمّ جدا، لأن التصوّر العلمي التاريخي والقانوني في المجتمعات الأوروبية والغربية بصفة عامة، أن الثورة دائما هي ثورة انقلابية.. ينتج عنها شيء جديد مخالف تماما لما كان قبل الثورة..
إذن خطابي السياسي كان يجب أن يحترم الغايات الأساسية للحكومة. واحترام الخطوة النوعية التي دخل فيها المجتمع التونسي بعد ثورة 14 جانفي.
٭ يعني أنك أنتجت خطابا سياسيا ملائما لعقلية الغرب.. وأنك حاولت أن لا يكون مفهوم الثورة متصلا بالمخزون الثقافي الأوروبي بخصوصها؟
نعم، يعني ثورة ليست دموية.. مثلما رأينا في ثورات أخرى.. الثورة التونسية وقد رأينا في تلك الثورات، كيف تنزل القيادات إلى مستوى دموي وانتقامي.
وجوهر الموضوع، ان ثورة تونس، حققت المعجزة الديمقراطية بصفة سلمية. هذه الذات التونسية، وهذا ما أردت أن أبلغه، باحترام ميزان الواقع: عندنا ثورة مهمة وعندنا قانون لا يزال يحكم البلد.
أردت أن أقول لهم: نحن متحضرين.. وأن مجتمعنا حداثي.. والمجتمع الحداثي ليس له تهوّر.. هو ينقل إلى الصراع السياسي كل التناقضات التي تتحقق بالدماء والتنكيل والتهديم، لبلوغ غاياتها وهذا في المجتمعات المتخلّفة.
زد على ذلك، أن مفهوم الثورة يكتمل بمنهجية، وأن كل ثورة في العالم، لها فترة هدمية، تقصر أو تطول، لابد لها من أن تهدم... ثم لها فترة بناءة.... عندها تخرج بنظام سياسي واجتماعي، عندها تحقق نظاما اجتماعيا وسياسيا جديدا، يختلف عن النظام الذي سبق، ويكون هو النقلة النوعية هذه من منهجية الثورات وهذا معروف في أوروبا أي في أدبيات العالم الأوروبي.
من حسن حظي أنني انتقلت الى أوروبا في هذه المهمة، في المرحلة البناءة من الثورة الشعبية، يعني أننا تجاوزنا الفترة الهدمية بحيث كان خطابي السياسي هناك، يستجيب الى هذه المعطيات، التي جميعها بناءة وفي صالح الشعب التونسي والبلاد، وهذه أساس كل حركة ديبلوماسية كل حركة ديبلوماسية يجب أن تكون في خدمة الشعب التونسي وسياسة الحكومة التي منها انطلقت.
طبعا غاية السياسة لم تكن وحدها، ولكن غاية السياحة كانت تستوجب لغة التهدئة والاقناع لفتح الموسم مع فرنسا ومن وراء فرنسا مع غيرها من الدول الأوروبية...
اذا فتحت دولة أوروبية فإن البقية وراءها.
هذه واحدة من الأهداف التي أثرتها مع وزيرة الخارجية الفرنسية والتي هي غايات متشعبة تماما كما هي حالة العلاقات بين تونس وفرنسا وجميعها حساسة.
أذكر الغاية السياحية لأنها هي الملحة في الزمان لأن شهر فيفري ينطلق فيه موسم الترسيم لتحديد الوجهة السياحية بالنسبة للأوروبيين....
اذا يتصور البعض أن الديبلوماسي يتوجه الى كل عاصمة (مصدر السياح) على حدة، وتعلن أن عندك ثورة، بدون أن يوضح خصوصية الثورة الوطنية لها خصوصيات أخرى...
أضف الى ذلك، أن تواجه «آليو ماري» وتقول لها كيف صرحت بكذا، وليست لنا ثقة فيك، ليس له معنى بعد أن صرحت عكس ما قالته في البرلمان هي والرئيس خاصة بعد أن صرحت فرنسا عن طريق رئيسها أي قمة الدولة ووزيرة الخارجية صرحا بأنهما يساندان الثورة، فكيف أتصرف... وقتها، هل أعمد الى مقولة ايذاء الجرح وبقايا الجرح؟
ثانيا: بما أنني قصدت بروكسيل قبل باريس، تأكدت في بروكسيل، أن جلسة يوم الاثنين السابقة أي يوم 31 جانفي أثناء جلسة مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي كان بند تونس مدرجا على جدول الأعمال والمجلس صدر بيانا تضامنيا، مع الحكومة والشعب التونسي، وبلغني أن تدخل السيدة «ميشال آليوماري لصالح الحكومة والشعب التونسي كان تدخلا مميزا ومركزا ومقنعا... أمام نظرائها الأوروبيين بحيث كانت قد صوبت حقا التوجه نحو تعزيز الحكومة التونسية والترحيب بالثورة الشعبية وتحقيق التضامن الثاني معها... وهنا أيضا سبقت الرغبات التونسية في طلب اسناد رتبة شريك متقدم لتونس من ضمن ما طلبت من المجلس...
فهل يجوز بعد هذا العودة الى الوراء، ومخاطبتها بما لا يليق بمعاملات مسؤولة وتعاون ضروري....؟
هذه أرضية المقابلة
ما الذي حدث بعد هذا الحوار بينكما؟
بعد انتهاء الحوار المعمق أثناء جلسة العمل، وكنا اهتدينا الى وفاق على جميع الأصعدة التي تطرقنا اليها، وفي ختام جلسة الغداء، وقفنا أمام جمع غفيرمن المصورين والصحفيين، في نقطة صحفية وجيزة (ربع ساعة) وبادرت وزيرة الخارجية الفرنسية، بمداخلتها المكتوبة، وكانت المداخلة تركز على التضامن الكامل من الحكومة الفرنسية مع الشعب التونسي في الفترة الانتقالية وتضيف «تأسيس سياسة متجددة لصالح تونس الجديدة» هذا كلام في التقاليد الديبلوماسية له بعد عظيم... وفيه اعتراف واضح بثورة تونس وما أنجزته بدوري أخذت الكلمة وكانت مرتجلة (عكس أليوماري) وأثنيت على السياسة الواعدة التي أكدت عليها زميلتي «مدام آليوماري»، وعرجت على تحديد الفهم الصحيح، لما ينشر عن الثورة التونسية في السياق الذي ذكرته وانتهيت أنا بالتعبير عن تونس الجديدة.... واختتمت مداخلتي.
بعد ذلك كنا نقصد البهو للخروج من الوزارة، لتودعني، واذا بأصوات تعالت من صفوف الصحفيين الذين تراصوا وراء شريط على اليمين واليسار، تعالت الأصوات من أجل صورة جنبا الى جنب بين الوزيرين... النظيرين.
طبعا توقفت الوزيرة الفرنسية، وتوقفت معها، وبدأت الصور تتلاحق بضوضائها وأضوائها، وهنا أشير الى صوت صحفية (سيدة) يقول: هل انكم قبل شهر من هذا الموعد كنتم تتوقعون هذا الذي حصل؟
وللتوضيح لم تقل ما هو هذا الذي حصل... فأنا أدركت أن ما كانت تقصده، اما كلمة «تونس الجديدة».... هل كنا مثلا نحلم بتونس الجديدة، مثلما جاء على لسان الوزيرة الفرنسية، بتجديد سياسة فرنسية متجددة نحو تونس...
فأجبت بصفة ارتجالية «طبعا هنا لم أكن أتوقع هذا الذي حصل، ربما كان حلما فجعل منه التاريخ أو تسارع التاريخ، حقيقة واقعة...»
ولم أكن أتوقع «أن خلفية السؤال تقف عند حدود الصورة التي تجمعني مع السيدة آليوماري... ولم يتبادر الى ذهني مستوى هذا السؤال... فهل يعقل ان يتبادر الى ذهن أحد، وهو يسمع السؤال أن موضوعه يهم صورة تذكارية بيني (كوزير) وبين وزيرة الخارجية الفرنسية؟؟؟
فما كان من تلك الصحفية الا أن ربطت الاجابة والسؤال، الى مستوى أن تؤخذ لي صورة مع «أليوماري» هو حلم!
أصبحت القصة وكأني أحلم بأن أتصور مع «أليوماري» لا اله الا الله... ... لا إله الا الله...
ماذا حصل بعدها؟
المهم، أنها وعدت أن تستجيب الى جميع المطالب التي نظرنا فيها... أما في قضية الانذار الرسمي الذي يصدر في موقع الخارجية، وأقصد انذار السواح، فإنها وعدت بأن تحقق هذا الطلب أي بعد 24 ساعة.
أضيف أنه منذ يومين خاطبتني عبر الجوال، من جديد، وقالت لي ان حوادث الكاف تخلق عنصرا جديدا بالنسبة لما قيمناه مع بعضنا في باريس.»
وقالت لي ان اللجنة أشارت اليها بأن حادثة الكاف تملي التريث في رفع التحفظات الفرنسية وطلبت مني برجاء، أن أتفهم ضرورة الحيطة لأن السائح الفرنسي خلافا لبقية السياح الأوروبيين من عادته أن يجوب بنفسه المدن.. يتسوّغ سيارة وينطلق.. قالت لي لو يقع أي حادث لأي كان من السواح الفرنسيين فإن اللوم يعود علينا كوزارة خارجية، وعليكم أنتم كتونسيين ليس ا لأمر في صالحنا..
وطلبت مني أن نتريث يومين أو ثلاثة.. فتفهمت.. وقدّرت الأمر.. فلم أعد الكرّة، فطلبتني أمس من جديد، وقالت لي: هل يمكن أن نستعيد قضية الانذارات على أساس التقييم التونسي.. هل تزودني بخصوص مدينة تونس، والمدن الساحلية من جربة الى الشمال باعتبارها قبلة السياح.
وقالت لي هل يمكن أن تعطيني التقييم التونسي، حتى نعدّل الأمر.. وأضافت لي أن جربة مثلا أعتبرها خارج نطاق أي اضطراب..
شكرتها، واتصلت بزميلي وزير السياحة، فقال لي بالعكس نحن نؤكد أن جربة وبقية سلسلة الساحل، بعيدة عن كل اضطرابات.. قلت له وعدتها أن أخاطبها غدا، فقال لي: الآن رجاء، لأنني الآن باتصال مع وكالات الأسفار خاصة الفرنسية منها.. هم يتأثرون بما تصدره الخارجية.. كان وقتها وقت غداء، وبعد ساعة خاطبتها فقالت: أنا الآن في طريقي الى مجلس النواب وبمجرد عودتي سأنفّذ الأمر.
هل ذهبت الى الخارجية، أي الى مكتبك بعد يوم الاثنين وما حدث خلاله؟
لم أذهب الى الوزارة لأن الذي حصل في الوزارة، لم يقع على قاعدة لائقة.. لم تكن معاملة لائقة أدبيا.. لأنني قبل صدور أي موجة من الزملاء، أصدرت الساعة الخامسة، وقد رجعنا الى النظام العادي للعمل، قلت لهم نتقابل في جلسة عامة وأستمع الى الجميع.. ولو طالت لساعات.. لم أرد أن آخذ الوقت على حساب الادارة، استمع اليهم وأجيب.. وذلك بناء على طلبات سابقة قبل خروجي في المهمة بالخارج..
يوم الاثنين صباحا، وجّهت رسالة الموعد، وإذا به على الساعة الحادية عشرة صباحا يأتيني عدد من الزملاء في الوزارة (موظفين) وطلبوا جملة من الشروط، لتنفيذها وقتها.. قلت لا أقبل الشروط..
وطلبت السيد الرئيس (المؤقت) عندها كان الوزير الأول في مجلس النواب، فقال لي تفضّل: ذهبت ونقلت له هذا التحرّك داخل الوزارة.. وقلت له لن أعود الى الوزارة في هذه الظروف..
وبالأمس جاءني وفد من الوزارة من الشباب، من التاسعة والنصف ليلا الى الحادية عشرة والنصف (الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس) ليؤكدوا لي بالقول: بودّنا تبادل الرأي بما أنك تريد أن تسمعنا.. كانوا سبعة أو ثمانية خرجوا قبيل موعد منع التجوّل وأكدوا لي أنهم سيبلّغون بقية الزملاء بالاتفاق الكامل.. وأكدت لهم لو كان الموعد يوم الاثنين والتقينا ما كان ليقع كل هذا الذي وقع، فقد طلبت بنفسي أن يكون الاجتماع العام فرصة لتلقي المطالب والبحث فيها..
ماذا تقول اليوم، وقد وصلت الى اليوم الرابع على التوالي دون أن تقصد مكتبك بالوزارة؟
ما أقوله أن الطلبات التي تقدما بها يوم الاثنين، بما أنها جاءت شرطية، أنا لم أقبل.. أنا حددت موعدا على الساعة الخامسة لنتحاور..
مادام وعدتكم وأنتم غير قابلين.. إذن لا أواصل مع العلم أن في المطالب ما هو شرعي ومقبول لكن الطريقة غير مقبولة.. عندما كنت كاتب دولة استقبلت زملاء أعرفهم وحتى لا أعرفهم.. والذي طلب مقابلتي كان له ذلك.. عندي تقريبا عشرون ملفا، على مكتبي للطلبات الفردية.. استمعت الى من طلب..
هل قابلت المبعوث الأمريكي وهل خاطبك الطرف الأمريكي للتهنئة؟
المبعوث الخاص فلتمان جاء الى تونس مبعوثا، وأنا أعرفه جيدا عندما كنت مديرا عاما في الوزارة، وكان هو في سفارة واشنطن بتونس.. جاء بعد تنصيب أوباما، وقابلته.. جاء هذه المرة، كان له لقاء مع «سي كمال مرجان» (الوزير) وقدمت له مأدبة غداء بصفتي كاتب دولة وتبادلنا الآراء بصفة مطولة، وكان يريد التعرّف على الخطوة التونسية المستقبلية، أكثر منه ملتزما بأمر ما.. وجاء الالتزام على لسان كلينتون والسفير الأمريكي ببلادنا عندما قابل الوزير الأول..
أمس قال لي السفير الأمريكي هل يمكن أن نحدّد موعدا، لأن كلينتون ترغب في مكالمتك عبر الهاتف، وهي تريد دعوتك الى واشنطن.. قلت: في المنتصف الثاني من مارس يكون ممكنا.. وقال سوف نخبرك عبر الهاتف.
في الأثناء فضّلت، مادامت الوزارة في حالة زعزعة، أن أطلبه بعد ساعتين وقلت أريد أن أكون في ظرف طبيعي عندما تطلبني.
هل هنّأك نظراؤك في البلدان المغاربية؟
كان الطيب الفاسي زميلي المغربي بادر وهنّأني والرئيس بوتفليقة وجّه رسالة الى الرئيس (المؤقت)، والعقيد القذافي كذلك ونحن على أهبة لتوجيه وفود وزارية الى العواصم المغاربية.
ليس لي شروط.. ولكن حسب ما أعلمني به الديبلوماسيون أمس، الأمور تتجه الى الهدوء.
ماذا يقول «سي أحمد ونيّس» إن كان سيبقى في الحكومة أم سيغادرها؟
ليس لي ما أقول في الحالتين..
٭ حوار فاطمة بن عبد الله الكراي
٭ تونس (الشروق):
لم يكن مرتاحا... وهو يعزف عن الذهاب الى مكتبه منذ يوم الاثنين الفارط...
سبب عزوفه ليس الغضب مما حصل، بل بخصوص الطريقة التي قدمت بها المطالب، من موظفي الوزارة، والتي كان من المنتظر أن تكون موضوع اجتماع عام بالوزارة مساء الاثنين...
الوزير أحمد ونيّس وزير الخارجية في حكومة الغنوشي (2)، استهجن ما أمكن فهمه من تصريحاته في باريس مع نظيرته الفرنسية، من حيث المقاصد والاهداف...
يقول صاحب المحاضرات في جمعية الدراسات الدولية وغيرها من المنتديات، حول المشهد السياسي العالمي، والذي يبدي تحاليله ولا يخاف لومة لائم، إن قصة التصريح الذي نسب إليه على أساس أنه يحلم بالتقاط صورة له مع «آليو ماري» لا أساس له من الصحة...
في هذا الحوار الخاص ب«الشروق» يكشف محدثنا أصل القصة... وأصل السؤال... وأصل الحركة التي حدثت بوزارة الخارجية...
كما يكشف الوزير أحمد ونيّس، أهداف زيارته الى بروكسيل، وسرّ شكره لوزيرة الخارجية الفرنسية التي أيدت ثورة الشعب التونسي، و«دافعت» عن ملفات تخص الشراكة التونسية الأوروبية، أمام نظرائها الاوروبيين...
تلقّى التهاني من نظراء له عبر العالم... وفي هذا الحوار يكشف كل القصص المتعلقة بعمله كوزير للخارجية، في أقصر مدة يمكن أن يمر بها وزير...
فالى السؤال الاول وقد طلبت منه أن يخاطب الشعب التونسي بكل الحقيقة، حقيقة ما حصل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.